|
الثالث من اللواحق : في الجناية على الحيوان
وهي باعتبار المجنيّ عليه ثلاثة أقسام : الأوّل : ما يؤكل في العادة كالأنعام الثلاثة وغيرها ، فمن أتلف منها شيئاً بالذكاة لزمه التفاوت بين كونه حيّاً وذكيّاً ، ولو لم يكن بينهما تفاوت فلا شيء عليه وإن كان آثماً ، ولو أتلفه من غير تذكية لزمه قيمة يوم إتلافه ، والأحوط([1]) أعلى قيمتي يوم التلف والأداء ، ولو بقي فيه ما ينتفع به ، كالصوف والوبر وغيرهما ممّا ينتفع به من الميتة ، فهو للمالك ، ويوضع من قيمة التالف التي يغرمها . (مسألة 1) : ليس للمالك دفع المذبوح ـ لو ذبح مذكّاة ـ ومطالبة المثل أو القيمة ، بل له ما به التفاوت . (مسألة 2) : لو فرض أنّه بالذبح خرج عن القيمة فهو مضمون كالتالف بلاتذكية . (مسألة 3) : لو قطع بعض أعضائه أو كسر شيئاً من عظامه مع استقرار حياته ، فللمالك الأرش ، ومع عدم الاستقرار فضمان الإتلاف . لكن الأحوط فيما إذا فقئت عين ذات القوائم الأربع أكثر الأمرين من الأرش وربع ثمنها يوم فُقئت ، كما أنّ الأحوط في إلقاء جنين البهيمة أكثر الأمرين ; من الأرش وعشر ثمن البهيمة يوم ألقت . الثاني : ما لايؤكل لحمه لكن تقع عليه التذكية كالسباع ، فإن أتلفه بالذكاة ضمن الأرش . وكذا لو قطع جوارحه وكسر عظامه مع استقرار حياته . وإن أتلفه بغير ذكاة ضمن قيمته حيّاً يوم إتلافه ، والأحوط أكثر الأمرين من القيمة يوم إتلافه ويوم أدائها . ويستثنى من القيمة ما ينتفع به من الميتة كعظم الفيل . (مسألة 4) : إن كان المتلف ما يحلّ أكله لكن لايؤكل عادة ـ كالخيل والبغال والحمير الأهلية ـ كان حكمه كغير المأكول . لكن الأحوط في فقء عينها ما ذكرنا في المسألة الثالثة . (مسألة 5) : فيما لايؤكل عادة لو أتلفه بالتذكية لايعتبر لحمه ممّا ينتفع به ، فلايستثنى من الغرامة . نعم لو فرض أنّ له قيمة كسنة المجاعة تستثنى منها . الثالث : ما لايقع عليه الذكاة ، ففي كلب الصيد أربعون درهماً . والظاهر عدم الفرق بين السلوقي وغيره ، ولابين كونه معلّماً وغيره . وفي كلب الغنم عشرون درهماً ، وفي رواية : كبش ، والأحوط الأخذ بأكثرهما . والأحوط في كلب الحائط عشرون درهماً . وفي كلب الزرع قفيز من برّ عند المشهور ـ على ما حكي ـ وفي رواية : جريب من برّ ، وهو أحوط([2]) . ولايملك المسلم من الكلاب غير ذلك ، فلا ضمان بإتلافه . (مسألة 6) : كلّ ما لايملكه المسلم كالخمر والخنزير لا ضمان فيه لو أتلفه ، وما لم يدلّ دليل على عدم قابليّته للملك يتملّك لو كان له منفعة عقلائيّة ، وفي إتلافه ضمان الإتلاف كما في سائر الأموال . (مسألة 7) : ما يملكه الذمّي ـ كالخنزير ـ مضمون بقيمته عند مستحلّيه ، وفي الجناية على أطرافه الأرش . فروع : الأوّل : لو أتلف على الذمّي خمراً أو آلة من اللهو ونحوه ـ ممّا يملكه الذمّي([3]) في مذهبه ـ ضمنها المتلف