|
الفصل الثاني: في اللواط والسحق والقيادة
(مسألة 1) : اللواط وطء الذكران من الآدمي بإيقاب وغيره ، وهو لايثبت إلاّ بإقرار الفاعل أو المفعول أربع مرّات ، أو شهادة أربعة رجال بالمعاينة مع جامعيّتهم لشرائط القبول . (مسألة 2) : يشترط في المقرّ ـ فاعلاً كان أو مفعولاً ـ البلوغ وكمال العقل والحرّيّة والاختيار والقصد ، فلا عبرة بإقرار الصبي والمجنون والعبد والمكره والهازل([1]) . (مسألة 3) : لو أقرّ دون الأربع لم يحدّ ، وللحاكم تعزيره بما يرى([2]) . ولو شهد بذلك دون الأربعة لم يثبت ، بل كان عليهم الحدّ للفرية([3]) . ولايثبت بشهادة النساء منفردات أو منضمّات . والحاكم يحكم بعلمه إماماً كان أو غيره . (مسألة 4) : لو وطئ فأوقب ثبت عليه القتل وعلى المفعول ; إذا كان كلّ منهما بالغاً عاقلاً مختاراً . ويستوي فيه المسلم والكافر والمحصن وغيره([4]) . ولو لاط البالغ العاقل بالصبيّ موقباً قتل البالغ واُدّب الصبي ، وكذا لو لاط البالغ العاقل موقباً بالمجنون ، ومع شعور المجنون أدّبه الحاكم بما يراه ، ولو لاط الصبيّ بالصبيّ اُدّبا معاً ، ولو لاط مجنون بعاقل حُدّ العاقل([5]) دون المجنون ، ولو لاط صبيّ ببالغ حدّ البالغ واُدّب الصبي . ولو لاط الذمّي بمسلم قتل وإن لم يوقب([6]) ، ولو لاط ذمّي بذمّي قيل : كان الإمام(عليه السلام) مخيّراً بين إقامة الحدّ عليه ، وبين دفعه إلى أهل ملّته ليقيموا عليه حدّهم ، والأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ إجراء الحدّ عليه . (مسألة 5) : الحاكم مخيّر في القتل بين ضرب عنقه بالسيف ، أو إلقائه من شاهق كجبل ونحوه مشدود اليدين والرجلين ، أو إحراقه بالنار ، أو رجمه ، وعلى قول : أو إلقاء جدار عليه فاعلاً كان أو مفعولاً ، ويجوز الجمع([7]) بين سائر العقوبات والإحراق ; بأن يُقتل ثمّ يحرق . (مسألة 6) : إذا لم يكن الإتيان إيقاباً ـ كالتفخيذ أو بين الأليتين ـ فحدّه مائة جلدة ; من غير فرق بين المحصن وغيره والكافر والمسلم ; إذا لم يكن الفاعل كافراً والمفعول مسلماً ، وإلاّ قتل كما مرّ([8]) ، ولو تكرّر منه الفعل وتخلّله الحدّ قتل في الرابعة([9]) ، وقيل : في الثالثة ، والأوّل أشبه . (مسألة 7) : المجتمعان تحت إزار واحد يعزّران ; إذا كانا مجرّدين ولم يكن بينهما رحم ولا تقتضي ذلك ضرورة([10]) . والتعزير بنظر الحاكم ، والأحوط في المقام الحدّ إلاّ سوطاً . وكذا يعزّر من قبّل غلاماً بشهوة ، بل أو رجلاً أو امرأة صغيرة أو كبيرة . (مسألة 8) : لو تاب اللائط ـ إيقاباً أو غيره ـ قبل قيام البيّنة سقط الحدّ ، ولو تاب بعده لم يسقط ، ولو كان الثبوت بإقراره فتاب فللإمام(عليه السلام)العفو والإجراء ، وكذا لنائبه([11]) على الظاهر . (مسألة 9) : يثبت السحق وهو وطء المرأة مثلها بما يثبت به اللواط ، وحدّه مائة جلدة بشرط البلوغ والعقل والاختيار محصنة كانت أم لا . وقيل : في المحصنة الرجم ، والأشبه الأوّل ، ولا فرق بين الفاعلة والمفعولة ، ولا الكافرة والمسلمة . (مسألة 10) : إذا تكرّرت المساحقة مع تخلّلها الحدّ قتلت في الرابعة ، ويسقط الحدّ بالتوبة قبل قيام البيّنة ، ولايسقط بعده . ولو ثبتت بالإقرار فتابت يكون الإمام(عليه السلام) مخيّراً كما في اللواط ، والظاهر أنّ نائبه مخيّر أيضاً . (مسألة 11) : الأجنبيّتان إذا وجدتا تحت إزار واحد مجرّدتين عزّرت كلّ واحدة دون الحدّ ، والأحوط مائة إلاّ سوطاً . (مسألة 12) : إن