|
القول في السكوت
أو الجواب بقوله : «لا أدري» ، أو «ليس لي» ، أو غير ذلك . (مسألة 1) : إن سكت المدّعى عليه بعد طلب الجواب عنه ، فإن كان لعذر ـ كصمم أو خرس أو عدم فهم اللغة أو لدهشة ووحشة ـ أزاله الحاكم بما يناسب ذلك ، وإن كان السكوت لا لعذر ، بل سكت تعنّتاً ولجاجاً ، أمره الحاكم بالجواب باللطف والرفق ثمّ بالغلظة والشدّة ، فإن أصرّ عليه فالأحوط أن يقول الحاكم له أجب وإلاّ جعلتك ناكلاً ، والأولى التكرار ثلاثاً ، فإن أصرّ ردّ الحاكم اليمين على المدّعي ، فإن حلف ثبت حقّه . (مسألة 2) : لو سكت لعذر من صمم أو خرس أو جهل باللسان ، توصّل إلى معرفة جوابه بالإشارة المفهمة أو المترجم ، ولابدّ من كونه اثنين عدلين ، ولايكفي العدل الواحد . (مسألة 3) : إذا ادّعى العذر واستمهل في التأخير أمهله الحاكم بما يراه مصلحة([1]) . (مسألة 4) : لو أجاب المدّعى عليه بقوله : «لا أدري» ، فإن صدّقه المدّعي فهل تسقط دعواه مع عدم البيّنة عليها ، أو يكلّف المدّعى عليه بردّ الحلف على المدّعي ، أو يردّ الحاكم الحلف على المدّعي ; فإن حلف ثبت حقّه ، وإن نكل سقط ، أو توقّفت الدعوى ; والمدّعي على ادّعائه إلى أن يقيم البيّنة ، أو أنكر دعوى المدّعى عليه ؟ وجوه ، أوجهها الأخير . وإن لم يصدّقه المدّعي في الفرض ; وادّعى أنّه عالم بأنّي ذو حقّ ، فله عليه الحلف ، فإن حلف سقطت دعواه بأنّه عالم ، وإن ردّ على المدّعي فحلف ثبت حقّه . (مسألة 5) : حلف المدّعى عليه بأنّه لايدري يسقط دعوى الدراية ، فلا تسمع دعوى المدّعي ولا البيّنة منه عليها . وأمّا حقّه الواقعي فلايسقط به ، ولو أراد إقامة البيّنة عليه تقبل منه ، بل له المقاصّة بمقدار حقّه . نعم لو كانت الدعوى متعلّقه بعين في يده منتقلة إليه من ذي يد ، وقلنا يجوز له الحلف استناداً إلى اليد على الواقع فحلف عليه ، سقطت الدعوى وذهب الحلف بحقّه ، ولا تسمع بيّنة منه ، ولايجوز له المقاصّة . (مسألة 6) : لو أجاب المدّعى عليه بقوله : «ليس لي ، وهو لغيرك» ، فإن أقرّ لحاضر وصدّقه الحاضر كان هو المدّعى عليه ، فحينئذ له إقامة الدعوى على المقرّ له ، فإن تمّت وصار ماله إليه فهو ، وإلاّ له الدعوى على المقرّ بأنّه صار سبباً للغرامة ، وله البدأة بالدعوى على المقرّ ، فإن ثبت حقّه أخذ الغرامة منه ، وله ـ حينئذـ الدعوى على المقرّ له لأخذ عين ماله ، فإن ثبتت دعواه عليه ردّ غرامة المقرّ . وإن أقرّ لغائب يلحقه حكم الدعوى على الغائب . وإن قال : «إنّه مجهول المالك وأمره إلى الحاكم» ، فإن قلنا : إنّ دعوى مدّعي الملكيّة تقبل إذ لا معارض له يردّ إليه ، وإلاّ فعليه البيّنة ، ومع عدمها لايبعد إرجاع الحاكم الحلف عليه . وإن قال : «إنّه ليس لك بل وقف» ، فإن ادّعى التولية ترتفع الخصومة بالنسبة إلى نفسه ، وتتوجّه إليه لكونه مدّعي التولية ، فإن توجّه الحلف إليه وقلنا بجواز حلف المتولّي فحلف سقطت الدعوى ، وإن نفى عن نفسه التولية فأمره إلى الحاكم . وكذا لو قال المدّعى عليه : «إنّه لصبيّ أو مجنون» ، ونفى الولاية عن نفسه . (مسألة 7) : لو أجاب المدّعى عليه : بأنّ المدّعي أبرأ ذمّتي ، أو أخذ المدّعى به منّي ، أو وهبني ، أو باعني ، أو صالحني ، ونحو ذلك ، انقلبت الدعوى ; وصار المدّعى عليه مدّعياً والمدّعي منكراً . والكلام في هذه الدعوى على ما تقدّم . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل بما فيه المصلحة، فإنّها موضوع من الموضوعات، ولا اعتبار بنظر الحاكم، كما لا اعتبار بنظر الفقيه في الموضوعات.
|