|
الاختلاف الثالث: الاختلاف في ضمان العاقلة
وهناك اختلاف هام آخر محتدم في ضمان العاقلة، وهو الخلاف المتمثّل بين الشيخ المفيد وأتباعه من جهة، والشيخ الطوسي وأتباعه من جهة أخرى. فقد سلك الشيخ المفيد ـ في بحث ضمان العاقلة ـ منهجاً منطقيّـاً جمع فيه بين العقل والنقل في كيفيّـة دفع الدية، قائلاً: إذا قامت البيّنة على الإنسان بأنّه قتل خطأ، ألزمت عاقلته الدية ـ على ما بيّناه ـ وترجع العاقلة على القاتل، فإن كان له مال أخذت منه ما أدّته عنه، وإن لم يكن له مال فلا شيء لها عليه.[1] أمّا النظريّـة التي يدّعيها الشيخ الطوسي، فلم يتمّ العثور على دليل لها،[2] بيد أنّ سلّار قد استحسنها،[3] وعمد العلّامة في “مختلف الشيعة” إلى التعريف بها على أساس الموازين الاجتهاديّـة الصحيحة، وقال: ولا بُعد فيه، بل فيه أيضاً الجمع بين المعقول والمنقول، فإنّ الإجماع لمّا دلّ على تضمين العاقلة، والعقل لمّا دلّ على أنّ العقوبة النتيجة أوّلاً: إنّ هذا الإجماع المدّعى إنّما هو إجماع مدركيّ فاقد للاعتبار، ولا يصلح للاحتجاج. وثانياً: كيف يمكن ادّعاء الإجماع على هذه المسألة التي كانت محطّ الكثير من الاختلافات منذ البداية؟ نعم، أقصى ما يمكن ادّعاء الإجماع عليه هو ضمان العاقلة في قتل الخطأ على نحو الإجمال، ونحن نوافق على ذلك، بيد أنّ الذي يقع مورداً للبحث والتأمل هو إطلاق هذا الضمان. ---------- [1]. المقنعة: 737. [2]. أنظر: الخلاف 5: 285، المسألة: 108. [3]. أنظر: المراسم العلويّـة: 239 [4]. مختلف الشيعة 9: 269، المسألة: 4.
|