تكرّر الفعل منهما والتعزير مرّتين اُقيم عليهما الحدّ ، ولو عادتا بعد الحدّ فالأحوط التعزير مرّتين والحدّ في الثالثة ، وقيل : تقتلان ، وقيل : تقتلان في التاسعة أو الثانية عشر ، والأشبه ما تقدّم . (مسألة 13) : لو وَطئ زوجته فساحقت بكراً فحملت البكر ، فالولد للواطئ صاحب الماء([12]) ، وعلى الصبيّة الجلد مائة بعد وضعها إن كانت مطاوعة ، والولد يلحق بها أيضاً ([13]) ، ولها بعد رفع العذرة مهر مثل نسائها . وأمّا المرأة فقد ورد أنّ عليها الرجم ، وفيه تأمّل([14]) ، والأحوط الأشبه فيها الجلد مائة . (مسألة 14) : تثبت القيادة وهي الجمع بين الرجل والمرأة أو الصبيّة للزنا أو الرجل بالرجل أو الصبي للّواط بالإقرار مرّتين ، وقيل : مرّة ، والأوّل أشبه . ويعتبر في الإقرار بلوغ المقرّ وعقله واختياره وقصده ، فلا عبرة بإقرار الصبي والمجنون والمكره والهازل ونحوه ، وتثبت ـ أيضاً ـ بشهادة شاهدين عدلين . (مسألة 15) : يُحدّ القوّاد([15]) خمس وسبعون جلداً ثلاثة أرباع حدّ الزاني ، وينفى من البلد إلى غيره ، والأحوط أن يكون النفي في المرّة الثانية ، وعلى قول مشهور : يحلق رأسه ويشهّر . ويستوي فيه المسلم والكافر والرجل والمرأة ، إلاّ أنّه ليس في المرأة إلاّ الجلد ، فلا حلق ولا نفي ولا شهرة عليها . ولايبعد أن يكون حدّ النفي بنظر الحاكم . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بل ولا المحبوس ومثله، فعن عليّ(عليه السلام) قال: «من أقرّ عند تجريد، أو حبس، أو تخويف، أو تهديد فلا حدّ عليه». (وسائل الشيعة 23: 185 / 1) [2] ـ على نحو ما مرّ تفصيله في تعليقتنا على المسألة الثانية في: «القول في ما يثبت به»، فراجعها. [3] ـ حدّ الفرية لا للفرية، كما مرّ في تعليقتنا على المسألة الثانية عشرة من: «القول في مايثبت به»، فراجعها. [4] ـ في المفعول، وأمّا الفاعل فالأحوط الذي لايخلو عن قوّة; قضاءً للأخبار المفصّلة المعتبرة، التفصيل بين المحصن وغيره، بالقتل في المحصن والجلد في غيره كالزاني، وإعراض الأصحاب عن تلك الأخبار غير ثابت، بل الظاهر من حمل الشيخ في «التهذيب» و«الاستبصار» تلك الأخبار المفصّلة على التقيّة، أو على عدم الإيقاب إشعار، بل ظهور في عدم الإعراض وعدم الشذوذ، وإلاّ كان ردّها به أولى من الحمل، وممّا ذكرنا يظهر حكم الفروع الآتية في المسألة. (تهذيب الأحكام 10: 55/203; الاستبصار 4: 221/827) [5] ـ المراد من الحدّ هنا وفي الفرع اللاحق القتل. [6] ـ محل تأمّل، بل منع. [7] ـ استناداً إلى صحيح عبدالرحمن العرزمي قال: سمعت أبا عبداللّه(عليه السلام) يقول: «وجد رجل مع رجل في أمارة عمر، فهرب أحدهما، واُخذ الآخر، فجيء به إلى عمر، فقال للناس: ماترون في هذا؟ فقال هذا: اصنع كذا، وقال هذا: اصنع كذا، قال فما تقول يا أبا الحسن؟ قال: اضرب عنقه، فضرب عنقه، قال: ثمّ أراد أن يحمله، فقال: مه، إنّه قد بقي من حدوده شيء، قال: أيّ شيء بقي؟ قال: ادع بحطب فدعا عمر بحطب فأمر به أمير المؤمنين(عليه السلام)، فأحرق به»، (وسائل الشيعة 28: 158 / 4) وإلى خبره الآخر، أنّه أتي في زمان عمر برجل قد نكح في دبره، فأمر أميرالمؤمنين(عليه السلام)بضرب عنقه،فقال(عليه السلام): «بقيت له عقوبة اُخرى، قال: وماهي؟ قال: ادع بطنّ من حطب فدعا بطنّ من حطب فلفّ فيه ثمّ أحرقه بالنار...»