|
الإشكال في سند الرواية
والكلام فيها يقع في جهتين: في سندها وفي دلالتها: أمّا من جهة السند، فبما أنّ الكلام فيها هو الكلام في سند فقه الرضا، كما هو الواضح، فإنّ تلك الرواية جزء من ذلك الكتاب، من دون خصوصيّـة لها وحدها من حيث السند، فلابدّ للبحث في تلك الجهة من البحث في سند الكتاب. فنقول: إنّ الأصحاب من عصر المجلسيّين وما بعده من الأعصار اختلفوا في صحّته واعتباره وحجّيّته وعدمها على أقوال: الأوّل: القول بالصحّة، وأنّ جميع ما فيه أخبار صحيحة من الرضا (عليه الصلاة والسلام)، وهو المحكيّ عن المجلسي ووالده والشيخ البحراني صاحب الحدائق الناضرة ([71]). الثاني: القول بعدم الاعتبار، لا رواية ولا دراية، وهو لصاحب الوسائل، حيث عدّه من الكتب المجهولة([72])، ولصاحب الفصول، حيث قال في آخر البحث عنه: وبالجملة، فالتحقيق أنّـه لا تعويل على الفتاوى المذكورة فيه. نعم، ما فيه من الروايات فهي حينئذٍ بحكم الروايات المرسلة، لا يجوز التعويل على شيء ممّا اشتمل عليه، إلّا بعد الانجبار بما يصلح جابراً لها ([73]). ولصاحب تحفة الأبرار على المحكيّ عنه([74])، ولبعض السادة الأجلّة من العلماء، المعاصر لصاحب المستدرك على ما نقله فيه([75]). الثالث: اعتباره، لكونه بعينه رسالة عليّ بن بابويه إلى ولده الصدوق، المعروف بشرائعه، وهو المنقول في المستدرك عن البعض([76]). ثمّ إنّ كلاً من أصحاب الأقوال استدلّ لقوله بوجوه كثيرة وأطالوا الكلام فيها وفي نقضها وإبرامها، كما يظهر من المراجعة إلى المستدرك وغيره، إلّا أنّهم لم يأتوا بما يكون حجّة ودليلاً على اعتباره دراية وفتوىً، فضلاً عن كون ما فيه كلّها أخبار وأحاديث صحيحة عن الرضا(علیه السلام). كيف، وكلّ ما استدلّوا به على اعتباره دراية وفتوىً، أو رواية وحديثاً على تماميّته في حدّ نفسه، ليس بأزيد من وجوه اعتباريّـة ظنّيّـة غير معتبرة، وقد أجاد في عدم اعتباره صاحب الوسائل، حيث قال في آخر أمل الآمل: وعندنا أيضاً كتب لا نعرف مؤلّفيها، منها: كتاب إلزام النواصب بإمامة عليّ بـن أبي طالب، الفقـه الرضـويّ لا يعرف جامعـه وروايتـه، الطبّ الرضويّ كذلك([77]). وقال في كتاب الهداية: الثاني ما لم يثبت عندنا كونه معتمداً إلى الآن، فلذلك لم ننقل منه، فمنها كتاب الفقه الرضويّ، كتاب طبّ الرضا(علیه السلام) ([78]). حيث إنّ ما ذكره يرجع إلى أنّـه لم يعلم بعدُ كونه رواية أو دراية، وهو جيّد، والأجود منه أن يقال: إنّ كونه رواية، بعيدة جدّاً، بل مقطوع العدم، ولا يبعد كونه كتاباً فتوائيّـاً لشخص مجهول، أو المسمّى بعليّ بن موسى، وكون الرضا زيادة من النسّاخ؛ لاحتمال استنادهم إلى انصراف اللفظ إلى الكامل، ولاحتمال أخر. ثمّ إنّ الفصول لمّا حقّق الحقّ في البحث بأحسن وجه؛ لتعرّضه أدلّة الأقوال الثلاثة، والنقض والإبرام فيها، فلنكتف بما ذكره(رحمه الله)، ولننقل عبارته على تفصيله، ففيه الكفاية، قال(قدس سرّه): وأمّا الكتب المهجورة التي لم تشتهر انتسابها إلى الإمام(علیه السلام) ولا إلى مؤلّف معوّل عليه فلا يجوز التعويل عليها ما لم يعاضدها معاضد، بحيث يوجب الوثوق بها، فمن جملة هذه الكتب كتاب الفقه المنسوب إلى الرضا(علیه السلام)، وقد اعتمد عليه جماعة من متأخّري المتأخّرين، وهوكتاب ظهر في زمن المولى التقيّ المجلسي(قدس سرّه)، وأوّل من