|
كتاب الرهن
وهو عقد شرّع للاستيثاق على الدين . ويقال للعين : الرهن والمرهون ، ولدافعها : الراهن ، ولآخذها : المرتهن . ويحتاج إلى الإيجاب من الراهن ـ وهو كلّ لفظ أفاد المقصود في متفاهم أهل المحاورة ، كقوله : «رهنتك» ، أو «أرهنتك» ، أو «هذا وثيقة عندك على مالك» ، ونحو ذلك ـ والقبول من المرتهن ، وهو كلّ لفظ دالّ على الرضا بالإيجاب . ولايعتبر فيه العربيّة ، بل الظاهر وقوعه بالمعاطاة . (مسألة 1) : يشترط في الراهن والمرتهن البلوغ والعقل والقصد والاختيار([1]) ، وفي خصوص الأوّل عدم الحجر بالسفه والفلس ، ويجوز لوليّ الطفل والمجنون رهن مالهما مع المصلحة والغبطة ، والارتهان لهما كذلك . (مسألة 2) : يشترط في صحّة الرهن القبض من المرتهن ; بإقباض من الراهن أو بإذن منه ، ولو كان في يده شيء وديعة أو عارية ـ بل ولو غصباً ـ فأوقعا عقد الرهن عليه كفى ، ولايحتاج إلى قبض جديد ، ولو رهن المشاع لايجوز تسليمه إلى المرتهن إلاّ برضا شريكه ، ولكن لو سلّمه إليه ، فالظاهر كفايته في تحقّق القبض ـ الذي هو شرط لصحّته ـ وإن تحقّق العدوان بالنسبة إلى حصّة شريكه . (مسألة 3) : إنّما يعتبر القبض في الابتداء ، ولايعتبر استدامته ، فلو قبضه المرتهن ، ثمّ صار في يد الراهن أو غيره بإذن الراهن أو بدونه ، لم يضرّ ولم يطرأه البطلان ، نعم للمرتهن استحقاق إدامة القبض وكونه تحت يده ، فلايجوز انتزاعه منه . (مسألة 4) : يشترط في المرهون أن يكون عيناً مملوكاً ; يصحّ بيعه ويمكن قبضه ، فلايصحّ رهن الدين قبل قبضه على الأحوط وإن كان للصحّة وجه . وقبضه بقبض مصداقه . ولا رهن المنفعة ، ولا الحرّ ، ولا الخمر والخنزير ، ولا مال الغير إلاّ بإذنه أو إجازته ، ولا الأرض الخراجيّة ما كانت مفتوحة عنوة ، وما صولح عليها على أن تكون ملكاً للمسلمين ، ولا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد عوده ، ولا الوقف ولو كان خاصّاً . (مسألة 5) : لو رهن ملكه مع ملك غيره في عقد واحد صحّ في ملكه ، ووقف في ملك غيره على إجازة مالكه . (مسألة 6) : لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجيّة لا إشكال في صحّة رهن ما فيها مستقلاّ . وأمّا رَهنها مع أرضها بعنوان التبعيّة ففيه إشكال ، بل المنع لايخلو من قرب . كما لايصحّ رهن أرضها مستقلاّ على الأقوى . نعم لايبعد جواز رهن الحقّ المتعلّق بها على إشكال . (مسألة 7) : لايعتبر أن يكون الرهن ملكاً لمن عليه الدين ، فيجوز لشخص أن يرهن ماله على دين غيره تبرّعاً ولو من غير إذنه([2]) ، بل ولو مع نهيه . وكذا يجوز للمديون أن يستعير شيئاً ليرهنه على دينه ، ولو رهنه وقبضه المرتهن ليس لمالكه الرجوع ، ويبيعه المرتهن كما يبيع ما كان ملكاً للمديون ، ولو بيع كان لمالكه مطالبة المستعير بما بيع به لو بيع بالقيمة أو بالأكثر ، وبقيمة تامّة لو بيع بأقلّ منها ، ولو عيّن له أن يرهنه على حقّ مخصوص ـ من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معيّن ـ لم يجز له مخالفته ، ولو أذنه في الرهن مطلقاً جاز له الجميع وتخيّر . (مسألة 8) : لو كان الرهن على الدين المؤجّل ، وكان ممّا يسرع إليه الفساد قبل الأجل ، فإن شرط بيعه صريحاً قبل أن يطرأ عليه الفساد ، صحّ الرهن ، ويبيعه الراهن أو يوكّل