|
القسم الثاني: في قصاص ما دون النفس
(مسألة 1) : الموجب له هاهنا كالموجب في قتل النفس . وهو الجناية العمديّة مباشرة أو تسبيباً حسب ما عرفت . فلو جنى بما يتلف العضو غالباً فهو عمد ; قصد الإتلاف به أو لا ، ولو جنى بما لايتلف به غالباً ، فهو عمد مع قصد الإتلاف ولو رجاءً . (مسألة 2) : يشترط([1]) في جواز الاقتصاص فيه ما يشترط في الاقتصاص في النفس ; من التساوي في الإسلام والحرّيّة وانتفاء الاُبوّة وكون الجاني عاقلاً بالغاً ، فلايقتصّ في الطرف لمن لايقتصّ له في النفس . (مسألة 3): لايشترط التساوي في الذكورة والاُنوثة، فيقتصّ فيه للرجل من الرجل ومن المرأة من غير أخذ الفضل . ويقتصّ للمرأة من المرأة ومن الرجل ، لكن بعد ردّ التفاوت([2])فيما بلغ الثلث كما مرّ([3]) . (مسألة 4) : يشترط في المقام([4]) ـ زائداً على ما تقدّم ـ التساوي في السلامة من الشلل ونحوه ـ على ما يجيء ـ أو كون المقتصّ منه أخفض ، والتساوي في الأصالة والزيادة ، وكذا في المحلّ على ما يأتي الكلام فيه ، فلا تقطع اليد الصحيحة ـ مثلاًـ بالشلاّء ولو بذلها الجاني ، وتقطع الشلاء بالصحيحة . نعم لو حكم أهل الخبرة بالسراية ـ بل خيف منها ـ يعدل إلى الدية . (مسألة 5) : المراد بالشلل هو يبس اليد بحيث تخرج عن الطاعة ولم تعمل عملها ولو بقي فيها حسّ وحركة غير اختياريّة . والتشخيص موكول إلى العرف كسائر الموضوعات . ولو قطع يداً بعض أصابعها شلاّء ففي قصاص اليد الصحيحة تردّد([5]) ، ولا أثر للتفاوت بالبطش ونحوه ، فيقطع اليد القويّة بالضعيفة ، واليد السالمة باليد البرصاء والمجروحة . (مسألة 6) : يعتبر التساوي في المحلّ مع وجوده ، فتقطع اليمين باليمين واليسار باليسار ، ولو لم يكن له يمين وقطع اليمين قطعت يساره ، ولو لم يكن له يد أصلاً قطعت رجله على رواية معمول بها ، ولابأس به . وهل تقدّم الرجل اليمنى في قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى في اليد اليسرى أو هما سواء ؟ وجهان ، ولو قطع اليسرى ولم يكن له اليسرى فالظاهر قطع اليمنى على إشكال ، ومع عدمهما قطع الرجل . ولو قطع الرجل من لا رجل له فهل يقطع يده بدل الرجل ؟ فيه وجه لايخلو من إشكال . والتعدّي إلى مطلق الأعضاء كالعين والاُذن والحاجب وغيرها مشكل . وإن لايخلو من وجه([6]) ، سيّما اليسرى من كلّ باليمنى . (مسألة 7) : لو قطع أيدي جماعة على التعاقب قطعت يداه ورجلاه بالأوّل فالأوّل ، وعليه للباقين الدية ، ولو قطع فاقد اليدين والرجلين يد شخص أو رجله فعليه الدية . (مسألة 8) : يعتبر في الشجاج التساوي بالمساحة طولاً وعرضاً ، قالوا ولايعتبر عمقاً ونزولاً ، بل يعتبر حصول اسم الشجّة ، وفيه تأمّل وإشكال والوجه التساوي مع الإمكان ، ولو زاد من غير عمد فعليه الأرش ، ولو لم يمكن إلاّ بالنقص لايبعد ثبوت الأرش في الزائد