|
القول في الصيغة
(مسألة 1) : لايقع الطلاق إلاّ بصيغة خاصّة ، وهي قوله : «أنتِ طالق» أو «فلانة» أو «هذه» أو ما شاكلها من الألفاظ الدالّة على تعيين المطلّقة ، فلايقع بمثل «أنت مطلّقة» أو «طلّقت فلانة» ، بل ولا «أنت الطالق» ، فضلاً عن الكناية كـ «أنت خليّة أو بريّة» ، أو «حبلك على غاربك» ، أو «إلحقي بأهلك» ونحو ذلك ، فلايقع بها وإن نواه ; حتّى قوله : «اعتدّي» المنويّ به الطلاق على الأقوى . (مسألة 2) : يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة ، فلو قال : «زوجتاي طالقان» أو «زوجاتي طوالق» صحّ طلاق الجميع . (مسألة 3) : لايقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من سائر اللّغات مع القُدرة ، ومع العجز يصحّ ، وكذا لايقع بالإشارة ولابالكتابة مع القدرة على النطق ، ومع العجز يصحّ إيقاعه بهما ، والأحوط تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة . (مسألة 4) : يجوز للزوج أن يوكّل غيره في طلاق زوجته بالمباشرة أو بتوكيل غيره ; سواء كان الزوج حاضراً أو غائباً ، بل وكذا له أن يوكّل زوجته فيه بنفسها أو بالتوكيل ، لكن لاينبغي ترك الاحتياط بعدم توكيلها . (مسألة 5) : يجوز أن يوكّلها على أنّه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور ـ مثلاً ـ أو سامح في إنفاقها أزيد من شهر ـ مثلاً ـ طلّقت نفسها ، لكن بشرط أن يكون الشرط قيداً للموكّل فيه ، لا تعليقاً في الوكالة([1]) . (مسألة 6) : يشترط في صيغة الطلاق التنجيز ، فلو علّقه على شرط بطل ; سواء كان ممّا يحتمل وقوعه ، كما إذا قال : «أنتِ طالق إن جاء زيد» ، أو ممّا يُتيقّن حصوله ، كما إذا قال : «إن طلعت الشمس» . نعم لايبعد جواز تعليقه على ما يكون معلّقاً عليه في الواقع ، كقوله : «إن كانت فلانة زوجتي فهي طالق» ; سواء كان عالماً بأنّها زوجته أم لا . (مسألة 7) : لو كرّر صيغة الطلاق ثلاثاً ، فقال : «هي طالق هي طالق هي طالق» من دون تخلّل رجعة في البين قاصداً تعدّده ، تقع واحدة ولغت الاُخريان ، ولو قال : «هي طالق ثلاثاً» لم يقع الثلاث قطعاً ، والأقوى وقوع واحدة كالصورة السابقة . (مسألة 8) : لو كان الزوج من العامّة ; ممّن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكرّرة ، وأوقعه بأحد النحوين ، اُلزم عليه ; سواء كانت المرأة شيعيّة أو مخالفة ، ونُرتّب نحن عليها آثار المطلّقة ثلاثاً ، فلو رجع إليها نحكم ببطلانه إلاّ إذا كانت الرجعة في مورد صحيحة عندهم ، فنتزوّج بها في غير ذلك بعد انقضاء عدّتها ، وكذلك الزوجة إذا كانت شيعيّة جاز لها التزويج بالغير ، ولا فرق في ذلك بين الطلاق ثلاثاً وغيره ممّا هو صحيح عندهم فاسد عندنا ، كالطلاق المعلّق ، والحلف به ، وفي طُهر المواقعة والحيض ، وبغير شاهدين ، فنحكم بصحّته إذا وقع من المخالف القائل بالصحّة ، وهذا الحكم جار في غير الطلاق أيضاً ، فنأخذ بالعَول والتعصيب منهم الميراث ـ مثلاً ـ مع بطلانهما عندنا . والتفصيل لايسع هذا المختصر . (مسألة 9) : يشترط في صحّة الطلاق زائداً على ما مرّ الإشهاد ; بمعنى إيقاعه بحضور شاهدين عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء ; سواء قال لهما : اشهدا ، أم لا ، ويعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء ، فلو شهد أحدهما وسمع في مجلس ، ثمّ كرّر اللفظ وسمع الآخر بانفراده ، لم يقع . نعم لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما ; لا في تحمّل الشهادة ولا في أدائها ، ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهنّ ; لا منفردات ولا منضمّات بالرجال . (مسألة 10) : لو طلّق الوكيل عن الزوج لايكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين ، كما لايكتفى بالموكّل مع عدل آخر . (مسألة 11) : المراد بالعدل([2]) في هذا المقام ما هو المراد به في غيره ; ممّا رتّب عليه بعض الأحكام ، كما مرّ في كتاب الصلاة . (مسألة 12) : لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلّق ـ أصيلاً كان أو وكيلاً ـ وفاسقين في الواقع ، يشكل ترتيب آثار([3]) الطلاق الصحيح لمن يطّلع على فسقهما ، وكذلك إذا كانا عادلين في اعتقاد الوكيل دون الموكّل ، فإنّه يشكل جواز ترتيب آثار الصحّة([4])عليه ، بل الأمر فيه أشكل من سابقه . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ على الأحوط، وإن كان التعليق فيها غير مضرّ، كما مرّ في الوكالة. [2] ـ على ما هو ظاهر بعض العبارات وصريح آخرين وإن كان القول بكون المراد منه الاعتدال في الشهادة ـ أي الوثاقة في الإخبار لغة ـ غير بعيد; لأنّ العدل في الكتاب والسنّة ظاهر في ذلك المعنى العرفي المساوق مصداقاً مع الوثاقة في الإخبار، ولا دليل على اعتبار الزيادة فيه لا فيهما ولا في غيرهما، كما لايخفى، ويؤيّد ذلك ما في صحيحي ابني نصر والمغيرة (وسائل الشيعة 22: 26 / 4 و27: 393 / 5) من الدلالة على كفاية شهادة الناصبي مع عرفان الصلاح أو الخير منه. [3] ـ وإن كان ترتيب الآثار غير خال من الوجه الوجيه; حيث إنّ الإشهاد شرط للمطلّق وتكليف له في الطلاق، فالمعيار في الإحراز إحرازه، لا إحراز الغير، فلا صحّة للطلاق إلاّ الصحّة عند المطلّق، كما لا بطلان إلاّ البطلان بحسب وظيفته. [4] ـ بل عدم الصحّة لايخلو من قوّة; لكون المطلّق حقيقة هو الموكِّل، والوكيل نائب عنه ومطلّق ادّعائي، كما لايخفى.
|