المرتهن في بيعه ، وإن امتنع أجبره الحاكم ، فإن تعذّر باعه الحاكم ، ومع فقده باعه المرتهن . فإذا بيع يجعل ثمنه في الرهن . وكذلك لو استفيد اشتراط البيع من قرينة ، كما لو جعل العين بماليّتها رهناً ، فيصحّ وتباع ويجعل ثمنها في الرهن . ولو اشترط عدم البيع إلاّ بعد الأجل بطل الرهن ، وكذا لو أطلق ـ ولم يشترط البيع ولا عدمه ، ولم يُستفد الاشتراط بقرينة ـ على الأقرب . ولو رهن ما لايتسارع إليه الفساد ، فعرض ما صيّره عُرضة له ـ كالحنطة لو ابتلّت ـ لم ينفسخ ، بل يباع ويجعل ثمنه رهناً . (مسألة 9) : لا إشكال في أنّه يعتبر في المرهون كونه معيّناً ، فلايصحّ رهن المبهم كأحد هذين . نعم صحّة رهن الكلّي ـ من غير فرق بين الكلّي في المعيّن ، كصاع من صبرة معلومة ، وشاة من القطيع المعلوم ، وغيره كصاع من الحنطة ـ لاتخلو من وجه ، وقبضه في الأوّل : إمّا بقبض الجميع ، أو بقبض ما عيّنه الراهن ، وفي الثاني بقبض مصداقه . فإذا قبضه المرتهن صحّ ولزم . والأحوط عدم إيقاعه على الكلّي . ولايصحّ رهن المجهول من جميع الوجوه حتّى كونه ممّا يتموّل ، وأمّا مع علمه بذلك وجهله بعنوان العين ، فالأحوط ذلك ; وإن كان الجواز لايخلو من وجه . فإذا رهن ما في الصندوق المقفل وكان ما فيه مجهولاً حتّى ماليّته بطل ، ولو علم ماليّته فقط لايبعد الصحّة ، كما أنّ الظاهر صحّة رهن معلوم الجنس والنوع مع كونه مجهول المقدار . (مسألة 10) : يشترط فيما يرهن عليه أن يكون ديناً ثابتاً في الذمّة ـ لتحقّق موجبه : من اقتراض ، أو إسلاف مال ، أو شراء ، أو استئجار عين بالذمّة ، وغير ذلك ـ حالاًّ كان الدين أو مؤجّلاً ، فلايصحّ الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد ، فلو رهن شيئاً على ما يقترض ثمّ اقترض لم يصر بذلك رهناً ([3]) ، ولا على الدية قبل استقرارها بتحقّق الموت وإن علم أنّ الجناية تؤدّي إليه ، ولا على مال الجُعالة قبل تمام العمل . (مسألة 11) : كما يصحّ في الإجارة أن يأخذ المؤجر الرهن على الاُجرة التي في ذمّة المستأجر ، كذلك يصحّ أن يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمّة المؤجر . (مسألة 12) : الظاهر أنّه يصحّ الرهن على الأعيان المضمونة ، كالمغصوبة والعارية المضمونة والمقبوض بالسوم ونحوها ، وأمّا عهدة الثمن أو المبيع أو الاُجرة أو عوض الصلح وغيرها ـ لو خرجت مستحقّة للغير ـ فالأقوى([4]) عدم صحّته عليها . (مسألة 13) : لواشترى شيئاً بثمن في الذمّة جاز جعل المبيع رهناً على الثمن . (مسألة 14) : لو رهن على دينه رهناً ، ثمّ استدان مالاً آخر من المرتهن ، جاز جعل ذلك الرهن رهناً على الثاني أيضاً ، وكان رهناً عليهما معاً ; سواء كان الثاني مساوياً للأوّل في الجنس والقدر أو مخالفاً ، وكذا له أن يجعله على دين ثالث ورابع إلى ما شاء . وكذا إذا رهن شيئاً على دين ، جاز أن يرهن شيئاً آخر على ذلك الدين ، وكانا جميعاً رهناً عليه . (مسألة 15) : لو رهن شيئاً عند زيد ثمّ رهنه عند آخر أيضاً ـ باتّفاق من المرتهنين ـ كان رهناً على الحقّين ، إلاّ إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأوّل وكونه رهناً على خصوص الثاني . (مسألة 16) : لو استدان اثنان من واحد ـ كلّ منهما ديناً ـ ثمّ رهنا عنده مالاً