ولو كان مسلماً . ولكن يشترط في الضمان قيام الذمّي بشرائط الذمّة ، ومنه الاستتار في نحوها ، فلو أظهرها ونقض شرائط الذمّة فلا احترام لها ، ولو كان شيء من ذلك لمسلم لايضمنه الجاني متجاهراً كان أو مستتراً . (مسألة 1) : الخمر التي تتخذ للخلّ محترمة لايجوز إهراقها ، ويضمن لو أتلفها . وكذا موادّ آلات اللهو والقمار محترمة ، وإنّما هيئتها غير محترمة([4]) ولا مضمونة ، إلاّ أن يكون إبطال الهيئة ملازماً لإتلاف المادّة ، فلا ضمان حينئذ . (مسألة 2) : قارورة الخمر وكذا سائر ما فيه الخمر محترمة ، ففي كسرها وإتلافها الضمان ، وكذا محالّ آلات اللهو ومحفظتها . الثاني : إذا جنت الماشية على الزرع في الليل ضمن صاحبها ، ولو كان نهاراً لم يضمن .([5]) هذا إذا جنت الماشية بطبعها . وأمّا لو أرسلها صاحبها نهاراً إلى الزرع فهو ضامن . كما أنّ الضمان بالليل ثابت في غير مورد جري الأمر على خلاف العادة ، مثل أن تخرب حيطان الربض بزلزلة وخرجت الماشية أو أخرجها السارق فجنت ، فالظاهر في الأمثال والنظائر لا ضمان على صاحبها . الثالث : دية الكلاب بما عرفت دية مقدّرة شرعيّة ، لا أنّها قيم([6]) في زمان التقدير ، فحينئذ لايتجاوز عن الدية ولو كانت قيمتها أكثر أو أقلّ . (مسألة 3) : لو غصبها غاصب فإن أتلفها بعد الغصب فليس عليه إلاّ الدية المقدّرة . واحتمال أنّ عليه أكثر الأمرين منها ومن قيمتها السوقيّة غير وجيه . وأمّا لو تلفت تحت يده وبضمانه فالظاهر ضمان القيمة السوقيّة ـ لا الدية المقدّرة ـ على إشكال ، كما أنّه لو ورد عليها نقص وعيب فالأرش على الغاصب . (مسألة 4) : لو جنى على كلب له دية مقدّرة فالظاهر الضمان ، لكن تلاحظ نسبة الناقص إلى الكامل بحسب القيمة السوقيّة ، فيؤخذ بالنسبة من الدية ، فلو فرض أنّ قيمته سليماً مائة دينار ومعيباً عشرة دنانير ، يؤخذ عشر ما هو المقدّر . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ فيما لم يكن معدّاً للتجارة، وإلاّ فالأقوى فيه أعلى القيم من يوم الغصب إلى يوم الأداء. [2] ـ ولايخفى عليك أنّ مقتضى الجمع بين الأخبار الدالّة على الدية في الكلب ممّا ذكر في المتن وبين موثّق السكوني الدالّ على التقويم، أنّ الدية كانت بما أنّه قيمة للكلاب في زمن صدور الأخبار، لا أنّها دية تعبّدية. وعلى هذا فالمعيار في الكلب مطلقاً ـ وإن لم يكن مورداً لتلك الأخبار ـ القيمة المختلفة بحسب الأزمنة والأمكنة. [3] ـ بل المناط في الضمان حرمة المال، وإن كان الصاحب كافراً غير ذمّيّ. وعلى هذا فما في عبارة الماتن من قوله: «يشترط» فيه المسامحة على المختار; لأنّ نقض شرائط الذمّة يكون رافعاً للضمان لا أنّ عدمه شرط، فتدبرّ جيّداً . [4] ـ فيما كانت معدّة لاستفادة الحرام منها. [5] ـ مرّ الكلام في ذلك في كتاب الغصب، فراجع. [6] ـ بل بما أنّها قيم، كما مرّ.
|