|
القول في الموجب
(مسألة 1) : يتحقّق الزنا الموجب للحدّ بإدخال الإنسان ذكره الأصلي في فرج امرأة محرّمة عليه أصالة ; من غير عقد نكاح ـ دائماً أو منقطعاً ـ ولا ملك من الفاعل للقابلة ولا تحليل ولا شبهة ; مع شرائط يأتي بيانها . (مسألة 2) : لايتحقّق الزنا بدخول الخُنثى ذكره الغير الأصلي ، ولابالدخول المحرّم غير الأصلي ، كالدخول حال الحيض والصوم والاعتكاف ، ولا مع الشبهة موضوعاً أو حكماً . (مسألة 3) : يتحقّق الدخول بغيبوبة الحشفة([1]) قبلاً أو دبراً ، وفي عادم الحشفة يكفي صدق الدخول عرفاً ولو لم يكن بمقدار الحشفة ، والأحوط في إجراء الحدّ حصوله بمقدارها ، بل يُدرأ بما دونها . (مسألة 4) : يشترط في ثبوت الحدّ([2]) على كلّ من الزاني والزانية البلوغ ، فلا حدّ على الصغير والصغيرة . والعقل ، فلا حدّ على المجنونة بلا شبهة ، ولا على المجنون على الأصحّ . والعلم بالتحريم حال وقوع الفعل منه اجتهاداً أو تقليداً ، فلا حدّ على الجاهل بالتحريم ، ولو نسي الحكم يُدرأ عنه الحدّ ، وكذا لو غفل عنه حال العمل . والاختيار ، فلا حدّ على المكره والمكرهة . ولا شبهة في تحقّق الإكراه في طرف الرجل كما يتحقّق في طرف المرأة . (مسألة 5) : لو تزوّج امرأة محرّمة عليه ـ كالاُمّ والمرضعة وذات البعل وزوجة الأب والابن ـ فوطأ مع الجهل بالتحريم ، فلا حدّ عليه . وكذا لا حدّ مع الشبهة ; بأن اعتقد فاعله الجواز ولم يكن كذلك ، أو جهل بالواقع جهالة مغتفرة ، كما لو أخبرت المرأة بكونها خليّة وكانت ذات بعل ، أو قامت البيّنة على موت الزوج أو طلاقه ، أو شكّ في حصول الرضاع المحرّم وكان حاصلاً . ويشكل حصول الشبهة مع الظنّ غير المعتبر ، فضلاً عن مجرّد الاحتمال ، فلو جهل الحكم ، ولكن كان ملتفتاً واحتمل الحرمة ولم يسأل ، فالظاهر عدم كونه شبهة . نعم لو كان جاهلاً قاصراً أو مقصّراً غير ملتفت إلى الحكم والسؤال ، فالظاهر كونه شبهة دارئة . (مسألة 6) : لو عقد على محرّمة عليه ـ كالمحارم ونحوها ـ مع علمه بالحرمة لم يسقط الحدّ ، وكذا لو استأجرها للوطء مع علمه بعدم الصحّة ، فالحدّ ثابت خلافاً للمحكي عن بعض أهل الخلاف . وكذا لايشترط في الحدّ كون المسألة إجماعيّة ، فلو كانت اختلافيّة ، لكن أدّى اجتهاده أو تقليده إلى الحرمة ثبت الحدّ . ولو خالف اجتهاد الوالي لاجتهاد المرتكب وقال الوالي بعدم الحرمة ، فهل له إجراء الحدّ أم لا ؟ الأشبه الثاني ، كما أنّه لو كان بالعكس لا حدّ عليه . (مسألة 7) : يسقط الحدّ في كلّ موضع يتوهّم الحلّ ، كمن وجد على فراشه امرأة فتوهّم أنّها زوجته فوطئها ، فلو تشبّهت امرأة نفسها بالزوجة فوطئها فعليها الحدّ دون واطئها([3]) ، وفي رواية يقام عليها الحدّ جهراً وعليه سرّاً ، وهي ضعيفة غير معوّل عليها([4]) . (مسألة 8) : يسقط الحدّ بدعوى كلّ ما يصلح أن يكون شبهة بالنظر إلى المدّعي لها ، فلو ادّعى الشبهة أحدهما أو هما مع عدم إمكانها إلاّ بالنسبة إلى أحدهما ، سقط عنه دون صاحبه ، ويسقط بدعوى الزوجيّة ما لم يعلم كذبه([5]) ، ولايكلّف اليمين ولا البيّنة . (مسألة 9) : يتحقّق الإحصان الذي يجب معه الرجم باستجماع اُمور : الأوّل : الوطء بأهله في القبل ، وفي الدبر لايوجبه