، (وسائل الشيعة 28: 158 / 3) لكنّ المورد فيهما لواط الرجل مع الرجل، وكون ثبوتهما بالشهود، فإلغاء الخصوصية من المورد إلى غيره، كما في المتن و«الشرائع» (شرائع الإسلام 4: 942) وغيرهما، محلّ تأمّل، بل منع، كما لايخفى، فلابدّ من الاقتصار على موردهما، ممّا يجمع فيه الأمرين. هذا مع ما فيهما من عدم ذكر صلاة الميّت عليه، الظاهر في عدمها، ومع أنّ الظاهر منهما وجوب الجمع بين العقوبتين; لقوله(عليه السلام) في أحدهما: «أنّه قد بقى من حدوده شيء» وفي الآخر: «بقيت له عقوبة اُخرى» لا جوازه، كما في عبارات الأصحاب. [8] ـ على ما مرّ. [9] ـ مرّ عدم تمامية الدليل على قتله رأساً، فضلاً عن الثالثة أو الرابعة، في المسألة السادسة في فصل «أقسام حدّ الزنا»، فراجعه. وبذلك يظهر حكم المسألة العاشرة والثانية عشرة. [10] ـ ولايخفى عليك أنّ المدار في ذلك على الريبة والتهمة، والتعزير يكون لذلك، فلاتعزير فيما لم يكن فيه الريبة والتهمة، كما أنّ مقدار التعزير بما يراه الحاكم من مثلهما في الحال وبحسب التهمة لهما والظنّ بهما من السيّئات، كما لايبعد أن تكون الأخبار الواردة في الباب الدالّة على أصل التعزير ومقدارها محمولة مع اختلافها من حيث المقدار وغيره على ذلك. [11] ـ وللحاكم المشروع. [12] ـ إن أراد ذلك وكان راضياً به، وإن لم يكن كذلك، بأن كان وزراً عليه فلايلحق به; لعدم دخالته في تولّده، والدخالة كانت لزوجتها والجارية لم تكن فراشاً له (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، (الأنعام (6) : 164) وهذا الحكم، أي إلحاق الولد بالزوج وإن كان في الصحيح على الإطلاق، (وسائل الشيعة 28: 168 / 1 و 3) لكن إطلاقه مقيّد بالآية الشريفة (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وأمثالها ممّا تكون نحوها. [13] ـ على نحو ما مرّ في الإلحاق بالزوج من التفصيل; لعدم دخالتها في ولادته منها. [14] ـ الظاهر عدم الوجه له بعد ورود الصحيحة فيه، وكون مورده أخصّ من موارد القاعدة. [15] ـ بلا خلاف أجده فيه، بل عن بعض الكتب نقل الإجماع فيه، واستدلّ عليه بالإجماع، مضافاً إلى خبر عبداللّه بن سنان، قال: قلت لأبي عبداللّه(عليه السلام): أخبرني عن القوّاد ما حدّه؟ قال: «لا حدّ على القوّاد، أليس إنّما يعطى الأجر على أن يقود»؟ قلت: جعلت فداك إنّما يجمع بين الذكر والاُنثى حراماً، قال: «ذلك المؤلّف بين الذكر والاُنثى حراماً»، فقلت: هو ذاك، قال: «يضرب ثلاثة أرباع حدّ الزاني خمسة وسبعين سوطاً، وينفى من المصر الذي هو فيه...». (وسائل الشيعة 28: 171 / 1) لكنّ الاستدلال بهما محلّ إشكال، بل منع; لما في الإجماع من كونه منقولاً، وفي مسألة ورد فيها الرواية، بل ومن عدم تحقّقه من رأس، كما يظهر من المراجعة إلى «المقنع» و«الهداية» و«الناصريات» و«الخلاف» و«المبسوط» و«جواهر الفقه» و«إشارة السبق» من المتون الفقهية، فليس فيها التعرّض للمسألة، فكيف الإجماع؟ ولما في الرواية من الضعف في السند، من جهة أنّ محمّد بن سليمان مشترك بين الثقة وغير الثقة، بل الظاهر أنّه محمّد بن سليمان البصري ـ أو المصري على اختلاف النسخ ـ الذي ضعّفه النجاشي، فإنّه المذكور في طريق الصدوق في هذه الرواية، والانجبار غير ثابت، فالحقّ في المسألة عدم الحدّ; قضاءً للأصل، بل عليه التعزير، للقاعدة الكلّية فيه. ثمّ لايخفى أنّ مورد الرواية أخصّ من المدّعى; حيث إنّ القوّاد صيغة مبالغة غير شاملة للقيادة مرّة أو مرّتين، بل مختصّة بالتكرار وعلى نحو يصير حرفةً له، وهذه مناقشة اُخرى للاستدلال بها.
|