مشتركاً بينهما ولو بعقد واحد ، ثمّ قضى أحدهما دينه انفكّت حصّته عن الرهانة ، ولو كان الراهن واحداً والمرتهن متعدّداً ـ بأن كان عليه دين لاثنين ـ فرهن شيئاً عندهما بعقد واحد ، فكلّ منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين ، ومع التفاوت فالظاهر التقسيط والتوزيع بنسبة حقّهما ، فإن قضي دين أحدهما انفكّ عن الرهانة ما يقابل حقّه . هذا كلّه في التعدّد ابتداءً . وأمّا التعدّد الطارئ فالظاهر أنّه لا عبرة به ، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفكّ نصيب أحدهما بأداء حصّته من الدين . كما أنّه لو مات المرتهن عن ولدين فاُعطي أحدهما نصيبه من الدين ، لم ينفكّ بمقداره من الرهن . (مسألة 17) : لايدخل الحمل الموجود في رَهن الحامل ، ولا الثمر في رهن الشجر ، إلاّ إذا كان تعارف يوجب الدخول أو اشترط ذلك ، وكذا لايدخل ما يتجدّد إلاّ مع الشرط . نعم الظاهر دخول الصوف والشعر والوبر في رهن الحيوان ، وكذا الأوراق والأغصان حتّى اليابسة في رهن الشجر . وأمّا اللبن في الضرع ومغرس الشجر واُسّ الجدار ـ أعني موضع الأساس من الأرض ـ ففي دخولها تأمّل وإشكال ، ولايبعد عدم الدخول ; وإن كان الأحوط التصالح والتراضي . (مسألة 18) : الرهن لازم من جهة الراهن ، وجائز من طرف المرتهن ، فليس للراهن انتزاعه منه بدون رضاه إلاّ أن يسقط حقّه من الارتهان ، أو ينفكّ الرهن بفراغ ذمّة الراهن من الدين . ولو برأت ذمّته من بعضه فالظاهر بقاء الجميع رهناً على ما بقي ، إلاّ إذا اشترط التوزيع ، فينفكّ منه على مقدار ما برأ منه ، ويبقى رهناً على مقدار ما بقي ، أو شرطا كونه رهناً على المجموع من حيث المجموع ، فينفكّ الجميع بالبراءة من بعضه . (مسألة 19) : لايجوز للراهن التصرّف في الرهن إلاّ بإذن المرتهن ; سواء كان ناقلاً للعين كالبيع ، أو المنفعة كالإجارة ، أو مجرّد الانتفاع به وإن لم يضرّ به ، كالركوب والسكنى ونحوها . نعم لايبعد الجواز فيما هو بنفع الرهن إذا لم يخرج من يد المرتهن بمثله ، كسقي الأشجار وعلف الدابّة ومداواتها ونحو ذلك . فإن تصرّف فيما لايجوز بغير الناقل أثم ، ولم يترتّب عليه شيء إلاّ إذا كان بالإتلاف ، فيلزم قيمته وتكون رهناً . وإن كان بالبيع أو الإجارة أو غيرهما من النواقل وقف على إجازة المرتهن ، ففي مثل الإجارة تصحّ بالإجازة ، وبقيت الرهانة على حالها ، بخلافها في البيع ، فإنّه يصحّ بها وتبطل الرهانة ، كما أنّها تبطل بالبيع إذا كان عن إذن سابق من المرتهن . (مسألة 20) : لايجوز للمرتهن([5]) التصرّف في الرهن بدون إذن الراهن ، فلو تصرّف فيه بركوب أو سكنى ونحوهما ، ضمن العين لو تلفت تحت يده للتعدّي ، ولزمه اُجرة المثل لما استوفاه من المنفعة ، ولو كان ببيع ونحوه أو بإجارة ونحوها وقع فضوليّاً ، فإن أجازه الراهن صحّ ، وكان الثمن والاُجرة المسمّاة له ، وكان الثمن رهناً في البيع ; لم يجز لكلّ منهما التصرّف فيه إلاّ بإذن الآخر ، وبقي العين رهناً في الإجارة ، وإن لم يجز كان فاسداً . (مسألة 21) : منافع الرهن كالسكنى والركوب ، وكذا نماءاته المنفصلة ـ كالنتاج والثمر والصوف والشعر والوبر ـ والمتصلة ـ كالسمن والزيادة في الطول والعرض ـ كلّها للراهن ; سواء كانت موجودة حال الارتهان أو