|
كتاب الزكاة
كتاب الزكاة
وهي في الجملة من ضروريّات الدين، وإنّ منكرها مندرج في الكفّار، بتفصيل مرّ في كتاب الطهارة، وقد ورد عن أهل بيت الطهارة(عليهم السلام): «أنّ مانع قيراط منها ليس من المؤمنين ولا من المسلمين» و«ليمُت إن شاء يهوديّاً وإن شاء نصرانيّاً» و«ما من ذي مال أو نخل أو زرع أو كرم يمنع من زكاة ماله، إلاّ طوّقه الله عزّوجلّ ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة» و«ما من عبد منع من زكاة ماله شيئاً، إلاّ جعل الله ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار، مطوّقاً في عنقه ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب» إلى غير ذلك ممّا يبهر العقول. وأمّا فضل الزكاة فعظيم وثوابها جسيم، وقد ورد في فضل الصدقة الشاملة لها: «أنّ الله يربيّها ـ كما يربّي أحدكم ولده ـ حتّى يلقاه يوم القيامة وهو مثل اُحُد» و«أنّها تدفع ميتة السوء» و«صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ» إلى غير ذلك. وهنا مقصدان: المقصد الأوّل: في زكاة المال والكلام فيمن تجب عليه الزكاة، وفيما تجب فيه، وفي أصناف المستحقّين لها ومصارفها، وفي أوصافهم. القول فيمن تجب عليه الزكاة (مسألة 1): يشترط فيمن تجب عليه الزكاة أُمور: أحدها: البلوغ، فلا تجب على غير البالغ، نعم لو اتّجر له الوليّ الشرعي استُحبّ له إخراج زكاة ماله، كما يُستحبّ([604]) له إخراج زكاة غلاّته. وأمّا مواشيه فلا تتعلّق بها على الأقوى. والمعتبر البلوغ أوّل الحول فيما اعتبر فيه الحول، وفي غيره قبل وقت التعلّق. ثانيها: العقل، فلا تجب في مال المجنون، والمعتبر العقل في تمام الحول فيما اعتبر فيه، وحال التعلّق في غيره، فلو عرض الجنون فيما يعتبر فيه الحول يقطعه، بخلاف النوم، بل والسُّكر والإغماء على الأقوى. نعم إذا كان عروض الجنون في زمان قصير ففي قطعه إشكال([605]). ثالثها: الحرّيّة، فلا زكاة على العبد وإن قلنا بملكه. رابعها: الملك، فلا زكاة في الموهوب ولا في القرض إلاّ بعد قبضهما، ولا في الموصى به إلاّ بعد الوفاة والقبول، لاعتباره في حصول الملكيّة للموصى له على الأقوى. خامسها: تمام التمكّن من التصرّف، فلا زكاة في الوقف وإن كان خاصّاً، ولا في نمائه إذا كان عامّاً وإن انحصر في واحد، ولا في المرهون وإن أمكن فكّه([606])، ولا في المجحود وإن كانت عنده بيّنة يتمكّن من انتزاعه بها أو بيمين، ولا في المسروق، ولا في المدفون الذي نسي مكانه، ولا في الضالّ، ولا في الساقط في البحر، ولا في الموروث عن غائب ولم يصل إليه أو إلى وكيله، ولا في الدين وإن تمكّن من استيفائه. سادسها: بلوغ النِّصاب، وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. (مسألة 2): لو شكّ في البلوغ حين التعلّق، أو في التعلّق حين البلوغ، لم يجب الإخراج، وكذا الحال في الشكّ في حدوث العقل في زمان التعلّق مع كونه مسبوقاً بالجنون، ولو كان مسبوقاً بالعقل وشكّ في طروّ الجنون حال التعلّق وجب الإخراج([607]). (مسألة 3): يُعتبر تمام التمكّن من التصرّف فيما يُعتبر فيه الحول في تمام الحول، فإذا طرأ ذلك في أثناء الحول ثمّ ارتفع، انقطع الحول ويحتاج إلى حول جديد. وفيما لا يعتبر فيه الحول ففي اعتباره حال تعلّق الوجوب تأمّل وإشكال، والأقوى ذلك، والأحوط العدم. (مسألة 4): ثبوت الخيار لغير المالك لا يمنع من تعلّق الزكاة، إلاّ في مثل الخيار المشروط بردّ الثمن، ممّا تكون المعاملة مبنيّة على إبقاء العين، فلو اشترى نِصاباً من الغنم، وكان للبائع الخيار، جرى في الحول من حين العقد، لا من حين انقضائه. (مسألة 5): لا تتعلّق الزكاة بنماء الوقف العامّ ; قبل أن يقبضه من ينطبق عليه عنوان الموقوف عليه. وأمّا بعد القبض فهو كسائر أمواله تتعلّق به مع اجتماع شرائطه. (مسألة 6): زكاة القرض على المقترض بعد القبض وجريان الحول عنده، وليس على المقرض والدائن شيء قبل أن يستوفي طلبه، فلو لم يستوفه ولو فراراً من الزكاة لم تجب عليه. (مسألة 7): لو عرض عدم التمكّن من التصرّف بعد تعلّق الوجوب، أو بعد مضيّ الحول متمكّناً، فقد استقرّ وجوب الزكاة، فيجب عليه الأداء إذا تمكّن، ولو تمكّن بعدما لم يكن متمكّناً وقد مضى عليه سنون جرى في الحَول من حينه. واستحباب الزكاة لسنة واحدة إذا تمكّن بعد السنين محلّ إشكال([608])، فضلاً عمّا تمكّن بعد مضيّ سنة واحدة. (مسألة 8): لو كان المال الزكويّ مشتركاً بين اثنين أو أزيد تعتبر الحصص لا المجموع، فكلّ من بلغت حصّته حدّ النصاب وجبت عليه الزكاة، دون من لم تبلغ حصّته النصاب. (مسألة 9): لو استطاع الحجّ بالنصاب، فإن تمّ الحول أو تعلّق الوجوب قبل وقت سير القافلة والتمكّن من الذهاب، وجبت الزكاة، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب الحجّ، وإلاّ فلا، وإن كان تمام الحول بعد زمان سير القافلة وأمكن صرف النصاب أو بعضه في الحجّ وجب، فإن صرفه فيه سقط وجوب الزكاة، وإن عصى ولم يحجّ وجبت الزكاة بعد تمام الحول، وإن تقارن خروج القافلة مع تمام الحول أو تعلّق الوجوب، وجبت الزكاة دون الحج. (مسألة 10): تجب الزكاة على الكافر([609]) وإن لم تصحّ منه لو أدّاها. نعم للإمام(عليه السلام) أو نائبه أخذها منه قهراً، بل له أخذ عوضها منه لو كان أتلفها أو تلفت عنده على الأقوى. نعم لو أسلم بعدما وجبت عليه سقطت عنه وإن كانت العين موجودة على إشكال، هذا لو أسلم بعد تمام الحول. وأمّا لو أسلم ولو بلحظة قبله فالظاهر وجوبها عليه. القول فيما تجب فيه الزكاة وما تُستحبّ (مسألة 1): تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، وفي النقدين: الذهب والفضّة، وفي الغلاّت الأربع: الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ولا تجب فيما عدا هذه التسعة. وتُستحبّ في الثمار وغيرها ممّا أنبتت الأرض حتّى الاُشنان، دون الخضر والبقول كالقتّ والباذنجان والخيار والبطّيخ ونحو ذلك([610]). واستحبابها في الحبوب لا يخلو من إشكال، وكذا في مال التجارة والخيل الإناث. وأمّا الخيل الذكور وكذا البغال والحمير فلا تُستحبّ فيها. والكلام في التسعة المزبورة ـ التي تجب فيها الزكاة ـ يقع في ثلاثة فصول: الأوّل: في زكاة الأنعام وشرائط وجوبها ـ مضافاً إلى الشرائط العامّة السابقة ـ أربعة: النصاب، والسوم، والحول، وأن لا تكون عوامل. القول في النصاب (مسألة 1): في الإبل اثنا عشر نصاباً: خمس، وفيها شاة، ثمّ عشر، وفيها شاتان، ثمّ خمس عشرة، وفيها ثلاث شياه، ثمّ عشرون، وفيها أربع شياه، ثمّ خمس وعشرون، وفيها خمس شياه، ثمّ ستّ وعشرون، وفيها بنت مخاض، ثمّ ستّ وثلاثون، وفيها بنت لبون، ثمّ ستّ وأربعون، وفيها حِقّة، ثمّ إحدى وستّون، وفيها جَذَعة، ثمّ ستّ وسبعون، وفيها بنتا لبون، ثمّ إحدى وتسعون، وفيها حِقّتان، ثمّ مائة وإحدى وعشرون، ففي كلّ خمسين حِقّة، وفي كلّ أربعين بنت لبون، بمعنى وجوب مراعاة المطابق منهما، ولو لم تحصل المطابقة إلاّ بهما لوحظا معاً، ويتخيّر مع المطابقة بكلٍّ منهما أو بهما، وعلى هذا لا يتصوّر صورة عدم المطابقة، بل هي حاصلة في العقود بأحد الوجوه المزبورة. نعم فيما اشتمل على النيف ـ وهو ما بين العقدين من الواحد إلى التسعة ـ لا تتصوّر المطابقة، فتراعى على وجه يستوعب الجميع ما عدا النيف، ففي مائة وإحدى وعشرين تُحسب ثلاث أربعينات، وتدفع ثلاث بنات لبون، وفي مائة وثلاثين تُحسب أربعينان وخمسون، فتدفع بنتا لبون وحِقّة، وفي مائة وأربعين تُحسب خمسينان وأربعون، فتدفع حِقّتان وبنت لبون، وفي مائة وخمسين تُحسب ثلاث خمسينات، فتدفع ثلاث حِقَق، وفي مائة وستّين تُحسب أربع أربعينات، وتدفع أربع بنات لبون، وهكذا إلى أن يبلغ مائتين، فيتخيّر بين أن تُحسب خمس أربعينات ويُعطي خمس بنات لَبون، وأن تُحسب أربع خمسينات ويُعطي أربع حِقَق. وفي البقر ـ ومنه الجاموس ـ نصابان: ثلاثون وأربعون، وفي كلّ ثلاثين تَبيع أو تبيعة، وفي كلّ أربعين مُسِنّة. ويجب مراعاة المطابقة هنا فيما تُمكن، ففي ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي أربعين مُسِنّة، وليس إلى ستّين شيء. فإذا بلغ الستّين فلا يتصوّر عدم المطابقة في العقود، إذا لوحظ ثلاثون ثلاثون أو أربعون أربعون أو هما معاً، ففي الستّين يُعدّ بالثلاثين ويدفع تبيعان، وفي السبعين يعدّ بالثلاثين والأربعين فيدفع تبيع ومُسِنّة، وفي الثمانين يحسب أربعينان ويدفع مُسِنّتان، وفي التسعين يُحسب ثلاث ثلاثينات، ويدفع ثلاث تبيعات، وفي المائة يحسب ثلاثونان وأربعون، ويدفع تبيعان ومسنة، وفي المائة والعشر يحسب أربعونان وثلاثون، وفي المائة والعشرين يتخيّر بين أن يحسب أربع ثلاثينات أو ثلاث أربعينات. وفي الغنم خمسة نُصُب: أربعون، وفيها شاة، ثمّ مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان، ثمّ مائتان وواحدة، وفيها ثلاث شياه، ثمّ ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياه على الأحوط([611])، والمسألة مُشكلة جدّاً ([612])، ثمّ أربعمائة فصاعداً ففي كلّ مائة شاة بالغاً ما بلغ. (مسألة 2): تجب الزكاة في كلّ نصاب من النصب المذكورة، ولا تجب فيما نقص عن النصاب، كما لا يجب فيما بين النصابين شيء غير ما وجب في النصاب السابق، بمعنى أنّ([613]) ما وجب في النصاب السابق يتعلّق بما بين النصابين إلى النصاب اللاحق، فما بين النصابين عفو، بمعنى عدم تعلّق شيء به أكثر ممّا تعلّق