|
ب. الربا القرضي
ب. الربا القرضي يقسّم الربا القرضي اليوم إلى قسمين مفترضين هما: الربا القرضي الاستهلاكي، والربا القرضي الإنتاجي الاستثماري. الربا الاستهلاكي: ويعني أنّ المقترض إنما يُقدم على الاقتراض بدافع الحاجة والأزمة المالية، بل قد يضطرّه العوز إلى تأخير تسديد ديونه مرات عدّة عن موعدها المحدّد، مما يؤدي إلى تضاعف مقدار الدين عليه عمّا كان اقترضه. والمستفاد من التفاسير والكتب الحديثية والتاريخية أن السائد زمان نزول الآيات القرآنية كان الربا الاستهلاكي، سواء شرطت الزيادة في بداية القرض، وهو ما يعبّر عنه الفقه الإسلامي: القرض بالشرط، أو كانت مقابلةً للتأخير في التسديد عن زمان دفع الدين أو تقسيطه، وبناءً عليه، يطالب المقرض المقترض بمبلغ إضافي عندما يحلّ موعد الدين دون أن يتمكّن الأخير من دفع المبلغ المستحقّ عليه. يقول القرآن الكريم في هذا المجال: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَة فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة)[البقرة: 280]، وهذا القانون القرآني مطابق تماماً للمعطيات العقلانية وما يفهمه العقلاء، من أنّه لابد من الإمهال في القرض حتى الحدود المتعارفة، فإذا لم يعمل المقرض عندها بهذا القانون الديني، بل طالب بالربا والزيادة فإنّه يكون مشمولاً للآيات والروايات المذكورة سلفاً، وهذا هو بالضبط ما نسمّيه: الربا الاستهلاكي. إلاَّ أنّ العصر الحديث جعلنا نتصوّر فرضيةً أخرى من المعاملات، ندر في الماضي وجود مثيل لها، بل تعدّ من مختصّات الحياة المتطوّرة المعاصرة، وهذه الفرضية التي غدت اليوم واقعاً، تتمثّل فى حاجة الرجل الغني المتموّل إلى رأسمال إضافي لاستثماره اقتصادياً، كأن يشيد به المجمّعات السكنية، أو يبني به المصانع والمعامل، أو يؤسّس مدجناً للحيوانات...، فهو يملك ـ حسب الفرض ـ مبلغاً كبيراً من المال، ويرى نفسه قادراً على إنجاز مثل هذه المشاريع الاقتصادية الضخمة، إلاّ أنّه يقترض مبلغاً من المال لإكمال رأسماله، غايته يشترط في قرضه هذا الربا والزيادة. ومثال ذلك، أن يحتاج متموّل إلى رأسمال تجاري يقدّر بمائتي مليون تومان، فيما لا يملك هو منه سوى مائةً وخمسين مليوناً، فيضطره ذلك إلى اقتراض خمسين مليوناً لمدّة عام، مقابل أن يهب مبلغاً للبنك أو المقرض. هذا النوع من الربا هو ما نسمّيه: الربا الإنتاجي الاستثماري، أي أنّ المال في هذا الربا يصرف في إطار دفع عجلة الاقتصاد وتنمية الإنتاج.
|