|
خاتمة :
لو وُفّق البشر للسفر إلى بعض السيّارات والكرات تحدث عند ذلك مسائل شرعيّة كثيرة سيأتي الفقهاء ـ أعلى الله كلمتهم ـ بكشف معضلاتها ، ولابأس بإشارة إجماليّة إلى بعض منها : (مسألة 1) : يصحّ التطهير ـ حدثاً وخبثاً ـ بمائها وصعيدها ، بعد صدق الماء والتراب والحجر ونحوها عليها ، وتصحّ السجدة على أرضها وما ينبت منها . (مسألة 2) : تختلف الأوزان فيها اختلافاً فاحشاً حسب ضعف الجاذبة وقوّتها ، ففي القمر لمّا كانت الجاذبة أضعف من جاذبة الأرض ، تكون الأجسام مع الاتّحاد في المساحة مختلفة في الوزن في الكرتين ، فالكرّ بحسب المساحة يكون في الأرض موافقاً للوزن المقدّر تقريباً ، وفي كرة القمر تكون تلك المساحة أقلّ من عشر الوزن المقدّر ، فلو اعتبرنا في القمر الوزن تكون مساحته أضعاف المساحة المقدّرة ، فهناك يكون الاعتبار بالمساحة لا الوزن ، ولو قيس بين المساحة والوزن في كرة تكون جاذبتها أضعاف الأرض ربما يكون شبران من الماء بمقدار الوزن المقدّر ، فالاعتبار بالمساحة فيها لا الوزن ، فينفعل الماء الذي وزنه بمقدار الكرّ في الأرض . ويمكن الاعتبار هناك بالوزن ، لكن يوزن بالكيلوات الأرضيّة حسب جاذبة تلك الكرة ، فيوافق مع المساحات تقريباً . وفيما يعتبر فيه الوزن فقط كالنصاب في الغلاّت الأربع ، يحتمل أن لايتغيّر حكمه ولو تغيّرت مساحته ، فالحنطة يلاحظ نصابها المقدّر ; ولو صار كيلها في كرة القمر أضعاف كيلها في الأرض ، وفي المشتري ـ مثلاً ـ عشر كيلها في الأرض . ولو أتى زمان على الأرض ضعفت جاذبتها فالحكم كما ذكر ، ويحتمل أن يكون الاعتبار بالكيلوات أو الأمنان الأرضية ، لكن بجاذبة تلك الكُرات أو الأرض بعد ضعف جاذبتها . (مسألة 3) : لو وجد هناك ما تعلّقت به الزكاة والخمس ـ كالغلاّت الأربع والأنعام الثلاثة والنقدين ، وكالمعادن والكنوز وأشباههما ـ جرت عليها الأحكام الشرعيّة . ولو وجدت معادن وكنوز من غير جنس ما في الأرض تعلّق بها الخمس ، وأمّا لو وجدت حبوب أو أنعام غير ما هاهنا لم تتعلّق بها الزكاة . ولو وجد ما تعلّق به الزكاة هناك أو هاهنا بغير الطريق العادي ، كما لو وجدت الأنعام بطريق الصنعة وكذا الغلاّت المصنوعيات والنقدان المصنوعيان تعلّق بها الزكاة بعد صدق العناوين . (مسألة 4) : لو وجد هناك إنسان يعامل معه معاملة الإنسان في الأرض ، ولو كان الموجودات هناك بأشكال اُخر لكن كانوا عاقلين مدركين ، فكذلك يعامل معهم معاملة الإنسان حتّى جازت المناكحة معهم ، وجرت عليهم جميع التكاليف الشرعيّة والأحكام الإلهيّة . ولو كان أشبارهم على خلاف أشبارنا يكون الميزان في مساحة الكرّ أشبارنا ، وكذا في الذراع . ومع اختلافهم في عدد الأيدي والأرجل والأصابع معنا تختلف أحكامهم في باب الوضوء والديات والقصاص وغيرها . (مسألة 5) : يجب في الصلاة هناك استقبال الأرض ، وباستقبالها يحصل استقبال القبلة ، ولمّا كانت في حركتها الدوريّة : تارة في جانب من الأرض ، واُخرى في جانب آخر منها ، تختلف صلواتهم ; فربما تكون صلاة الظهرين إلى المشرق والمغربين إلى المغرب وبالعكس . وأمّا كيفيّة دفن موتاهم فيمكن أن يقال بوجوب الاستقبال حدوثاً ولو يتبدّل في كلّ يوم . وأمّا تكليف الصيام في القمر أو سائر الكرات فمشكل ، ولايبعد وجوبه في كلّ سنة شهراً مع الإمكان ، ولو أمكن انطباق شهرها مع شهر رمضان في الأرض يجب على الأحوط . ولو انكسفت الشمس بالأرض أو بغيرها وجبت صلاة الآيات ، وهل في انخساف الأرض ـ أيضاً ـ صلاة ؟ فيه إشكال([1]) . والظاهر وجوبها للآيات المخوفة حتّى الزلزلة . والصلوات اليوميّة في تلك الكرات تابعة للزوال والغروب فيها ، والصوم من طلوع الفجر إلى الغروب مع الإمكان . (مسألة 6) : لو بلغ الأطفال هناك حدّ الرجال في سنة ـ مثلاً ـ فإن بلغوا بالاحتلام أو إنبات الشعر الخشن على العانة ، فلا إشكال في الحكم بالبلوغ وترتيب آثاره ، وأمّا سقوط اعتبار السنّ فمشكل وإن لايبعد إن علم أنّه بحدّ الرجال . ولو لم يبلغوا حدّ الرجال إلاّ بعد ثلاثين سنة ; بحيث علم أنّه طفل غير بالغ حدّ الرجال ، فالظاهر عدم الحكم بالبلوغ . وهكذا لو فرض أن الأطفال المصنوعيّة كذلك في طرفي القلّة والكثرة . وكذا لو أتى زمان أبطأ السير الطبيعي والرشد والبلوغ بجهات طبيعيّة ، كضعف حرارة الشمس وأشعتها ، أو أسرع بجهات طبيعيّة أو صناعيّة إلى غير ذلك من الأحكام الكثيرة التي ليست الآن محل ابتلائنا . ولو أتى زمان انهدم القمر قبل الأرض تحدث مسائل اُخر ، وكذا لو أبطأت حركة الأرض فتغيّر النهار والليل والفصول ، تحدث مسائل في كثير من أبواب الفقه ، ولو صحّ ما قيل من إمكان مخابرة الأجسام تحدث لأجلها أحكام اُخر أيضاً . -------------------------------------------------------------------------------- [1] ـ من انخساف الأرض، ومن عدم تحقّق الخسوف في القمر مثلاً، لكنّ الأصل البراءة.
|