بالنصاب السابق، لابمعنى عدم تعلّق شيء به رأساً. (مسألة 3): بنت المخاض: ما دخلت في السنة الثانية، وكذا التبيع والتبيعة، وبنت اللبون: ما دخلت في الثالثة، وكذا المُسِنّة، والحِقّة: ما دخلت في الرابعة، والجَذَعَة: ما دخلت في الخامسة. (مسألة 4): من وجب عليه من الإبل كبنت المخاض مثلاً ولم تكن عنده، وكان عنده أعلى منها بسنّ ـ كبنت اللبون ـ دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً ([614])، وإن كان ما عنده أخفض بسنّ دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهماً، ولا يجزي ابن اللبون عن بنت المخاض اختياراً على الأقوى. نعم إذا لم يكونا معاً عنده تخيّر([615]) في شراء أيّهما شاء، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بشراء بنت المخاض. (مسألة 5): لا يضمّ مال شخص إلى غيره، وإن كان مشتركاً أو مختلطاً متّحد المسرح والمراح والمشرب والفحل والحالب والمحلب، بل يُعتبر في كلّ واحد منهما بلوغ النصاب ولو بتلفيق الكسور، ولا يفرّق بين مالي المالك الواحد ولو تباعد مكانهما. القول في السوم (أي الرعي) (مسألة 1): يعتبر السوم تمام الحول، فلو علفت في أثنائه ـ بما يخرجها عن اسم السائمة في الحول ـ عرفاً فلا زكاة. نعم لا يقدح بمثل يوم أو يومين([616])، بل عدم قدح أيّام قلائل ـ إذا كانت متفرّقة جدّاً ـ غير بعيد. (مسألة 2): لا فرق في سقوط الزكاة في المعلوفة بين أن تعلف بنفسها، أو علّفها مالكها، أو غيره من ماله، أو من مال المالك بإذنه، أولا. كما لا فرق بين أن يكون بالاختيار أو للاضطرار أو لوجود مانع عن السوم من ثلج ونحوه، وكذا لا فرق بين أن يعلفها بالعلف المجزور أو يرسلها لترعى بنفسها في الزرع المملوك، فإنّها تخرج عن السوم بذلك كلّه. نعم الظاهر عدم خروجها عن صدق السوم باستئجار المرعى أو بشرائه إذا لم تكن مزروعاً، ثمّ إنّ ما يخلّ به هو الرعي في الأراضي المعدّة للزرع، إذا كان مزروعاً على النحو المتعارف المألوف، وأمّا لو فرض بذر البذور ـ التي هي من جنس كلأ المرعى ـ في المراتع من غير عمل في نمائها، فلا يبعد عدم إخلاله بالسوم مع الرعي فيها. وكذا لا تخرج عنه بما يدفع إلى الظالم على الرعي في الأرض المباحة. القول في الحول (مسألة 1): يتحقّق الحول بتمام الأحد عشر، والظاهر أنّ الزكاة تنتقل إلى أربابها بحلول الشهر الثاني عشر، فتصير ملكاً متزلزلاً ([617]) لهم، فيتبعه الوجوب غير المستقرّ، فلا يجوز للمالك التصرّف في النِّصاب تصرّفاً مُعدِماً لحقّهم، ولو فعل ضمن. نعم لو اختلّ أحد الشروط من غير اختيار، كأن نقص من النصاب بالتلف في خلال الشهر الثاني عشر، يرجع الملك إلى صاحبه الأوّل وينقطع الوجوب. والأقوى احتساب الشهر الثاني عشر من الحَول الأوّل لا الثاني([618])، وأمّا الشهر الأحد عشر فكما ينقطع الحول باختلال أحد الشروط فيه بغير اختيار، جاز له التصرّف في النصاب بما يوجب اختلالها، بأن عاوضها بغير جنسها وإن كان زكويّاً، أو بجنسها كغنم سائمة ستّة أشهر بغنم، أو بمثلها كالضأن بالضأن أو غير ذلك، بل الظاهر بطلان الحول بذلك وإن فعله فراراً من الزكاة([619]). (مسألة 2): لو كان مالكاً للنصاب لا أزيد فحال عليه أحوال، فإن أخرج في كلّ سنة زكاته من غيره تكرّرت لبقاء النصاب حينئذ وعدم نقصانه. نعم لو أخّر إخراج الزكاة عن آخر الحول ولو بزمان يسير ـ كما هو الغالب ـ يتأخّر مبدأ الحول اللاحق عن تمام الحول السابق بذلك المقدار، فلا يجري النصاب في الحول الجديد، إلاّ بعد إخراج زكاته من غيره، ولو أخرج زكاته منه أو لم يخرج أصلاً، ليس عليه إلاّ زكاة سنة واحدة، ولو كان مالكاً لما زاد عن النصاب، ومضى عليه أحوال ولم يؤدِّ زكاته، تجب عليه زكاة ما مضى من السنين بما زاد على تلك الزيادة بواحد، فلو كان عنده واحدة وأربعون من الغنم، ومضى عليه أحوال ولم يؤدِّ زكاتها، تجب عليه زكاة سنتين، ولو كان عنده اثنتان وأربعون تجب عليه زكاة ثلاث سنين وهكذا، ولا تجب فيما زاد لنقصانه عن النصاب. (مسألة 3): مالك النصاب إذا حصل له ـ في أثناء الحول ـ ملكٌ جديد بالنتاج أو بالإرث أو الشراء ونحوها، فإن كان بمقدار العفو، ولم يكن نصاباً مستقلاّ ولا مكمّلاً لنصاب آخر، فلا شيء عليه، كما إذا كانت عنده أربعون من الغنم فولدت أربعين، أو خمس من الإبل فولدت أربعاً. وأمّا لو كان نِصاباً مستقلاّ، كما لو ملك في أوّل السنة خمساً من الإبل، وبعد ستة أشهر ستّاً وعشرين، أو مكمّلاً لنصاب آخر، بأن كان بمقدار لو انضمّ إلى الأصل ـ بعد إخراج الفريضة ـ خرج من ذلك النصاب ودخل في نصاب آخر، كما لو ولدت أحد وثلاثون من البقر عشراً، أو ثلاثون منه أحد عشر، ومنه ما إذا ملك خمساً من الإبل ثمّ ملك بعد ستّة أشهر مثلاً خمساً، فإنّ تلك الخمس مكمّلة للخمس السابقة وليست مستقلّة([620])، فالخمس نصاب، والعشر نصاب واحد آخر، لا نصابان، وخمس عشرة نصاب واحد فيه ثلاث شياه، ففي الأوّل يعتبر لكلّ من القديم والجديد حول بانفراده، ففي المثال المتقدّم يجب عليه في آخر سنة الخمس شاة، وفي آخر سنة الجديد بنت مخاض، ثمّ يترك سنة الخمس ويستأنف للمجموع حَولاً، وكذا لو ملك في أثناء السنة نصاباً مستقلاّ كستٍّ وثلاثين وستٍّ وأربعين وهكذا، ويكون مبدأ حول النتاج أو الملك الجديد حصول الأخير الذي يكمّل به النصاب لو كان التحقّق متفرّقاً، وفي الثاني يستأنف حولاً واحداً للمجموع بعد تمام حول الأصل، ويكون مبدأ حول المجموع عند زمان انتهاء حول الأصل، وليس مبدأ حول النتاج حين الاستغناء عن اللبن بالرعي، حتّى فيما إذا كانت اُمّها معلوفة على الأقوى. القول في الشرط الأخير (مسألة): يعتبر فيها أن لا تكون عوامل في تمام الحول، فلو كانت كذلك ولو في بعضه، فلا زكاة فيها وإن كانت سائمة، والمرجع في صدق العوامل العرف. بقي الكلام فيما يؤخذ في الزكاة (مسألة 1): لا يؤخذ المريضة من نصاب السليم، ولا الهرمة من نصاب الشابّ، ولا ذات العوار من نصاب الصحيح وإن عُدّت منه، أ مّا لو كان النِّصاب بأجمعه مريضاً بمرض متّحد لم يكلّف شراء صحيحة، وأجزأت مريضة منها، ولو كان بعضه صحيحاً وبعضه مريضاً، فالأحوط لو لم يكن أقوى إخراج صحيحة من أواسط الشياه، من غير ملاحظة التقسيط، وكذا لا تؤخذ الربّى ـ وهي الشاة الوالدة إلى خمسة عشر يوماً ـ وإن بذلها المالك، إلاّ إذا كان النِّصاب كلّه كذلك، ولا الأكولة، وهي السمينة المعدّة للأكل، ولا فحل الضراب، بل لا يعدّ المذكورات من النِّصاب على الأقوى، وإن كان الأحوط عدّها منه. (مسألة 2): الشاة المأخوذة في الزكاة في الغنم والإبل وفي الجبر، ما كمل له سنة([621]) ودخل في الثانية إن كان من الضأن، وما دخل في الثالثة إن كان من المعز، وهو أقلّ ما يراد منها، ويجزي الذكر عن الاُنثى وبالعكس، والمعز عن الضأن وبالعكس ; لأنّهما جنس واحد في الزكاة كالبقر والجاموس، والإبل العراب والبخاتي. (مسألة 3): لو كان للمالك أموال متفرّقة في أماكن مختلفة، كان له إخراج الزكاة من أيّها شاء، ولا يتعيّن عليه أن يدفع من النصاب، ولا من جنس ما تعلّقت به الزكاة، بل له أن يدفع قيمتها السوقيّة من الدراهم والدنانير، بل وغيرهما([622]) من سائر الأجناس إن كان خيراً للفقراء، وإلاّ ففيه تأمّل وإن لا يخلو من وجه. والإخراج من العين أفضل([623]). والمدار في القيمة: قيمة وقت الأداء والبلد الذي هي فيه لو كانت العين موجودة، ولو كانت تالفة بالضمان فالظاهر أنّ المدار قيمة يوم التلف وبلده، والأحوط أكثر الأمرين من ذلك ومن يوم الأداء وبلده. الفصل الثاني: في زكاة النقدين ويعتبر فيها ـ مضافاً إلى ما عرفت من الشرائط العامّة ـ أُمور: الأوّل: النصاب، وهو في الذهب عشرون ديناراً، وفيه عشرة قراريط هي نصف الدينار، والدينار مثقال شرعيّ، وهو ثلاثة أرباع الصيرفي، فيكون العشرون ديناراً خمسة عشر مثقالاً صيرفيّاً، وزكاته ربع المثقال وثمنه، ولا زكاة فيما دون عشرين، ولا فيما زاد عليها حتّى يبلغ أربعة دنانير ـ وهي ثلاثة مثاقيل صيرفيّة ـ ففيها قيراطان، إذ كلّ دينار عشرون قيراطاً، وهكذا كلّما زاد أربعة، وليس فيما نقص عن أربعة دنانير شيء، لكن لا بمعنى عدم تعلّق الزكاة به رأساً كما قبل العشرين، بل المراد بالعفو عمّا بين النِّصابين: هو أنّ ما زاد عن نِصاب إلى أن بلغ نصاباً آخر متعلَّق للفرض السابق، فالعشرون مبدأ النِّصاب الأوّل إلى أربعة وعشرين. وهو متعلّق للفرض الأوّل، أي نصف الدينار، فإذا بلغت أربعة وعشرين زاد قيراطان إلى ثمانية وعشرين، فزاد قيراطان وهكذا. ونِصاب الفضّة مائتا درهم، وفيه خمس دراهم، ثمّ كلّما زاد أربعين كان فيها درهم بالغاً ما بلغ، وليس فيما دون المائتين شيء، وكذا فيما دون الأربعين، لكن بالمعنى المتقدّم في الذهب، والدرهم ستّة دوانيق عبارة عن نصف مثقال شرعيّ وخمسه ; لأنّ كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعيّة. فائدة: الضابط الكلّي في تأدية زكاة النقدين: أنّهما بعدما بلغا حدّ النِّصاب ـ أعني عشرين ديناراً، أو مأتي درهم ـ يُعطي من كلّ أربعين واحداً، فقد أدّى ما وجب عليه، وإن زاد على المفروض في بعض الصور بقليل، ولا بأس به، بل أحسن وزاد خيراً. الثاني: كونهما منقوشين بسكّة المعاملة من سلطان أو شبهه ـ ولو في بعض الأزمنة والأمكنة ـ بسكّة الإسلام أو الكفر بكتابة أو غيرها، ولو صارا ممسوحين بالعارض، وأمّا الممسوحان بالأصل فلا تجب فيهما، إلاّ إذا