|
المسألة الرابعة عشر/ الغیبة
وهي بکسر الغين وسکون الياء وفتح الباء وزان حيلة، اسم مصدر من «اغتاب يغتاب اغتياباً»، وبالفتح مصدر «غاب يغيب، معناه الوقيعة بشخص في غيابه بذکر ما يعيبه ويؤذیه».([1148]) هذا معناه من حيث اللغة. لا شبهة ولا إشکال في حرمتها في الجملة، بل علیه الإجماع وأنّـه من الضروریّات، کما یظهر من مفتاح الکرامة، بل فیه التصریح بذلك، حیث قال في المتاجر منه: والغیبة لما کان حرمتها وحرمة التکسّب بها من الضروریّات خلّت عن ذکرها جملة من العبارات في الباب وباب الشهادات.([1149]) وفي تعلیله الخلوّ بکونها من الضروریّات ما لایخفی؛ فإنّـه لو کان المعیار في عدم الذکر ذلك الوجه للزم عدم تعرّضهم لحرمة مثل الکذب والقمار وقتل النفس والربا وشُرب الخمر وغیرها ممّا کانت حرمتها ضروریّـة أیضاً، مع ما لهم من التعرّض لها في الباب أو باب الشهادات. ثمّ إنّ عدم التعرّض لها هنا ولا في باب الشهادات في بعض الکتب مثل الشرائع، لعلّه کان لأجل دخولها في الهجاء ومن أفرادها بزعمهم. ثمّ إنّـه مع کون حرمتها في الجملة إجماعیّـة، بل کانت من ضروریّات فقه الإسلام إن لم تکن من ضروریّات الإسلام. واستدلّوا لحرمتها بما یکون أصلاً فیها من الإجماع والکتاب والسنّـة، وأضاف الشیخ الأعظم علی الثلاثة، العقل بقوله(قدس سره): «الغیبة حرامٌ بالأدلّة الأربعة»،([1150]).ولم یتعرّض لکیفیّـة الاستدلال بالعقل، مع أنّـه کان ینبغي له التعرّض لها کتعرّضه لکیفیّـة الاستدلال بالإجماع والآیات والروایات. أقول: الظاهر في کیفیّـة الاستدلال، أنّ الاستدلال به من جهة ما فیها من التعرّض لعِرض الناس والتضییع لهم وموجبٌ لإذائهم، فتکون ظلماً والظلم قبیحٌ عقلاً وحرامٌ شرعاً. هذا کلّه في الاستدلال علی الحرمة بالعقل، وقد عرفت تمامیّته. وأمّا الاستدلال بالإجماع، فعدم صحّة الاستدلال به واضحٌ؛ لکونه في مسألة اجتهادیّـة ومصبّـاً للکتاب والسنّـة والعقل، فلعلّ مستندهم، الاجتهاد فیها والاستنباط منها، بل هو الظاهر کما لایخفی. والإجماع حجّة فیما لیس للعقل فیه سبیل ولا للنقل فیه دلیل، کما حقّق في محلّه. ----------------
|