|
كلمة الاُستاذ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الذي أنار سبيل الأنام بالعقول المضيئة والرسل الهادية بما أوحى الله إليهم من الشرع المبين، والصلاة والسلام من الله وملائكته وأنبيائه ورسله والمؤمنين جميعاً على الداعي إلى الله تعالى، السراج المنير، البشير النذير،([1]) المسمّى في كتابه الكريم بمحمّد([2]) وأحمد،([3]) الموصوف بالرحمة للعالمين،([4]) وعلى آله الطاهرين وعترته الحافظين لشريعته والهادين لطريقته والمبلّغين لسنّته والوارثين لجميع علومه وما نزل عليه من الأحكام والشرائع بالوحي والمفسّرين للقرآن والمبيّنين لمتشابهه والعاصمين لمحكمه، واللعن الدائم على أعدائهم أعداء الدين من اليوم إلى آخر الأيّام. أمّا بعد، فيقول العبد المحتاج إلى ربّه الكريم يوسف الصانعي ابن العالم المؤمن المتّقي المرحوم الشيخ محمّد علي الصانعي عفا الله عنهما: هذا الكتاب هو تنقيح وتهذيب وتنظيم لما ألقيته من المباحث في جمّ غفير من الأفاضل وعدّة من الأعلام أوّلاً: على نهج كتاب المكاسب لاُستاذ الفقهاء والمجتهدين الشيخ الأعظم الأنصاري(قدس سرّه) الذي هو من أعظم الكتب الفقهيّـة شأناً وأكثرها مادّة وأمتنها استدلالاً، ولذا صار هو المعوّل عليه في الدراسات الخارجيّـة عند البحث عن المعاملات، وثانياً: على نهج كتاب المكاسب المحرّمة لسيّدنا الاُستاذ الإمام الخميني (سلام الله علیه) الذي هو من أدقّ الكتب رأياً واستدلالاً وأكثرها تتبّعاً وتحقيقاً وأحسنها منهجاً ورشاداً. ولقد بذلت غاية جهدي وكمال وسعي للنظر فيما أفادهما(قدس سرّهما)من المسائل وأدلّتها وما أورد عليهما من النقض والإبرام، لا سيّما ما استفاده سيّدنا الاُستاذ (سلام الله علیه) في هذا المجال على قدر الطاقة وصرفت فيه أوقاتاً كثيرة في أيّام البحث وما بعدها من الأيّام، وقد طال النظر في بعض مباحثه إلى ساعة وساعتين بعد النصف من الليالي، بل قد طال النظر في بعض المسائل المهمّة لإجالة النظر والمداقّة في الأدلّة والفحص عمّا قيل أو يمكن أن يقال إلى طلوع الفجر، والمنّـة لله تعالى والتوفيق منه، فإنّـه لا مؤثّر في الوجود إلّا هو، وأشكره على توفيقه في النظر إلى الفقه ودراسة أحكام الإسلام الذي هو الطريق الوحيد لسعادة الناس، وأسال منه العفو عن قصور القلم والكلام، فإنّـه العفوّ الغفور الرحيم. وليعلم أنّ ما في الكتاب من السهو والخطأ فيرجع إليّ، وما كان فيه من إصابة الحقّ والدقّـة في البحث فالعمدة فيه هو من بركة ما استفدناه من محضر سيّدنا الاُستاذ (سلام الله علیه) وفي امتداد الجهود القيّمة العلميّـة والمساعي الكبيرة الفقهيّـة لكبار الفقهاء الماضين (قدّس الله أسرارهم وحشرنا الله معهم ومع مواليهم الأئمّة المعصومين(علیهم السلام)). ولا يخفى أنّ النقض والإبرام في مقام استنباط الأحكام وتخريج مرادات الشارع الأقدس؛ من الكتاب والسنّـة والعقل والإجماع بابه عندنا واسعٌ من زمن المعصومين(علیهم السلام) إلى زماننا هذا، بل إلى زمان حضور حجّة بن الحسن المهدي (روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء)، ولذا ترى فقهائنا قديماً وحديثاً يردّ بعضهم قول بعض بما عنده من الأدلّة، وليس هذا إلّا لغرض بيان أحكام الله تعالى وحفظه بما استفادوه من الأدلّة الشرعيّـة وإضافة تحقيق على تحقيق، ونسأل الله تعالى أن يجعل الكتاب كذلك، بلطفه ومَنّـه والحمدلله أوّلاً وآخراً.
يوسف الصانعي /قم المقدّسة 29 ذي الحجّـة الحرام 1433 ------------------ [1]. (يَا أَيُّهَا النَّبِیّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً). (الأحزاب (33): 45و46)؛ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً). (الفرقان (25): 56). [2]. (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِن رِّجَالِكُمْ وَلكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَیء عَلِيماً). (الأحزاب (33): 40). [3]. (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّی رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَیَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرَاً بِرَسُول يَأْتِی مِن بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هذَا سِحْرٌ مُبِينٌ). (الصفّ (61): 6). [4]. (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). (الأنبياء (21): 107).
|