كانا رائجين فتجب على الأحوط، ولو اتخذ المسكوك حلية للزينة مثلاً فلا تجب الزكاة فيه([624]) ; زاده الاتّخاذ في القيمة أو نقصه، كانت المعاملة على وجهها ممكنة أولا. الثالث: الحول، ويُعتبر أن يكون النصاب موجوداً فيه أجمع، فلو نقص عنه في أثنائه، أو تبدّلت أعيان النصاب بجنسه أو غيره، أو بالسبك ولو بقصد الفرار، لم تجب فيه زكاة وإن استحبّت في هذه الصورة، بل هو الأحوط. نعم لو كان السبك بعد وجوب الزكاة بحول الحول لم تسقط. (مسألة 1): يُضمّ الدراهم والدنانير بعضها إلى بعض ـ بالنسبة إلى تحقّق النصاب ـ وإن اختلف من حيث الاسم والسكّة، بل من حيث القيمة واختلاف الرغبة، فيُضمّ القِران الإيراني إلى المجيدي والروپيّة، بل يضمّ الرائج الفعلي إلى المهجور. وأمّا بالنسبة إلى إخراج الزكاة، فإن تطوّع المالك بالإخراج من الأرغب والأكمل فقد أحسن وزاد خيراً، وإلاّ أخرج من كلّ بقسطه ونسبته على الأقوى، ولا يجوز الاجتزاء بالفرد الأدون عن الجميع. (مسألة 2): الدراهم المغشوشة ـ بما يخرجها عن اسم الفضّة الخالصة ولو الرديّة ـ لا زكاة فيها حتّى بلغ خالصها النصاب، ولو شكّ فيه ولم يكن طريق إلى التعرّف لم تجب الزكاة، والأحوط التصفية ونحوها للاختبار، وإن كان الأقوى عدم وجوبه([625]). (مسألة 3): لو أخرج المغشوشة زكاة عن الخالصة أو المغشوشة، فإن علم بأنّ ما فيها من الخالصة بمقدار الفريضة فهو، وإلاّ فلابدّ من تحصيل العلم بذلك، ولو بإعطاء مقدار يعلم بأنّ ما فيه من الخالصة ليس بأنقص منها. (مسألة 4): لو ملك النصاب ولم يعلم هل فيه غشّ أم لا ؟ فالأقوى عدم وجوب شيء، وإن كان الأحوط التزكية. (مسألة 5): لو اقترض النصاب وتركه بحاله عنده حتّى حال عليه الحول، يكون زكاته عليه لا على المقرض، بل لو شرط كونها عليه لم يلزم الشرط إذا كان المقصود وجوبها عليه. نعم لو شرط عليه التبرّع عنه بأداء ما وجب عليه يلزمه، ولو لم يفِ المقرض بالشرط لم تسقط عن المقترض، بل يجب عليه أداؤها. الفصل الثالث: في زكاة الغلاّت وقد تقدّم أنّه لا تجب الزكاة إلاّ في أربعة أجناس: أي الحِنطة والشعير والتمر والزبيب. ولا يلحق السلت ـ الذي هو كالشعير في طبعه على ما قيل، وكالحنطة في ملاسته وعدم قشره ـ بالشعير، فلا تجب فيها الزكاة وإن كان أحوط. ولا يُترك الاحتياط بإلحاق العلس بالحنطة، ولا تجب في غيرها، وإن استحبّت في بعض الأشياء كما مرّ. وحكم ما تستحبّ فيه حكم ما تجب فيه، من اعتبار بلوغ النصاب، ومقدار ما يخرج منه، ونحو ذلك. ويقع الكلام في زكاة الغلاّت في مطالب: المطلب الأوّل يعتبر فيها أمران: الأوّل: بلوغ النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسق ستّون صاعاً، فهو ثلاثمائة صاع، والصاع تسعة أرطال بالعراقي، وستّة بالمدني ; لأنّه أربعة أمداد، والمُدّ رِطلان وربع بالعراقي، ورِطل ونصف بالمدني، فيكون النصاب ألفين وسبعمائة رِطل بالعراقي، وألفاً وثمانمائة رِطل بالمدني، والرِّطل العراقي مائة وثلاثون درهماً عبارة عن أحد وتسعين مثقالاً شرعيّاً وثمانية وستّين مثقالاً وربع مثقال صيرفيّ، وبحسب حُقّة النجف ـ التي هي عبارة عن تسعمائة وثلاثة وثلاثين مثقالاً صيرفيّاً وثلث مثقال ـ ثماني وزنات وخمس حُقق ونصف إلاّ ثمانية وخمسين مثقالاً وثلث مثقال، وبحُقّة الإسلامبول ـ وهي مائتان وثمانون مثقالاً ـ سبع وعشرون وزنة وعشر حُقق وخمسة وثلاثون مثقالاً، وبالمنّ الشاهي المتداول في بعض بلاد إيران ـ الذي هو عبارة عن ألف ومائتي مثقال وثمانين مثقالاً صيرفيّاً ـ مائة منّ وأربعة وأربعون منّاً إلاّ خمسة وأربعين مثقالاً صيرفيّاً، وبالمنّ التبريزي المتداول في بعض بلاد إيران مائتان وثمانية وثمانون منّاً إلاّ خمسة وأربعين مثقالاً صيرفيّاً، وبالكيلو المتعارف في هذا العصر (207 / 847) تقريباً، فلا زكاة في الناقص عن النصاب ولو يسيراً، كما أنّه تجب في النصاب وما زاد عليه ولو يسيراً. (مسألة 1): المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف وإن كان زمان التعلّق قبل ذلك، فلو كان عنده خمسة أوسق من الرطب ـ لكن ينقص عنها حال الجفاف ـ فلا زكاة، حتّى أنّ مثل البربن وشبهه ـ ممّا يؤكل رطباً ـ إنّما تجب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب تمراً وإن قلّ التمر منه، ولو فرض عدم صدق التمر على يابسه لم تجب الزكاة. (مسألة 2): إذا كان له نخيل أو كُروم أو زروع في بلاد متباعدة ـ يُدرك بعضها قبل بعض ولو بشهر أو شهرين أو أكثر ـ يضمّ بعضها إلى بعض بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد، وحينئذ إن بلغ ما أدرك منه النصاب تعلّق الوجوب به وأخرج ما هو فريضته، وما لم يدرك يجب ما هو فريضته عند إدراكه قلّ أو كثر، وإن لم يبلغ النصاب ما سبق إدراكه تربّص حتّى يدرك([626]) ما يكمل النصاب، ولو كان له نخل يطلع أو كرم يُثمر في عام مرّتين، ضمّ الثاني إلى الأوّل على إشكال. الأمر الثاني: التملّك بالزراعة إن كان ممّا يزرع، أو انتقال الزرع أو الثمرة ـ مع الشجرة أو منفردة ـ إلى ملكه قبل تعلّق الزكاة، فتجب عليه الزكاة على الأقوى فيما إذا نمت مع ذلك في ملكه، وعلى الأحوط في غيره([627]). (مسألة 3): المشهور عند المتأخّرين أنّ وقت تعلّق الزكاة عند اشتداد الحبّ في الزرع، وحين بدوّ الصلاح، أعني حين الاصفرار أو الاحمرار في ثمرة النخل، وعند انعقاد الحصرم في ثمرة الكرم. والأقوى أنّ المدار هو التسمية حِنطة أو شعيراً أو تمراً ([628])، ولا يترك الاحتياط في الزبيب في الثمرة المترتّبة على القولين في المسألة. (مسألة 4): وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغَلّة واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب. وهذا هو الوقت الذي لو أخّرها عنه ضمن، ويجوز للساعي مطالبة المالك فيه ويلزمه القبول، ولو طالبه قبله لم يجب عليه القبول. وفي جواز الإخراج في هذا الحال إشكال، بل الأقوى عدمه لو انجرّ الإخراج إلى الفساد، ولو قلنا بأنّ وقت التعلّق حين بدوّ الصلاح. (مسألة 5): لو أراد المالك الاقتطاف حصرماً أو عنباً أو بسراً أو رطباً جاز، ووجب أداء الزكاة على الأحوط من العين أو القيمة، بعد فرض بلوغ تمرها وزبيبها النصاب، وإن كان الأقوى عدم الوجوب. (مسألة 6): يجوز للمالك دفع الزكاة والثمر على الشجر قبل الجذاذ وبعد التعلّق من نفس الثمر أو قيمته. (مسألة 7): لو ملك نخلاً أو كرماً أو زرعاً قبل زمان التعلّق، فالزكاة عليه فيما نمت مع ذلك في ملكه على الأقوى، وفي غيره على الأحوط([629]) كما مرّ، فيجب عليه إخراج الزكاة بعد التعلّق مع اجتماع الشرائط. بخلاف ما إذا ملك بعد زمان التعلّق، فإنّ الزكاة على من انتقل عنه ممّن كان مالكاً حال التعلّق، ولو باعه مثلاً قبل أداء ما عليه فهو فضوليّ بالنسبة إلى حصّة الزكاة، يحتاج إلى إجازة الحاكم، فإن أجاز ردّ الثمن إليه بالنسبة ورجع إلى البائع به، وإن ردّه أدّى الزكاة، وله الرجوع إلى البائع بثمنه بالنسبة. هذا إذا أحرز عدم التأدية، ومع إحرازها أو احتمالها لا شيء عليه. (مسألة 8): لو باع الزرع أو الثمر، وشكّ في أنّ البيع كان بعد زمان التعلّق حتّى تكون الزكاة عليه، أو قبله حتّى تكون على المشتري، لم يكن عليه شيء إلاّ إذا علم زمان التعلّق وجهل زمان البيع، فيجب عليه حينئذ إخراجها على الأقوى([630]). ولو شكّ المشتري في ذلك، فإن كان قاطعاً بأنّ البائع لم يؤدِّ زكاته ـ على تقدير كون الشراء بعد زمان التعلّق ـ يجب عليه إخراجها مطلقاً، على الأحوط فيما إذا احتمل أنّ الشراء في زمان تمّ نماء الزرع ولم ينم في ملكه، وعلى الأقوى في غيره. وإن لم يكن قاطعاً بذلك، بل كان قاطعاً بأدائها على ذلك التقدير أو احتمله، ليس عليه شيء مطلقاً، حتّى فيما إذا علم زمان البيع وشكّ في تقدّم التعلّق وتأخّره على الأقوى، وإن كان الأحوط في هذه الصورة إخراجها. (مسألة 9): لو مات المالك بعد تعلّق الزكاة وقبل إخراجها، تخرج من عين ما تعلّقت به الزكاة إن كان موجوداً، ومن تركته إن تلف مضموناً عليه. نعم لورثته أداء قيمة الزكوي مع بقائه أيضاً. ولو مات قبله وجبت على من بلغ سهمه النصاب ـ من الوَرَثة ـ مع اجتماع سائر الشرائط، على الأحوط([631]) فيما إذا انتقل إليهم بعد تمام نموّه وقبل تعلّق الوجوب، وعلى الأقوى إذا كان الانتقال قبل تمامه، فإذا لم يبلغ سهم واحد منهم النصاب، أو اختلّ بعض شروط اُخر، فلا زكاة. ولو لم يعلم أنّ الموت كان قبل التعلّق أو بعده، فمن بلغ سهمه النصاب يجب عليه إخراج زكاة حصّته على الأقوى في بعض الصور، وعلى الأحوط في بعض([632])، ومن لم يبلغ نصيبه حدّ النصاب لا يجب عليه شيء، إلاّ إذا علم زمان التعلّق وشكّ في زمان الموت، فتجب على الأقوى([633]). (مسألة 10): لو مات الزارع أو مالك النخل والكرم وكان عليه دين، فإن كان موته بعد تعلّق الوجوب وجب إخراج الزكاة ـ كما مرّ ـ حتّى فيما إذا كان الدين مستوعباً للتركة، ولا يتحاصّ الغرماء مع أرباب الزكاة، إلاّ إذا صارت في ذمّته في زمان حياته بسبب إتلافه أو التلف مع التفريط، فيقع التحاصّ بينهم كسائر الديون. وإن كان موته قبل تعلّق الوجوب، فإن كان قبل ظهور الحبّ والثمر، فمع استيعاب الدين التركة وكونه زائداً عليها ـ بحيث يستوعب النماءات أيضاً ـ لا تجب على الورثة الزكاة، بل تكون ـ كأصل التركة ـ بحكم مال الميّت على الأقوى يؤدّى منها دينه. ومع استيعابه التركة وعدم