|
القول في النكاح في العدّة وتكميل العدد
(مسألة 1) : لايجوز نكاح المرأة لا دائماً ولا منقطعاً إذا كانت في عدّة الغير ; رجعيّة كانت أو بائنة ، عدّة وفاة أو غيرها ، من نكاح دائم أو منقطع أو من وطء شبهة . ولو تزوّجها فإن كانا عالمين بالموضوع والحكم ; بأن علما بكونها في العدّة ، وعلما بأنّه لايجوز النكاح فيها ، أو كان أحدهما عالماً بهما بطل النكاح وحرمت عليه أبداً ; سواء دخل بها أو لا([1]) . وكذا إن جهلا بهما أو بأحدهما ودخل بها ولو دبراً . وأمّا لو لم يدخل بها بطل العقد ، ولكن لم تحرم عليه أبداً ([2]) ، فله استئناف العقد عليها بعد انقضاء العدّة التي كانت فيها . (مسألة 2) : لو وكّل أحداً في تزويج امرأة له ولم يعيّن الزوجة ، فزوّجه امرأة ذات عدّة ، لم تحرم عليه وإن علم الوكيل بكونها في العدّة ، وإنّما تحرم عليه مع الدخول . وأمّا لو عيّن الزوجة ، فإن كان الموكّل عالماً بالحكم والموضوع ، حرمت عليه ولو كان الوكيل جاهلاً بهما ، بخلاف العكس . فالمدار علم الموكّل وجهله ، لا الوكيل . (مسألة 3) : لايلحق بالتزويج في العدّة وطء الشبهة أو الزنا بالمعتدّة ، فلو وطأ شبهة أو زنى بالمرأة في حال عدّتها ، لم يؤثّر في الحرمة الأبديّة أية عدّة كانت ، إلاّ العدّة الرجعيّة إذا زنى بها فيها ، فإنّه يوجب الحرمة كما مرّ([3]) . (مسألة 4) : لو كانت المرأة في عدّة الرجل جاز له العقد عليها في الحال ، ولاينتظر انقضاء العدّة إلاّ في موارد لموانع طارئة ، كالطلاق الثالث المحتاج إلى المحلّل ، والتاسع المحرّم أبداً . وفيما إذا كانت معتدّة له بالعدّة الرجعيّة يبطل العقد عليها أيضاً ([4]) ; لكونها بمنزلة زوجته ، فلو كانت عنده متعة وأراد أن يجعل عقدها دواماً ، جاز أن يهب مدّتها([5]) ويعقد عليها دواماً في الحال ، بخلاف ما إذا كانت عنده زوجة دائمة وأراد أن يجعلها منقطعة ، فطلّقها لذلك طلاقاً غير بائن ، فإنّه لايجوز له إيقاع عقد الانقطاع عليها إلاّ بعد خروجها عن العدّة . (مسألة 5) : هل يعتبر في الدخول ـ الذي هو شرط للحرمة الأبديّة في صورة الجهل([6]) ـ أن يكون في العدّة ، أو يكفي وقوع العقد فيها وإن كان الدخول واقعاً بعد انقضائها ؟ قولان ، أحوطهما الثاني ، بل لايخلو من قوّة . (مسألة 6) : لو شكّ في أنّها معتدّة أم لا حكم بالعدم وجاز له تزويجها ، ولايجب عليه الفحص عن حالها ، وكذا لو شكّ في انقضاء عدّتها وأخبرت هي بالانقضاء ، فتصدّق وجاز تزويجها . (مسألة 7) : لو علم أنّ التزويج([7]) كان في العدّة مع الجهل موضوعاً أو حكماً ، ولكن شكّ في أنّه دخل بها ـ حتّى تحرم عليه أبداً ـ أو لا ، بنى على عدمه ، فلم تحرم عليه ، وكذا لو علم بعدم الدخول لكن شكّ في أنّ أحدهما قد كان عالماً أولابنى على عدمه ، فلايحكم بالحرمة الأبديّة . (مسألة 8) : يلحق بالتزويج في العدّة في إيجاب الحرمة الأبديّة التزويج بذات البعل ، فلو تزوّجها مع العلم بأنّها ذات بعل حرمت عليه أبداً ; سواء دخل بها أم لا([8]) ، ولو تزوّجها مع الجهل لم تحرم عليه إلاّ مع الدخول بها([9]) . (مسألة 9) : لو تزوّج بامرأة عليها عدّة ولم تشرع فيها لعدم تحقّق مبدئها ، كما إذا تزوّج بمن مات زوجها([10]) ولم يبلغها الخبر ، فإنّ مبدأ عدّتها من حين بلوغه ، فهل يوجب الحرمة الأبديّة أم لا ؟ قولان ، أحوطهما الأوّل ، وأرجحهما الثاني . (مسألة 10) : من كانت عنده أربع زوجات دائميّات تحرم عليه الخامسة دائمة ، وأمّا المنقطعة فيجوز الجمع بما شاء([11]) خاصّة ، أو مع دائميّات . (مسألة 11) : لو كانت عنده أربع فماتت إحداهنّ يجوز له تزويج اُخرى في الحال ، وكذا لو فارق إحداهنّ بالفسخ أو الانفساخ أو بالطلاق البائن . وأولى بذلك ما إذا لم تكن لها عدّة كغير المدخول بها واليائسة . وأمّا إذا طلّقها بالطلاق الرجعي ، فلايجوز له تزويج اُخرى إلاّ بعد انقضاء عدّة الاُولى . (مسألة 12) : لو طلّق الرجل زوجته الحرّة ثلاث طلقات ، لم يتخلّل بينها نكاح رجل آخر ، حرمت عليه ، ولايجوز له نكاحها حتّى تنكح زوجاً غيره بالشروط الآتية في كتاب الطلاق ، ولو طلّقها تسعاً للعدّة بتخلّل محلّلين في البين ـ بأن نكحت بغير المطلّق بعد الثلاثة الاُولى والثانية ـ حرمت عليه أبداً . وكيفيّة وقوع تسع طلقات للعدّة : أن يطلّقها بالشرائط ثمّ يراجعها في العدّة ويطأها ، ثمّ يطلّقها في طهر آخر ثمّ يراجعها ثمّ يطأ ثمّ يطلّقها الثالثة ، ثمّ ينكحها بعد عدّتها زوج آخر ، ثمّ يفارقها بعد أن يطأها ، ثمّ يتزوّجها الأوّل بعد عدّتها ، ثمّ يوقع عليها ثلاث طلقات مثل ما أوقع أوّلاً ، ثمّ ينكحها آخر ويطأها ويفارقها ويتزوّجها الأوّل ، ويوقع عليها ثلاث طلقات اُخرى ـ مثل السابقات ـ إلى أن يكمل تسعاً تخلّل بينهما نكاح رجلين ، فتحرم عليه في التاسعة أبداً . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل فيما دخل بها قُبلاً، وإلاّ فلاتحرم عليه أبداً، كما لاتحرم عليه مع الدخول أيضاً في صورة الجهل. [2] ـ بل وفيما دخل بها أيضاً، كما مرّ، فعلى هذا، الحرمة الأبدية في نكاح المعتدّة مشروطة بأمرين: علمهما أو علم أحدهما بالحكم والموضوع والدخول، فمع عدمهما أو عدم أحدهما بطل العقد فقط، وليس النكاح كذلك موجباً للحرمة الأبدية، واشتراط الحرمة بهذين الأمرين هو مقتضى الجمع بين أخبار الباب، وكون الجهل عذراً ورافعاً للتكليف والوضع، ويؤيّد ذلك بعدم الحرمة الأبدية في نكاح المُحرِم مع الجهل، كما يأتي، وبه يظهر حكم المسألة التالية. [3] ـ بل لايوجبها، كما مرّ. [4] ـ بل يصحّ; لعدم الدليل على ما استدلّ به تبعاً للوسيلة من التنزيل، فضلاً عن عمومه وإطلاقه أوّلاً، فإنّه ليس في الأخبار الدالّة على جواز الرجوع في العدّة، أو على مثل لزوم النفقة والسكنى والتوارث إلاّ بيان تلك الأحكام بخصوصها، مثل قوله(عليه السلام): «ثم هو أحقّ برجعتها ما لم تمض لها ثلاثة قروء»، ومثل قوله(عليه السلام): «وعليه نفقتها والسكنى ما دامت في عدّتها، وهما يتوارثان حتّى تنقضي عدّتها». (وسائل الشيعة 22: 112 / 7 و 103 / 1) نعم، ما في خبري ابن مسلم ويزيد الكناسي من قوله(عليه السلام): «هي امرأته» (وسائل الشيعة 22: 135 / 6 و145 / 11) تنزيل، وفيه الإطلاق أيضاً، لكنّه مربوط بما بعد الرجوع، كما يظهر لمن راجعها، بل يطمئنّ به، فإنّ تلك الجملة تكون جواباً منه(عليه السلام) عن السؤال عن جواز الرجوع بلا إشهاد عليه في الأوّل، وعن أصل جوازه