على تأمّل([7]) . هذا في الحارصة والدامية والمتلاحمة . وأمّا في السمحاق والموضحة فالظاهر عدم اعتبار التساوي في العمق ، فيقتصّ المهزول من السمين إلى تحقّق السمحاق والموضحة . (مسألة 9) : لايثبت القصاص فيما فيه تغرير بنفس أو طرف ، وكذا فيما لايمكن الاستيفاء بلا زيادة ونقيصة كالجائفة والمأمومة ، ويثبت في كلّ جرح لا تغرير في أخذه بالنفس وبالطرف ، وكانت السلامة معه غالبة ، فيثبت في الحارصة والمتلاحمة والسمحاق والموضحة ، ولايثبت في الهاشمة ولا المنقّلة ، ولا لكسر شيء من العظام . وفي رواية صحيحة إثبات القود في السنّ والذراع إذا كسرا عمداً ، والعامل بها قليل . (مسألة 10) : هل يجوز الاقتصاص قبل اندمال الجناية ؟ قيل : لا ; لعدم الأمن من السراية الموجبة لدخول الطرف في النفس ، والأشبه الجواز . وفي رواية : لايقضى في شيء من الجراحات حتّى تبرأ . وفي دلالتها نظر . والأحوط الصبر ، سيّما فيما لايؤمن من السراية . فلو قطع عدّة من أعضائه خطأً ، هل يجوز أخذ دياتها ولو كانت أضعاف دية النفس ، أو يقتصر على مقدار دية النفس حتّى يتّضح الحال ، فإن اندملت أخذ الباقي ، وإلاّ فيكون له ما أخذ لدخول الطرف في النفس ؟ الأقوى جواز الأخذ ووجوب الإعطاء . نعم لو سرت الجراحات يجب إرجاع الزائد على النفس . (مسألة 11) : إذا اُريد الاقتصاص حلق الشعر عن المحلّ إن كان يمنع عن سهولة الاستيفاء أو الاستيفاء بحدّه ، وربط الجاني على خشبة أو نحوها بحيث لايتمكّن من الاضطراب ، ثمّ يقاس بخيط ونحوه ويعلّم طرفاه في محلّ الاقتصاص ، ثمّ يشقّ من إحدى العلامتين إلى الاُخرى ، ولو كان جرح الجاني ذا عرض يقاس العرض أيضاً . وإذا شقّ على الجاني الاستيفاء دفعة يجوز الاستيفاء بدفعات ، وهل يجوز ذلك حتّى مع عدم رضا المجنيّ عليه ؟ فيه تأمّل . (مسألة 12) : لو اضطرب الجاني فزاد المقتصّ في جرحه لذلك فلا شيء عليه ، ولو زاد بلا اضطراب أو بلا استناد إلى ذلك ، فإن كان عن عمد يقتصّ منه ، وإلاّ فعليه الدية أو الأرش ، ولو ادّعى الجاني العمد وأنكره المباشر فالقول قوله ، ولو ادّعى المباشر الخطأ وأنكر الجاني ، قالوا : القول قول المباشر ، وفيه تأمّل([8]) . (مسألة 13) : يؤخّر القصاص في الطرف عن شدّة الحرّ والبرد وجوباً إذا خيف من السراية ، وإرفاقاً بالجاني في غير ذلك ، ولو لم يرض في هذا الفرض المجنيّ عليه ففي جواز التأخير نظر . (مسألة 14) : لايقتصّ إلاّ بحديدة حادّة غير مسمومة ولا كالّة مناسبة لاقتصاص مثله ، ولايجوز تعذيبه أكثر ممّا عذّبه ، فلو قلع عينه بآلة كانت سهلة في القلع ، لايجوز قلعها بآلة كانت أكثر تعذيباً ، وجاز القلع باليد إذا قلع الجاني بيده أو كان القلع بها أسهل . والأولى للمجنيّ عليه مراعاة السهولة ، وجاز له المماثلة . ولو تجاوز واقتصّ بما هو موجب للتعذيب ، وكان أصعب ممّا فعل