|
اشتراط ترك الانتفاع بالمنافع المحلّلة
هذا كلّه إن لم يرجع إلى اشتراط ترك الانتفاع بالمنافع المحلّلة وحصر الانتفاع بالمحرّم أو شرط ما يوجب عدم إمكان الانتفاع بالمحلّل، كما لو شرط أكل الزيت النجس مثلاً، فهل يقع البيع صحيحاً أو يقع باطلاً؟ الحقّ؛ وفاقاً لسيّدنا الاُستاذ (سلام الله علیه)([789])، عدم الصحّة؛ لأنّ المبيع قد سقط عن الماليّـة، لأنّ الشارع بتحريمه بعض منافعه قد أسقطه عن الماليّـة الحاصلة من تلك المنافع المحرّمة، كما أنّ المالك باشتراطه عدم الانتفاع بالمحلّل قد أسقطه عن الماليّـة بالنسبة إلى المنافع المحلّلة أيضاً، فصار المبيع ساقطاً عن الماليّـة بالكلّيّـة، وفي مثله لا تقع مبادلة مال بمال، فلا بيع من رأس، فإنّ الماليّـة في الأشياء، المعتبرة في حقيقة البيع والعقود متقوّمة بالمنافع كما هو الواضح، والمفروض انتفاء جميع منافع المبيع شرعاً وعرفاً، فكيف يقع البيع، فضلاً عن أن يصحّ. وبعبارة اُخرى: هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد؛ إذ هو يخرجه عن كونه مبادلة مال بمال. إن قلت: ما الفرق بين اشتراط المنفعة المحرّمة واشتراط ترك المنفعة المحلّلة، حتّى يقال في الصورة الاُولى: إنّ صحّة البيع وفساده مبنيّ على كون الشرط الفاسد مفسداً وعدمه، وفي الصورة الثانية: إنّ البيع يقع باطلاً مطلقاً؛ سواء قلنا بكونه مفسداً أم لا. قلت: الشرط في الصورة الاُولى فاسد، ولا يجوز الوفاء والعمل به؛ لكونه مخالفاً للشرع الأقدس، ففساد البيع والعقد تابع لكونه مفسداً أم لا. وأمّا في الصورة الثانية، كان الشرط صحيحاً، يجب الوفاء به؛ لعدم كونه مخالفاً للشرع، لأنّ الانتفاع بالمنافع المحلّلة ليس واجباً حتّى يكون اشتراط تركه مخالفاً للشرع، ومع صحّة الشرط لا يجوز الانتفاع به بالمنافع المحلّلة بحكم الشرط، ولا يجوز الانتفاع بالمنافع المحرّمة بحكم الشرع، وما سقط جميع منافعه ليس مالاً، وما ليس مالاً لا يقع المعاوضة والمبادلة عليه. ------------------- [789]. المكاسب المحرّمة 1: 134 و 135.
|