|
المسألة الثانية: مطالعة كتب الضلال
يصرّح صاحب الجواهر ـ مع غيره ـ بأن مطالعة كتب الضلال حرام، ويضعها ـ إلى جانب تدريس هذه الكتب ـ متعلّقاً للنهي; فيقول: «بل يحرم مطالعتها وتدريسها»([79]) لكن مع الالتفات إلى سعة عنوان «كتب الضلال» عند المحقق النجفي، بحيث تشمل كل كتاب غير مفيد، يجب حظر الكثير جداً من المكتبات العامة وصفوف الدراسة و...
إلا أنه يجب الانتباه إلى أنه عندما يكون معنى الضلال هو الانحراف عن المسير الذي جاء الأنبياء الإلهيون لهداية البشر إليه، كما ورد في آية سورة لقمان: (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْم وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً) فإن المطالعة تصبح محظورةً عندما يكتب الكتاب بهدف إضلال الناس قاصداً مؤلفه ذلك، ويكون في الكتاب احتمال التأثير في عقائد الناس وأفكارها ممّن يطالعه. من هنا يذهب صاحب الرياض إلى أن الذي لا يطمئن بثباته، بل يحتمل أن يقع تحت تأثير كتب الضلال، لا يجوز له مراجعتها; لوجوب دفع الضرر المحتمل([80]). ومع ذلك كلّه، نجد بعض الآيات([81]) والروايات([82])الآمرة بالبحث والتدبّر والتفكر والتأمّل والتفتيش، والمرغِّبة في ذلك، تبعث على مطالعة أيّ كتاب أو مصنّف، وتجيز مطالعته بهذا الغرض. لكن يجاب عن ذلك، بأن الأمر بالتفكر والبحث لاختيار دين أو مذهب قائم على أساس الاختيار، ومنع مطالعة كتب الضلال أمر مرتبط بما بعد اختيار المعتقد، أي عندما يختار الإنسان معتقداته على أساس واع وحرّ، فهنا يحكم العقل من باب لزوم دفع الضرر المحتمل، ولا سيما في المحتملات الحائزة على أهمية خاصة بحيث يكون الاحتمال الضعيف فيها منجزاً... يحكم العقل بلزوم الاجتناب عن كل ما يبعث على الضلالة والزيغ والوقوع في الهلكة. _____________________________________ [80] . رياض المسائل 1: 503. [81] . (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(الزمر: 17 ـ 18). [82] . «ولك حق المسألة» (نهج البلاغة، الخطبة: 162).
|