|
القول في أحكام الولادة وما يلحق بها
للولادة والمولود سنن وآداب ـ بعضها واجبة ، وبعضها مندوبة ـ نذكر مهمّاتها . (مسألة 1) : يجب استقلال النساء في شؤون المرأة حين وضعها ، دون الرجال إذا استلزم اطّلاعهم على ما يحرم عليهم([1]) ، إلاّ مع عدم النساء ، ومسّت الضرورة بذلك . نعم لابأس بالزوج وإن وجدت النساء([2]) . (مسألة 2) : يستحبّ غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر ، والأذان في اُذنه اليُمنى والإقامة في اليُسرى ، وتحنيكه بماء الفرات وتربة سيّد الشهداء(عليه السلام) ، وتسميته بالأسماء المستحسنة ، فإنّ ذلك من حقّ الولد على الوالد ، وأفضلها ما يتضمّن([3]) العبودية لله ـ جلّ شأنه ـ كعبدالله وعبدالرحيم وعبد الرحمان ونحوها ، ويليها أسماء الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام)([4]) ، وأفضلها محمّد ، بل يكره ترك التسمية به إن ولد له أربعة أولاد([5]) ، ويكره أن يكنيه أبا القاسم إن كان اسمه محمّد ، ويستحبّ أن يحلق رأس الولد يوم السابع ، ويتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة ، ويكره أن يحلق من رأسه موضع ويترك موضع . (مسألة 3) : تستحبّ الوليمة عند الولادة ، وهي إحدى الخمس التي سُنّ فيها الوليمة ، كما أنّ إحداها عند الختان ، ولايعتبر إيقاع الاُولى يوم الولادة ، فلابأس بتأخيرها عنه بأيّام قلائل ، والظاهر([6]) أنّه إن ختن في اليوم السابع أو قبله ، فأولم في يوم الختان بقصدهما ، تتأدّى السنّتان . (مسألة 4) : يجب ختان الذكور ، ويستحبّ إيقاعه في اليوم السابع ، ويجوز التأخير عنه ، وإن تأخّر إلى ما بعد البلوغ يجب عليه أن يختن نفسه ; حتّى أنّ الكافر إذا أسلم غير مختون يجب عليه الختان وإن طعن في السنّ ولايجب على الوليّ أن يختن الصبيّ إلى زمان بلوغه ، فإن بلغ بلا ختان يجب على نفسه وإن كان الأحوط أن يختنه . (مسألة 5) : الختان واجب لنفسه ، وشرط لصحّة طوافه في حجّ أو عمرة واجبين أو مندوبين ، وليس شرطاً في صحّة الصلاة على الأقوى ، فضلاً عن سائر العبادات . (مسألة 6) : الأحوط في الختان قطع الغلاف بحيث يظهر تمام الحشفة ، كما هو المتعارف ، بل لايخلو من قوّة . (مسألة 7) : لابأس بكون الختّان كافراً حربيّاً أو ذمّيّاً ، فلايعتبر فيه الإسلام . (مسألة 8) : لو ولد الصبيّ مختوناً سقط الختان وإن استحبّ إمرار الموسى على المحلّ لإصابة السنّة . (مسألة 9) : من المستحبّات الأكيدة العقيقة للذكر والاُنثى ، ويستحبّ أن يعقّ([7]) عن الذكر ذكراً وعن الاُنثى اُنثى ، وأن تكون يوم السابع ، وإن تأخّرت عنه لعذر أو لغير عذر لم تسقط ، بل لو لم يعقّ عنه حتّى بلغ عقّ عن نفسه ، بل لو لم يعقّ عن نفسه حال حياته يستحبّ أن يعقّ عنه بعد موته ، ولابدّ أن تكون من أحد الأنعام الثلاثة : الغنم ـ ضأناً كان أو معزاً ـ والبقر والإبل ، ولايجزي عنها التصدّق بثمنها . قيل : يستحبّ أن تجتمع فيها شروط الاُضحية ; من كونها سليمة من العيوب ، لايكون سنّها أقلّ من خمس سنين كاملة في الإبل ، وأقلّ من