به ، فللوالي تعزيره ، ولا شيء عليه ، ولو جاوز بما يوجب القصاص اقتصّ منه ، أو بما يوجب الأرش أو الدية اُخذ منه . (مسألة 15) : لو كان الجرح يستوعب عضو الجاني مع كونه أقلّ في المجنيّ عليه ; لكبر رأسه ـ مثلاً ـ كأن يكون رأس الجاني شبراً ورأس المجنيّ عليه شبرين ، وجنى عليه بشبر ، يقتصّ الشبر وإن استوعبه . وإن زاد على العضو ـ كأن جنى عليه في الفرض بشبرين ـ لايتجاوز عن عضو بعضو آخر ، فلايقتصّ من الرقبة أو الوجه ، بل يقتصّ بقدر شبر في الفرض ، ويؤخذ للباقي بنسبة المساحة إن كان للعضو مقدّر ، وإلاّ فالحكومة . وكذا لايجوز تتميم الناقص بموضع آخر من العضو . ولو انعكس وكان عضو المجني عليه صغيراً ، فجنى عليه بمقدار شبر وهو مستوعب لرأسه ـ مثلاً ـ لايستوعب في القصاص رأس الجاني ، بل يقتصّ بمقدار شبر وإن كان الشبر نصف مساحة رأسه . (مسألة 16) : لو أوضح جميع رأسه ; بأن سلخ الجلد واللحم من جملة الرأس ، فللمجني عليه ذلك مع مساواة رأسهما في المساحة ، وله الخيار في الابتداء بأيّ جهة . وكذا لو كان رأس المجني عليه أصغر([9]) ، لكن له الغرامة في المقدار الزائد بالتقسيط على مساحة الموضحة . ولو كان أكبر يقتصّ من الجاني بمقدار مساحة جنايته ، ولايسلخ جميع رأسه . ولو شجّه فأوضح في بعضها فله دية موضحة ، ولو أراد القصاص استوفى في الموضحة والباقي . (مسألة 17) : في الاقتصاص في الأعضاء غير ما مرّ : كلّ عضو ينقسم إلى يمين وشمال ـ كالعينين والاُذنين والاُنثيين والمنخرين ونحوها ـ لايقتصّ إحداهما بالاُخرى([10]) ، فلو فَقَأ عينه اليُمنى لايقتصّ عينه اليُسرى ، وكذا في غيرهما . وكلّ ما يكون فيه الأعلى والأسفل يراعى في القصاص المحلّ ، فلايقتصّ الأسفل بالأعلى كالجفنين والشفتين . (مسألة 18) : في الاُذن قصاص ; يقتصّ اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى . وتستوي اُذن الصغير والكبير ، والمثقوبة والصحيحة إذا كان الثقب على المتعارف ، والصغيرة والكبيرة ، والصمّاء والسامعة ، والسمينة والهزيلة . وهل تؤخذ الصحيحة بالمخرومة وكذا الصحيحة بالمثقوبة على غير المتعارف بحيث تعدّ عيباً ، أو يقتصّ إلى حدّ الخرم والثقب والحكومة فيما بقي ، أو يقتصّ مع ردّ دية الخرم ؟ وجوه ، لايبعد الأخير . ولو قطع بعضها جاز القصاص . (مسألة 19) : لو قطع اُذنه فألصقها المجنيّ عليه والتصقت ، فالظاهر عدم سقوط القصاص ، ولو اقتصّ من الجاني فألصق الجاني اُذُنه والتصقت ، ففي رواية : قطعت ثانية لبقاء الشين . وقيل : يأمر الحاكم بالإبانة لحمله الميتة والنجس . وفي الرواية ضعف([11]) . ولو صارت بالإلصاق حيّة كسائر الأعضاء لم تكن ميتة ، ويصحّ الصلاة معها ، وليس للحاكم ولا لغيره إبانتها ، بل لو أبانه شخص فعليه القصاص لو كان عن عمد وعلم ، وإلاّ فالدية ، ولو قطع بعض الاُذن ولم يبنها