|
المقصد الثالث: في أحكامها
(مسألة 1) : يثبت القصاص بالقسامة في قتل العمد ، والدية على القاتل في الخطأ شبيه العمد ، وعلى العاقلة في الخطأ([1]) المحض . وقيل : تثبت في الخطأ المحض على القاتل لا العاقلة ، وهو غير مرضيّ . (مسألة 2) : لو ادّعى على اثنين وله على أحدهما لوث ، فبالنسبة إلى ذي اللوث كان الحكم كما تقدّم من إثباته بخمسين قسامة ، وبالنسبة إلى غيره كانت الدعوى كسائر الدعاوي ; اليمين على المدّعى عليه ولا قسامة ، فلو حلف سقطت دعواه بالنسبة إليه ، وإن ردّ اليمين على المدّعي حلف ، وهذا الحلف لايدخل في الخمسين ، بل لابدّ في اللوث من خمسين غير هذا الحلف على الأقوى . (مسألة 3) : لو أراد قتل ذي اللوث بعد الثبوت عليه بالقسامة يردّ عليه نصف ديته . وكذا لو ثبت على الآخر باليمين المردودة وأراد قتله ، يردّ عليه نصف الدية . (مسألة 4) : لو كان لوث وبعض الأولياء غائب ورفع الحاضر الدعوى إلى الحاكم تسمع دعواه ، ويطالبه خمسين قسامة ، ومع الفقد يحلّفه خمسين يميناً في العمد ، وفي غيره نصفها حسب ما عرفت ، ويثبت حقّه ، ولم يجب انتظار سائر الأولياء ، وله الاستيفاء ولو قوداً ، ثمّ لو حضر الغائب وأراد استيفاء حقّه ، قالوا : حلف بقدر نصيبه ، فإذا كان واحداً ففي العمد خمس وعشرون ، وإن كان اثنين فلكلّ ثلث ، وهكذا ، وفي الكسور يجبر بواحدة . ويحتمل ثبوت حقّ الغائب بقسامة الحاضر أو يمينه . ويحتمل التفصيل بين قسامة الحاضر ، فيقال بثبوت حقّ الغائب بها ويمينه خمسين يميناً مع فقد القسامة ، فيقال بعدم ثبوته بها . ويحتمل ثبوت حقّ الغائب بضمّ يمين واحدة إلى عدد القسامة ، ومع فقدها ويمين الحاضر ضمّ حصّته من الأيمان . ويحتمل عدم ثبوت دعوى الغائب إلاّ بخمسين قسامة ، ومع فقدها يحلف خمسين يميناً كالحاضر . ولو كان الغائب أزيد من واحد وادّعى الجميع ، كفاهم خمسين قسامة أو خمسين يميناً من جميعهم ، أقوى الاحتمالات الأخير ، سيّما إذا ثبت حقّه بخمسين يميناً منه ، ويأتي الاحتمالات مع قصور بعض الأولياء . (مسألة 5) : لو كذّب أحد الوليّين صاحبه لم يقدح في اللوث فيما إذا كانت أمارات على القتل . نعم لايبعد القدح إذا كان اللوث بشاهد واحد مثلاً . والمقامات مختلفة . (مسألة 6) : لو مات الولي قبل إقامة القسامة أو قبل حلفه ، قام وارثه مقامه في الدعوى ، فعليه إذا أراد إثبات حقّه القسامة ، ومع فقدها خمسون أو خمس وعشرون يميناً . وإن مات الولي في أثناء الأيمان فالظاهر لزوم استئناف الأيمان . ولو مات بعد كمال العدد ثبت للوارث حقّه من غير يمين . (مسألة 7) : لو حلف المدّعي مع اللوث واستوفى الدية ، ثمّ شهد اثنان أنّه كان غائباً غيبة لايقدر معها على القتل ، أو محبوساً كذلك ، فهل تبطل القسامة بذلك واستُعيدت الدية ، أم لا مجال للبيّنة بعد فصل الخصومة باليمين ؟ فيه تردّد([2]) ، والأرجح الثاني . نعم لو علم ذلك وجداناً بطلت القسامة واستُعيدت الدية . ولو اقتصّ بالقسامة أو الحلف اُخذت منه الدية لو لم يعترف بتعمّد الكذب ، وإلاّ اقتصّ منه . (مسألة 8) : لو استوفى حقّه بالقسامة فقال آخر : «أنا قتلته منفرداً» ، فإن كان المدّعي حلف وحده أو مع القسامة ، فليس له الرجوع إلى المقرّ إلاّ إذا كذّب نفسه وصدّق المقرّ ، وحينئذ ليس له العمل بمقتضى القسامة ، ولابدّ من ردّ ما استوفاه . وإن لم يحلف وقلنا بعدم لزوم حلفه وكفى حلف قومه فإذا ادّعى جزماً ، فكذلك ليس له الرجوع إلى المقرّ إلاّ مع تكذيب نفسه . وإن ادّعى ظنّاً وقلنا بسماع دعواه كذلك ، جاز له الرجوع إلى المقرّ ، وجاز العمل بمقتضى القسامة ، والظاهر ثبوت الخيار لو لم يكذّب نفسه ورجع عن جزمه إلى الترديد أو الظنّ . (مسألة 9) : لو اتّهم رجل بالقتل والتمس الوليّ من الحاكم حبسه حتّى يحضر البيّنة([3]) ، فالظاهر جواز إجابته([4]) إلاّ إذا كان الرجل ممّن يوثق بعدم فراره ، ولو أخّر المدّعي إقامة البيّنة إلى ستّة أيّام يخلّى سبيله([5]) . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ على المعروف بين الأصحاب، بل بين علماء الإسلام، بل لا خلاف فيه، لكنّه يأتي الكلام في المناقشة في ذلك المبنى، وأنّه يختصّ بما كان العاقلة سبباً أقوى من المباشر دون غيره. [2] ـ من أنّ البيّنة أقوى، ومن الأخبار الدالّة على أنّ اليمين ذهب بما فيها، فالبيّنة غير مفيدة، لكن لايخفى عليك اختصاص تلك الأخبار بيمين المنكر بعد استحلاف المدّعي، وأنّى ذلك بالمقام، فالأرجح الأوّل. [3] ـ أو يجمع الأمارات والقرائن المفيدة للاطمئنان والعلم العادي للحاكم المعتبر في حقوق الناس دون حقوق اللّه وحدوده، كما مرّ في كتاب القضاء. [4] ـ فيما كانت الدعوى قابلة للسماع في المحكمة عرفاً; حفظاً لحقوق الناس، واحتياطاً فيها، لاسيّما في الدم، وليس الحبس كذلك عقوبة وجزاءً، حتّى يشكل بأنّه عقوبة زائدة، بل يكون احتياطاً لحفظ حقوق الناس وأولياء الدم، والمقصّر في ذلك نفس المتّهم، كما لايخفى. [5] ـ كما في موثّق السكوني، (وسائل الشيعة 29: 160 / 1) أو إلى الزائد منها فيما لم ينجرّ الزيادة إلى تقصير المدّعي، وعدم مبالاته في الإثبات، وإلى عدم اعتنائه بحبس المتّهم، والستّة في الموثّق محمولة على زمانه(صلى الله عليه وآله وسلم) أو على غيره ممّا لاينافي الزائد; لعدم الخصوصية لها قطعاً.
|