|
المناقشة في كلام سيّدنا الاُستاذ (سلام الله علیه)
لكنّ الذي يقتضيه التأمّل، هو أنّ الروايات العامّة الأربعة لم تكن ناظرة إلى الاحتمالات المتصوّرة في موضوع الأحكام الثلاثة، بل هي ناظرة إلى أنّ ما حرّم الله منافعه المقصودة المتعارفة، حرّم المعاملات المتعارفة عليها، من دون التقييد باشتراط دخالة قصد البائع والمشتري، أو غيرهما من القيود المتصوّرة في الاحتمالات، فالروايات الأربعة لا تدلّ على أزيد من حرمة البيع المتعارف، ممّا كان منافعه المتعارفة حراماً، من دون التقييد بشيء من تلك الاحتمالات. وذلك لانصرافها إلى هذه الصورة، إن لم نقل بظهورها فيها؛ للانسباق العرفيّ. فالمنفعة المتعارفة للخمر شربه المحرّم، ومنفعة السكين المتعارفة فيه استعماله في الذبح في القطع والفري المحلّلين مثلاً، كما أنّ المعاملة المتعارفة الواقعة عليهما، هو المعاملة بقصد الربح، من دون التفات البائع إلى قصد المشتري في استعماله في الجهة المحرّمة أو المحللّة، فبيع المتعارف في الأوّل حرام، وفي الثاني حلال، بمقتضى الروايات الأربعة العامّة. وأمّا بقيّـة الصور التي تكون ستّة، فهي خارجة عن مفادّها: أحدها: أن يكون للشيء منفعتان متعارفتان، واحد منهما محلّل، والآخر محرّم، كالسلاح، وكان البائع عالماً بقصد المشتري، المنفعة المحرّمة. ثانيها: أن يكون له منفعتان متعارفتان كذلك، لكنّ البائع كان جاهلاً بقصد المشتري، المنفعة المحرّمة. ثالثها: أن يكون منفعته المتعارفة محرّمة، لكنّ البائع قصد المنفعة المحلّلة الغير المتعارفة. رابعها: هذه الصورة، إلّا أنّ البائع اشترط على المشتري استعماله في المنفعة المحلّلة. خامسها: أن يكون منفعته المتعارفة محلّلة، لكنّ البائع قصد المنفعة المحرّمة. سادسها: نفس الصورة، إلّا أنّ البائع اشترط على المشتري استعماله في المنفعة المحرّمة. فهذه الصور الستّة خارجة عن مفاد الروايات، فلابدّ لنا في استنباط حكمها الوضعيّ، إلّا من الاستناد إلى عمومات العقود والتجارة، مثل(:أَوْفُوا بِالْعُقُودِ([369])، و«المؤمنون عند شروطهم»([370])، واستنباط حكمها التكليفيّ من الاستناد إلى أصالة الحلّ والبراءة. ------------------- [369]. المائدة (5): 1. [370]. التهذيب 7: 371/1503، باب المهور والأجور وما ينعقد من النكاح من ذلك وما لاينعقد، الحديث 66؛ الاستبصار 3: 232/835، كتاب النكاح، باب من تزوّج المرأة على حكمها في المهر، الحديث 4؛ وسائل الشيعة 21: 276، كتاب النكاح، أبواب المهور، الباب 20، الحديث 4.
|