اطّلع عليه واستحسنه القاضي أمير حسين بن حيدر، وهو ابن بنت المحقّق الكركي، قال: جاء في بعض سني مجاورتي لبيت الله الحرام جماعة من أهل قم حاجّين ومعهم كتاب قديم كتب في زمن أبي الحسن الرضا(علیه السلام)، وكان في موضع منه خطّه(علیه السلام)، وكان على ذلك إجازة جماعة كثيرة من الفضلاء، بحيث حصل لي العلم العادّي بأنّـه تأليفه(علیه السلام) فاستنسخته وقابلته، ثمّ إنّـه جاء بالنسخة إلى أصبهان وعرضها على المجلسي وأخبره بالحال، وفي بعض عبارات الكتاب ما يدلّ على أنّـه تأليفه (علیه السلام)، ففي أوّله: «يقول عبدالله عليّ بن موسى الرضا(علیه السلام): أمّا بعد فإنّ أوّل ما افترض الله على عباده وأوجب على خلقه معرفة الوحدانيّـة...» إلخ، وفي باب الأغسال: «ليلة تسعة عشر من شهر رمضان الليلة التي ضرب فيها جدّنا أمير المؤمنين(علیه السلام)»، وفي باب غسل الميّت: «روى أبي، عن أبي عبدالله(علیه السلام)»، وفي كتاب الزكوة: «إنّي أروي عن أبي العالم»، وفي باب الربا بعد ذكر حديث اللؤلؤ: «وقد أمرني أبي ففعلت»، وفي موضع آخر: «وممّا نداوم به نحن معاشر أهل البيت»، وذكر في باب الغنائم والخمس بعد ذكر قوله تعالى: Cوَاعْلَموُا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ...B،([79]) الآيـة: «فتطوّل علينـا بذلك امتناناً منه ورحمة»، ويدلّ على ذلك أيضاً أنّ كثيراً من فتاوى الصدوقين مطابقة له في اللفظ وموافقة له في العبارة، لا سيّما عبارة الشرائع، وأنّ جملة من روايات الفقيه التي ترك فيها الأسناد موجودة في الكتاب، ومثله مقنعة المفيد، فيظنّ بذلك أنّ الكتاب المذكور كان عندهم وأنّهم كانوا يعوّلون عليه ويستندون إليه مع ما استبان من طريقة الصدوقين من الاقتصار على متون الأخبار ويراد لفظها في مقام بيان الفتوى، ولهذا عدّ الصدوق رسالة والده إليه من الكتب التي عليها المعوّل وإليها المرجع، وكان جماعة من الأصحاب يعملون بشرائع الصدوق عند إعواز النصّ، فإنّ الوجّه في ذلك ما ذكرناه. وأيضاً مأخذ جملة من فتاوى القدماء التي لا دليل عليها ظاهراً موجود فيه، فيظهر أنّـه كان مرجعهم في تلك الفتاوى ومستندهم فيها، فيسقط عنهم ما أورده المتأخّرون عليهم من عدم الدليل عليها، وأيضاً نقل بعض الأعاظم أنّـه وجد نسخة من هذا الكتاب بين الكتب الموقوفة على الخزانة الرضويّـة قد كتب عليها: أنّ الإمام عليّ بن موسى الرضا(علیه السلام) صنّف هذا الكتاب لمحمّد بن مسكين، وأنّ أصل النسخة وجدت في مكّة المشرّفة بخطّ الإمام(علیه السلام)، وكان بالخطّ الكوفيّ، فنقله المولى المحدّث ميرزا محمّد إلى الخطّ المعروف، ونقل عن بعض أجلاّء أصحابنا أنّـه قال في رجاله، الموضوع لذكر العلماء المتأخّرين عن الشيخ الطوسى(رحمه الله) ما لفظه: «السيّد الجليل محمّد بن أحمد بن محمّد الحسيني صاحب كتاب الرضا(علیه السلام) ثقـة». قال: والظاهر أنّ المراد بـكتاب الرضا(علیه السلام)، هو هذا الكتاب، وبكونه صاحبه انتهاء إجازة الكتاب إليه، وإلّا فهو من أصحابنا المتأخّرين الذين لم يدركوا أعصار الأئمّة(علیهم السلام). هذا، وممّا يبعّد كونه تأليفه(علیه السلام) عدم إشارة أحد من علمائنا السلف إليه في شيء من المصنّفات التي بلغت إلينا مع ما يرى من خوضهم في جمع الأخبار وتوغّلهم في ضبط الآثار المرويّـة عن الأئمّة الأطهار(علیهم السلام)، بل