على الأحوط ، فلو عقد وخلا بها خلوة تامّة ، أو جامعها فيما بين الفخذين ، أو بما دون الحشفة ، أو ما دون قدرها في المقطوعة مع الشك في حصول الدخول ، لم يكن محصناً ولا المرأة محصنة ، والظاهر عدم اشتراط الإنزال ، فلو التقى الختانان تحقّق ، ولايشترط سلامة الخصيتين . الثاني : أن يكون الواطئ بأهله بالغاً على الأحوط([6]) ، فلا إحصان مع إيلاج الطفل وإن كان مراهقاً ، كما لا تحصن المرأة بذلك ، فلو وطئها وهو غير بالغ ثمّ زنى بالغاً ، لم يكن محصناً على الأحوط ولو كانت الزوجيّة باقية مستمرّة . الثالث : أن يكون عاقلاً حين الدخول بزوجته على الأحوط فيه ، فلو تزوّج في حال صحّته ولم يدخل بها حتّى جُنّ ثمّ وطئها حال الجنون ، لم يتحقّق الإحصان على الأحوط . الرابع : أن يكون الوطء في فرج مملوك له بالعقد الدائم الصحيح أو ملك اليمين ، فلايتحقّق الإحصان بوطء الزنا ولا الشبهة ، وكذا لايتحقّق بالمتعة ، فلو كان عنده متعة يروح ويغدو عليها لم يكن محصناً . الخامس : أن يكون متمكّناً من وطء الفرج يغدو عليه ويروح إذا شاء ، فلو كان بعيداً وغائباً لايتمكّن من وطئها فهو غير محصن . وكذا لو كان حاضراً لكن غير قادر لمانع ; من حبسه أو حبس زوجته ، أو كونها مريضة لايمكن له وطؤها ، أو منعه ظالم عن الاجتماع بها ، ليس محصناً . السادس : أن يكون حُرّاً ([7]) . (مسألة 10) : يعتبر في إحصان المرأة ما يعتبر في إحصان الرجل ، فلا ترجم لو لم يكن معها زوجها يغدو عليها ويروح ، ولا ترجم غير المدخول بها ، ولا غير البالغة ولا المجنونة ولا المتعة . (مسألة 11) : الطلاق الرجعي لايوجب الخروج عن الإحصان ، فلو زنى أو زنت في الطلاق الرجعي كان عليهما الرجم ، ولو تزوّجت عالمة كان عليها الرجم . وكذا الزوج الثاني إن علم بالتحريم والعدّة . ولو جهل بالحكم أو بالموضوع فلا حدّ ، ولو علم أحدهما فعليه الرجم دون الجاهل ، ولو ادّعى أحدهما الجهل بالحكم قبل منه إن أمكن الجهل في حقّه ، ولو ادّعى الجهل بالموضوع قبل كذلك . (مسألة 12) : يخرج المرء وكذا المرأة عن الإحصان بالطلاق البائن كالخلع والمباراة ، ولو راجع المخالع ليس عليه الرجم إلاّ بعد الدخول . (مسألة 13) : لايشترط في الإحصان الإسلام في أحد منهما ، فيحصن النصرانيّ النصرانيّة وبالعكس ، والنصرانيّ اليهودية وبالعكس ، فلو وطئ غير مسلم زوجته الدائمة ثمّ زنى يرجم ، ولايشترط صحّة عقدهم إلاّ عندهم ، فلو صحّ عندهم وبطل عندنا كفى في الحكم بالرجم . (مسألة 14) : لو ارتدّ المحصن عن فطرة خرج عن الإحصان ; لبينونة زوجته منه . ولو ارتدّ عن ملّة فإن زنى بعد عدّة زوجتها ليس محصناً ، وإلاّ فهو محصن . (مسألة 15) : يثبت الحدّ ـ رجماً أو جلداً ـ على الأعمى ، ولو ادّعى الشبهة مع احتمالها في حقّه فالأقوى القبول . وقيل : لا تقبل منه ، أو لا تقبل إلاّ أن يكون عدلاً ، أو لا تقبل إلاّ مع شهادة الحال بما ادّعاه ، والكلّ ضعيف . (مسألة 16): في التقبيل والمضاجعة والمعانقة وغير ذلك ـ من الاستمتاعات دون الفرج ـ تعزير([8]) ، ولا حدّ لها ، كما لاتحديد في التعزير ، بل هو منوط بنظر الحاكم على الأشبه([9]) . