|
القول في شرائط الذمّة
الأوّل: قبول الجزية بما يراه الإمام(عليه السلام) أو والي المسلمين ; على الرؤوس أو الأراضي أو هما أو غيرهما أو جميعها . الثاني: أن لايفعلوا ما ينافي الأمان ، مثل العزم على حرب المسلمين وإمداد المشركين . (مسألة 1) : مخالفة هذين الشرطين مستلزمة للخروج عن الذمّة ، بل الأوّل منهما من مقوّمات عقد الجزية ، والثاني منهما من مقتضيات الأمان ، ولو لم يعدّا شرطاً كان حسناً ، ولو فعلوا ما ينافي الأمان كانوا ناقضين للعهد وخارجين عن الذمّة ; اشترط عليهم أم لم يشترط . الثالث: أن لايتظاهروا بالمنكرات عندنا ، كشرب الخمر والزنا وأكل لحم الخنزير ونكاح المحرّمات . الرابع: قبول أن تجري عليهم أحكام المسلمين ; من أداء حقّ أو ترك محرّم أو إجراء حدود الله تعالى ونحوها ، والأحوط اشتراط ذلك عليهم . (مسألة 2) : لو شرط هذان القسمان في عقد الجزية فخالفوا ، نقض العهد وخرجوا عن الذمّة ، بل يحتمل أن يكون مخالفة هذين أيضاً موجبة لنقض العقد مطلقاً ، فيخرجوا عنها بالامتناع والمخالفة وإن لم يشترطا عليهم . الخامس: أن لا يُؤذوا المسلمين كالزنا بنسائهم واللواط بأبنائهم والسرقة لأموالهم وإيواء عين المشركين والتجسّس لهم ، ولايبعد أن يكون الأخيران ـ سيّما الثاني منهما ـ من منافيات الأمان ، ولزوم تركهما من مقتضياته . السادس: أن لايحدثوا كنيسة ولايضربوا ناقوساً ولايطيلوا بناءً ، ولو خالفوا عزّروا . (مسألة 3) : هذان الشرطان ـ أيضاً كالثالث والرابع ـ يحتمل أن يكون مخالفتهم فيهما ناقضاً للعهد مطلقاً ، ويحتمل أن يكون ناقضاً مع الاشتراط ، واحتمل بعضهم أن يكون النقض فيما إذا اشترط بنحو تعليق الأمان ، لا الشرط في ضمن عقده ، ولا شبهة في النقض على هذا الفرض . (مسألة 4) : لو ارتكبوا جناية توجب الحدّ أو التعزير فعل بهم ما يقتضيه ، ولو سبّوا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو الأئمّة(عليهم السلام) ، أوفاطمة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ على احتمال غير بعيد ، قتل السابّ كغيرهم من المكلّفين ، ولو نالوهم بما دون السبّ عزّروا . ولو اشترط في العقد الكفّ عنه نقض العهد على قول . ولو علّق الأمان على الكفّ نقض العهد بالمخالفة . (مسألة 5) : لو نسي في عقد الذمّة ذكر الجزية بطل العقد . وأمّا رابع المذكورات ففي بطلانه بعدم ذكره وعدمه تردّد ، ولو قيل بعدم البطلان كان حسناً ، ولزم عليهم مع عدم الشرط الالتزام بأحكام الإسلام ، ومع الامتناع نقض العهد على احتمال . والثاني من مقتضيات الأمان كما مرّ ، ولايبطل العهد بعدم ذكره . وغير ما ذكر ـ أيضاً ـ لايوجب عدم ذكرها بطلان العقد . (مسألة 6) : كلّ مورد يوجب الامتناع والمخالفة الخروج من الذمّة مطلقاً ـ شرط عليهم أم لا ـ لو خالف أهل الذمّة الآن وامتنع منه يصير حربيّاً ويخرج عن الذمّة ، وكلّ مورد قلنا بأنّ الخروج عن الذمّة موقوف على الاشتراط والمخالفة ، يشكل الحكم بانتقاض العهد وخروجهم عن الذمّة لو خالفوا ، ولو قلنا بأنّ جميع المذكورات من شرائط الذمّة ـ شرط في العقد أم لا ـ يخرج المخالف في واحد منها عنها ويصير حربيّاً . (مسألة 7) : ينبغي أن يشترط في عقد الذمّة كلّ ما فيه نفع ورفعة للمسلمين ، وضعة لهم وما يقتضي دخولهم في الإسلام من جهته رغبةً أو رهبةً ، ومن ذلك اشتراط التميّز عن المسلمين في اللباس والشعر والركوب والكنى ; بما هو مذكور في المفصّلات . (مسألة 8) : إذا خرقوا الذمّة في دار الإسلام ، وخالفوا في موارد قلنا ينتقض عهدهم فيها ، فلوالي المسلمين ردّهم إلى مأمنهم ، فهل له الخيار بين قتلهم واسترقاقهم ومفاداتهم ؟ الظاهر ذلك على إشكال . وهل أموالهم بعد خرق الذمّة في أمان يردّ إليهم مع ردّهم إلى مأمنهم أم لا ؟ الأشبه الأمان . (مسألة 9) : إن أسلم الذمّي بعد الاسترقاق أو المفاداة لخرقه الذمّة لم يرتفع ذلك عنه ، وبقي على الرقّ ولم يردّ إليه الفداء . وإن أسلم قبلهما وقبل القتل ، سقط عنه الجميع وغيرها ممّا عليه حال الكفر ، عدا الديون والقود لو أتى بموجبه ، ويؤخذ منه أموال الغير إذا كان عنده غصباً مثلاً . وأمّا الحدود فقد قال الشيخ في «المبسوط» : إنّ أصحابنا رووا أنّ إسلامه لايسقط عنه الحدّ . (مسألة 10) : يكره السلام على الذمّي ابتداءً ، وقيل : يحرم ، وهو أحوط . ولو بدأ الذمّي بالسلام ينبغي أن يقتصر في الجواب على قوله : «عليك» ، ويكره إتمامه ظاهراً ، ولو اضطرّ المسلم إلى أن يسلّم عليه أو يتمّ جوابه جاز بلا كراهية . وأمّا غير الذمّي فالأحوط ترك السلام عليه إلاّ مع الاضطرار ; وإن كان الأوجه الجواز على كراهية ، وينبغي أن يقول عند ملاقاتهم : «السلام على من اتّبع الهدى» ، ويستحبّ أن يضطرّهم إلى أضيق الطرق .
|