|
الإشكال على مضمون الرواية
الجهة الثانية: البحث عن مضمون الرواية: ويلاحظ عليه أنّ قوله: «فوجه الحلال من الولاية، ولاية الوالي العادل الذي أمر الله بمعرفته وولايته، والعمل له في ولايته... وأمّا وجه الحرام من الولاية، فولاية الوالي الجائر وولاية ولاته...» إمّا راجع إلى زمان الغيبة، وإمّا إلى الأعمّ منها وزمان الحضور. فإن كان راجعاً إلى زمان الغيبة فله وجه على مبنى من قال: إنّ الولاية في زمان الغيبة لم يجعل لشخص حقوقيّ خاصّ، بل المطلوب هو إقامة الأمور العامّة، وإجراء النظم والانتظام والعدالة في المجتمع، من دون أن تكون مطلوباً من شخص خاصّ، لكنّـه مخالف لظاهر الرواية، حيث إنّ السؤال والجواب مطلق غير مقيّد بزمان الغيبة. وإن كان راجعاً إلى الأعمّ من زمان الغيبة والحضور فيشكل بأنّ ذلك مستلزم لما يخالف ضرورة المذهب، حيث إنّ الولاية في زمان حضور الأئمّة المعصومين(علیهم السلام) للوالي المعصوم، لا للوالي العادل. إن قلت: إنّ ولاية الوالي العادل، حيث قيّد بـ «الذي أمر الله بمعرفته وولايته»، تشمل ولاية الأئمّة المعصومين(علیهم السلام) أيضاً، فإنّ لولاية الوالي العادل الذي أمر الله بمعرفته مصداقين: أحدهما: ولاية الأئمّة المعصومين(علیهم السلام) في زمان الحضور، وثانيهما: ولاية الفقيه على مبنى، وولاية كلّ من تصدىّ لإقامة الأمور العامّة وإجراء النظم والعدالة في المجتمع على مبنى آخر. قلت: إنّـه لا يطلق على ولاية المعصومين(علیهم السلام) ولاية ولاة العادل، فإنّهم ولاة معصومون، هذا أوّلاً. وثانياً: إنّـه مخالف لسياق الرواية، حيث إنّ ما قاله بالنسبة إلى ولاية ولاة الجور راجع إلى زمان الغيبة فقط، ووحدة السياق والتقابل بين الفقرتين تقتضي كون ولاية الوالي العادل أيضاً راجعاً إلى زمان الغيبة فقط. وذلك لتعليل حرمة ولاية الوالي الجائر بـ «أنّ في ولاية الوالي الجائر دوس الحقّ كلّه، وإحياء الباطل كلّه، وإظهار الظلم والجور والفساد، وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء والمؤمنين، وهدم المساجد، وتبديل سنّـة الله وشرائعه»، ولازم هذا التعليل انتفاء المعلول؛ أي حرمة الوالي الجائر بانتفاء علّته؛ أي «دوس الحقّ كلّه، وإحياء الباطل كلّه...» مع أنّـه مخالف لضرورة المذهب، فإنّ المذهب قد استقرّ على أنّ الولاية في زمان الحضور للأئمّة المعصومين(علیهم السلام)، وأنّ كلّ من تقمّصها غيرهم في زمان الحضور فإنّـه غاصب وجائر، ومعونته حرام ومعصية، وإن قام ذلك الغير بإحياء الحقّ، ودوس الباطل، وإظهار العدل والقسط والصلاح، فإنّهم المنصوبون لها بالخصوص، فإنّ الشارع الأقدس رأى المصلحة في ولايتهم(علیهم السلام) بالخصوص في زمان الحضور حتّى يتمكّنوا، مضافاً إلى إجراء النظامات والسياسات والعدالة بين الناس، من تبيين ما أنزل الله تعالى للناس، وهدايتهم إلى ما هو صلاح لهم؛ لأنّ مدار الأمور القدرة والاقتدار، والناس على دين ملوكهم.
|