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل بمسمّى الدخول. [2] ـ بل في ثبوت الحدّ الكامل، لا أصل الحدّ; لدلالة الأخبار سؤالاً وجواباً على شرطية البلوغ للحدود التامّة، (وسائل الشيعة 1: 43 / 2 و3) ولما فيها أيضاً من التصريح باللازم لتلك الشرطية بقوله(عليه السلام) في خبر الكناسي: «وأمّا الحدود الكاملة التي يؤخذ بها الرجال فلا، ولكن يجلد في الحدود كلّها على مبلغ سنّه»، (وسائل الشيعة 28: 20 / 1) ولما دلّ منها أيضاً على الجلد والضرب دون الحدّ (وسائل الشيعة 28: 82 / 1 و2) أو التعزير مطلقاً، أو التعزير (وسائل الشيعة 28: 293، الباب 28) بقطع أطراف الأصابع في التعزير ثانياً وبعد العفو فيما كان المرتكب لموجب الحدود غير بالغ، فإنّ المستفاد من مجموع تلك الأخبار ما ذكرناه من شرطيّته لها، ونفي شرطيّته لأصلها، كما لايخفى. والاستدلال بحديث رفع القلم لرفع الحدّ مطلقاً عن غير البالغ، وكون البلوغ شرطاً لأصل الحدّ وإن كان متعارفاً وظاهراً في كتبهم الاستدلالية الفقهية، غير تامّ; لأنّ الحديث حديث الامتنان، ولا امتنان لرفع حرمة المحرّمات عن المميّزين من الأطفال المرتدعين بالحرمة الإلهية، كارتداع البالغين عنها، فكيف يكون الحديث شاملاً لهم؟ بل الرفع كذلك مخالف لحكم العقل بوجوب اللطف على الشارع تعالى بجعله الأحكام المحرّمة، فإنّ الأحكام الشرعية ألطاف في الأحكام العقلية، وكيف يجوز للشارع نفي لطفه الواجب عليه عقلاً من باب لزوم العدل وقبح الظلم له تعالى عن المميّزين؟ وهل هذا إلاّ ظلم عليهم، وارتكاب قبيح من مثله بالنسبة إليهم؟ تعالى اللّه وسبحانه عن ذلك علوّاً كبيراً. [3] ـ وفي العكس من حيث الصورة العكس من حيث الحكم، ففي العكس العكس. [4] ـ مع أنّها قضيّة شخصية. [5] ـ من جهة شهادة الشهود الأربعة المعتبرة في إثبات الزنا، فإنّها تدلّ بالدلالة الالتزامية على كذب المدّعي، كما تدلّ بالمطابقة على سبب الحدّ، دون غيرها من طرق العلم بالكذب; لعدم كون مطلق العلم والحجّة كافية في إثبات الزنا الموجب للحدّ، وأنّ إثباته مختصّ بالشهادة أو الإقرار أربعاً، كما سيأتي. [6] ـ على الأحوط المأمور به شرعاً وعقلاً من باب الاحتياط في الدم والشبهة الدارئة للحدّ ولزوم التخفيف فيه، لاسيّما فيما كان منجرّاً إلى القتل والرجم. وبالجملة الاحتياط في المورد يكون من باب الفتوى بالاحتياط عن دليل واجتهاد، لا الاحتياط في الفتوى ومن باب عدم الدليل الذي ليس بفتوى حقيقة. [7] ـ ولايخفى أنّ اشتراط الحرّية في الإحصان والرجم إرفاق على المملوك وغير الحرّ، ومناسب مع التخفيف في الحدود والدماء. ويظهر ذلك أيضاً من المقدّس الأردبيلي في شرحه على «الإرشاد» حيث قال: «وأمّا الحرّية فيدلّ على اعتبارها، الاعتبار، من أنّ تغليظ العقوبة، إنّما هو باعتبار تغليظ العمل، فلمّا كان من الحرّ أغلظ ـ لشرف نفسه وتسهيل أمره ـ لعدم يد عليه ـ بخلاف المملوك فيهما ـ فتناسب ذلك التخفيف بالنسبة إلى الحرّ، فتأمّل». (مجمع الفائدة والبرهان 13: 16) ولقد أجاد في استناده إلى الاعتبار العقلائي والعقلي الذي يكون حجّة، وما لا اعتبار به من الاعتبار فهو ما لايكون كذلك، بل يكون استحسانيّاً وظنّيّاً. [8] ـ لما تقرّر عندهم من وجوبه في كلّ كبيرة. [9] ـ كبقية التعازير.
|