زيادته عليها، لو ظهرت الثمرة بعد الموت، يصير مقدار الدين بعد ظهورها من التركة أصلاً ونماءً بحكم مال الميّت بنحو الإشاعة بينه وبين الورثة، ولا تجب الزكاة فيما يقابله، ويُحسب النصاب بعد توزيع الدين على الأصل والثمرة، فإن زادت حصّة الوارث من الثمرة بعد التوزيع وبلغت النصاب تجب الزكاة عليه، ولو تلف بعض الأعيان من التركة يكشف عن عدم كونه ممّا يؤدّى منه الدين، وعدم كونه بحكم مال الميت، وكان ماله فيما سوى التالف واقعاً. ومنه يظهر الحال لو كان الموت بعد ظهوره وقبل تعلّق الوجوب. نعم الاحتياط بالإخراج مع الغرامة للديّان أو استرضائهم مطلقاً حسن، سيّما فيما كان الموت قبل ظهوره، ولو كان الورثة قد أدّوا الديون أو ضمنوه برضا الديّان قبل تعلّق الوجوب، وجبت الزكاة على من بلغ سهمه النِّصاب مع اجتماع الشرائط. (مسألة 11): في المزارعة والمساقاة الصحيحتين ـ حيث إنّ الحاصل مشترك بين المالك والعامل ـ تجب على كلّ منهما الزكاة في حصّته مع اجتماع الشرائط بالنسبة إليه. بخلاف الأرض المستأجرة للزراعة، فإنّ الزكاة على المستأجر مع اجتماع الشرائط، وليس على الموجر شيء وإن كانت الاُجرة من الجنس الزكوي. (مسألة 12): في المزارعة الفاسدة تكون الزكاة على صاحب البذر، واُجرة الأرض والعامل من المؤن. وفي المساقاة الفاسدة تكون الزكاة على صاحب الاُصول، وتحسب اُجرة مثل عمل المساقي من المؤن. (مسألة 13): لو كان عنده أنواع من التمر ـ كالزاهدي والخستاوي والقنطار وغير ذلك ـ يُضمّ بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب، والأحوط الدفع من كلّ نوع بحصّته، وإن كان الأقوى جواز الاجتزاء بمطلق الجيّد عن الكلّ وإن اشتمل على الأجود. ولا يجوز دفع الرديء عن الجيّد على الأحوط. وهكذا الحال في أنواع العنب. (مسألة 14): يجوز تقبّل كلّ من المالك والحاكم أو من يبعثه حصّة الآخر بخرص أهل الخبرة. والظاهر أن التخريص هاهنا كالتخريص في المزارعة ممّا وردت فيها النصوص، وهو معاملة عقلائيّة([634]) برأسها، وفائدتها صيرورة المال المشاع معيّناً على النحو الكلّي في المعيّن في مال المتقبل. ولابدّ في صحّتها وقوعها بين المالك ووليّ الأمر، وهو الحاكم أو من يبعثه لعمل الخرص، فلايجوز للمالك الاستبداد بالخرص والتصرّف بعده كيف شاء([635]). نعم بعد التقبّل بالتخريص مع الوالي يجوز له التصرّف بما شاء، من دون احتياج إلى الضبط والحساب. ويشترط فيه الصيغة، وهي ما دلّت على ذاك التقبّل وتلك المعاملة. والظاهر ان التلف بآفة سماويّة وظلم ظالم على المتقبّل، إلاّ أن يكون مستغرقاً أو بمقدار صارت البقيّة أنقص من الكلّي، فلا يضمن ما تلف، ويجب ردّ ما بقي إلى الحاكم إن كان المتقبّل المالك دون الحاكم، ثمّ إن زاد ما في يد المالك المتقبّل عمّا عيّن بالخرص كان له، وإن نقص كان عليه، ووقت الخرص بعد تعلّق الزكاة. المطلب الثاني إنّما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان من عين الحاصل بعنوان المقاسمة، وما يأخذه نقداً باسم الخراج ـ أيضاً على الأصحّ ـ إذا كان مضروباً على الأرض باعتبار الجنس الزكوي، ولو كان باعتبار الأعمّ منه فبحسابه. ولو أخذ العمّال زائداً على ما قرّره السلطان ظلماً، فإن أخذوا من نفس الغلّة([636]) قهراً فالظلم وارد على الكلّ، ولا يضمن المالك حصّة الفقراء، ويكون بحكم الخراج في أنّ اعتبار الزكاة بعد إخراجه بالنسبة. وإن أخذوا من غيرها، فالأحوط([637]) عدم الاحتساب على الفقراء، خصوصاً إذا كان الظلم شخصيّاً، بل عدم جوازه حينئذ لا يخلو من قوّة، وإنّما يعتبر إخراج ما يأخذه بالنسبة إلى اعتبار الزكاة، فيخرج من الوسط، ثمّ يؤدّي العشر أو نصف العشر ممّا بقي. وأمّا بالنسبة إلى اعتبار النصاب، فإن كان ما ضُرب على الأرض بعنوان المقاسمة فلا إشكال في أنّ اعتباره بعده، بمعنى أنّه يلاحظ بلوغ النصاب في حصّته، لا في المجموع منها ومن حصّة السلطان، ولو كان بغير عنوان المقاسمة ففيه إشكال، والأحوط لو لم يكن الأقوى اعتباره قبله. (مسألة 1): الظاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السلطان المخالف، المدّعي للخلافة والولاية على المسلمين بغير استحقاق، بل يعمّ سلاطين الشيعة الذين لا يدّعون ذلك، بل لا يبعد شموله لكلّ مستول على جباية الخراج، حتّى فيما إذا لم يكن سلطان، كبعض الحكومات المتشكّلة في هذه الأعصار، وفي تعميم الحكم لغير الأراضي الخراجيّة ـ مثل ما يأخذه الجائر من أراضي الصلح، أو التي كانت مواتاً فتملّكت بالإحياء ـ وجه لا يخلو من قوّة. (مسألة 2): الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها، من غير فرق بين السابقة على زمان التعلّق واللاحقة، والأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ اعتبار النِّصاب قبل إخراجها، فإذا بلغ النصاب تعلّق الزكاة به مع اجتماع سائر الشرائط، ولكن تخرج المؤن من الكلّ، ثمّ يخرج العُشر أو نصف العُشر من الباقي قلّ أو كثر. ولو استوعبت المؤونة تمام الحاصل فلا زكاة. والمراد بالمؤونة: كلّ ما يغرمه المالك في نفقة هذه الثمرة، ويصرفه في تنميتها وحفظها وجمعها، كالبذر وثمن الماء المشترى لسقيها، واُجرة الفلاّح والحارث والحارس والساقي والحصّاد والجذّاذ، واُجرة العوامل التي يستأجرها للزرع، واُجرة الأرض ولو كانت غصباً ولم ينوِ إعطاء اُجرتها لمالكها، وما يصرفه لتجفيف الثمرة وإصلاح النخل وتسطيح الأرض وتنقية النهر، بل وفي إحداثه لو كان هذا الزرع والنخل والكرم محتاجاً إليه. والظاهر أنّه ليس منها ما يصرفه مالك البستان مثلاً في حفر بئر أو نهر أو بناء دولاب أو ناعور أو حائط، ونحو ذلك ممّا يعدّ من مؤونة تعمير البستان، لا من مؤونة ثمرته. نعم إذا صرف ذلك مشتري الثمرة ونحوه ; لأجل الثمر الذي اشتراه أو ملكه بالإجارة، يكون من مؤونته. ولا يحسب منها اُجرة المالك إذا كان هو العامل، ولا اُجرة المتبرّع بالعمل، ولا اُجرة الأرض والعوامل إذا كانت مملوكة له. بل الأحوط عدم احتساب ثمن العوامل والآلات ـ التي يشتريها للزرع والسقي ـ ممّا يبقى عينها بعد استيفاء الحاصل. نعم في احتساب ما يرد عليها من النقص بسبب استعمالها في الزرع والسقي وجه([638])، لكن الأحوط خلافه. وفي احتساب ثمن الزرع والثمر إشكال، لا يبعد الاحتساب، لكن يقسّط على التبن والحنطة مثلاً بالنسبة. (مسألة 3): الظاهر أنّه يلاحظ في البذر قيمته يوم الزرع لا مثله، سواء كان من ماله أو اشتراه، فلو كان بعضه من ماله الغير المزكّى، فالظاهر صيرورة الفقراء شريكاً مع الزارع بمقدار حصّتهم، وتحسب البقيّة من المؤونة. (مسألة 4): لو كان مع الزكوي غيره وزّعت المؤونة عليهما بالنسبة، وكذا الخراج الذي يأخذه السلطان، إن كان مضروباً على الأرض باعتبار مطلق الزرع لا خصوص الزكوي، والظاهر توزيعها على التبن والحبّ. (مسألة 5): لو كان للعمل مدخليّة في ثمر سنين عديدة، فلا يبعد التفصيل بين ما كان عمله لها فيوزّع عليها، وبين ما إذا عمل للسنة الاُولى وإن انتفع منه في سائر السنين قهراً، فيحسب من مؤونة الاُولى، فيكون غيرها بلا مؤونة من هذه الجهة. (مسألة 6): لو شكّ في كون شيء من المؤن أولا لم يُحسب منها. المطلب الثالث كلّ ما سقي سيحاً ـ ولو بحفر نهر ونحوه ـ أو بعلاً ـ وهو ما يشرب بعروقه ـ أو عذياً ـ وهو ما يسقى بالمطر ـ ففيه العشر، وما يُسقى بالعلاج ـ بالدلو والدوالي والنواضح والمكائن ونحوها من العلاجات ـ ففيه نصف العشر، وإن سقي بهما فالحكم للأكثر الذي يسند السقي إليه عرفاً، وإن تساويا ـ بحيث لم يتحقّق الإسناد المذكور، بل يصدق أنّه سقي بهما ـ ففي نصفه العشر وفي نصفه الآخرنصف العشر. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإخراج العشر إذا كان الأكثر بغير علاج ولو مع صدق السقي بهما، ومع الشكّ فالواجب الأقلّ إلاّ في المسبوق بالسقي بغير علاج، ولو شكّ في سلب ذلك يجب الأكثر، بل الأحوط ذلك مطلقاً. (مسألة 1): الأمطار العادية في أيّام السنة لا تُخرج ما يُسقى بالدوالي عن حكمه، إلاّ إذا استُغني بها عن الدوالي أو صار مشتركاً بينهما. (مسألة 2): لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلاً عبثاً أو لغرض، فزرعها آخر وشرب الزرع بعروقه، يجب العشر على الأقوى. وكذا إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع، ثمّ بدا له أن يزرع زرعاً يشرب بعروقه، بل وكذا إذا أخرجه لزرع، فزاد وجرى على أرض اُخرى، فبدا له أن يزرع فيها زرعاً يشرب بعروقه. القول في أصناف المستحقّين للزكاة ومصارفها وهي ثمانية: الأوّل والثاني: الفقراء والمساكين، والثاني أسوأ حالاً من الأوّل، وهم الذين لا يملكون مؤونة سنتهم اللائقة بحالهم ـ لهم ولمن يقومون به ـ لا فعلاً ولا قوّة، فمن كان ذا اكتساب يموّن به نفسه وعياله على وجه يليق بحاله، ليس من الفقراء والمساكين، ولا تحلّ له الزكاة، وكذا صاحب الصنعة والضيعة وغيرهما ممّا يحصل به مؤونته. ولو كان قادراً على الاكتساب لكن لم يفعل تكاسلاً، فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عن أخذها وإعطائها إيّاه، بل عدم الجواز لا يخلو من قوّة([639]). (مسألة 1): مبدأ السنة ـ التي تدور صفتا الفقر والغنى مدار مالكيّة مؤونتها وعدمها ـ هو زمان إعطاء الزكاة، فيلاحظ كفايته وعدمها في ذلك الزمان، فكلّ زمان كان مالكاً لمقدار كفاية سنته كان غنيّاً، فإذا نقص عن ذلك بعد صرف بعضه يصير فقيراً. (مسألة 2): لو كان له رأس مال يكفي لمؤونة سنته لكن لم يكفه ربحه، أو ضيعة تقوم قيمتها بمؤونة سنة أو سنوات لكن لا تكفيه عوائدها، لا يكون غنياً، فيجوز له أن يبقيها ويأخذ من الزكاة بقيّة المؤونة. (مسألة 3): الأحوط عدم إعطاء الفقير أزيد من مؤونة سنته([640])، كما أنّ الأحوط للفقير عدم أخذه، وأنّ الأحوط ـ أيضاً ـ في المكتسب الذي لا يفي كسبه، وصاحب الضيعة التي لا يفي حاصلها، والتاجر الذي لا يكفي ربحه بمؤونته، الاقتصار على التتمّة أخذاً وإعطاءً. (مسألة 4): دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ـ ولو لعزّه وشرفه ـ والثياب والألبسة الصيفيّة والشتويّة والسفريّة والحضريّة ـ ولو كانت للتجمّل ـ والفرش والظروف وغير ذلك، لا يمنع عن إعطاء الزكاة وأخذها. نعم لو كان عنده أزيد من مقدار حاجته المتعارفة ـ بحسب حاله وزيّه ـ بحيث لو صرفها تكفي لمؤونة سنته، لا يجوز له الأخذ. (مسألة 5): لو كان قادراً على التكسّب ـ ولو بالاحتطاب والاحتشاش ـ لكن ينافي شأنه، أو يشقّ عليه مشقّة شديدة لكبر أو مرض ونحو ذلك، يجوز له أخذ الزكاة، وكذا إذا كان صاحب صنعة أو حرفة لا يمكنه الاشتغال بها ; لفقد الأسباب أو عدم الطالب. (مسألة 6): إن لم يكن له حرفة وصنعة لائقة بشأنه فعلاً، ولكن يقدر على تعلّمها بغير مشقّة شديدة، ففي جواز تركه التعلّم وأخذه الزكاة إشكال([641])، فلا يترك الاحتياط. نعم لا إشكال في جوازه إذا اشتغل بالتعلّم مادام مشتغلاً به. (مسألة 7): يجوز لطالب العلم ـ القادر على التكسّب اللائق بشأنه ـ أخذُ الزكاة من سهم سبيل الله، إذا كان التكسّب مانعاً عن الاشتغال أو موجباً للفتور فيه، سواء كان ممّا يجب تعلّمه ـ عيناً أو كفاية ـ أو يستحبّ([642]). (مسألة 8): لو شكّ أنّ ما في يده كاف لمؤونة سنته، لا يجوز له أخذ الزكاة، إلاّ إذا كان مسبوقاً بعدم وجود ما به الكفاية، ثمّ وجد ما يشكّ في كفايته. (مسألة 9): لو كان له دَين على الفقير جاز احتسابه زكاةً، ولو كان ميّتاً بشرط أن لا يكون له تركة تفي بدينه، وإلاّ لا يجوز. نعم لو كانت له تركة، لكن لا يمكن استيفاء الدَّين منها لامتناع الورثة أو غيره، فالظاهر الجواز. (مسألة 10): لو ادّعى الفقر فإن عُرف صدقه أو كذبه عومل به، ولو جُهل حاله اُعطي من غير يمين مع سبق فقره، وإلاّ فالأحوط([643]) اعتبار الظنّ بصدقه الناشئ من ظهور حاله، خصوصاً مع سبق غِناه. (مسألة 11): لا يجب إعلام الفقير أنّ المدفوع إليه زكاة، بل يُستحبّ دفعها على وجه الصلة ظاهراً والزكاة واقعاً، إذا كان ممّن يترفّع ويدخله الحياء منها([644]). (مسألة 12): لو دفع الزكاة إلى شخص على أنّه فقير فبان غناه، استرجعت منه مع بقاء العين، بل مع تلفها ضامن مع علمه بكونها زكاة، وإن كان جاهلاً بحرمتها على الغني، بل مع احتمال أنّها زكاة فالظاهر([645]) ضمانه. نعم مع إعطائه بغير عنوانها سقط الضمان، كما أنّه مع قطعه بعدمها سقط. ولا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة وغيرها. وكذا الحال([646]) فيما لو دفعها إلى غنيّ جاهلاً بحرمتها عليه. ولو تعذّر استرجاعها في الصورتين، أو تلفت بلا ضمان أو معه، وتعذّر أخذ العوض منه، كان ضامناً وعليه الزكاة، إلاّ إذا أعطاه بإذن شرعيّ، كدعوى الفقر بناء على اعتبارها، فالأقوى حينئذ عدم الضمان. نعم لو كان إحرازه بأمارة عقليّة كالقطع فالظاهر الضمان. ولو كان الدافع هو المجتهد أو وكيله لا ضمان عليه مع عدم التقصير، بل ولا على المالك ـ أيضاً ـ لو دفعه إليه أو إلى وكيله بعنوان أنّه وليّ عامّ على الفقراء، وأمّا إذا كان بعنوان الوكالة عن المالك فالظاهر ضمانه، فيجب عليه أداء الزكاة ثانياً. الثالث: العاملون عليها، وهم الساعون في جبايتها، المنصوبون من قِبَل الإمام(عليه السلام)أو نائبه لأخذها وضبطها وحسابها، فإنّ لهم من الزكاة سهماً لأجل عملهم وإن كانوا أغنياء، والإمام(عليه السلام) ـ أو نائبه ـ مخيّر بين أن يقدّر لهم جعالة أو اُجرة عن مدّة مقرّرة، وبين أن لا يجعل لهم جعلاً فيعطيهم ما يراه، والأقوى عدم سقوط هذا الصنف في زمان الغيبة، مع بسط يد الحاكم ولو في بعض الأقطار. الرابع: المؤلّفة قلوبهم، وهم الكفّار الذين يراد اُلفتهم إلى الجهاد([647]) أو الإسلام، والمسلمون الذين عقائدهم ضعيفة، فيعطون لتأليف قلوبهم، والظاهر عدم سقوطه في هذا الزمان. الخامس: في الرقاب، وهم المكاتَبون العاجزون عن أداء مال الكتابة، والعبيد تحت الشدّة، بل مطلق عتق العبد، سواء وجد المستحقّ للزكاة أم لا، فهذا الصنف عامّ لمطلق عتق الرقبة، لكن يُشترط في المكاتب العجز المذكور. السادس: الغارمون، وهم الذين علّتهم الديون في غير معصية ولا إسراف، ولم يتمكّنوا من وفائها ولو ملكوا قوت سنتهم. (مسألة 13): المراد بالدين: كلّ ما اشتغلت به الذِّمّة ولو كان مهراً لزوجته، أو غرامة لما أتلفه أو تلف عنده مضموناً. والأقوى عدم اعتبار الحلول فيه، والأحوط اعتباره. (مسألة 14): لو كان المديون كسوباً يتمكّن من قضائه تدريجاً، فإن لم يرضَ بذلك الديّان، ويطلبون منه التعجيل، فلا إشكال في جواز إعطائه من هذا السهم، وإلاّ فالأحوط عدم إعطائه. (مسألة 15): لو كان المديون ممّن تجب نفقته على من عليه الزكاة، جاز له إعطاؤه لوفاء دينه وإن لم يجز لنفقته. (مسألة 16): كيفيّة صرف الزكاة في هذا المصرف: إمّا بدفعها إلى المديون ليوفي دينه، وإمّا بالدفع إلى الدائن وفاءً عن دينه، ولو كان الغريم مديوناً لمن عليه الزكاة جاز له احتساب ما في ذمّته زكاة، كما جاز له أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاءً للدين الذي على الغريم، ويبرأ بذلك ذمّته وإن لم يقبضها ولم يوكّل المالك في قبضها، بل ولم يكن له اطّلاع بذلك. (مسألة 17): لو كان لمن عليه الزكاة دين على شخص، وكان لذلك الشخص دين على فقير، جاز له احتساب ما على ذلك الشخص زكاة، ثمّ احتسابه له وفاءً عمّا له على ذلك الفقير، كما جاز أن يُحيله ذلك الشخص على ذلك الفقير، فيبرأ بذلك ذمّةُ ذلك الشخص عن دين من عليه الزكاة، وذمّةُ الفقير عن دين ذلك الشخص، ويشتغل لمن عليه الزكاة، فجاز له أن يحسب ما في ذمّته زكاة كما مرّ. (مسألة 18): قد مرّ اعتبار كون الدين في غير معصية، والمدار صرفه فيها، لا كون الاستدانة لأجلها، فلو استدان لا للمعصية فصرفه فيها، لم يعط من هذا السهم، بخلاف العكس. السابع: في سبيل الله، ولا يبعد أن يكون هو المصالح العامّة للمسلمين والإسلام، كبناء القناطر وإيجاد الطرق والشوارع وتعميرها، وما يحصل به تعظيم الشعائر وعُلُوّ كلمة الإسلام، أو دفع الفتن والمفاسد عن حوزة الإسلام وبين القبيلتين من المسلمين وأشباه ذلك، لا مطلق القربات كالإصلاح بين الزوجين والولد والوالد. الثامن: ابن السبيل، وهو المنقطَع به في الغُربة وإن كان غنيّاً في بلده إذا كان سفره مباحاً، فلو كان في معصية لم يعط. وكذا لو تمكّن من الاقتراض وغيره، فيدفع إليه منها ما يوصله إلى بلده على وجه يليق بحاله وشأنه، أو إلى محلّ يمكنه تحصيل النفقة ولو بالاستدانة، ولو وصل إلى بلده وفضل ممّا اُعطي شيء ـ ولو بسبب التقتير على نفسه ـ أعاده على الأقوى حتّى في مثل الدابّة والثياب ونحوها، فيوصله إلى الدافع أو وكيله، ومع تعذّره أو حرجيّته يوصله إلى الحاكم، وعليه ـ أيضاً ـ إيصاله إلى أحدهما، أو الاستئذان من الدافع في صرفه على الأحوط لو لم يكن الأقوى. (مسألة 19): إذا التزم بنذر أو شبهه أن يعطي زكاته فقيراً معيّناً، أو صرفها في مصرف معيّن من مصارف الزكاة، وجب عليه، لكن لو سها وأعطى غيره أو صرفها في غيره أجزأه، ولا يجوز استردادها من الفقير حتّى مع بقاء العين، بل الظاهر كذلك فيما لو أعطاه أو صرفها مع الالتفات والعمد، وإن أثم بسبب مخالفة النذر حينئذ وتجب عليه الكفارة. القول في أوصاف المستحقّين للزكاة وهي أُمور: الأوّل: الإيمان، فلا يُعطى الكافر([648])، ولا المخالف للحقّ([649]) وإن كان من فرق الشيعة، بل ولا المستضعف من فرق المخالفين، إلاّ من سهم المؤلّفة قلوبهم([650])، ولا يُعطى ابن الزنا([651]) من المؤمنين في حال صغره، فضلاً عمّن كان من غيرهم. ويُعطى أطفال الفرقة الحقّة، من غير فرق بين الذكر والاُنثى، ولا بين المميّز وغيره، بل لو تولّد بين المؤمن وغيره اُعطي منها إذا كان الأب([652]) مؤمناً، ومع عدم إيمانه لا يُعطى وإن كانت الاُمّ مؤمنة. ولا تُسلّم إلى الطفل، بل تُدفع إلى وليّه، أو يصرفها عليه بنفسه أو بواسطة أمين. والمجنون كالطفل. أ مّا السفيه فيجوز الدفع إليه وإن تعلّق الحجر به مع شرائطه. الثاني: أن لا يكون شارب الخمر على الأحوط([653])، بل غير متجاهر بمثل هذه الكبيرة على الأحوط. ولا يشترط فيه العدالة وإن كان أحوط، فيجوز الدفع إلى غير العادل من المؤمنين مع عدم التجاهر بما ذكر، وإن تفاوتت مراتب الرجحان في الأفراد. نعم يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم أو إغراء بالقبيح، وفي المنع ردع عن المنكر. والأحوط اعتبار العدالة في العامل حال عمله، وإن لا تبعد كفاية الوثوق والاطمئنان به. وأمّا في الغارم وابن السبيل والرقاب فغير معتبرة، فضلاً عن المؤلّفة وفي سبيل الله. الثالث: أن لا يكون ممّن تجب نفقته على المالك كالأبوين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا، والزوجة الدائمة التي لم يسقط عنه وجوب نفقتها بشرط أو غيره من