العادة قاضية بأنّـه لو ثبت عندهم مثل هذا الكتاب لاشتهر بينهم غاية الاشتهار، ولرجّحوا العمل بها على العمل بسائر الاُصول والأخبار؛ لما يتطرّق إليها من احتمال سهو الراوي، أو نسيانه، أو قصوره في فهم المراد، أو في تأدية المفهوم، أو تقصيره، أو تعمّد الكذب، لا سيّما مع تعدّد الوسائط وسلامة الكتاب المذكور عن ذلك، ولبعد ما فيه عن التقيّـة، بخلاف غيره، مع أنّ الصدوق قد جمع في كتاب العيون جميع ما وقف عليه من الأخبار والآثار المرويّـة عن الرضا(علیه السلام)، فلو كان قد عثر على الكتاب المذكور لنقله، ولو منعه عنه طول الكتاب لنبّه على وجوده واكتفى بذكر بعض صفاته، مضافاً إلى شواهد آخر في نفس الكتاب يؤكّد الظنّ بما ذكرناه: منها: أنّ أكثر عبارات الكتاب المذكور ممّا لا يشتبه بعبارة الإمام، كما لا يخفى لمن تأمّلها. ومنها: إكثاره من قول روي وأروي عن العالم، ورويت من العالم، وهذا ممّا لم يعهد في كلامه(علیه السلام) في غير الكتاب المذكور، ولا في كلام غيره من سائر الأئمّة(علیهم السلام). ومنها: اشتماله على نقل أخبار متعارضة في موارد عديدة من غير إشارة إلى طريق الجمع بينها، ولا إلى ما هو الحقّ منها والصواب، ولا إلى أنّـه ممّا يجوز الأخذ بكلّ منهما من باب التسليم، فيستفاد منه قاعدة كلّيّـة اُفيد من بيان ما هو المعتبر في خصوص الواقعة، وذلك كقوله: «فاغسل ثوبك منه»؛ يعني من الحيض ومن البول والمني، «قلّ أم كثر، وأعد منه صلاتك، علمت به، أو لم تعلم، وقد روي في المني إذا لم تعلم به من قبل أن تصلّي فلا إعادة عليك»، وكقوله: وروي في دم الدماميل يصيب الثوب والبدن أنّـه قال: «يجوز الصلاة فيه»، وروي: «أنّـه لا يجوز»، وكقوله في الأضحيّـة: «وتجزي البقرة عن خمسة»، وروي: «عن سبعة»، وروي: «أنّها لا تجزي إلّا عن واحد»، إلى غير ذلك. ومنها: أنّـه قال: في باب القدر سألت العالم(علیه السلام) أجبر الله العباد على المعاصي، فقال: «الله أعزّ من ذلك»، فقلت له: ففوّض إليهم، فقال: «هو أعزّ من ذلك»، فقلت له: فصف لنا المنزلة بين المنزلتين...»، إلخ، ولاخفاء في أنّ مثل هذا السؤال ممّا يبعد صدوره عن الإمام(علیه السلام). وأمّا الوجوه التي يتمسّك بها على أنّـه تأليفه(علیه السلام) ـ فمع ضعف بعضها في نفسه ـ غير صالحة لمعارضة ما قدّمناه؛ إذ قطع واجد النسخة بالخطوط التي شاهدها عليها بأنّـه من تأليفه(علیه السلام) موهون بتباعد العصر وعدم معهوديّـة خطّ أرباب تلك الخطوط وقرب أمر التدليس إليه، ولو سلّم، فوجود خطّه(علیه السلام) في موضع من الكتاب لا يوجب كون الكتاب بتمامه تأليفه، لا سيّما مع احتمال الإلحاق. وإجازة الرواية لا يوجب الاعتماد على الكتاب، كما يعرف من طريقتهم في الإجازة. وقوله في أوّل الكتاب: «يقول عليّ بن موسى الرضا(علیه السلام)، أمّا بعد...» إلى آخر الحديث غير صريح فيما ظنّ؛ لجواز أن يكون مؤلّف الكتاب قد سمع الحديث المذكور منه(علیه السلام)، أو وجده بخطّه فنقله عنه محافظاً على كلمة: «أمّا بعد»، الموجودة في كلامه(علیه السلام)؛ لمناسبتها لأوّل الكتاب، ولا يلزم التدليس؛ لذكره بعد ذلك ما يصلح قرينة على عدوله بعد ذلك الحديث إلى نقل أحاديث آخر بقوله: «ويروي عن بعض العلماء»، وقوله بعد ذلك: «وأروي». ونحو ذلك ممّا يدلّ على أنّ الإسناد المذكور مقصور على الحديث