|
كتاب الخُمس
كتاب الخُمس
وهو الذي جعله الله تعالى لمحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وذرّيّته ـ كثّر الله نسلهم المبارك ـ عوضاً عن الزكاة ـ التي هي من أوساخ أيدي الناس ـ إكراماً لهم، ومن منع منه درهماً كان من الظالمين لهم والغاصبين لحقّهم، فعن مولانا الصادق(عليه السلام): «إنّ الله لا إله إلاّ هو لمّا حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال»، وعنه(عليه السلام): «لا يُعذر عبد اشترى من الخمس شيئاً أن يقول: ياربّ اشتريته بمالي، حتّى يأذن له أهل الخمس»، وعن أبي جعفر(عليه السلام): «ولا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتّى يصل إلينا نصيبنا». والكلام فيما يجب فيه الخمس، وفي مستحقّيه، وكيفيّة قسمته بينهم، وفي الأنفال. القول فيما يجب فيه الخمس يجب الخمس في سبعة أشياء: الأوّل: ما يُغتنم قهراً، بل سرقة وغيلة ـ إذا كانتا في الحرب ومن شؤونه ـ من أهل الحرب الذين يُستحلّ دماؤهم وأموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم، إذا كان الغزو معهم بإذن الإمام(عليه السلام)، من غير فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوه كالأرض ونحوها على الأصحّ. وأمّا ما اغتُنم بالغزو من غير إذنه، فإن كان في حال الحضور والتمكّن من الاستئذان منه فهو من الأنفال، وأمّا ما كان في حال الغيبة وعدم التمكّن من الاستئذان فالأقوى وجوب الخمس فيه، سيّما إذا كان للدعاء إلى الإسلام، وكذا ما اغتُنم منهم عند الدفاع ـ إذا هجموا على المسلمين في أماكنهم ـ ولو في زمن الغيبة، وما اغتنم منهم بالسرقة والغيلة ـ غير ما مرّ ـ وكذا بالربا والدعوى الباطلة ونحوها، فالأحوط إخراج الخمس منها من حيث كونه غنيمة لا فائدة، فلا يحتاج إلى مراعاة مؤونة السنة، ولكن الأقوى خلافه. ولا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين ديناراً على الأصحّ. نعم يعتبر فيه أن لا يكون غصباً من مسلم أو ذمّي أو معاهد ونحوهم من محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب وإن لم يكن الحرب معهم في تلك الغزوة. والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتُنم منهم وتعلّق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأيّ نحو كان، ووجوب إخراج خمسه([674]). الثاني: المعدن، والمرجع فيه العرف، ومنه الذهب، والفضّة، والرصاص، والحديد، والصفر، والزئبق، وأنواع الأحجار الكريمة، والقير، والنفط، والكبريت، والسبخ، والكحل، والزرنيخ، والملح، والفحم الحجري، بل والجصّ، والمغرة، وطين الغسل والأرمني على الأحوط([675]). وما شُكّ أنّه منه لا يجب فيه الخمس من هذه الجهة. ويعتبر فيه ـ بعد إخراج مؤونة الإخراج والتصفية([676]) ـ بلوغه عشرين ديناراً أو مائتي درهم عيناً أو قيمة على الأحوط. ولو اختلفا في القيمة يلاحظ أقلّهما على الأحوط([677])، وتلاحظ القيمة حال الإخراج، والأحوط الأولى إخراجه من المعدن البالغ ديناراً بل مطلقاً، بل لا ينبغي تركه. ولا يعتبر الإخراج دفعة على الأقوى، فلو اُخرج دفعات وبلغ المجموع النصاب وجب خمس المجموع، حتّى فيما لو أخرج أقلّ منه وأعرض ثمّ عاد وأكمله على الأحوط لو لم يكن الأقوى([678]). ولو اشترك جماعة في استخراجه، فالأقوى اعتبار بلوغ نصيب كلّ واحد منهم النصاب، وإن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ المجموع ذلك. ولو اشتمل معدن واحد على جنسين أو أزيد، كفى بلوغ قيمة المجموع نصاباً على الأقوى. ولو كانت معادن متعدّدة لا يُضمّ بعضها إلى بعض ـ على الأقوى([679]) ـ وإن كانت من جنس واحد. نعم لو عدّت معدناً واحداً تخلّل بين أبعاضها الأجزاء الأرضيّة يضمّ بعض إلى بعض. (مسألة 1): لا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين كونه في أرض مباحة أو