سنتين في البقر ، وأقلّ من سنة كاملة في المعز ، وأقلّ من سبعة شهور في الضأن . وهو لايخلو من إشكال ، كما أنّ تعيين السنين بما ذكر لايخلو بعضها من إشكال ، والأمر سهل . ويستحبّ أن تخصّ القابلة بالرجل والورك ، والأفضل أن يخصّها بالربع ، وإن جمع بين الربع والرجل والورك ; بأن أعطاها الربع الذي هما فيه لايبعد أن يكون عاملاً بالاستحبابين ، ولو لم تكن قابلة اُعطي الاُمّ تتصدّق به . (مسألة 10) : يتخيّر في العقيقة بين أن يفرّقها لحماً أو مطبوخاً ، أو تطبخ ويدعى إليها جماعة من المؤمنين ، ولا أقلّ من عشرة ، وإن زاد فهو أفضل ، ويأكلون منها ويدعون للولد ، ولابأس بطبخها على ما هو المتعارف ، وقد يقال : الأفضل طبخها بماء وملح ، وهو غير معلوم . (مسألة 11) : لايجب على الاُمّ إرضاع ولدها ـ لا مجّاناً ولابالاُجرة ـ مع عدم الانحصار بها ، بل ومع الانحصار لو أمكن حفظ الولد بلبن ونحوه مع الأمن من الضرر عليه . كما أنّه لايجب عليها إرضاعه مجّاناً وإن انحصر بها ، بل لها المطالبة باُجرة الإرضاع من مال الولد إن كان له مال ، ومن أبيه إن لم يكن له مال وكان الأب موسراً . نعم لو لم يكن للولد مال ، ولم يكن الأب والجدّ وإن علا موسرين ، تعيّن على الاُمّ إرضاعه مجّاناً ; إمّا بنفسها أو باستئجار مرضعة اُخرى ، أو بغيره من طرق الحفظ إن لم يكن مضرّاً له ، وتكون الاُجرة أو النفقة عليها . (مسألة 12) : الاُمّ أحقّ بإرضاع ولدها من غيرها إذا كانت متبرّعة ، أو تطلب ما تطلب غيرها أو أنقص ، وأمّا لو طلبت زيادة ، أو اُجرة ووجدت متبرّعة ، فللأب تسليمه إلى غيرها . والأحوط عدم سقوط حقّ الحضانة الثابت للاُمّ أيضاً ; لعدم التنافي بين سقوط حقّ الإرضاع وثبوت حقّ الحضانة . (مسألة 13) : لو ادّعى الأب وجود متبرّعة وأنكرت الاُمّ ، ولم تكن البيّنة على وجودها ، فالقول قولها بيمينها . (مسألة 14) : يستحبّ أن يكون رضاع الصبيّ بلبن اُمّه ، فإنّه أبرك من غيره ، إلاّ إذا اقتضت بعض الجهات أولويّة غيرها ; من حيث شرافتها وطيب لبنها وخباثة الاُمّ . (مسألة 15) : كمال الرضاع حولان كاملان أربع وعشرون شهراً ، ويجوز أن ينقص عن ذلك إلى ثلاثة شهور ; بأن يفطم على أحد وعشرين شهراً ، ولايجوز([8]) أن ينقص عن ذلك مع الإمكان ومن غير ضرورة . (مسألة 16) : الاُمّ أحقّ بحضانة الولد وتربيته وما يتعلّق بها من مصلحة حفظه مدّة الرضاع ـ أي الحولين([9]) ـ إذا كانت حرّة مسلمة عاقلة ; ذكراً كان أو اُنثى ; سواء أرضعته هي بنفسها أو بغيرها ، فلايجوز للأب أن يأخذه في هذه المدّة منها وإن فطمته على الأحوط ، فإذا انقضت مدّة الرضاع فالأب أحقّ بالذكر([10]) والاُمّ بالاُنثى حتّى تبلغ سبع سنين من عمرها ثمّ يكون الأب أحقّ بها ، وإن فارق الاُمّ بفسخ أو طلاق قبل أن تبلغ سبع سنين لم يسقط حقّها ما لم تتزوّج بالغير ، فلو تزوّجت سقط حقّها عن الذكر والاُنثى ، وكانت الحضانة للأب ، ولو فارقها الثاني لايبعد عود حقّها ، والأحوط التصالح والتسالم . (مسألة 17) : لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه أو قبله ، كانت الاُمّ أحقّ بحضانة الولد ـ وإن كانت مزوّجة ذكراً كان أو اُنثى ـ من وصيّ أبيه ، وكذا من باقي أقاربه حتّى أبي أبيه واُمّه ، فضلاً عن غيرهما ، كما أنّه لو ماتت الاُمّ في زمن حضانتها فالأب أحقّ بها من غيره . وإن فُقد الأبوان فهي لأب الأب([11]) ، وإذا عدم ولم يكن وصيّ له ولا للأب ، فلأقارب الولد على ترتيب مراتب الإرث ; الأقرب منهم يمنع الأبعد ، ومع التعدّد والتساوي في المرتبة والتشاحّ اُقرع بينهم . وإذا وجد وصيّ لأحدهما ، ففي كون الأمر كذلك أو كونها للوصيّ ثمّ إلى الأقارب ، وجهان([12]) ، لايترك الاحتياط بالتصالح والتسالم . (مسألة 18) : تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيداً ، فإذا بلغ رشيداً ([13]) ليس لأحد حقّ الحضانة عليه حتّى الأبوين ، بل هو مالك لنفسه ذكراً كان أو اُنثى . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل وإن لم يستلزم على الأحوط. [2] ـ وإن كان الأحوط مع وجدانهنّ الترك; لما فيه من احتمال تنفّر الزوج وحصول الكراهة له ويكفي ذلك في البأس. [3] ـ كما في خبر جابر على ما ذكره جملة من الأصحاب، ومنهم المحقّق والعـلاّمة وإن ذكر جماعة عدم الوقوف على نصّ الأفضلية، وإنّما الموجود كون أصدقها ما تضمّن العبودية للّه تعالى، وأفضلها أسماء الأنبياء، وهو لايقتضي الأفضلية. (شرائع الإسلام 2: 564; تحرير الأحكام 4: 6) [4] ـ عكس ما في المتن المطابق للنصّ أولى وأظهر، بل متعيِّن، ففي مرسلة ثعلبة عن رجل سمّاه عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: «أصدق الأسماء ما سمّي بالعبودية، وأفضلها أسماء الأنبياء»، ومثله خبر معمّر عن أبي جعفر(عليه السلام) إلاّ أنّه قال: «وخيرها أسماء الأنبياء» (وسائل الشيعة 21: 391 / 1 و2) كما يستحبّ تسمية الإناث بأسماء الصالحات من النساء، وأفضلها أسامي فاطمة الزهراء(عليها السلام). [5] ـ بل ثلاثة لخبر عاصم. (وسائل الشيعة 21: 394 / 5) [6] ـ بل الظاهر خلاف ذلك، ولاتتأدّى السنتان، فإنّ الوليمة في خمس، فعن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: «لا وليمة إلاّ في خمس: في عرس، أو خرس، أو عذار، أو وكار، أو ركاز، فالعرس التزويج، والخرس النفاس بالولد، والعذار الختان، والوكار الرجل يشتري الدار، والركاز الرجل يقدم من مكّة» (وسائل الشيعة 20: 95 / 5) [7] ـ استحبابه محلّ تأمّل لاسيّما مع وجود جهة اُخرى في غير المماثل كالأطيبية، بل الظاهر عدم استحباب رعاية المماثلة معها وإن قلنا به في غيره. [8] ـ عدم الجواز محلّ تأمّل. نعم هو نقص وجور على المرتضع، كما في النصّ، (وسائل الشيعة 21: 455 / 5) ولا ظهور لها في الحرمة، فلا يبعد الجواز مع التراضي والتشاور وعدم الضرر والبأس على الطفل. [9] ـ وما بعدهما إلى سبع سنين على الأصح. [10] ـ بل الاُمّ، كما مرّ قبيل ذلك. [11] ـ بل لأقارب الولد على ترتيب مراتب الإرث، كما ذكره(قدس سره) في الفرع اللاحق. [12] ـ أصحّهما الأوّل. [13] ـ أو صار رشيداً وإن لم يبلغ.
|