فإن أمكنت المماثلة في القصاص ثبت ، وإلاّ فلا ، وله القصاص ولو مع إلصاقها . (مسألة 20) : لو قطع اُذنه فأزال سمعه فهما جنايتان ، ولو قطع اُذناً مستحشفة شلاّء ففي القصاص إشكال([12]) ، بل لايبعد ثبوت ثلث الدية . (مسألة 21) : يثبت القصاص في العين ، وتقتصّ مع مساواة المحلّ ، فلا تقلع اليمنى باليسرى ولابالعكس ، ولو كان الجاني أعور اقتصّ منه وإن عمي ، فإنّ الحقّ أعماه ، ولايردّ شيء إليه ولو كان ديتها دية النفس إذا كان العور خلقة أو بآفة من الله تعالى ; ولا فرق بين كونه أعور خلقة أو بجناية أو آفة أو قصاص ، ولو قطع أعور العين الصحيحة من أعور يقتصّ منه . (مسألة 22) : لو قلع ذو عينين عين أعور اقتصّ له بعين واحدة ، فهل له مع ذلك الردّ بنصف الدية ؟ قيل لا ، والأقوى ثبوته ، والظاهر تخيير المجنيّ عليه بين أخذ الدية كاملة وبين الاقتصاص وأخذ نصفها ، كما أنّ الظاهر أنّ الحكم ثابت فيما تكون لعين الأعور دية كاملة ، كما كان خلقة أو بآفة من الله ; لا في غيره مثل ما إذا قلع عينه قصاصاً . (مسألة 23) : لو قلع عيناً عمياء قائمة فلايقتصّ منه ، وعليه ثلث الدية . (مسألة 24) : لو أذهب الضوء دون الحدقة اقتصّ منه بالمماثل بما أمكن إذهاب الضوء مع بقاء الحدقة ، فيرجع إلى حذّاق الأطبّاء ليفعلوا به ما ذكر . وقيل في طريقه : يطرح على أجفانه قطن مبلول ، ثمّ تُحمى المرآة وتقابل بالشمس ، ثمّ يفتح عيناه ويكلّف بالنظر إليها حتّى يذهب النظر وتبقى الحدقة . ولو لم يكن إذهاب الضوء إلاّ بإيقاع جناية اُخرى كالتسميل ونحوه سقط القصاص وعليه الدية . (مسألة 25) : يقتصّ العين الصحيحة بالعمشاء والحولاء والخفشاء والجهراء والعشياء . (مسألة 26) : في ثبوت القصاص لشعر الحاجب والرأس واللحية والأهداب ونحوها تأمّل ; وإن لايخلو من وجه . نعم لو جنى على المحلّ بجرح ونحوه يقتصّ منه مع الإمكان . (مسألة 27) : يثبت القصاص في الأجفان مع التساوي في المحلّ ، ولو خلت أجفان المجني عليه عن الأهداب ففي القصاص وجهان ، لايبعد عدم ثبوته ، فعليه الدية . (مسألة 28) : في الأنف قصاص ، ويقتصّ الأنف الشامّ بعادمه ، والصحيح بالمجذوم ما لم يتناثر منه شيء ، وإلاّ فيقتصّ بمقدار غير المتناثر ، والصغير والكبير والأفطس والأشمّ والأقنى سواء ، والظاهر عدم اقتصاص الصحيح بالمستحشف الذي هو كالشلل([13]) . ويقتصّ بقطع المارن وبقطع بعضه . والمارن : هو ما لان من الأنف . ولو قطع المارن مع بعض القصبة ، فهل يقتصّ المجموع ، أو يقتصّ المارن وفي القصبة حكومة ؟ وجهان . وهنا وجه آخر : وهو القصاص ما لم يصل القصبة إلى العظم ، فيقتصّ الغضروف مع المارن ، ولايقتصّ العظم . (مسألة 29) : يقتصّ المنخر بالمنخر مع تساوي المحلّ ، فتقتصّ اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، وكذا يقتصّ الحاجز بالحاجز . ولو قطع بعض الأنف قيس المقطوع([14])إلى أصله واقتصّ من الجاني بحسابه ، فلو قطع بعض المارن قيس إلى تمامه ، فإن كان نصفاً يقطع من الجاني النصف أو ثلثاً فالثلث ، ولاينظر إلى عظم المارن وصغره ، أو قيس إلى تمام الأنف ، فيقطع بحسابه ; لئلاّ يستوعب([15]) أنف الجاني إن كان صغيراً . (مسألة 30) : يقتصّ الشفة بالشفة مع تساوي المحلّ ، فالشفة العليا بالعليا والسفلى بالسفلى . وتستوي الطويلة والقصيرة ، والكبيرة والصغيرة ، والصحيحة والمريضة ما لم يصل إلى الشلل([16]) ، والغليظة والرقيقة . ولو قطع بعضها فبحساب المساحة كما مرّ . وقد ذكرنا حدّ الشفة في كتاب الديات . (مسألة 31) : يثبت القصاص في اللسان وبعضه ببعضه بشرط التساوي في النطق ، فلايقطع الناطق بالأخرس ، ويقطع الأخرس بالناطق وبالأخرس ، والفصيح بغيره ، والخفيف بالثقيل . ولو قطع لسان طفل يقتصّ به إلاّ مع إثبات خرسه ، ولو ظهر فيه علامات الخرس ففيه الدية . (مسألة 32) : في ثدي المرأة وحلمته قصاص ، فلو قطعت امرأة ثدي اُخرى أو حلمة ثديها يقتصّ منها ، وكذا في حلمة الرجل القصاص ، فلو قطع حلمته يقتصّ منه مع تساوي المحلّ ، فاليمنى باليمنى ، واليسرى باليسرى([17]) ، ولو قطع الرجل حلمة ثدي المرأة فلها القصاص من غير ردّ . (مسألة 33) : في السنّ قصاص بشرط تساوي المحلّ ، فلايقلع ما في الفكّ الأعلى بما في الأسفل ولا العكس ، ولا ما في اليمين باليسار وبالعكس ، ولايقلع الثنيّة بالرباعية أو الطاحن أو الناب أو الضاحك وبالعكس ، ولا تقلع الأصليّة بالزائدة ، ولا الزائدة بالأصليّة ، ولا الزائدة بالزائدة مع اختلاف المحلّ . (مسألة 34) : لو كانت المقلوعة سنّ مثّغر ـ أي أصليّ نبت بعد سقوط أسنان الرضاع ـ ففيها القصاص ، وهل في كسرها القصاص أو الدية والأرش ؟ وجهان ، الأقرب الأوّل ، لكن لابدّ في الاقتصاص كسرها بما يحصل به المماثلة كالآلات الحديثة ، ولايضرب بما يكسرها لعدم حصولها نوعاً . (مسألة 35) : لو عادت المقلوعة قبل القصاص فهل يسقط القصاص أم لا ؟ الأشبه الثاني([18]) ، والمشهور الأوّل ، ولا محيص عن الاحتياط بعدم القصاص ، فحينئذ لو كان العائدة ناقصة متغيّرة ففيها الحكومة ، وإن عادت كما كانت ، فلا شيء غير التعزير إلاّ مع حصول نقص ، ففيه الأرش . (مسألة 36) : لو عادت بعد القصاص فعليه غرامتها للجاني بناءً على سقوط القصاص([19])إلاّ مع عود سنّ الجاني أيضاً ، وتستعاد الدية لو أخذها صلحاً ، ولو اقتصّ وعادت سنّ الجاني ليس للمجنيّ عليه إزالتها ، ولو عادت سنّ المجنيّ عليه ليس للجاني إزالتها . (مسألة 37) : لو قلع سنّ الصبي ينتظر به مدّة جرت العادة بالإنبات فيها ، فإن عادت ففيها الأرش على قول معروف ، ولايبعد أن يكون في كلّ سنّ منه بعير ، وإن لم تعد ففيها القصاص . (مسألة 38) : يثبت القصاص في قطع الذكر . ويتساوى في