الأوّل. وقوله: «ضرب جدّنا» يحتمل أن يكون من تتمّة قول أبي عبدالله(علیه السلام)، المتقدّم ذكره، ولو سلّم كونه من كلام المؤلّف، فاللازم منه كونه علويّاً لا إماماً. وقوله: «روي أبي عن أبي عبدالله(علیه السلام)» لا دلالة له على كونه موسى بن جعفر؛ إذ لا يختصّ الرواية عنه به. وقوله: «أروي عن أبي العالم» يحتمل أن يكون بزيادة الياء من أبي، أو بحذف عن عن العالم، ومثل هذا التصحيف غير بعيد فيما يتّحد فيه النسخة، ويحتمل أيضاً حمل الأب أو العالم على خلاف ظاهره. وحديث اللؤلؤة غير واضح فيما ذكر؛ لأنّـه قال بعد ذكره:«وروي في خبر آخر بمثله لا بأس، وقد أمرني أبي ففعلت مثل هذا»، ولا يبعد أن يكون قوله: «وقد أمرني أبي» من تتمّة الرواية، مع أنّـه لا بعد في تعويل راو على قول أبيه، كما يشهد به تعويل الصدوق على رسالة أبيه إليه. وممّا مرّ، يظهر ضعف الاستشهـاد بقـوله: «وممّا نداوم به نحن معـاشر أهل البيت». وقوله: «فتطوّل» يمكن أن يكون من تتمّة الرواية السابقة عليه، وليس في سوق العبارة ما ينافيه، وأن يكون من كلام صاحب الكتاب، فلا يدلّ إلّا على كونه هاشميّاً؛ لتحقّق التطوّل والامتنان في حقّه أيضاً بالنسبة إلى ما يستحقّه من الخمس، مع احتمال أن يكون التطوّل والامتنان باعتبار الأمر بالإعطاء أيضاً، فلا يدلّ على ذلك أيضاً. وأمّا مطابقة جملة من عبارات المفيد والصدوقين لما فيه فممّا لا دلالة فيها على أخذها من الكتاب المذكور؛ لجواز العكس، أو كونهما مأخوذين من ثالث. ومثله الفتاوى التي صدرت عن قدماء أصحابنا بلامستند معلوم، مع أنّ بعض فتاواهم ممّا لا يوجد مأخذه فيه أيضاً، وأمّا ما وجد مكتوباً على النسخة الموقوفة فليس بمعتمد؛ إذ لم يثبت وثاقة الكاتب، مع احتمال أن يكون وهماً منه في النقل الذي أسلفناه، فإنّ الظاهر من الذي نسب إليه النقل هو صاحب الرجال المعروف، ولو كان هو العاثر عليه لنبّه عليه في بعض كتبه، أو نبّه عليه بعض علماء الذين عاصروه أو تأخّروا عنه. وأمّا ما ذكره البعض في محمّد بن أحمد من أنّـه صاحب كتاب الرضا(علیه السلام) فلادلالة فيه على أنّ إجازة هذا الكتاب منتهية إليه؛ لجواز أن يكون المراد به بعض رسائله(علیه السلام)، ممّا رواها الصدوق في العيون، ولو سلّم أنّ المراد به، الكتاب المذكور، فلادلالة في كونه صاحبه، على أنّـه كان يرويه بطريق معتبر؛ لجواز أن يكون واجداً له، أو راوياً بطريق غير معتبر، ولا يبعد أن يكون الكتاب المذكور من تصانيف بعض أصحاب الرضا(علیه السلام) قد أكثر فيه من نقل الأخبار التي سمعها منه(علیه السلام) بواسطة وبدونها، كما يستفاد من قوله: «روي عن العالم»، و«أروي عن العالم»، بناءً على أن يكون المراد بالعالم هو الرضا(علیه السلام)، ويصحّ نسبة الكتاب إليه(علیه السلام)، نظراً إلى أنّ الغالب حكاية كلامه؛ إذ لا يلزم في النسبة أن يكون أصل النسخة بخطّه(علیه السلام)، وربّما نسب إلى الصدوق، وهو بعيدٌ، مع احتمال أن يكون موضوعاً. ولايقدح فيه موافقة أكثر أحكامه للمذهب؛ إذ قد يتعلّق قصد الواضع بدسّ القليل، بل هذا أقرب إلى حصول مطلوبه، لكونه أقرب إلى القبول. وبالجملة، فالتحقيق أنّـه لا تعويل على الفتاوى المذكورة فيه. نعم، ما فيه من الروايات، فهي حينئذٍ بحكم الروايات المرسلة، لا يجوز التعويل على شيء ممّا اشتمل عليه، إلّا بعد الانجبار