|
أولويّـة إفراد البحث عن المكاسب بكتاب
الأمر الثاني: إنّ بعض الأعلام، كالشهيد (قدس سرّه) في الدروس([7])، والشيخ الأعظم(قدس سرّه)([8])، وسيّدنا الأستاذ (سلام الله علیه) ([9]) قد أفردوا البحث عن المكاسب بكتاب، وقد بحثوا فيه عن الأحكام الخمسة العارضة لعامّة المعاملات؛ من المكاسب المحرّمة والمكروهة والواجبة والمباحة والمندوبة، ثمّ ذكروا مباحث البيع في كتاب آخر يخصّه. وهو أولى ممّا صنعه الشهيد(قدس سرّه) في اللمعة([10])، والمحقّق في الشرائع([11])، والعلّامة في القواعد([12])، حيث عنونوا الكتاب بالمتاجر أو التجارة ورتّبوه على فصول، وقد بحثوا في الفصل الأوّل منه عن الأحكام الخمسة العارضة لعامّة المكاسب، وفي سائر الفصول عن المباحث الخاصّة بالبيع؛ لأنّ عنوان المتاجر أو التجارة عنوان عامّ يشمل جميع أنواع التكسّبات؛ من البيع والإجارة والجعالة والصلح والوكالة والمزارعة والمساقات وغيرها، فاختصاص البحث فيها عن البيع مع عموم العنوان غير مناسب. ولتوضيح ما قلنا لاحظ عبارة الروضة، وإليك نصّها، قال (قدس سرّه): المتاجر جمع متجر، وهو مفعل من التجارة، إمّا مصدر ميميّ بمعناها كالمقتل، وهو هنا نفس التكسّب، أو اسم مكان لمحلّ التجارة، وهي الأعيان المكتسَب بها، والأوّل أليق بمقصود العلم، فإنّ الفقيه يبحث عن فعل المكلّف، والأعيان متعلّقات فعله، وقد أشار المصنّف إلى الأمرين معاً، فإلى الثاني بتقسيمه الأوّل([13])، وإلى الأوّل بقوله أخيراً: «ثمّ التجارة تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة»([14])، والمراد بها هنا التكسّب بما هو أعمّ من البيع، فعقد الباب بعد ذكر الأقسام للبيع خاصّة غير جيّد، وكان إفرادها بكتاب، ثمّ ذكر البيع في كتاب كغيره ممّا يحصل به الاكتساب، كما صنع في الدروس([15]) أولى.([16]) ---------------------- [7]. الدروس الشرعيّـة 3: 159 و191. [8]. راجع: كتاب المكاسب، وكتاب البيع للشيخ الأعظم (قدس سرّه). [9]. راجع: كتاب المكاسب المحرّمة، وكتاب البيع للإمام الخميني(سلام الله علیه). [10]. اللمعة الدمشقيّـة: 61 و 62. [11]. شرائع الإسلام 2: 2 و 7. [12]. قواعد الأحكام 2: 5 و16. [13]. وهو قوله(قدس سرّه): «الأوّل: ينقسم موضوع التجارة إلى محرّم ومكروه ومباح». (اللمعة الدمشقيّـة: 61). [14]. اللمعة الدمشقيّـة: 62.
|