|
المسألة الثانية/تشبّـه الرجل بالمرأة وتشبّه المرأة بالرجل
هل یجوز تشبّته الرجل بالمرأة أو بالعکس أو لا؟ بأن یلبس الرجل ما یختصّ بالنساء من الألبسة وتلبس المرأة ما یختصّ بالرجال منها، کالمِنطقة والعمامة ونحوهما. ومن المعلوم أنّ ذلك یختلف باختلاف العادات والأشخاص والأزمنة، فنقول: ـ خلافاً لما نقله الشیخ الأعظم(قدس سره) ([25])عن غیر واحد([26]) بعدم العثور علی دلیل لهذا الحکم إلّا النبويّ المشهور المنقول في الکافي والعلل ـ إنّ الروایات المستدلّ بها علی الحرمة الناهیة عن التشبّه وما فیها لعن الله ورسوله المتشبّهین من الرجال بالنساء والمتشبّهات من النساء بالرجال کثیرة مستفیضة متواترة، ودونك تلك الأخبار، وهي: الاستدلال بالروایات في حرمة تشبّه كلّ من الرجل والمرأة بالآخر روایة جابر عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال: قال رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)في حديث: «لعن الله المحلّل والمحلّل له، ومن يوالي غير مواليه، ومن ادّعی نسباً لا يعرف، والمتشبّهين من الرجال بالنساء والمتشبّهات من النساء بالرجال، ومن أحدث حدثاً في الإسلام، أو آوى محدثاً، ومن قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه...».([27]) وروایة الصدوق بقوله: وفي حديث آخر: «أخرجوهم من بيوتكم، فإنّهم أقذر شيء».([28]) وروایة المفید عن عروة بن عبیدالله بن بشیر الجعفي، قال: دخلت علی فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب، وهي عجوزة کبیرة وفي عنقها خَرَز، وفي یدها مَسَکتان، فقالت: «یکره للنساء أن یتشبّهن بالرجال...» الخبر.([29]) وروایة الطبرسي في مجمع البیان عن أبي أمامة، عن النبيّ(صلی الله علیه و آله و سلم)، قال: «أربعٌ لعنهم الله عن فوق عرشه وأمَّنَت علیه ملائکته:... والرجل یتشبّه بالنساء وقد خلقه الله ذکراً، والمرأة تتشبّه بالرجال وقد خلقها الله أنثی».([30]) وروایة دعائم الإسلام عن جعفر بن محمّد(علیهما السلام): «إنّ رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)نهی النساء أن یکنّ معطّلات من الحُليّ ولا یتشبّهن بالرجال، ولعن من فعل ذلك منهنّ».([31]) وروایة فقه الرضا: «قد لعن رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم)سبعة: الواصل شعره بشعر غیره، والمتشبّهة من النساء بالرجال والرجال بالنساء».([32]) واستشكل السيّد الخوئي(قدس سره)([33]) على هذه الأخبار بأنّها كلّها ضعيفة السند، فلا تصلح دليلاً للقول بالحرمة. وفیه: أنّ هذه الأخبار كلّها وإن کانت ضعيفة أسنادها، إلّا أنّـه يمكن جبر ضعف أسنادها بأمرين: أحدهما: ما قاله صاحب الجواهر([34]) من أنّ ما في السند والمتن من القصور، لعلّه منجبرٌ بفتوى المشهور. ثانيهما: ما أشار إليه الشيخ عند نقل رواية جابر بقوله: «عدا النبويّ المشهور، المحکيّ عن الكافي والعلل».([35]) بيانه: أنّ المحدّث الكليني نقل رواية الجابر بأسناد ثلاثة، ونقلها الکلیني، بأسناد ثلاثة كافٍ لانجبار سندها. هذا، مع أنّ شهرة الروايات واستفاضتها كافٍ لجبران ضعف أسنادها، فالإشكال علیها بضعف السند غير تامّ. ------------------ [25]. المكاسب 1: 173. [26]. منهم المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان 8: 85؛ والمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 18: 198؛ والسبزواري في كفاية الفقه المشتهر بـکفاية الأحکام 1: 443؛ وحكاه السیّد العاملي في مفتاح الكرامة 12: 198 عن الكفاية. [27]. الكافي 8: 71، كتاب الروضة، الحديث 27؛ وسائل الشيعة 17: 284، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 87، الحديث 1. وفيه: «من تولّى» بدل «من يوالي». [28]. علل الشرائع 2: 384، الباب 385، باب نوادر العلل، الحديث 64؛ وسائل الشيعة 17: 285، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 87، الحديث 3. [29]. مستدرك الوسائل 3: 247، کتاب الصلاة، أبواب أحکام الملابس ولو في غیر الصلاة، الباب 9، الحدیث3. [30]. مستدرك الوسائل 13: 203، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 70، الحدیث2. [31]. مستدرك الوسائل 3: 247، کتاب الصلاة، أبواب أحکام الملابس ولو في غیر الصلاة، الباب 9، الحدیث4. [32]. مستدرك الوسائل 3: 247، کتاب الصلاة، أبواب أحکام الملابس ولو في غیر الصلاة، الباب 9، الحدیث2. [33]. اُنظر: مصباح الفقاهة 1: 335. [34]. راجع: جواهر الكلام 22: 116. [35]. المكاسب 1: 173.
|