الأسباب الشرعيّة، فلا يجوز دفعها إليهم للإنفاق وإن سقط عنه وجوبه لعجزه، من غير فرق بين إعطاء تمام الإنفاق أو إتمام ما يجب عليه بها، كما لو كان قادراً على إطعامهم وعجز عن إكسائهم فأراد إعطاءه منها. نعم لا يبعد جوازه للتوسعة عليهم([654]) وإن كان الأحوط خلافه. ويجوز دفعها إليهم لأجل إنفاقهم على من تجب نفقته عليهم دونه، كالزوجة للوالد أو الولد مثلاً، كما أنّه يجوز دفع الغير إليهم ولو للإنفاق. ولو كان من تجب عليه باذلاً فالأحوط عدم الدفع، وإن كان الأقوى([655]) في غير الزوجة جوازه. ولو عال أحداً تبرّعاً جاز له ولغيره([656]) دفع زكاته إليه حتّى للإنفاق، من غير فرق بين كون الشخص المزبور قريباً أو أجنبيّاً. ولا بأس بدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها وإن أنفقها عليها، وكذا غيرها ممّن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب. (مسألة 1): الممنوع إعطاؤه لواجبي النفقة ; هو ما كان من سهم الفقراء ولأجل فقرهم، وأمّا من غيره ـ كسهم الغارمين والمؤلّفة قلوبهم وسبيل الله والرقاب وابن السبيل ـ فيما زاد على نفقته الواجبة في الحضر، فلا مانع منه إذا كانوا من مصاديقها على إشكال في الأخير([657])، فيجوز للوالد إعطاء الزكاة ولده المشتغل بتحصيل العلم ; لما يحتاج إليه من الكتب العلميّة وغيرها من سهم سبيل الله. (مسألة 2): يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة، التي سقط وجوب نفقتها بالشرط ونحوه كما مرّ. وأمّا إذا كان السقوط لأجل النشوز فيشكل الجواز لتمكّنها من تحصيلها بتركه. وكذا يجوز الدفع إلى المتمتَّع بها حتّى من زوجها. نعم لو وجب على الزوج نفقتها من جهة الشرط، لا يجوز له أن يدفع إليها، ولا لغيره مع يسار الزوج([658]) وكونه باذلاً. الرابع: أن لا يكون هاشميّاً لو كانت الزكاة من غيره، أ مّا زكاة الهاشمي فلا بأس بتناولها منه، كما لا بأس بتناولها من غيره مع الاضطرار، ولكن الأحوط إن لم يكن الأقوى الاقتصار على قدر الضرورة يوماً فيوماً، كما أنّ الأحوط له اجتناب مطلق الصدقة الواجبة ـ ولو كان بالعارض ـ وإن كان الأقوى خلافه. نعم لا بأس بدفع الصدقات المندوبة إليهم. والمشكوك كونه هاشميّاً مع عدم بيّنة أو شياع بحكم غيره، فيُعطى من الزكاة. نعم لو ادّعى كونه هاشميّاً لا تُدفع إليه من جهة إقراره بعدم الاستحقاق، لا من جهة ثبوت مدّعاه بمجرّد دعواه، ولذا لا يُعطى من الخمس ـ أيضاً ـ بذلك ما لم يثبت صحّة دعواه من الخارج. القول في بقيّة أحكام الزكاة (مسألة 1): لا يجب بسط الزكاة على الأصناف الثمانية، وإن استُحبّ مع سعتها ووجود الأصناف، فيجوز التخصيص ببعضها، وكذا لا يجب في كلّ صنف البسط على أفراده، فيجوز التخصيص ببعض. (مسألة 2): تجب النيّة في الزكاة، ولا تجب فيها أزيد من القربة والتعيين، دون الوجوب والندب وإن كان أحوط، فلو كان عليه زكاة وكفارة مثلاً وجب تعيين أحدهما حين الدفع، بل الأقوى ذلك بالنسبة إلى زكاة المال والفطرة. نعم لايُعتبر تعيين الجنس الذي تخرج منه الزكاة، أنّه من الأنعام أو النقدين أو الغلاّت، فيكفي مجرّد كونه زكاة، لكن ذلك إذا كان المدفوع من غير الجنس الزكوي قيمة فيوزّع عليها بالنسبة، وأمّا إذا كان من أحدها فينصرف إليه إلاّ مع قصد كونه بدلاً أو قيمة. نعم لو كان عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل، فأخرج شاة من غير تعيين، يوزّع بينهما إلاّ مع الترديد في كونه إمّا من الإبل وإمّا من الغنم، فإنّ الظاهر عدم الصحّة([659])، ويتولّى النيّة الحاكم عن الممتنع، ولو وكّل أحداً في أداء زكاته، يتولّى الوكيل النيّة إذا كان المال الذي يزكّيه عند الوكيل وكان مُخرجاً لزكاته، وأمّا إذا أخرج مقدار الزكاة ودفع إلى شخص ليوصله إلى محلّه، يجب عليه أن ينوي كون ما أوصله الوكيل إلى الفقير زكاة، ويكفي بقاؤها في خزانة نفسه وإن لم يحضرها وقت الأداء تفصيلاً. ولو دفع المال إلى الفقير بلا نيّة، فله تجديدها ولو بعد زمان طويل مع بقاء العين، وأمّا لو كانت تالفة، فإن كانت مضمونة على وجه لم يكن معصية الله، واشتغلت ذمّة الآخذ بها له أن يحسبها زكاة كسائر الديون، وأمّا مع الضمان على وجه المعصية لا يجوز احتسابها زكاة، كما أنّه مع تلفها بلا ضمان لا محلّ لما ينويها زكاة. (مسألة 3): لو كان له مال غائب ودفع إلى الفقير مقدار زكاته، ونوى أنّه إن كان باقياً فهذا زكاته، وإلاّ فصدقة مستحبّة، أو من المظالم مثلاً صحّ وأجزأ. (مسألة 4): الأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ عدم جواز تأخير الزكاة ـ ولو بالعزل مع الإمكان ـ عن وقت وجوبها الذي يغاير وقت التعلّق كالغلاّت، بل فيما يعتبر فيه الحول أيضاً، لاحتمال أن يكون وقت الوجوب هو وقت الاستقرار بمُضيّ السنة، بل الأحوط عدم تأخير الدفع والإيصال ـ أيضاً ـ مع وجود المستحقّ، وإن كان الأقوى الجواز، خصوصاً مع انتظار مستحقّ معيّن أو أفضل إلى شهرين أو أزيد في خلال السنة، والأحوط عدم التأخير عن أربعة أشهر، ولو تلفت مع التأخير بغير عذر ضمنها. ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب إلاّ قرضاً على المستحقّ، فيحسبها ـ حينه ـ عليه زكاة مع بقائه على صفة الاستحقاق وبقاء الدافع والمال على شرائط الوجوب، وله أن يستعيد منه ويدفع إلى غيره، إلاّ أنّ الأحوط الأولى الاحتساب حينئذ. (مسألة 5): الأفضل ـ بل الأحوط ـ دفع الزكاة إلى الفقيه([660]) في عصر الغيبة، سيّما إذا طلبها ; لأنّه أعرف بمواقعها([661])، وإن كان الأقوى عدم وجوبه إلاّ إذا حكم بالدفع إليه لمصلحة الإسلام أو المسلمين، فيجب اتّباعه وإن لم يكن مقلّداً له. (مسألة 6): يستحبّ ترجيح الأقارب على غيرهم، وأهل الفضل والفقه والعقل على غيرهم، ومن لا يسأل من الفقراء على غيره. (مسألة 7): يجوز عزل الزكاة وتعيينها في مال مخصوص حتّى مع وجود المستحقّ. والتعيين في غير الجنس محلّ إشكال([662]) وإن لا يخلو من وجه، فتكون أمانة في يده، لا يضمنها إلاّ مع التعدّي أو التفريط أو التأخير مع وجود المستحقّ، وليس له تبديلها بعد العزل. (مسألة 8): لو أتلف الزكاة المعزولة متلف، فإن كان مع عدم ما يوجب الضمان كالتأخير مثلاً يكون الضمان على المُتلِف فقط، وإلاّ فعلى المالك أيضاً وإن كان قراره على المُتلِف. (مسألة 9): لو اتّجر بما عزله تكون الخسارة عليه والربح للفقير، إذا كان الاتّجار لمصلحة الزكاة فأجاز وليّ الأمر، وكذا في الاتّجار بالنصاب قبل إخراج الزكاة على الأقرب. وأمّا إذا اتّجر بهما لنفسه وأوقع التجارة بالعين الخارجي، فتصحيحهما في الموردين بالإجازة محلّ إشكال، بل يقع باطلاً في الجميع في الأوّل، وبالنسبة في الثاني. وإن أوقع التجارة بالذمّة وأدّى من المعزول أو النِّصاب، يكون ضامناً والربح له، إلاّ إذا أراد الأداء بهما حال إيقاع التجارة، فإنّه حينئذ محلّ إشكال. (مسألة 10): يجوز نقل الزكاة من بلده، سواء وجد المستحقّ في البلد أم لا، ولو تلفت يضمن في الأوّل دون الثاني، كما أنّ مؤونة النقل عليه مطلقاً ([663]). (مسألة 11): لو قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية على أخذها، برئت ذمّة المالك وإن تلفت عنده بتفريط أو غيره، أو أعطى غير المستحقّ اشتباهاً، وإذا قبضها بعنوان الوكالة عن المالك، لم تبرأ ذمّته إلاّ بعد الدفع إلى المحلّ. (مسألة 12): اُجرة الكيّال والوزّان والكيل ونحو ذلك على المالك. (مسألة 13): من كان عليه أو في تَرِكَته الزكاة وأدركه الموت، يجب عليه الإيصاء بإخراجها من تركته، وكذا سائر الحقوق الواجبة. ولو كان الورّاث مستحقّين جاز للوصيّ أداؤها إليهم من مال الميّت، وكذا جاز أخذها لنفسه، مع الاستحقاق وعدم انصراف في الوصية إلى أدائها إلى الغير. ويُستحبّ دفع شيء منها إلى غير الوارث إذا أراد دفعها إليه. (مسألة 14): يكره لربّ المال أن يطلب من الفقير تملّك ما دفعه إليه صدقة ولو مندوبة، سواء كان التملّك مجّاناً أو بالعوض، ولو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد، كان المالك أحقّ به، لكن زوال الكراهة غير معلوم([664]). نعم لو كانت الصدقة جزء حيوان لا يتمكّن الفقير من الانتفاع به، ولا يشتريه غير المالك، أو يحصل للمالك ضرر بشراء غيره، جاز شراؤه من دون كراهة. (مسألة 15): لو دفع شخص زكاته إلى شخص ليصرفها في الفقراء، أو خمسه إليه ليصرفه في السادة، ولم يعيّن شخصاً، وكان المدفوع إليه مصرفاً، ولم ينصرف اللفظ عنه، جاز له أن يأخذ مثل أحدهم من غير زيادة، وكذا له أن يصرفه في عياله، خصوصاً إذا قال: هذا للفقراء أو للسادة، أو هذا مصرفه الفقراء والسادة، وإن كان الأحوط عدم الأخذ إلاّ بإذن صريح، وكذا الحال لو دفع إليه مالَ آخر ليصرفه في طائفة، وكان المدفوع إليه بصفتهم. المقصد الثاني: في زكاة الأبدان وهي المسمّاة بزكاة الفطرة، وقد ورد فيها: «أنّه يتخوّف الفوت على من لم تدفع عنه» و«أنّها من تمام الصوم، كما أنّ الصلاة على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من تمام الصلاة». والكلام فيمن تجب عليه، وفي جنسها وفي قدرها، وفي وقتها، وفي مصرفها: القول فيمن تجب عليه (مسألة 1): تجب زكاة الفطرة على المكلّف الحرّ الغنيّ فعلاً أو قوّة، فلاتجب على الصبيّ، ولا المجنون، ولو أدواريّاً إذا كان دور جنونه عند دخول ليلة العيد، ولا يجب على وليّهما أن يؤدّي عنهما من مالهما، بل الأقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى من يعولانه، ولا على من هو مُغمىً عليه عند دخول ليلة العيد، ولا على المملوك، ولا على الفقير الذي لا يملك مؤونة سنته له ولعياله ـ زائداً على ما يقابل الدين ومستثنياته ـ لا فعلاً ولا قوّة، والأحوط اعتبار الدين الحالّ في هذه السنة لا غيره. نعم الأحوط الأولى لمن زاد على مؤونة يومه وليلته صاعٌ إخراجها، بل يستحبّ للفقير مطلقاً إخراجها، ولو بأن يُدير صاعاً على عياله، ثمّ يتصدّق على الأجنبي بعد أن ينتهي الدور إليه، هذا إذا لم يكن بينهم قاصر، وإلاّ فالأحوط أن يقتصر في الإدارة بينهم على المكلّفين، ولو أخذ الوليّ عن القاصر يصرفها له، ولا يردّها إلى غيره. (مسألة 2): يعتبر وجود الشرائط المذكورة عند دخول ليلة العيد، أي قبيله ولو بلحظة، بأن كان واجداً لها فأدرك الغروب، فلا يكفي وجودها قبله إذا زال عنده، ولابعده لو لم يكن عنده، فتجب على من بلغ مثلاً عنده أو زال جنونه، ولا تجب على من بلغ بعده أو زال جنونه. نعم يُستحبّ أداؤها إذا كان ذلك قبل الزوال من يوم العيد. (مسألة 3): يجب على من استكمل الشرائط المزبورة إخراجها عن نفسه وعمّن يعوله، من مسلم وكافر وحرّ وعبد وصغير وكبير، حتّى المولود قبل هلال شوّال ولو بلحظة. وكذا كلّ من يدخل في عيلولته قبله، حتّى الضيف وإن لم يتحقّق منه الأكل، مع صدق كونه ممّن يعوله وإن لم يصدق أنّه عياله، بخلاف المولود بعده، وكذا من دخل في عيلولته بعده، فلا تجب عليه فطرتهم. نعم هي مستحبّة إذا كان ما ذكر قبل الزوال من العيد. (مسألة 4): من وجبت فطرته على الغير لضيافة أو عيلولة، سقطت عنه ولو كان غنيّاً جامعاً لشرائط الوجوب لولا العيلولة. بل الأقوى سقوطها عنه وإن كان المضيِّف والمعيل فقيراً وهو غنيّ، والأحوط إخراجه عن نفسه لو علم بعدم إخراج الغير ـ الذي خوطب بها نسياناً أو عصياناً ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبه، والأقوى وجوبها على الضيف إذا لم يصدق أنّه ممّن يعوله، لكن لا ينبغي للمضيّف ترك الاحتياط بالإخراج أيضاً، مضافاً إلى إخراج الضيف. (مسألة 5): الغائب عن عياله يجب عليه أن يخرجها عنهم، إلاّ إذا وكّلهم في إخراجها من ماله، وكانوا موثوقاً بهم في الأداء. (مسألة 6): الظاهر أنّ المدار في العيال هو فعليّة العيلولة، لا على وجوب النفقة وإن كان الأحوط مراعاة أحد الأمرين، فلو كانت له زوجة دائمة في عيلولة الغير، تجب على ذلك الغير فطرتها لا عليه، ولو لم تكن في عيلولة أحد تجب عليها مع اجتماع الشرائط، ومع عدمه لا تجب على أحد. وكذا الحال في المملوك. (مسألة 7): لوكان شخص في عيلولة اثنين تجب فطرته عليهما مع يسارهما، ومع يسار أحدهما تجب عليه حصّته دون الآخر على الأحوط في الصورتين. (مسألة 8): تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي. والمدار هو المعيل لا العيال، والأحوط مراعاة كليهما. (مسألة 9): تجب فيها النيّة كغيرها من العبادات، ويجوز أن يتولّى الإخراج من وجبت عليه، أو يوكّل غيره في التأدية، فحينئذ لابدّ للوكيل من نيّة التقرّب، وإن وكّله في الإيصال يجب عليه أن ينوي كون ما أوصله الوكيل إلى الفقير زكاة. ويكفي بقاء النيّة في خزانة نفسه، ولا يجب خطورها تفصيلاً. ويجوز أن يوكّل غيره في الدفع من ماله والرجوع إليه، فيكون بمنزلة الوكيل في دفعه من مال الموكّل، ولا يبعد جواز التوكيل في التبرّع، بأن يوكّله أن يؤدّي زكاته من ماله بدون الرجوع إليه. نعم أصل التبرّع بها بلا توكيل محلّ إشكال([665]). القول في جنسها (مسألة 1): لا يبعد أن يكون([666]) الضابط فيه ما يتعارف ـ في كلّ قوم أو قطر ـ التغذّي به وإن لم يكتفوا به، كالبُرّ والشعير والأرُز في مثل غالب بلاد إيران والعراق، والأرُز في مثل الجيلان وحواليه، والتمر والاُقط واللبن في مثل النجد وبراري الحجاز، وإن كان الأقوى الجواز في الغلاّت الأربع مطلقاً، فإذا غلب في قطر التغذّي بالذرة ونحوها، يجوز إخراجها، كما يجوز إخراج الغلاّت الأربع، ومع عدم الغلبة فالأحوط إخراج الغلاّت الأربع. ويجوز دفع الأثمان قيمة، وفي إخراج غيرها ممّا لا يكون من جنسها قيمة إشكال، بل عدم الاجتزاء لا يخلو من وجه، وتعتبر في القيمة حال وقت الإخراج وبلده. (مسألة 2): يعتبر في المدفوع فطرة أن يكون صحيحاً، فلا يجزي المعيب([667]). كما لا يجزي الممزوج بما لا يتسامح فيه، بل يشكل إعطاء المعيب والممزوج قيمة عن الصحيح وغير الممزوج. (مسألة 3): الأفضل إخراج التمر([668]) ثمّ الزبيب، وقد يترجّح الأنفع بملاحظة المرجّحات الخارجيّة، كما يرجّح لمن يكون قوته من البُرّ الأعلى الدفع منه، لا من الأدون أو الشعير. القول في قدرها وهو صاع من جميع الأقوات حتّى اللبن. والصاع أربعة أمداد، وهي تسعة أرطال بالعراقي، وستّة بالمدني، وهي عبارة عن ستّمائة وأربعة عشر مثقالاً صيرفيّاً وربع مثقال، فيكون بحسب حُقّة النجف ـ التي هي تسعمائة مثقال وثلاثة وثلاثون مثقالاً وثُلُث مثقال ـ نصفَ حُقّة ونصف وقيّة وأحد وثلاثون مثقالاً إلاّ مقدار حمّصتين، وبحسب حُقّة إسلامبول ـ وهي مائتان وثمانون مثقالاً ـ حُقّتان وثلاثة أرباع الوقيّة ومثقال وثلاثة أرباع المثقال، وبحسب المنّ الشاهي ـ وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالاً ـ نصف منّ إلاّ خمسة وعشرون مثقالاً وثلاثة أرباع المثقال، وبحسب الكيلو في هذا العصر ما يقارب ثلاث كيلوات. القول في وقت وجوبها وهو دخول ليلة العيد، ويستمرّ وقت دفعها إلى وقت الزوال، والأفضل ـ بل الأحوط ـ التأخير إلى النهار، ولو كان يصلّي العيد فلا يترك الاحتياط بإخراجها قبل صلاته، فإن خرج وقتها وكان قد عزلها دفعها إلى مستحقّها، وإن لم يعزلها فالأحوط([669]) عدم سقوطها، بل يؤدّي ناوياً بها القُربة من غير تعرّض للأداء والقضاء. (مسألة 1): لا يجوز تقديمها على شهر رمضان، بل مطلقاً على الأحوط([670]). نعم لا بأس بإعطاء الفقير قرضاً، ثمّ احتسابه عليه فطرة عند مجيء وقتها. (مسألة 2): يجوز عزل الفطرة وتعيينها في مال مخصوص من الأجناس، أو عزل قيمتها من الأثمان، والأحوط بل الأوجه الاقتصار في عزل القيمة على الأثمان، ولو عزل أقلّ ممّا تجب عليه اختصّ الحكم به، وبقي الباقي غير معزول، ولو عزلها في الأزيد ففي انعزالها بذلك ـ حتّى يكون المعزول مشتركاً بينه وبين الزكاة ـ إشكال. نعم لو عيّنها في مال مشترك بينه وبين غيره مشاعاً، فالأظهر انعزالها بذلك إذا كانت حصّته بقدرها أو أقلّ منها. ولو خرج الوقت وقد عزلها في الوقت جاز تأخير دفعها إلى المستحقّ، خصوصاً مع ملاحظة بعض المرجّحات، وإن كان يضمنها مع التمكّن ووجود المستحقّ لو تلفت. بخلافه فيما اذا لم يتمكّن، فإنّه لا يضمن إلاّ مع التعدّي والتفريط في حفظه كسائر الأمانات. (مسألة 3): الأحوط([671]) عدم نقلها بعد العزل إلى بلد آخرمع وجود المستحقّ. القول في مصرفها الأقوى أنّ مصرفها مصرف زكاة المال، وإن كان الأحوط الاقتصار على دفعها إلى الفقراء المؤمنين وأطفالهم، بل المساكين منهم، وإن لم يكونوا عدولاً، ويجوز إعطاؤها للمستضعفين من المخالفين عند عدم وجود المؤمنين. والأحوط أن لا يدفع إلى الفقير أقلّ من صاع أو قيمته، وإن اجتمع جماعة([672]) لا تسعهم كذلك. ويجوز أن يُعطى الواحد أصواعاً، بل إلى مقدار مؤونة سنته([673])، والأحوط عدم الإعطاء والأخذ أزيد من مؤونتها. ويستحبّ اختصاص ذوي الأرحام والجيران وأهل الهجرة في الدين والفقه والعقل، وغيرهم ممّن يكون فيه بعض المرجّحات. ولا يترك الاحتياط بعدم الدفع إلى شارب الخمر والمتجاهر بمثل هذه الكبيرة، ولا يجوز أن يدفع إلى من يصرفها في المعصية. __________________________________________ [604] ـ فيه إشكال والأحوط الترك. [605] ـ وإن كان الأقوى القطع في زمان قصير إلاّ أن يكون آناً مّا. [606] ـ الزكاة فيه مع إمكان الفكّ وفي المجحود مع التمكّن من انتزاعه بالبيّنة أو اليمين، وفي الدين إذا تمكّن من استيفائه، لا يخلو من قوّة. [607] ـ فيما إذا علم زمان التعلّق وشكّ في زمان حدوث الجنون، وأمّا مع العلم بحدوث الجنون والشكّ في سبق التعلّق وتأخّره، وكذا مع الجهل بالتاريخين، فالأصل عدم الوجوب، كما أنّ مع الجهل بالحالة السابقة وأنّها الجنون أو العقل كذلك. [608] ـ لكنّه غير تامّ والاستحباب فيما تمكّن بعد مضيّ سنة ثابت فضلاً عن مضيّ السنين. ويدلّ عليه مرسلة عبدالله بن بكير، لما فيه من الجملة الخبرية الغير الظاهرة في الوجوب، وبه يجمع بينها وبين ما دلّ على عدم الوجوب مطلقاً، هذا مضافاً إلى مطلوبية البرّ. [609] ـ المقصّر بالإنكار مع اليقين أو بعدم الفحص والمراجعة إلى الحجج والأدلّة مع الشكّ، وإلاّ فالقاصر منه لا تكليف له فعلاً، لعدم الحجّة: (وَمَا كُنّا مُعَذّبِين حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(أ)، ولك أن تقول: الكافر مكلّف لتقصيره، لا غير المسلم القاصر، وتحقيق البحث موكول إلى محلّه. أ ـ الإسراء (17): 15. [610] ـ والحبوب. [611] ـ بل على الأقوى. [612] ـ من حيث السؤال الدرائي المشهور بين الفقهاء والمتفقّهة، الذي بيّنه «مجمع الفائدة والبرهان»، على تفصيل فيه وفي جوابه، فراجع. [613] ـ ما ذكره سيّدنا الاُستاذ الإمام الخميني (رحمه الله) من المعنى، لا بيّن ولا مبيّن، وهو أعلم بما قال. [614] ـ ظاهر المتن الموضوعية لعشرين درهماً، لكن عدم الموضوعية