ثمّ إنّـه قد تبيّن ممّا حقّقناه من عدم فعليّـة التكاليف لغير المسلمين؛ لكونهم قاصرين، كون الروايات الواردة في جواز بيع المختلط من الميتة بالذكيّ، والعجين من الماء النجس ممّن يستحلّ الميتة، وفي النهي عن بيع الدهن الذي ماتت فيه فأرة، بالمسلم: «لا تدهن به ولا تبعه من مسلم»([401])، الدالّ بمفهومه على جواز بيعه إلى غير المسلم، موافقاً ومطابقاً للقواعد لَعَدم فعليّـة المحرّمات للجاهل بها إذا كان جهله قصوريّاً لا تقصيريّاً، كما مرّ([402])، ومن المعلوم أنّ جهل غير المسلمين، المستحلّين للميتة أو الدهن المتنجّس، من القصور، كما عليه جلّهم، إن لم نقل كلّهم، فإنّ الجاحد منهم نادر جدّاً، بحيث لا يكون مورداً للمكالمات، ولا محلاً للاستفصال، كما لا يخفى على المطّلع من أحوالهم والمراجع إليهم.

بل لقائل أن يقول: إنّـه قد ظهر ممّا ذكرنا من الوجه لعدم حرمة بيعهما بالمستحلّ وغير المسلم، عدم المنع من بيعه بالمسلم والمؤمن الذي كان جاهلاً بالحرمة؛ جهلاً قصوريّاً، من دون لزوم الإعلام بحسب القواعد، نعم، مع ورود دليل خاصّ على وجوب الإعلام لابدّ منه؛ قضاءً له.

كما أنّـه قد انقدح ممّا ذكرنا عدم الحاجة إلى الحمل وتوجيه الروايات الدالّة على جواز بيع اللحم المذكّى المختلط بالميتة، والعجين النجس ممّن يستحلّ الميتة بما ذكروه من المحامل والتوجيهات؛ لما فيها من الموافقة للقواعد والضوابط، كما بيّنّاه.

المناقشة في التوجيهات المذكورة حول الروايات