بما يصلح جابراً لها، ولو استظهرنا اعتماد مثل المفيد والصدوقين عليه في جملة من مواضعه فذلك لا يفيد حجّيّته في حقّنا؛ لأنّـه مبنيّ على نظرهم واجتهادهم، وليس وظيفتنا في مثل ذلك اتّباعهم، وإلّا لكانت الأخبار الضعيفة التي عوّلوا عليها حجّة في حقّنا، فإن ظنّنا بتعويلهم على جملة من روايات كتاب إذا أفاد حجّيّته مجموع الكتاب في حقّنا، لكان علمنا بتعويلهم على رواية معيّنة مفيداً لحجّيّتها في حقّنا بطريق أولى([80]). هذا كلّه مع أنّـه على تسليم كون المراد من عليّ بن موسى هو الإمام الثامن(علیه السلام)، فلا اعتبار له أيضاً؛ حيث إنّـه لا سند لنا معنعناً إليه(علیه السلام)، ومن الواضح عدم حجّيّـة ما ليس كذلك، وكيف يحتمل السند إليه، مع أنّـه قد ظهر الكتاب وحصل الاطّلاع عليه في عصر المجلسيّين؟ قال العـلّامة المجلسي في مقدّمة البحار: وكتاب فقه الرضا(علیه السلام)، أخبرني به السيّد الفاضل المحدّث القاضي أمير حسين(طاب ثراه) بعد ما ورد إصفهان، قال: «قد اتّفق في بعض سني مجاورتي بيت الله الحرام أن أتاني جماعة من أهل قم حاجّين، وكان معهم كتاب قديم يوافق تاريخه عصر الرضا (صلوات الله عليه)». وسمعت الوالد(رحمه الله) أنّـه قال: سمعت السيّد يقول: كان عليه خطّه (صلوات الله عليه)، وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء، وقال السيّد: حصل لي العلم بتلك القرائن أنّـه تأليف الإمام(علیه السلام)، فأخذت الكتاب وكتبته وصحّحته. فأخذ والدي قدّس الله روحه هذا الكتاب من السيّد واستنسخه وصحّحه. وأكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبوجعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير سند، وما يذكره والده في رسالته إليه وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم مستندها مذكورة فيه، كما ستعرف في أبواب العبادات([81]). وقال المجلسي الأوّل في حاشيته على كتابه روضة المتّقين: اعلم أنّ السيّد الثقة الفاضل المعظّم القاضي ميرحسين (طاب ثراه) كان مجاوراً في مكّة المعظّمة سنين، وبعد ذلك جاء إلى إصفهان، وذكر: لي أنّي جئت بهديّـة نفيسة إليك، وهو الكتاب الذي كان عند القميّين وجاؤوا به إليّ عند ما كنت مجاوراً، وكانّـه على ظهره أنّـه يسمّى بـالفقه الرضويّ، وكان فيه بعد الحمد والصلاة على محمّد وآله: «أمّا بعد: فيقول عبدالله عليّ بن موسى الرضا»، وكان في مواضع منها خطّه صلوات الله وسلامه عليه، وذكر القاضي أنّ من كان عنده هذا الكتاب، ذكر أنّـه وصل إلينا عن آبائنا أنّ هذا الكتاب من تصنيف الإمام(صلوات الله عليه)...([82]). ---------------- [71]. الحاكي هو المحدّث النوري في خاتمة المستدرك 19: 231؛ وراجع: بحار الأنوار 1: 11؛ والحدائق الناضرة 1: 26، و3: 340. [72]. أمل الآمل 2: 364. [73]. الفصول الغرويّـة: 313. [74]. الحاكي هو المحدّث النوري في خاتمة المستدرك 19: 235. [75]. نقل عنهم المحدّث النوري في خاتمة المستدرك 19: 235. [76]. خاتمة المستدرك 19: 237. [77]. أمل الآمل 2: 364. [78]. هداية الأُمّـة 8: 550. [79]. الأنفال (8): 41. [80]. الفصول الغرويّـة في الاُصول الفقهيّـة: 311 ـ 313، فصل في العمل بأخبار غير الكتب الأربعة (الفقه الرضا). [81]. بحارالأنوار 1: 11، مصادر الكتاب. [82]. روضة المتّقين 1: 16، شرح خطبة الفقيه.
|