|
مصباح 67 : في حكم وقوع النوم بعد الغسل الفعلي
ولو نام بعد الغسل أعاده ؛ لما رواه الكليني في الصحيح ، عن النضر ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يغتسل للإحرام ثمّ ينام قبل أن يحرم ، قال : « عليه إعادة الغسل »[1] . وعن عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الرجل ، يغتسل لدخول مكّة ثمّ ينام ، فيتوضّأ قبل أن يدخل ، أيجزئه ذلك أو يعيده ؟ قال : « لا يجزئه ؛ لأ نّه إنّما دخل بوضوء »[2] . وعن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : قال لي : « إن اغتسلت بمكّة ثمّ نمت قبل أن تطوف فأعد غسلك »[3] . ومورد هذه الأخبار وإن كان خصوص بعض الأغسال إلاّ أ نّ الأصحاب لم يفرّقوا بينها وبين غيرها من الأغسال الفعليّة ؛ لاتّحاد الوجه في الجميع ، كما يرشد إليه التعليل في صحيحة البجليّ[4] . وخالف ابن إدريس في أصل الحكم[5] ، فلم يثبت الإعادة مطلقاً ، تمسّكاً بإطلاق ما دلّ على إجزاء غسل اليوم ليومه والليل لليلته . وهو جيّد على أصله إن لم يثبت الإجماع على الإعادة قبله . ثمّ في النقض به[6] وطرد الحكم في غيره[7] قولان ، أقربهما الطرد دون النقض . أمّا النقض[8] فقد نصّ عليه ابن فهد في الموجز[9] والصيمري في شرحه[10] ، ويشعر به بعض العبارات في غسل الإحرام ، حيث إنّ فيها الإجزاء والاكتفاء بالغسل ما لم يَنَم[11] . وأطلق في المحرّر عدم انتقاض شيء من الأغسال بالحدث[12] . وفي التنقيح : « إ نّها تجامع الحدث ، فلا ينقضها الحدث إلاّ غسل الإحرام على قول» [13]. وفي نهاية الإحكام[14] ، والمنتهى[15] ، والنفليّة[16] ، والذكرى[17] ، الاقتصار على استحباب الإعادة ، وظاهره عدم النقض . وهو الأشبه ؛ للأصل ، والعمومات ، وما رواه الشيخ والصدوق في الصحيح ، عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام)عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ، ثمّ ينام قبل أن يُحرم ؟ قال : « ليس عليه غسل »[18] . ولا ينافي ذلك ما تقدّم من الأخبار المتضمّنة لإعادة الغسل ، فإنّها محمولة على الندب ، ولا يلزم منه النقض ، وقوله في صحيحة البجلي : « لا يجزئه ، لأ نّه إنّما دخل بوضوء »[19] يحمل على عدم الإجزاء عن كمال الفضل ، لضعف أثر الغسل بالنوم المتخلّل ، وإن بقي أثره في الجملة . وأمّا طرد الحكم في غير النوم : فهو خيرة المنتهى[20] ، ونهاية الإحكام[21] ، والنفليّة[22] ، والذكرى[23] ، والموجز[24] ، وشرحه[25] ، وحجّ الدروس[26] ، إلحاقاً لغير النوم من الأحداث به من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى ، وأخذاً بالتعليل المتقدّم في صحيحة البجلي[27] ، وهو الأقوى . وظاهر المبسوط[28] ، والمهذّب[29] ، والجامع[30] ، والتحرير[31] ، وغيرها[32] القصر على النوم ؛ فإنّ فيها الإجزاء بالغسل الأوّل ما لم ينم . وهو خيرة الإيضاح[33] ، وكشف اللثام[34] ؛ لظاهر الأخبار المتضمّنة لإجزاء غسل الليل إلى آخر الليل ، وغسل النهار إلى آخر النهار ، مع غلبة تخلّل الحدث في هذه المدّة . ويرد مثله في