|
صور المسألة وحكمها
ثمّ إنّ الشيخ(قدس سرّه) قسّم المسألة على خسمة صور، قال(قدس سرّه): فعلم ممّا ذكرناه في هذا المقام أنّ فعل ما هو شرط للحرام الصادر من الغير يقع على وجوه: أحدها: أن يقع من الفاعل قصداً منه لتوصّل الغير به إلى الحرام. وهذا لا إشكال في حرمته؛ لكونه إعانة. الثاني: أن يقع منه من دون قصد لحصول الحرام، ولا لحصول ما هو مقدّمة له. مثل تجارة التاجر بالنسبة إلى معصية العاشر، فإنّه لم يقصد بها تسلّط العاشر عليه الذي هو شرط لأخذ العشر. وهذا لا إشكال في عدم حرمته. الثالث: أن يقع منه بقصد حصول ما هو من مقدّمات حصول الحرام من الغير لا لحصول نفس الحرام منه. وهذا قد يكون من دون قصد الغير التوصّل بذلك الشرط إلى الحرام، كبيع العنب من الخمّار المقصود منه تملّكه للعنب الذي هو شرطٌ لتخميره، لا نفس التخمير مع عدم قصد الغير أيضاً التخمير حال الشراء. وهذا أيضاً لا إشكال في عدم حرمته. وقد يكون مع قصد الغير التوصّل به إلى الحرام، أعني التخمير حال شراء العنب. وهذا أيضاً على وجهين: أحدهما: أن يكون ترك هذا الفعل من الفاعل علّة تامّة لعدم تحقّق الحرام من الغير. والأقوى هنا وجوب الترك وحرمة الفعل. والثاني: أن لا يكون كذلك، بل يعلم عادة، أو يظنّ بحصول الحرام من الغير من غير تأثير لترك ذلك الفعل. والظاهر عدم وجوب الترك حينئذٍ، بناءً على ما ذكرنا من اعتبار قصد الحرام في صدق الإعانة عليه مطلقاً، أو على ما احتملناه من التفصيل([1118]). أقول: أمّا الصورة الاُولى، فالحقّ ـ كما ذكره الشيخ ـ حرمة البيع؛ لصدق الإعانة على الإثم على جميع المباني، لأنّ البائع قد قصد الإعانة وتحقّق الحرام من المشتري على نحو الداعويّـة والغاية، وهذا هو القدر المتيقّن من الإعانة. وأمّا الصورة الثانية، فلا يكون البيع ـ وفاقاً لما ذكره الشيخ(قدس سرّه) ـ محرّماً؛ لعدم صدق عنوان الإعانة على الإثم، لعدم قصد البائع توصّل المشتري إلى الحرام ولا إلى مقدّمة الحرام. وأمّا الصورة الثالثة، فإن لم يكن قصد المشتري التوصّل إلى الحرام حال الشراء، ولا يجدّد له القصد في المستقبل، فلا إشكال في عدم حرمته على جميع المباني. وأمّا لو حدث له القصد في المستقبل، قال الشيخ بعدم حرمته، إلّا أنّ الظاهر من مبنى مثل الشيخ هو القول بالحرمة؛ لعلمه بتحقّق الحرام، وعدم الفرق بين قصده حين الشراء وتجدّد قصده في المستقبل. وأمّا الصورة الرابعة، وإن قال الشيخ(قدس سرّه) بحرمته، وهي تامّ على مبناه، لكنّ الحقّ ـ على ما ذهبنا إليه ـ عدم الحرمة في هذه الصورة أيضاً. وأمّا الصورة الخامسة، فالظاهر ـ كما أفاده الشيخ(قدس سرّه) ـ عدم حرمته. حكم الوضعيّ في المسألة ---------------- [1118]. المكاسب 1: 144 ـ 145.
|