وجدت بعده ، ولايتبعه في الرهانة إلاّ نماءاته المتّصلة ، وكذا ما تعارف دخوله فيه بنحو يوجب التقييد . (مسألة 22) : لو رهن الأصل والثمرة أو الثمرة منفردة صحّ ، فلو كان الدين مؤجّلاً وأدركت الثمرة قبل حلول الأجل ، فإن كانت تجفّف ويمكن إبقاؤها بالتجفيف جفّفت وبقيت على الرهن ، وإلاّ بيعت ، وكان الثمن رهناً إذا استفيد من شرط أو قرينة أنّها رهن بماليّتها . (مسألة 23) : لو كان الدين حالاًّ ، أو حلّ وأراد المرتهن استيفاء حقّه ، فإن كان وكيلاً عن الراهن في بيع الرهن واستيفاء دينه منه ، فله ذلك من دون مراجعة إليه ، وإلاّ ليس له أن يبيعه ، بل يراجعه ويطالبه بالوفاء ولو ببيع الرهن أو توكيله فيه ، فإن امتنع رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع ، فإن امتنع على الحاكم إلزامه باعه عليه بنفسه أو بتوكيل الغير ، وإن لم يمكن ذلك ـ لعدم بسط يده ـ استأذن المرتهن منه للبيع . ومع فقد الحاكم أو عدم إمكان الإذن منه ، باعه المرتهن ، واستوفى حقّه من ثمنه إن ساواه ، أو بعضه إن كان أقلّ ، وإن كان أزيد فهو أمانة شرعيّة يوصله إلى صاحبه . (مسألة 24) : لو لم يكن عند المرتهن بيّنة مقبولة لإثبات دينه ، وخاف من أنّه لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن الدين ، فأخذ منه الرهن بموجب اعترافه وطولب منه البيّنة على حقّه ، جاز له بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم . وكذا لو مات الراهن وخاف المرتهن جحود الوارث . (مسألة 25) : لو وفى بيع بعض الرهن بالدين ، اقتصر عليه على الأحوط لو لم يكن الأقوى ، وبقي الباقي أمانة عنده ، إلاّ إذا لم يمكن التبعيض ولو من جهة عدم الراغب ، أو كان فيه ضرر على المالك ، فيُباع الكلّ . (مسألة 26) : لو كان الرهن من مستثنيات الدين ـ كدار سكناه ودابّة ركوبه ـ جاز للمرتهن بيعه واستيفاء طلبه منه كسائر الرهون ، لكن الأولى الأحوط عدم إخراجه من ظلّ رأسه . (مسألة 27) : لو كان الراهن مفلّساً ، أو مات وعليه ديون للناس ، كان المرتهن أحقّ من باقي الغرماء باستيفاء حقّه من الرهن ، فإن فضل شيء يوزّع على الباقين بالحصص ، ولو نقص الرهن عن حقّه استوفى ما يمكن منه ، ويضرب بما بقي مع الغرماء في سائر أموال الراهن . (مسألة 28) : الرهن أمانة في يد المرتهن ، لايضمنه لو تلف أو تعيّب من دون تعدّ وتفريط . نعم لو كان في يده مضموناً ـ لكونه مغصوباً أو عارية مضمونةً مثلاً ـ ثمّ ارتهن عنده ، لم يزل الضمان إلاّ إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده ، فيرتفع الضمان على الأقوى . وكذا لو استفيد الإذن في بقائه في المورد من ارتهانه ، كما لايبعد مع علم الراهن بالحال . وإذا انفكّ الرهن بسبب الأداء أو الإبراء أو نحو ذلك ، يبقى أمانة مالكيّة في يده ; لايجب تسليمه إلى المالك إلاّ مع المطالبة . (مسألة 29) : لا تبطل الرهانة بموت الراهن ولابموت المرتهن ، فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهوناً على دين مورّثهم ، وينتقل إلى ورثة المرتهن حقّ الرهانة . فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك ، فإن اتّفقوا على أمين ، وإلاّ سلّمه الحاكم إلى من يرتضيه ، وإن فقد الحاكم فعدول المؤمنين . (مسألة 30) : لو ظهر للمرتهن