|
إشكال بعض الأعاظم والجواب عنه
ثمّ إنّ بعض الأعلام أشكل على الرواية، بأنّ التقسيم المذكور فيها لا يرجع إلى أمر محصّل، وذلك يكشف عن اضطرابها، فإنّ تربيع أقسام المعاملة المعاشيّـة بجعل كلّ واحد من الولايات والصناعات قسماً مستقلاً من تلك الأقسام في قبال التجارات والإجارات لا يسلم عن التكرار. أمّا الولايات، فمن حيث جواز ارتزاق الولاة من بيت المال تدخل تحت الإجارة المذكورة في الرواية، فلا تكون الولاية في مقابل الإجارة قسماً مستقلاً. وأمّا الصناعات، فإن كان المقصود منها الصناعات المصطلحة من البناية والخياطة والتجارة ونحوها، فمن الواضح أنّها ليست قسماً من المعاملات الشرعيّـة للإعاشة، وإنّما هي موضوع من الموضوعات، وإن كان النظر فيها إلى الطواري والعوارض من حيث إنّ من يتّصف بها إمّا أن يوجر نفسه للغير لأجل ما عنده من الصناعة، وإمّا أن يجعل ما يحصّله منها ثمناً أو مثمناً في البيع، فعلى الأوّل تدخل تحت الإجارة، وعلى الثاني تحت التجارة، فلا تكون وجهاً آخر في قبالها([54]). ويرد عليه: أنّـه يمكن أن يقال بتماميّـة التقسيم، وأنّ جعل الولايات والصناعات قسماً مستقلاً في مقابل التجارات والإجارات من الجهات الراقيّـة الجميلة والمحسّنة في هذه الرواية؛ لأنّ العقلاء قديماً وحديثاً يعدّون القوانين المقرّرة في الدول والحكومات لتوظيف العمّال والقضاة والقوّة النظاميّـة والعسكريّـة قسماً مستقلاً ممتازاً عن القوانين المقرّرة في الإجارات، فإنّ الإجارات وقوانينها قسم من القوانين المدنيّـة، وقوانين توظيفات الدوليّـة والعسكريّـة لا ربط له بالقوانين المدنيّـة ولا ينطبق على الإجارات، ولا يعتبر فيها ما يعتبر في الإجارة من معلوميّـة المورد والمدّة والأجرة، بل لها باب واسع لا يمكن إدراجها في الإجارة. وأمّا الصناعات، وإن كانت تنجرّ إلى الإجارة أو التجارة إحياناً في المرتبة المتأخّرة، إلّا أنّها في المرتبة المتقدّمة من الجهات المعاشيّـة مباشرة، فهي قسم مستقلّ في مقابل الإجارة والتجارة. ----------------------- [54]. مصباح الفقاهة 1: 23.
|