|
بيع الخمر والفقّاع وكلّ مسكر مائع
الخمر والفقّاع وكلّ مسكر مائع لا شبهة إجمالاً في حرمة بيعها وثمنها وسقوط ماليّتها. وفي مكاسب الشيخ الأعظم(قدس سرّه) : يحرم التكسّب بالخمر وكلّ مسكر مائع والفقّاع، إجماعاً، نصّاً وفتوىً.([716]) انتهى. ويدلّ على تلك الأحكام ـ أي حرمة بيعها وثمنها وسقوط ماليّتها ـ في الخمر، الكتاب والسنّـة. أمّا الكتاب، فقوله تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)([717]). وفي الأمر بالاجتناب عنه إشعار، بل ظهور ودلالة على الأحكام الثلاثة فيه، فإنّ الاجتناب عنه مطلقاً، الذي يكون واجباً لا يتحقّق امتثاله وترك عصيانه إلّا بالاجتناب عن بيعه وعن ثمنه وعن مطلق الانتفاع به، ممّا يوجب سلب الماليّـة عنـه، كما أنّ في كونـه من عمل الشيطان أيضاً دلالـة عليها؛ لما يرى العـرف الملازمة بينهما. وأمّا السنّـة، فروايات: منها: رواية جابر، عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال: «لعن رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) في الخمر عشرة: غارسها وحارسها وبائعها ومشتريها وشاربها والآكل ثمنها وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها»([718]). ومنها: رواية حسين بن زيد، عن الصادق(علیه السلام)، عن آبائه(علیهم السلام) ـ في حديث المناهي ـ : «إنّ رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) نهى أن يشترى الخمر، وأن يسقى الخمر، وقال: لعن الله الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه»([719]). ومنها: رواية أبي بصير، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، قال سألته عن ثمن الخمر؟ فقال: «اُهدي إلى رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) راوية من خمر بعد ما حرمت الخمر، فأمر بها أن تباع، فلمّا أدبر بها الذي يبيعها ناداه رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) من خلفه: يا صاحب الراوية: إنّ الذي قد حرّم شربها فقد حرّم ثمنها، فأمر بها فصبّت في الصعيد، وقال: ثمن الخمر ومهر البغيّ وثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت»([720]). ودلالة هذه الأخبار على الحرمة واضحة غير محتاجة إلى البيان. وأمّا حرمة الثمن بخصوصه، فتدلّ عليه روايات: منها: رواية جراح المدائني، قال: قال أبو عبد الله(علیه السلام): «من أكل السحت ثمن الخمر، ونهى عن ثمن الكلب»([721]). ومنها: رواية عمّار بن مروان، قال: سألت أبا عبد الله(علیه السلام) عن الغلول، قال: «كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت، وأكل مال اليتيم وشبهه سحت، والسحت أنواع كثيرة، منها: اُجور الفواجر، وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البيّنة، فأمّا الرشا في الحكم فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم وبرسوله(صلی الله علیه و آله و سلم)»([722]). ومنها: رواية سماعة، قال: قال أبو عبدالله(علیه السلام): «السحت أنواع كثيرة، منها: كسب الحجّام إذا شارط، وأجر الزانية وثمن الخمر، فأمّا الرشا في الحكم، فهو الكفر بالله العظيم»([723]). ومنها: موثّقة السكوني، عن أبي عبدالله(علیه السلام)، قال: «السحت ثمن الميتة، وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر البغيّ، والرشوة في الحكم، وأجر الكاهن»([724]). ومنها: روايـة سماعة، قـال: قال: «السحت أنواع كثيرة، منهـا: كسب الحجّام، وأجر الزانية، وثمن الخمر»([725]). ومنها: رواية أبي بصير، عن أبي عبدالله(علیه السلام) ـ في حديث ـ أنّ رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) قال: «ثمن الخمر، ومهر البغيّ، وثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت»([726]). ومنها: مرسلة الصدوق، قال: قال(علیه السلام): «أجر الزانية سحت، وثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت، وثمن الخمر سحت، وأجر الكاهن سحت، وثمن الميتة سحت، فأمّا الرشا في الحكم، فهو الكفر بالله العظيم»([727]). ومنها: رواية حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه، جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ـ في وصيّـة النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم) لعليّ(علیه السلام) ـ قال: «يا عليّ" من السحت ثمن الميتة، وثمن الكلب، وثمن الخمر، ومهر الزانية، والرشوة