أمارات الموت ، يجب عليه الوصيّة بالرهن وتعيين المرهون والراهن والإشهاد كسائر الودائع ، ولو لم يفعل كان مفرّطاً وعليه ضمانه . (مسألة 31) : لو كان عنده رهن قبل موته ، ثمّ مات ولم يعلم بوجوده في تركته ـ لا تفصيلاً ولا إجمالاً ـ ولم يعلم كونه تالفاً بتفريط منه ، لم يحكم به في ذمّته ولابكونه موجوداً في تركته ، بل يحكم بكونها لورثته([6]) ، بل وكذلك ـ على الأقوى ـ لو علم أنّه قد كان موجوداً في أمواله الباقية إلى بعد موته ; ولم يعلم أنّه باق فيها أم لا ، كما إذا كان سابقاً في صندوقه داخلاً في الأموال التي كانت فيه ، وبقيت إلى زمان موته ، ولم يعلم أنّه قد أخرجه وأوصله إلى مالكه ، أو باعه واستوفى ثمنه ، أو تلف بغير تفريط منه ، أم لا . (مسألة 32) : لو اقترض من شخص ديناراً ـ مثلاً ـ برهن ، وديناراً آخر منه بلا رهن ، ثمّ دفع إليه ديناراً بنيّة الوفاء ، فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط وانفكّ رهنه ، وإن نوى كونه عن الآخر لم ينفكّ وبقي دينه ، وإن لم يقصد إلاّ أداء دينار من الدينارين ; من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره ، فهل يحسب ما دفعه لغير ذي الرهن فيبقى الرهن ، أو لذي الرهن فينفكّ ، أو يوزّع عليهما فيبقى الرهن أو ينفكّ بمقداره ؟ وجوه ، أوجهها بقاء الرهن إلى الفكّ اليقيني . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ والرشد، والعجب من الماتن وغير واحد من الأصحاب أنّهم لم يشترطوه هنا، ولا في غيره من العقود والإيقاعات المماثلة له، مع أنّ في الكتاب: ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)، ومع أنّ الأخبار المربوطة بالآية كالنصّ فيها، ومع أنّ بناء العقلاء المعتضد بالاعتبار والأصل حجّة لها أيضاً، فتدبّر واغتنم. [2] ـ صحّته مع عدم إذنه، فضلاً عن نهيه مشكل بل ممنوع; لكون رهنه هنا يُعدّ تصرّفاً في شؤون الغير وحدوده، والتصرّف فيها محتاج إلى إذنه ورضاه. [3] ـ بل يصير بذلك رهناً، كما يقتضيه صدق الرهن والعقد، وكون الرهن كذلك عقلائي. [4] ـ الأقوائية ممنوعة، والأظهر الصحّة; قضاءً لإطلاق أدلّة العقود والرهن، ولعموم العلّة المستفادة من الأخبار، وهي الاستيثاق وتحصيل الاعتماد في حفظ المال. والضرر بحبس الرهن دائماً مستند إلى الراهن أوّلاً، ولعلّهما إذا أمنا الاستحقاق يتفاسخان ثانياً، وعدم لزوم الضرر كذلك في الموقّت ثالثاً. [5] ـ المتعارف في زماننا من رهن الدار مع الالتزام بتصرّف المرتهن فيه جائز وصحيح; لأنّه وإن كان يرجع إلى القرض بشرط الزيادة، أي قرض المرتهن بشرط انتفاعه من العين المرهونة، إلاّ أنّ هذا القسم من الربا الذي ليس باستهلاكي ولا ظلم وباطل، بل يكون معروفاً ونافعاً بحال المديون، ليس رباً محرّماً، كما حقّقناه في محلّه وكتبناه أيضاً في التعليقة على المجلّد الأوّل في مسألة الربا من مسائل كتاب التجارة. وعلى هذا، لا احتياج إلى الحيلة للجواز بإرجاعه إلى الإجارة بشرط القرض، مع أنّه على الحرمة، الحيلة غير مفيدة في رفعها على ما حقّقه سيّدنا الاُستاذ الإمام(قدس سره) في مبحث من كتاب بيعه. (كتاب البيع، الإمام الخميني(قدس سره)5: 527) [6] ـ إلاّ إذا كان مفرطاً في ترك الوصيّة به في الفرع وكذا في الفرع التالي.
|