في طلاق الحبلى بالشهور والشهود في الثاني، ولانصرافه إلى الأحكام المذكورة الرائجة المنصوص عليها في الأخبار ثانياً، ولعدم معقولية التنزيل في عدم صحّة التزويج على الزوجة ثالثاً; لأنّه عقلي من جهة اللغوية لا شرعي من جهة التعبُّد، للغويّته مع اللغوية العقلية، فتدبّر جيّداً. [5] ـ وإن كان الأقوى صحّة عقدها دواماً قبل انقضاء أيّام عقد المنقطع من دون حاجة إلى هبة المدّة; لعمومات أدلّة العقود والنكاح وإطلاقاتها، وما يُترائى في بعض الروايات وفتاوى الأصحاب من الحكم ببطلان العقد الثاني غير مرتبط بالمقام، فلايشمله; لأنّها ناظرة إلى عقد الانقطاع ثانياً قبل أن تنقضى أيّام العقد الأوّل; لبعد الانقضاء، والاستدلال على بطلان الدائم بتحصيل الحاصل، مضافاً إلى عدم تماميّته على الإطلاق حتّى بالنسبة إلى مورد الروايات والفتاوى غير تامّ في المقام أيضاً; لأنّ لكلّ واحد من عقد الدائم والمنقطع أثراً خاصّاً. هذا، مضافاً إلى ما يمكن أن يقال: إنّ عقد الدائم انصراف عملي في الجاهل بالمسألة من العقد المنقطع ورفع اليد عنه، وهذا إن لم يكن بمنزلة هبة المدّة فلا أقّل من انصراف أدلّة البطلان عنه على فرض تمامية الأدلّة. [6] ـ أو في صورة العلم على المختار، فقد مرّ اعتبار العلم معه في الحرمة. [7] ـ لا مجال لما ذكره من التفصيل والبحث في المسألة بناءً على ما اخترناه، كما لايخفى. [8] ـ على ما مرّ في التزويج في العدّة. [9] ـ بل ومع الدخول بها أيضاً، وموثّقة زرارة (وسائل الشيعة 20: 446 / 2) مختصّة بمورد الجهل عن تقصير، فإنّ المرأة إذا فقد زوجها فعليها التحقيق، ولايجوز لها التزوج بمحض الفقد أو بمحض النعي إليها، ومحلّ الكلام الجاهل القاصر. وعلى هذا، فتزوّج المرأة المفقود زوجها بعد علمها وقطعها بموت الزوج غير موجب للحرمة الأبدية ولو مع الدخول; لعدم كونها مشمولة لموثّقة زرارة، فإنّها تكون مختصّة بالجاهل المقصِّر، كما مرّ وجهه، ولأنّها مع قطعها كالغافل والجاهل القاصر الذي لايمكن توجّه الحكم والتكليف إليه. [10] ـ على القول بذلك، وإلاّ فعلى المختار من أنّ عدّتها من حين الفوت فالمثال غير صحيح ومورد للمناقشة. [11] ـ مع تحقّق ما يعتبر في صحّة المنقطع من الضرورة والشرائط الخاصّة من المكان والزمان فيه، وإن كان ذلك بعيداً إن لم يكن محالاً عاديّاً. ثمّ لايخفى أنّ المحكيّ عن ابن حمزة كون المنقطعة إحدى الأربع، وفي «المسالك» الميل إلى ذلك مناقشاً في أسانيد بعض روايات الجواز، حاكياً عن المختلف أنّه اقتصر في الحكم على مجرّد الشهرة، ولم يصرّح بمختاره، قال: «وعذره واضح، ودعوى الإجماع في ذلك غير سديد». (مسالك الأفهام 7: 350) ومن العجب ما في «الجواهر» من دعوى ضرورة المذهب على ذلك فضلاً عن الإجماع، (جواهر الكلام 30: 8) مع ما عرفت من حكاية «المسالك» الشهرة عن المختلف، وقوله: «بأنّ دعوى الإجماع في المسألة غير سديد»، وذلك لما ترى بينهما من الاختلاف في نقل الأقوال وحكاية الشهرة إلى ضرورة المذهب، ممّا بينهما من البون بون السماء والأرض، ومع أمثال هذه الاختلافات في نقل الإجماعات حصول الاطمئنان بالمنقول منها ولو مستفيضاً مشكل، فضلاً عمّا لايكون بذلك الحدّ، كما لايخفى.
|