|
الوجه الخامس : إنّ العصير التمري يحرم بالغليان ، فكذا الزبيبي
أمّا الاُولى : فللأخبار الدالّة على تحريم التمر إذا غلى حتّى يذهب ثلثاه ، ويأتي ذكرها مفصّلة في البحث الثالث ، إن شاء اللّه [1]. وأمّا الثانية : فللإجماع المركّب ؛ فإنّ كلّ من قال بتحريم التمري قال بتحريم الزبيبي ، وكلّ من قال بحليّة الزبيبي قال بحليّة التمري ، ولا قائل بالفصل . ولذاترى أكثر المحلّلين قطعوا بالحلّ في العصير التمري ، وجعلوه في الزبيبي أصحّ القولين[2] ، وأ نّ الشهيدين[3] وغيرهما من المتأخّرين[4] إنّما نقلوا الخلاف في الزبيبي خاصّة ، بل قال الشهيد الثاني في شرح الرسالة : « ولا يلحق به[5] عصير التمر وغيره إجماعاً ، ولا الزبيب على أصحّ القولين »[6] . وأيضاً فإنّ الأصل في التحريم هنا عصير العنب ، فمتى حرم عصير التمر المباين له في الحقيقة حرم الزبيبي المشارك له فيها بطريق أولى . قال فخر المحقّقين (رحمه الله) في الإيضاح ، في تعليل حرمة التمري : « أ نّه إذا غلى صار كالعصير » وفي الزبيبي : « أنّ ماهيّته ماهيّة العنب ، فإذا غلى فهو العصير »[7] . وتحقيق ما ذكره أنّ الزبيب يفارق العنب بالجفاف ، فإذا نقع بالماء حتّى ارتوى وربّى عاد إلى ما كان عليه وإن لم يعد الاسم ، فإنّ التسمية ليست علّة باعثة للحكم ، وإن جعلت مناطاً له في الظاهر ، بل العلّة فيه إنّما هي الأسباب الأصليّة التي تدور معها التسمية غالباً . -------------------------------------------------------------------------------- [1]. لم يرد في المباحث الآتية ذكر لأدلّة تحريم التمر إذا غلى . [2]. مفاتيح الشرائع 2 : 87 . [3]. أمّا الشهيد الأوّل فنرى أنّه نقل الخلاف في التمري أيضاً في الدروس الشرعيّة 3 : 16 ـ 17 ، والشهيد الثاني نقل الخلاف في الزبيبي خاصة في الروضة البهيّة 7 : 321 ، وروض الجنان 1 : 439 . [4]. كالمحقّق الكركي في: رسالة وجيزة في فرض الصلاة (المطبوع ضمن رسائل المحقق الكركي 3 : ) 216 . [5]. أي : بعصير العنب . [6]. راجع: المقاصد العليّة : 464 ، وفيه : « ولا يلحق به عصير التمر وغيره حتّى الزبيب » . [7]. إيضاح الفوائد 4 : 512 .
|