في الحكم، وأجر الكاهن»([728]). ومنها: ما روي في معاني الأخبار، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن عمّار بن مروان، قال: سألت أبا عبد الله(علیه السلام) عن الغلول، فقال(علیه السلام): «كلّ شيء غلّ من الإمام فهو سحت، وأكل مال اليتيم سحت، والسحت أنواع كثيرة، منها: ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة، ومنها اُجور القضاة، واُجور الفـواجر، وثمـن الخمر والنبيذ والمسكر، والربا بعد البيّنة، فأمّا الرشوة ـ يا عمّار ـ في الأحكام، فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم ورسوله(صلی الله علیه و آله و سلم)»([729]). ومثل ذلك ما في الخصال([730]) مع اختلاف يسير في العبارة. وأمّا بطلان البيع ـ فمضافاً إلى ما مرّ([731]) من الكتاب ـ يدلّ عليه أخبار تحريم بيعه وكون ثمنه سحتاً.([732]) أمّا أخبار الحرمة، فمن حيث إنّ الحرمة المتعلّقة بنفس المعاملة ملازمة مع البطلان، كما لا يخفى. هذا، مع أنّ سياق تلك الروايات فيه إشعار، بل ظهور على البطلان أيضاً. وأمّا أخبار السحت، فلملازمة السحت مع البطلان، بناءً على الأخذ بظاهر الحديث وظهور العنوان في الموضوعيّـة؛ لأنّـه إذا كان سحتاً فلا يجوز دفعه إلى البائع، وهذا ملازم مع البطلان، وأمّا بناءً على كون الثمن سحتاً من باب التصرّف في مال الغير وبطلان المعاملة، فتدلّ على البطلان بالمطابقة. ---------------------------- [716]. المكاسب 1: 42. [717]. المائدة (5): 90. [718]. الكافي 6: 429، باب النوادر، الحديث 4؛ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: 290/11، باب عقاب الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا؛ وسائل الشيعة 17: 224، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 55، الحديث 4، وفيهما تقدّم وتأخّر في ألفاظها. [719]. من لا يحضره الفقيه 4: 4/1، باب ذكر جمل من مناهي النبيّ(صلی الله علیه وآله و سلم)، الحديث 1؛ و ص 40/131، باب حدّ شرب الخمر وما جاء في الغناء والملاهي، الحديث 3. مع تفاوت في التقديم والتأخير في الألفاظ؛ وسائل الشيعة 17: 224، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 55، الحديث 5. [720]. التهذيب 7: 135/ 599، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة...، الحديث 70؛ وسائل الشيعة 17: 225، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 55، الحديث 6، مع تفاوت يسير. [721]. التهذيب 7: 136 / 600، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة...، الحديث 71؛ وسائل الشيعة 17: 225، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 55، الحديث 7. [722]. الكافي 5: 126، باب السحت، الحديث 1؛ التهذيب 6: 368/1062، باب المكاسب، الحديث 183؛ وسائل الشيعة 17: 92، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 1. [723]. الكافي 5: 127، باب السحت، الحديث 3؛ وسائل الشيعة 17: 92، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 2. [724]. الكافي 5: 126، باب السحت، الحديث 2؛ التهذيب 6: 368 / 1061، باب المكاسب، الحديث 182؛ وسائل الشيعة 17: 93، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 5. [725]. التهذيب 6: 355 / 1013، باب المكاسب، الحديث 134؛ الاستبصار 3: 59/195، باب كسب الحجام، الحديث 6؛ وسائل الشيعة 17: 93، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 6. [726]. التهذيب 7: 135/599، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة...، الحديث 70؛ وسائل الشيعة 17: 94، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 7. [727]. من لا يحضره الفقيه3: 105 / 435، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، الحديث 83؛ وسائل الشيعة 17: 94، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 8. [728]. من لا يحضره الفقيه 4: 262 / 824، باب النوادر؛ وسائل الشيعة 17: 94، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 9. [729]. معاني الأخبار: 318، باب معنى الغلول والسحت؛ وسائل الشيعة 17: 95، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 5، الحديث 12، مع تفاوت يسير. [730]. الخصال: 362/26. [731]. مرّ في الصفحة: 295. [732]. مرّت الروايات في الصفحة: 296 وما بعدها.
|