ذلك الصغير ـ ولو رضيعاً ـ والكبير بلغ كبره ما بلغ ، والفحل والذي سلّت خصيتاه إذا لم يؤدّ إلى شلل فيه ، والأغلف والمختون . ولايقطع الصحيح بذكر العنّين ومن في ذكره شلل([20]) ، ويقطع ذكر العنّين بالصحيح والمشلول به. وكذا يثبت في قطع الحشفة، فتقطع الحشفة بالحشفة، وفي بعضها أو الزائد عليها استوفي بالقياس إلى الأصل([21]) ، إن نصفاً فنصفاً وإن ثلثاً فثلثاً وهكذا . (مسألة 39) : في الخصيتين قصاص ، وكذا في إحداهما مع التساوي في المحلّ ، فتقتصّ اليمنى باليمنى ، واليسرى باليسرى([22]) ، ولو خشي ذهاب منفعة الاُخرى تُؤخذ الدية ، ولايجوز القصاص إلاّ أن يكون في عمل الجاني ذهاب المنفعة فيُقتصّ ، فلو لم تذهب بالقصاص منفعة الاُخرى مع ذهابها بفعل الجاني ، فإن أمكن إذهابها مع قيام العين يجوز القصاص ، وإلاّ فعليه الدية . ولو قطع الذكر والخصيتين اقتصّ منه ; سواء قطعهما على التعاقب أو لا . (مسألة 40) : في الشفرين القصاص ، والمراد بهما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم ، وكذا في إحداهما . وتتساوى فيه البكر والثيّب ، والصغيرة والكبيرة ، والصحيحة والرتقاء والقرناء والعفلاء والمختونة وغيرها ، والمفضاة والسليمة ، نعم لايقتصّ الصحيحة بالشلاّء([23]) . والقصاص في الشفرين إنّما هو فيما جنت عليها المرأة ، ولو كان الجاني عليها رجلاً فلا قصاص عليه ، وعليه الدية ، وفي رواية غير معتمد عليها : إن لم يؤدّ إليها الدية قطع لها فرجه . وكذا لو قطعت المرأة ذكر الرجل أو خصيته لا قصاص عليها ، وعليها الدية . (مسألة 41) : لو أزالت بكر بكارة اُخرى فالظاهر القصاص ، وقيل بالدية ، وهو وجيه مع عدم إمكان المساواة . وكذا تثبت الدية([24]) في كلّ مورد تعذّر المماثلة والمساواة . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ على ما مرّ منّا من الشرائط. وبذلك تظهر المناقشة في شرطية التساوي في الإسلام. [2] ـ على المعروف بين الأصحاب، بل كأنّه لا خلاف فيه، إلاّ أنّ عدم لزوم الردّ; قضاءً لإطلاق أدلّة قصاصه وتعارض أخبار المسألة وتساقطها وكونها مخالفة لآيات العدل وعدم الظلم وغيرها ـ على ما مرّ تفصيله في التعليقة على المسألة الثانية في الشرط الأوّل من الشرائط المعتبرة في القصاص ـ لايخلو من وجه، بل من قوّة. هذا كلّه مع ما في تلك الأخبار من المخالفة للقواعد العقلية والنقلية في الضمان والديات، والمناقشة في السند، كما بيّنه المحقّق المدقّق المتتبّع المقدّس الأردبيلي(قدس سره) في آخر الديات من شرحه «الإرشاد» المسمّى من غيره باسم مطابق للمسمّى «مجمع الفائدة والبرهان»، وينبغي المراجعة إليه لمن يرى التفاوت والردّ في الزائد عن الثلث في المسألة من الأحكام المسلّمة التي لاتقبل الخدشة ولا الفتوى على خلافها، حتّى لعلّه يتغيّر رأيه ويتبدّل نظره، ولا أقلّ من أن يمنع نفسه من انسداد باب الاجتهاد ولو بأن يعتقد أنّ مسألة التفاوت كبقية المسائل، باب الاجتهاد فيها مفتوح وغير منسد، وكيف لايتغيّر رأيه مع مايرى من أنّه(قدس سره) قد بحث في المسألة بالدقّة والتتبّع والتحقيق، ولعلّه منفرد بها كمّاً وكيفاً من زمانه إلى زماننا هذا في جملة الفقه إن لم يكن في كلّه، قال ما هذا لفظه: «وبالجملة، الحكم مخالف للقواعد كما عرفته، وفي دليله أيضاً بعض المناقشات مع المخالفة في الجملة وهو مشكل، وكأنّ الحكم فيما إذا كان الجاني رجلاً، لا خلاف فيه». (مجمع الفائدة والبرهان 14: 471) ومع ما يرى أيضاً من ازدياد قوّة في تحقيقه(قدس سره) في المسألة على بقيّة تحقيقاته في الفقه، وأنّ تحقيقه هذا واقع في آخر ما أورده في الفقه ممّا لم يكتب بعده بأزيد من نحو عشرة أسطر، ومن الطبيعي أنّ مقتضى ازدياد القوّة في التحقيق والتزايد في العلم هو أجودية المتأخّر من المتقدّم، فكيف بالمتأخّر عن الجميع. ثمّ إنّ ما ذكرناه في حقّ المقدّس الأردبيلي من كونه منفرداً في الدقّة والتتبّع والتحقيق في جملة الفقه إن لم يكن كلّه وإن كان واقعاً في محلّه، لكنّه لايخفى عليك وعلينا أنّ الماتن سيّدنا الاُستاذ الإمام الخميني(قدس سره) إن لم نقل بكونه أدقّ وأقوى منه، فلا أقلّ من كونه مساوياً له فيما وفّقه اللّه تعالى من البحث والتحقيق في المسائل الفقهية والاُصولية وغيرهما من علوم الدين، عقليها ونقليها، كيف وهو في أعلى مراتب التحقيق والتدقيق، وفي أوسع مجال التتبّع والتفحّص، ويكفيك شاهداً على هذا الأمر ملاحظة مثل البحث في نجاسة الخمر وطهارته (كتاب الطهارة، الإمام الخميني 3: 172 ـ 196) المورد للاختلاف بينه وبين المقدّس الأردبيلي(قدس سرهما) وملاحظة بحثه في الغناء والغيبة (المكاسب المحرّمة، الإمام الخميني 1: 198 و245) والعصير العنبي، (كتاب الطهارة، الإمام الخميني 3: 93) لاسيّما بحثه في الأخير عن مسألة أصحاب الإجماع، وبحثه الرجالي التتبّعي، وإلى بحثه الاُصولي في الفرق بين التكاليف القانونية والشخصية، والفرق بين العامّ والمطلق، وفي تعلّق الأحكام بالطبائع من حيث هي لا بالأفراد ولا بالطبيعة الملحوظة معها الاُمور المقارنة لها، من دون التقييد لا بوجودها ولا بعدمها، وعدم التحريف في الكتاب، وغيرها ممّا يكون موجوداً في تأليفاته وتقريراته على الكثرة، وليس هذا لهما(قدس سرهما) إلاّ من فضل ربّهما، ومن بركات المجاورة بقبر باب العلم والحكمة، وأزهد الزاهدين، وأشكر الشاكرين أميرالمؤمنين عليه سلام اللّه وسلام ملائكته وأنبيائه ورسله أجمعين، ومن يريد مدينة العلم فليأتها من بابها، وهما كذلك، وإن كانا متفاوتين في مدّة المجاورة والسكونة في النجف الأشرف المشرّف. [3] ـ مرّ عدم التفاوت في دية الأطراف للمرأة كالرجل، وأنّ ديات أطرافها متساوية مع ديات أطراف الرجل