|
ومنها: أعمال البنوك
(مسألة 1) : لا فرق في البنوك وأنواعها من الداخليّة والخارجيّة والحكوميّة وغيرها في الأحكام الآتية ، ولا في أنّ ما يؤخذ منها محلّل يجوز التصرّف فيها ، كسائر ما يؤخذ من ذوي الأيادي من أرباب التجارات والصناعات وغيرها ، إلاّ مع العلم بحرمة ما أخذه أو اشتماله على حرام . وأمّا العلم بأنّ في البنك أو في المؤسّسة الكذائية محرّمات ، فلايؤثّر في حرمة المأخوذ وإن احتمل كونه منها . (مسألة 2) : جميع المعاملات المحلّلة ـ التي لو أوقعها مع أحد المسلمين كانت صحيحة ـ محكومة بالصحّة لو أوقعها مع البنوك مطلقاً حكوميّة كانت أو لا ، خارجيّة أو داخليّة . (مسألة 3) : الأمانات والودائع التي يدفعها أصحابها إلى البنوك إن كانت بعنوان القرض والتمليك بالضمان لا مانع منه ، وجاز للبنك التصرّف فيها ، ويحرم قرار النفع([1]) والفائدة ، كما يحرم إعطاء تلك الفوائد وأخذها ، ومع الإتلاف أو التلف يكون الآخذ ضامناً للفوائد وإن صحّ القرض . (مسألة 4) : لا فرق في قرار النفع بين التصريح به عند القرض وبين إيقاعه مبنيّاً عليه ، فلو كان قانون البنك إعطاء النفع في القرض وأقرضه مبنيّاً على ذلك كان محرّماً . (مسألة 5) : لو فرض في مورد لايكون الاقتراض والقرض بشرط النفع ، جاز أخذ الزيادة بلا قرار . (مسألة 6) : لو كان ما يدفعه إلى البنك بعنوان الوديعة والأمانة ، فإن لم يأذن في التصرّف فيها لايجوز للبنك ذلك ، ولو تصرّف كان ضامناً ، ولو أذن جاز ، وكذا لو رضي به . وما يدفعه البنك إليه حلال على الصورتين إلاّ أن يرجع الإذن في التصرّف الناقل إلى التملّك بالضمان ، فإنّ الزيادة المأخوذة مع قرار النفع حرام وإن كان القرض صحيحاً ، والظاهر أنّ الودائع في البنك من هذا القبيل ، فما يسمّى وديعةً وأمانةً قرضٌ واقعاً ، ومع قرار النفع تحرم الفائدة . (مسألة 7) : الجوائز التي يدفع البنك ـ تشويقاً للإيداع والقرض ونحوهما ـ إلى من تصيبه القرعة المقرّرة ، محلّلة لا مانع منها ، وكذا الجوائز التي تعطيها المؤسّسات بعد إصابة القرعة للتشويق وجلب المشتري ، وكذا ما يجعله صاحب بعض المؤسّسات ضمن بعض أمتعته تشويقاً وتكثيراً للمشتري ، فإنّ كلّ ذلك حلال لا مانع منه . (مسألة 8) : قيل : من أعمال البنك الاعتمادات المستنديّة ، والمراد منها : أن يتمّ عقد بين تاجر وشركة ـ مثلاً ـ في خارج البلاد على نوع من البضاعة ، وبعد تماميّة المعاملة من الجهات الدخيلة فيها ، يتقدّم التاجر إلى البنك ويطلب «فتح اعتماد» ، ويدفع إلى البنك قسماً من قيمة البضاعة ، ويقوم البنك بعد ذلك بدفع القيمة تامّة إلى الشركة ويتسلّم البضاعة ، وتسجّل باسم البنك من حين التصدير ، وعند وصولها إلى المحلّ يخبر البنك مالكها بالوصول ، وتحوّل البضاعة من اسم البنك إلى اسم مالكها ، بعد أن يدفع ما دفعه البنك إلى الشركة ممّا بقي من قيمة البضاعة ، ويتقاضى البنك عن هذه العمليّة عمولةً مقطوعة إزاء خدماته ، وفائدةً على المبلغ الباقي طيلة الفترة الواقعة بين يوم تسليمه إلى الشركة إلى يوم تسلّمه من صاحب البضاعة . ثمّ إن دفع التاجر ما بقي من القيمة وما يتقاضى البنك يسلّمها إيّاه ، وإلاّ فيتصدّى لبيع البضاعة واستيفاء حقّه ، فهل ما يأخذه البنك من الزيادة جائز حلال أم لا ؟ أو ما يأخذه بإزاء خدماته من التسجيل والتسلّم والتسليم ونحو ذلك جائز ، وما أخذه بعنوان الفائدة لتأخير ثمنه حرام ؟ الظاهر الأخير إذا كان ما يدفع البنك إلى الشركة ـ أداءً لدين صاحب البضاعة ـ قرضاً له ، كما أنّ الظاهر كذلك في الخارج ، وكذا لو كان ما يدفعه البنك أداءً لدينه ، فيصير صاحب البضاعة مديوناً له ، ويأخذ مقداراً لأجل تأخير دينه ، فإنّه حرام([2]) . وأمّا تصدّي البنك لبيع البضاعة مع الشرط في ضمن القرار ، فلا مانع منه ; لرجوع ما ذكر إلى توكيله لذلك ، فيجوز الشراء منه . (مسألة 9) : من أعمال البنوك ونحوها الكفالة : بأن يتعهّد شخص لآخر بالقيام بعمل كبناء قنطرة ـ مثلاً ـ ويتعهّد البنك أو غيره للمتعهّد له بكفالة الطرف ـ أي المتعهّد ـ وضمانه ; بأن يدفع عنه مبلغاً لو فرض عدم قيامه بما تعهّد للمتعهّد له ، ويتقاضى الكفيل ممّن يكفله عمولة بإزاء كفالته ، والظاهر صحّة هذه الكفالة الراجعة إلى عهدة الأداء عند عدم قيام المتعهّد بما تعهّد ، وجواز أخذ العمولة بإزاء كفالته أو بإزاء أعمال اُخر من ثبت الكفالة ونحوها ، وإذا كانت الكفالة بإذن المتعهّد جاز له الرجوع إليه لأخذ ما دفعه ، وليس للمتعهّد أن يمتنع منه . (مسألة 10) : من أعمالها الحوالات ، وقد يطلق عليها : صرف «البرات» ، فإن دفع شخص إلى البنك أو التاجر مبلغاً معيّناً في بلد ، ويحوّله البنك ـ مثلاً ـ إلى بنك بلد آخر ، ويأخذ البنك منه مبلغاً معيّناً بإزاء تحويله ، فلا إشكال فيه بيعاً كان أو قرضاً ، وكذا لو كان الأخذ بعنوان حقّ العمل ، وإن أراد أن يأخذ من البنك أو نحوه مبلغاً معيّناً ، ويحوّله البنك على تسلّم المبلغ من بنك في بلد آخر ، ويأخذ البنك منه مبلغاً معيّناً ، فإن كان ذلك القرار بيع مبلغ بمبلغ أزيد ليحوّله إلى البنك صحّ ، ولا إشكال فيه بشرط أن لايكون هذا وسيلة للفرار من الربا القرضي ، وكذا إن كان قرضاً ، لكن لم يشترط الزيادة ، بل أخذها بعنوان حقّ العمل مع عدم كونه فراراً من الربا . وأمّا إن كان قرضاً بشرط الزيادة فهو حرام ; وإن كان القرض مبنيّاً على الزيادة ، وكان الشرط ارتكازيّاً غير مصرّح به ، ولكن القرض صحيح . (مسألة 11) : الصكوك «چك» البنكيّة كالأوراق التجاريّة لا ماليّة لها ، بل هي معبّرة عن مبلغ معيّن في البنك ، ولايجوز بيعها وشراؤها في نفسها . نعم الصكّ الذي يسمّى في إيران بالصكّ التضميني «چك تضميني» ، يكون من الأوراق النقديّة كالدينار والإسكناس ، فيصحّ بيعه وشراؤه ، ومن أتلفه ضمن لمالكه كسائر الأموال ، ويجوز بيعه بالزيادة ، ولا ربا فيه إلاّ إذا جعل البيع وسيلة للتخلّص عن الربا القرضي . (مسألة 12) : أعمال البنوك الرهنيّة : إن كانت إقراضاً إلى مدّة بالنفع المعيّن وأخذ الرهن مقابله ، وشرط بيع المرهون وأخذ ماله لو لم يدفع المستقرض في رأس أجله ، يصحّ أصل القرض والرهن ، ويبطل اشتراط النفع والزيادة ، ولايجوز أخذها([3]) . نعم يجوز الأخذ لو كان بعنوان حقّ العمل إذا لم يكن حيلة للتخلّص من الربا([4]) . وإن كانت من قبيل بيع السلف ; بأن باع الطالب مائتين سلفاً بمائة حالاًّ ، واشترط المشتري عليه ـ ولو بنحو الشرط الضمني الارتكازي ـ وثيقةً ، وكونه وكيلاً في بيعها عند التخلّف وأخذ مقدار حقّه ، فلايصحّ البيع ولا الرهن ولا الوكالة([5]) . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ بما أنّ الحرمة في المسألة وأشباهها في المسائل الآتية إنَّما تكون من جهة حرمة الربا والقرض بشرط الزيادة، فالتفصيل المختار في حرمة الربا القرضيّ آت فيها، كما لايخفى، فتدبّر جيّداً. [2] ـ إلاّ مع الشرط في ضمن العقد، حيث إنّ ما يسمّى بخسارة تأخير التأدية وإن كانت حراماً في حدّ نفسه; لكونه أكلاً للمال بالباطل، بل ولكونه رباً محرّماً في بعض الصور، لكنّها مع الشرط تصير حلالاً; قضاءً لعموم الشروط، وعدم كونه قرضاً ربويّاً، لعدم كون المديون ملزماً بالزيادة بالشرط، فله الأداء في الموعد من دون التأخير، ومن دون الزيادة. [3] ـ من جهة حرمة الربا القرضي. [4] ـ المحرّم على ما مرّ تفصيله. [5] ـ لكونه حيلة للفرار من الربا المحرّم.
|