النوم ؛ فإنّه غالب خصوصاً في الليل . وتردّد العلاّمة في القواعد[35] ، وغيرُه في غيره[36] ، والوجه ما قدّمناه . -------------------------------------------------------------------------------- [1]. الكافي 4 : 328 ، باب ما يجزئ من غسل الإحرام و .... ، الحديث 3 ، وسائل الشيعة 12 : 329 ، [2]. الكافي 4 : 400 ، باب دخول مكّة ، الحديث 8 ، وسائل الشيعة 13 : 201 ، كتاب الحجّ ، أبواب مقدّمات الطواف ، الباب 6 ، الحديث 1 . [3]. الكافي 4 : 400 ، باب دخول مكّة ، الحديث 7 ، وسائل الشيعة 13 : 202 ، كتاب الحجّ ، أبواب مقدّمات الطواف ، الباب 6 ، الحديث 2 . [4]. وهو عبد الرحمن بن الحجّاج ، وقد تقدّمت صحيحته في الصفحة السابقة . [5]. السرائر 1 : 530 . [6]. أي : نقض الغسل بالنوم فقط . [7]. أي : طرد الحكم بالإعادة في غير النوم من النواقض . [8]. الظاهر أ نّ مراده أصل ناقضيّة الحدث لغسل الإحرام ولزوم الإعادة ، في قبال القول بعدم انتقاض الغسل بالحدث ، أو استحباب الإعادة ، وليس مراده انحصار النقض بالنوم . [9]. الموجز ( المطبوع ضمن الرسائل العشر ) : 54 . فإنّه أطلق القول بأ نّه « ينافيها الحدث الطارئ وإن كان أصغر » . [10]. كشف الالتباس 1 : 342 . [11]. أي : إنّ هذه العبارات مشعرة بأ نّ الحدث ـ مثل النوم ـ ناقض للغسل . [12]. لم يرد في المحرّر المطبوع بأيدينا ذكر للأغسال المندوبة . نعم ، إنّه قال في كتاب الحج من المحرّر : 205 : «يجزئ لو تأخّر جملة النهار أو الليل ما لم ينم أو يحدث » . [13]. التنقيح الرائع 1 : 129 . [14]. نهاية الإحكام 1 : 179 ، قال فيه : « ما كان للفعل يستحبّ أن يوقع الفعل عليه » . [15]. منتهى المطلب 10 : 206 . [16]. النفليّة ( المطبوعة مع الألفيّة ) : 69 . قال فيه: « وإعادة غسل الفعل إن أحدث قبله » . [17]. ذكرى الشيعة 1 : 202 . [18]. الفقيه 2 : 311 / 2546 ، باب التهيّؤ للإحرام ، الحديث 12 ، التهذيب 5 : 78 / 208 ، باب صفة الإحرام ، الحديث 16 ، وسائل الشيعة 12 : 330 ، كتاب الحجّ ، أبواب الإحرام ، الباب 10 ، الحديث 3 . [19]. أي : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، وقد تقدّمت في الصفحة 47 . [20]. منتهى المطلب 10 : 203 . [21]. نهاية الإحكام 1 : 179 . فإنّه أطلق القول بأ نّه لو أحدث استحبّ إعادته . [22]. النفليّة ( المطبوعة مع الألفيّة ) : 69 . [23]. ذكرى الشيعة 1 : 202 . [24]. الموجز ( المطبوع ضمن الرسائل العشر ) : 54 . قال فيه : « وللفعل ، كالإحرام ،والطواف و ... ، وينافي الحدث الطارئ وإن كان أصغر ، لا السابق وإن كان أكبر » . [25]. كشف الالتباس 1 : 342 . [26]. الدروس الشرعيّة 1 : 343 . [27]. تقدّمت في الصفحة 47 . [28]. المبسوط 1 : 314 . [29]. المهذّب 1 : 219 . [30]. الجامع للشرائع : 182 . [31]. تحرير الأحكام 1 : 567 . [32]. كما في قواعد الأحكام 1 : 418 . [33]. إيضاح الفوائد 1 : 285 . [34]. كشف اللثام 5 : 250 . [35]. قواعد الأحكام 1 : 418 . [36]. انظر : مسالك الأفهام 2 : 229 .
|