فيما بعد الثلث كقبله. وعليه فلا ردّ في القصاص; لابتنائه على التفاوت، فبانتفائه ينتفي الردّ، كما لايخفى. [4] ـ عدم الشرط الزائد في المقام غير التساوي في المحلّ، كما يأتي هو الأقوى. وعليه فتقطع اليد الصحيحة بالشـلاّء مع ردّ التفاوت، كما أنّ للمجني عليه أخذ التفاوت في قطع الشـلاّء بالصحيحة; قضاءً لصدق القصاص، وللمجني عليه فيهما أخذ الدية أيضاً. وبذلك يظهر حكم البذل، مع أنّه على عدم الجواز الظاهر الجواز مع البذل; لظهور مثل آية الاعتداء في كون عدم الزيادة رعايةً لحال الجاني، فتدبّر جيّداً. [5] ـ والأشبه القصاص مع ردّ ما به التفاوت بين الشلل والصحيح. [6] ـ وجيه. ومن ذلك يظهر حكم المسائل الآتية. [7] ـ بل هو الأقرب; لأنّه الموافق للقواعد. [8] ـ وإن كان تقديم قول المباشر بيمينه لايخلو عن قوّة، كما مرّ. [9] ـ الظاهر وقوع السهو في التعبير بكلمة «أصغر» في هذا الفرع، وكلمة «أكبر» في تاليه، والحقّ العكس، ومعه يصحّ ما في المتن من الحكمين، والسهو لعلّه في النسخة أو الاستنساخ، والأمر سهلٌ بعد وضوح السهو. [10] ـ إلاّ فيما لم يكن المماثل من اليمنى أو اليسرى موجوداً، كما مرّ. [11] ـ الظاهر عدم الضعف فيها وتكون حجّة، وذلك مضافاً إلى انجباره بعمل الأصحاب، كما يشهد عليه إجماع الخلاف مع التأمّل فيه، أنّه ليس في السند ما يوجب الضعف، إلاّ غياث بن كلوب الذي ادّعى الشيخ في «العدّة» عمل الطائفة بأخباره، وهو كاف في اعتبار حديثه، وأمّا غيره ممّن كان في السند فالذين قبله عدول، والذين بعده مشتركون بين الثقة والموثّق، فإنّ إسحاق بن عمّار الصيرفي ثقة والساباطى موثّق. (العدّة 1: 380) [12] ـ بل لايبعد القصاص على ما بيّن في شرح المسألة في كتاب القصاص من «فقه الثقلين». (فقه الثقلين في شرح تحرير الوسيلة، كتاب القصاص: 615) [13] ـ بل الظاهر القصاص، كما مرّ. [14] ـ المعيار فيه المساحة; حيث إنّ القصاص في الأطراف بالأسماء وفي غيرها بالمساحة. [15] ـ لابأس به بعد توقّف صدق القصاص عليه. [16] ـ بل وإن وصل أيضاً. [17] ـ إلاّ مع فقد المماثل، كما مرّ في نظائره. [18] ـ بل الأوجه; لكون النابت هبة من اللّه تعالى ولا ارتباط له بالمقلوع المثغر عرفاً، وقياسه بغير المثغر كما ترى. وبذلك يظهر عدم لزوم الاحتياط بعدم القصاص، وأنّه لامحيص عنه. [19] ـ لكنّ المبنى غير تامّ، كما مرّ، فالقصاص ثابت وليس عليه الغرامة، كما أنّ الدية لاتستعاد أيضاً; لما مرّ من أنّ النابت هبة جديدة من اللّه تعالى. [20] ـ بل له القطع مع ردّ الأرش، تحقّقاً للقصاص والمماثلة، فإنّ في الجروح قصاص، كما مرّ. [21] ـ بل بالمساحة. [22] ـ إلاّ مع فقد المماثل، كما مرّ. [23] ـ إلاّ مع ردّ الأرش وله القطع معه. [24] ـ مع التعزير، فإنّه الواجب في ارتكاب الحرام، والدية بابها باب الضمان وجبران الخسارة.
|