وكونه في الأخبار، من باب التّعارف في ذلك الزمان من مساواته لقيمة الشاتين، غير بعيد. فالمعيار قيمتهما ساوت للعشرين أم لا، بل هو الظاهر المتفاهم عرفاً من المقابلة بينهما وبينه، ومن عدم الخصوصية للعشرين درهماً بما هي هي، بل إنّما يكون معتبراً في ذلك الزمان ; لكونه قيمة الشاتين فيه، فإنّ للزمان والمكان دخل في الاستنباط، كما ذكره الاُستاذ الإمام الخميني (رحمه الله)، وسبقه الشهيد في «القواعد والفوائد»، فتأمّل جيّداً. [615] ـ التخيّر محلّ إشكال بل منع، فوجوب شراء بنت مخاض لا يخلو من قوّة. [616] ـ بل يقدح بعض اليوم، فضلا عن اليوم واليومين، ففي «الشرائع» الذي هو قرآن الفقه: «فلابدّ من استمرار السوم جملة الحول، فلو علفها بعضاً ولو يوماً استأنف الحول عند استئناف السوم، ولا اعتبار باللحظة عادة. [617] ـ بل ملكاً مستقرّاً لهم فيتبعه الوجوب المستقرّ ويترتّب عليه أثر الملك المستقرّ، فاختلال أحد الشروط خلال الشهر الثاني عشر من غير اختيار غير موجب لسقوط الزكاة، وخروج الملك عن ملك أرباب الزكاة إلى ملك المالك، كما لا يخفى. [618] ـ بل منه لا من الحول الأوّل. [619] ـ دون ما كان فراراً من الزكاة، وإلاّ فالظاهر فيه عدم بطلان الحول، وفاقاً للسيّد في «الانتصار»(أ)، والشيخ في «المبسوط»(ب) و«الخلاف»(ج)، وعملا بموثّقتي ابن مسلم(د) ومعاوية بن عمّار(ه…)، وصحيحه على نقل «السرائر». أ ـ الانتصار: 219. ب ـ المبسوط 1: 206 و 212. ج ـ الخلاف 2: 57. د ـ وسائل الشيعة 9: 162، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة، الباب 11، الحديث 7. هـ… ـ وسائل الشيعة 9: 162، كتاب الزكاة، أبواب زكاة الذهب والفضّة، الباب 11، الحديث 6. [620] ـ بل تكون مستقلّة، ولكلّ منهما حول بانفراده، ففيما كان عنده خمس من الإبل ستّة أشهر، ثمّ ملك خمسة اُخرى، فبعد تمام السنة الاُولى يخرج شاة، وبعد تمام السنة للخمسة الجديدة أيضاً يخرج شاة، وهكذا. [621] ـ على الأحوط فيه وفيما بعده، فإنّ لهما تفسير آخر، وأنّ الأوّل ما كمل السبعة والثاني ما كمل السنة. [622] ـ الأولى الأحوط رعاية الخيرية والنفع في غير النقدين. [623] ـ محلّ تأمّل، نعم لا يبعد أفضلية ما فيه النفع لهم مطلقاً. [624] ـ إلاّ مع عدم خروجه عن رواج المعاملة. [625] ـ بل وجوبه لا يخلو من قوّة، فإنّ التصفية من طرق التعرّف والتعلّم، وما لا تكون واجباً في مقدّمات الوجوب، هو تحصيلها لا تعلّمها وتعرّفها. ففي «الجواهر» نسبه ضرورة معلومية الوجوب في مثلها إلى مذاق الشرع وتقوية الوجوب أيضاً وإن علّقه على عدم الإجماع على خلافه، لكن الإجماع على وجوده مدركي ليس بحجّة، كما لا يخفى. [626] ـ إن احتمل عدم بلوغ المجموع بعد إدراك النصاب أو احتمل تلف ما يوجب النقصان من النصاب قبل الإدراك وإلاّ فيجوز بل يجب له إخراج زكاة ما أدرك منها وبلغ وقت الأداء. [627] ـ بل على الأقوى فيه أيضاً. [628] ـ أو زبيباً. [629] ـ بل على الأقوى فيه أيضاً، كما مرّ. [630] ـ الأقوائية ممنوعة، ولا يبعد عدم الوجوب. [631] ـ بل على الأقوى. [632] ـ بل على الأقوى. [633] ـ الأقوائية ممنوعة وعدم الوجوب غير بعيد. [634] ـ الظاهر أنّ الخرص ليس داخلا في المعاملات، وإنّما هو طريق إلى تعيين المقدار الواجب، فلو انكشف الخلاف كانت العبرة بالواقع. [635] ـ الظاهر جواز التصرّف للمالك قبل تعلّق الوجوب بل وبعده أيضاً، ولو بإخراج زكاة ما يتصرّف فيه بلا حاجة إلى الخرص، وفائدة الخرص جواز الاعتماد عليه بلا حاجة إلى الكيل أو الوزن. [636] ـ بل وإن أخذوا من غيرها. [637] ـ الأولى لاسيّما فيما إذا كان الظلم شخصيّاً وجيه. [638] ـ وجيه. [639] ـ إن كان ذلك قبل مضي وقت الاكتساب، وأمّا بعده فالظاهر الجواز إن لم يوجب إدامة تكاسله، وإلاّ فغير جائز أيضاً، كما لا يخفى. [640] ـ إذا كان الإعطاء دفعة، نعم في التدريجي لا يجوز له أخذها بعد أن حصل عنده مؤونة السنة. [641] ـ بل منع، وعدم الجواز لا يخلو من قوّة. [642] ـ وإن كان ممّا لا يجب ولا يستحبّ كالفلسفة والنجوم والرياضيات والعروض والأدبية لمن لا يريد التفقّه في الدين، فلا يجوز أخذه إن كان فراراً من الكسب وجعل نفسه كلاًّ على الاجتماع، وإلاّ فالظاهر الجواز. [643] ـ بل الأحوط الأقوى اعتبار الوثوق به. [644] ـ عفافاً ممدوحاً، ففى كتاب الله: (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)(أ)، دون من يترفّع ويدخله الحياء كبراً وغروراً ورياءً وترفّعاً على المستحقّين، وتحقيراً وبغضاً للزكاة، فإنّها المقارنة للصلاة في كتاب الله والمجعولة عبادة لله تعالى، فكيف يجوز دفعها إليه فضلاً عن استحبابه ؟ ! هذا مع ما في صحيح ابن مسلم من المنع والتأكيد على عدم الاستحياء، ففيه: قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): الرجل يكون محتاجاً فيبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها علىوجه الصدقة، يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض، أفيعطيها إيّاه على غير ذلك الوجه، وهي منّا صدقة ؟ فقال: «لا، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها، فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إيّاه، وما ينبغي له أن يستحيي ممّا فرض الله عزّوجلّ، إنّما هي فريضة الله له فلا يستحيي منها»(ب). أ ـ البقرة (2): 273. ب ـ الكافي 3: 564 / 4. وما في خبر عبدالله بن هلال بن خاقان من كون «تارك الزكاة وقد وجبت له مثل مانعها وقد وجبت عليه»(ج). وما يكون مستحبّاً ومورداً للأمر في النصّ الدفع بلا إعلام، إنّما هو في الأوّل، وهو الاستحياء عفافاً، والجمع بين الأخبار المتعارضة بهذا الوجه جيّد جدّاً، هذا مع أنّ في الأخذ بإطلاق الأمر بالدفع بلا إعلام حتّى في الاستحياء على النوع الثاني مخالفة للاُصول والضوابط والعقل وآيات الزكاة، كما لا يخفى على المتدبّر فيها، وفي الأمر بها عبادة. ج ـ الكافي 3: 563 / 1. [645] ـ بل الأحوط الأولى. [646] ـ أي في عدم الفرق بين المعزولة وغيرها. [647] ـ أو الدفاع. [648] ـ أي الكافر بمعناه الحقيقي. [649] ـ إذا كان معانداً أو مقصّراً دون القاصرين والمستضعفين منهم، الذين لا يهتدون سبيلا، كما حقّقناه في تعليقتنا على «مجمع الفائدة والبرهان». [650] ـ وكذا من سهم سبيل الله في الجملة. [651] ـ بل يعطى قضاءً لإطلاقات الزكاة وعموماتها، وأنّ الله جعل الزكاة قوتاً للفقراء. [652] ـ أو الاُمّ، وعليه فيعطى، وإن كانت الاُم مؤمنة دون الأب. [653] ـ الأولى. [654] ـ إذا لم يكن عندهم ما يوسّع به عليهم. [655] ـ الأقوائية ممنوعة. [656] ـ بشرط عدم كون الإنفاق لازماً عرفياً له بحيث يعدّ تركه ظلماً وقبيحاً عندهم، وإلاّ فيشكل جواز الدفع لتحقّق الغنى عرفاً وعدم صدق الفقر كما لا يخفى، فالأحوط له إن لم يكن أقوى ترك الدفع إليه، بل لا يبعد عدم الجواز للغير أيضاً ; للاشتراك في العلّة المذكورة. [657] ـ الظاهر عدم الإشكال بالنسبة إلى المفروض، وإنّما الإشكال في مقدار نفقته الواجبة الحضرية. [658] ـ أو مع إمكان إجباره. [659] ـ محلّ تأمّل، بل الصحّة غير بعيدة. [660] ـ المأمون الجامع للشرائط. [661] ـ كونه أعرف بالمواقع مع أنّها موضوعات ومصاديق لمصارف الزكاة محلّ تأمّل وإشكال بل منع ; لأنّ الفقاهة مربوطة باستنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها التفصيلية، ولا ارتباط بما هي هي بالمورد والمصداق، فكيف يكون الفقيه أعرف بها ؟ ! بل الظاهر أنّ المكلّف أعرف، ألا ترى إنّ نظر الفقيه في الموضوع غير حجّة، والحجّة نظر المكلّف فيه. وعلى هذا فما ذكره من الاستحباب غير ثابت ولا دليل عليه. نعم، يمكن أن يكون الدفع إليه تعظيماً للفقيه ولو بالواسطة موجباً لنحو أولوية في الرفع إليه. [662] ـ لكن الصحّة غير بعيدة ; لعدم بعد صحّة الفضولي مع الإجازة مطلقاً، حيث إنّ صحّة الفضولي على القواعد. [663] ـ بل في الأوّل فقط دون الثاني، ففيه على الزكاة لا عليه. [664] ـ بل الظاهر زوال الكراهة لزوال جهتها، وهي استحياء الفقير وترك المماكسة معه. [665] ـ وإن كانت الصحّة غير بعيدة بعد جواز التبرّع في زكاة المالية، لصحيح منصور(أ) الوارد في أداء المقرض الزكاة عمّا أقرضه لعدم الخصوصية لزكاة المال واشتراك الزكاتين في غير واحد من الأحكام وأنّ زكاة الفطرة شبيهة بالدين كزكاة المال بل تكون أشبه به من زكاة المال كما لا يخفى. أ ـ وسائل الشيعة 9: 101، كتاب الصوم، أبواب من تجب عليه الزكاة، الباب 7، الحديث 2. [666] ـ كفاية الأربعة مطلقاً هو الأقوى، سواء كانت من القوت الغالب أو لم تكن. [667] ـ إلاّ إذا كان قوت غالب أهل بلده أو قطره كذلك. [668] ـ بل الأفضل القيمة، وفي موثّقة عمّار الصيرفي: «إنّ ذلك أنفع له، يشتري ما يريد»(أ)، نعم الأفضل في الأجناس هو ما ذكره (رحمه الله). أ ـ وسائل الشيعة 9: 347، كتاب الصوم، أبواب زكاة الفطرة، الباب 9، الحديث 6. [669] ـ فالأحوط الأقوى عدم سقوطها. [670] ـ وإن كان الأقوى ; قضاءً لصحيحة الفضلاء(أ) جواز التقديم على وقتها في شهر رمضان، وأنّه في سعة أن يعطيها من أوّل يوم يدخل من شهر رمضان إلى آخره. أ ـ وسائل الشيعة 9: 354، كتاب الصوم، أبواب زكاة الفطرة، الباب 12، الحديث 4. [671] ـ بل الأقوى. [672] ـ جواز الدفع مع اجتماعهم كذلك لا يخلو عن قوّة، وموارد الاحتياط غيره. [673] ـ بل إلى حدّ الغنى.
|