|
القول في أحكام الحلف
(مسألة 1) : لايصحّ الحلف ولايترتّب عليه أثر ـ من إسقاط حقّ أو إثباته ـ إلاّ أن يكون بالله تعالى ، أو بأسمائه الخاصّة به تعالى كالرحمان والقديم والأوّل الذي ليس قبله شيء ، وكذا الأوصاف المشتركة المنصرفة إليه تعالى كالرازق والخالق ، بل الأوصاف غير المنصرفة إذا ضمّ إليها ما يجعلها مختصّة به ، والأحوط عدم الاكتفاء بالأخير ، وأحوط منه عدم الاكتفاء بغير الجلالة ، ولايصحّ بغيره تعالى ، كالأنبياء والأوصياء والكتب المنزلة والأماكن المقدّسة ، كالكعبة وغيرها . (مسألة 2) : لا فرق في لزوم الحلف بالله بين أن يكون الحالف والمستحلف مسلمين أو كافرين أو مختلفين ، بل ولابين كون الكافر ممّن يعتقد بالله أو يجحده([1]) . ولايجب في إحلاف المجوس ضمّ قوله : «خالق النور والظلمة» إلى «الله» . ولو رأى الحاكم أنّ إحلاف الذمّي بما يقتضيه دينه أردع ، هل يجوز الاكتفاء به كالإحلاف بالتوراة التي اُنزلت على موسى(عليه السلام) ؟ قيل : نعم ، والأشبه عدم الصحّة . ولابأس بضمّ ما ذُكر إلى اسم الله إذا لم يكن أمراً باطلاً . (مسألة 3) : لايترتّب أثر([2]) على الحلف بغير الله تعالى وإن رضي الخصمان الحلف بغيره ، كما أنّه لا أثر لضمّ غير اسم الله تعالى إليه ، فإذا حلف بالله كفى ; ضمّ إليه سائر الصفات أو لا ، كما يكفي الواحد من الأسماء الخاصّة ; ضمّ إليه شيء آخر أو لا . (مسألة 4) : لا إشكال في عدم ترتّب أثر على الحلف بغير الله تعالى ، فهل الحلف بغيره محرّم تكليفاً في إثبات أمر أو إبطاله ـ مثلاً ـ كما هو المتعارف بين الناس ؟ الأقوى عدم الحرمة . نعم هو مكروه ، سيّما إذا صار ذلك سبباً لترك الحلف بالله تعالى ، وأمّا مثل قوله : «سألتك بالقرآن أو بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أن تفعل كذا» فلا إشكال في عدم حرمته . (مسألة 5) : حلف الأخرس بالإشارة المفهمة ، ولابأس بأن تكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد إعلامه ، فإن شرب كان حالفاً ، وإلاّ اُلزم بالحقّ ، ولعلّ بعد الإعلام كان ذلك نحو إشارة . والأحوط الجمع بينهما . (مسألة 6) : لايشترط في الحلف العربيّة ، بل يكفي بأيّ لغة إذا كان باسم الله أو صفاته المختصّة به . (مسألة 7) : لا إشكال في تحقّق الحلف إن اقتصر على اسم الله ، كقوله : «والله ليس لفلان عليّ كذا» ،ولايجب التغليظ بالقول ، مثل أن يقول : «والله الغالب القاهر المهلك» ، ولابالزمان كيوم الجمعة والعيد ، ولابالمكان كالأمكنة المشرّفة ، ولابالأفعال كالقيام مستقبل القبلة آخذاً المصحف الشريف بيده . والمعروف أنّ التغليظ مستحبّ للحاكم ، وله وجه . (مسألة 8) : لايجب على الحالف قبول التغليظ ، ولايجوز إجباره عليه ، ولو امتنع عنه لم يكن ناكلاً ، بل لايبعد أن يكون الأرجح له ترك التغليظ ; وإن استحبّ للحاكم التغليظ احتياطاً على أموال الناس ، ويستحبّ التغليظ في جميع الحقوق إلاّ الأموال ، فإنّه لايغلّظ فيها بما دون نصاب القطع . (مسألة 9) : لايجوز التوكيل في الحلف ولا النيابة فيه ، فلو وكّل غيره وحلف عنه بوكالته أو نيابته لم يترتّب عليه أثر ، ولايفصل به خصومة . (مسألة 10) : لابدّ وأن يكون الحلف في مجلس القضاء ، وليس للحاكم الاستنابة فيه إلاّ لعذر كمرض أو حيض والمجلس في المسجد ، أو كون المرأة مخدّرة حضورها في المجلس نقص عليها ، أو غير ذلك ، فيجوز الاستنابة . بل الظاهر عدم جواز الاستنابة في مجلس القضاء وبحضور الحاكم ، فما يترتّب عليه الأثر ـ في غير مورد العذر ـ أن يكون الحلف بأمر الحاكم واستحلافه . (مسألة 11) : يجب أن يكون الحلف على البتّ ; سواء كان في فعل نفسه أو فعل غيره ، وسواء كان في نفي أو إثبات ، فمع علمه بالواقعة يجوز الحلف ، ومع عدم علمه لايجوز إلاّ على عدم العلم . (مسألة 12) : لايجوز الحلف على مال الغير أو حقّه ـ إثباتاً أو إسقاطاً ـ إذا كان أجنبيّاً عن الدعوى ، كما لو حلف زيد على براءة عمرو . وفي مثل الوليّ الإجباري أو القيّم على الصغير أو المتولّي للوقف تردّد ، والأشبه عدم الجواز([3]) . (مسألة 13) : تثبت اليمين في الدعاوي الماليّة وغيرها كالنكاح والطلاق والقتل ، ولا تثبت في الحدود فإنّها لا تثبت إلاّ بالإقرار أو البيّنة بالشرائط المقرّرة في محلّها ، ولا فرق في عدم ثبوت الحلف بين أن يكون المورد من حقّ الله محضاًكالزنا ، أو مشتركاً بينه وبين حقّ الناس كالقذف ، فإذا ادّعى عليه أنّه قذفه بالزنا فأنكر لم يتوجّه عليه يمين ، ولو حلف المدّعي لم يثبت عليه حدّ القذف . نعم لو كانت الدعوى مركّبة من حقّ الله وحقّ الناس كالسرقة فبالنسبة إلى حقّ الناس تثبت اليمين ، دون القطع الذي هو حقّ الله تعالى . (مسألة 14) : يستحبّ للقاضي وعظ الحالف قبله ، وترغيبه في ترك اليمين إجلالاً لله تعالى ولو كان صادقاً ، وأخافه من عذاب الله تعالى إن حلف كاذباً ، وقد روي أنّه «من حلف بالله كاذباً كفر» ، وفي بعض الروايات : «من حلف على يمين وهو يعلم أنّه كاذب فقد بارز الله» و «أنّ اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع من أهلها» . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ الظاهر لزوم حلفه بما يعتقد عظمته في حدّ عظمة اللّه تعالى بنظر الموحّدين والإلهيّين، وحلفه باللّه غير مفيد ولا مسقط للدعوى; لعدم كونه حلفاً ويميناً، بل تلفّظ بهما، كما لايخفى، وتفصيل الكلام في التعليقة على قضاء «العروة». [2] ـ بحسب الموازين الشرعية، وإلاّ فحسب تراضيهما وسلطتهما على أنفسهما وأموالهما فقد مرّ الاكتفاء بمثله. [3] ـ بل الأشبه الجواز.
|