مملوكة، وإن كان الأوّل لمن استنبطه، والثاني لصاحب الأرض([680]) وإن أخرجه غيره، وحينئذ إن كان بأمر من مالكها يكون الخمس بعد استثناء المؤونة، ومنها اُجرة المخرج إن لم يكن متبرّعاً، وإن لم يكن بأمره يكون المخرج له وعليه الخمس من دون استثناء المؤونة ; لأنّه لم يصرف مؤونة، وليس عليه ما صرفه المخرج. ولو كان المعدن في أرض مفتوحة عنوة، فإن كان في معمورتها حال الفتح التي هي للمسلمين، وأخرجه أحد منهم ملكه، وعليه الخمس إن كان بإذن والي المسلمين، وإلاّ فمحلّ إشكال، كما أنّه لو أخرجه غير المسلمين ففي تملّكه إشكال([681]). وإن كان في مواتها حال الفتح يملكها المخرج، وعليه الخمس ولو كان كافراً كسائر الأراضي المباحة، ولو استنبط المعدن صبيّ أو مجنون تعلّق الخمس به على الأقوى، ووجب على الوليّ إخراجه. (مسألة 2): قد مرّ: أنّه لا فرق في تعلّق الخمس بما خرج عن المعدن، بين كون المخرج مسلماً أو كافراً بتفصيل مرّ ذكره، فالمعادن التي يستخرجها الكفّار ـ من الذهب والفضّة والحديد والنفط والفحم الحجري وغيرها ـ يتعلّق بها الخمس، ومع بسط يد والي المسلمين يأخذه منهم، لكن إذا انتقل منهم إلى الطائفة المحقّة لا يجب عليهم تخميسها، حتّى مع العلم بعدم التخميس، فإنّ الأئمّة(عليهم السلام) قد أباحوا لشيعتهم خُمس الأموال غير المخمّسة، المنتقلة إليهم ممّن لا يعتقد وجوب الخمس،كافراً كان أو مخالفاً، معدناً كان المتعلَّق أو غيره من ربح التجارة ونحوه. نعم لو وصل إليهم ممّن لا يعتقد الوجوب ـ في بعض أقسام ما يتعلّق به الخمس ـ من الإماميّة ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ أو يعتقد عدم وجوبه مطلقاً ـ بزعم أنّهم(عليهم السلام)أباحوه مطلقاً لشيعتهم ـ ما يتعلّق به الخمس، يجب عليهم التخميس مع عدم تخميسه. نعم مع الشكّ في رأيه لا يجب عليه الفحص ولا التخميس مع احتمال أدائه، ولكن مع العلم بمخالفة رأيهما فالأحوط ـ بل الأقوى ـ التجنّب حتّى يخمّس. الثالث: الكنز، والمرجع في تشخيص مسمّاه العرف، فإذا لم يعرف صاحبه ـ سواء كان في بلاد الكفّار، أو في الأرض الموات أو الخربة من بلاد الإسلام، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ـ ففي جميع هذه الصور يكون ملكاً لواجده وعليه الخمس. نعم لو وجده في أرض مملوكة له ـ بابتياع ونحوه ـ عرّفه المالك قبله مع احتمال كونه له، وإن لم يعرفه عرّفه السابق إلى أن ينتهي إلى من لا يعرفه أو لا يحتمل أنّه له، فيكون له وعليه الخمس إذا بلغ عشرين ديناراً في الذهب ومائتي درهم في الفضّـة، وبأيّهما كان في غيرهما. ويلحق بالكنز على الأحوط([682]) ما يوجد في جوف الدابّة المشتراة مثلاً، فيجب فيـه بعد عدم معرفة البائع، ولا يعتبر فيه بلوغ النصاب، بل يلحق به أيضاً على الأحوط ما يوجد في جوف السمكة، بل لا تعريف فيه للبائع إلاّ في فرض نادر، بل الأحوط إلحاق غير السمكة والدابة من الحيوان بهما. الرابع: الغوص، فكلّ ما يخرج به من الجواهر ـ مثل اللؤلؤ والمرجان وغيرهما ممّا يُتعارف إخراجه بالغوص ـ يجب فيه الخمس إذا بلغ قيمته ديناراً فصاعداً، ولا فرق بين اتّحاد النوع وعدمه، وبين الدفعة والدفعات، فيضمّ بعضها إلى بعض، فلو بلغ المجموع ديناراً وجب الخمس. واشتراك جماعة في الإخراج هاهنا كالاشتراك في المعدن في الحكم. (مسألة 3): لو أخرج الجواهر من البحر ببعض الآلات من دون غوص يكون بحكمه على الأحوط. نعم لو خرجت بنفسها على الساحل أو على وجه الماء، فأخذها من غير غوص تدخل في أرباح المكاسب لا الغوص إذا كان شغله ذلك، فيعتبر فيها إخراج مؤونة السنة، ولا يعتبر فيها النصاب. وأمّا لو عثر عليها من باب الاتّفاق، فتدخل في مطلق الفائدة، ويجيء حكمه. (مسألة 4): لا فرق فيما يخرج بالغوص بين البحر والأنهار الكبيرة ـ كدجلة والفرات والنيل ـ إذا فرض تكوُّن الجواهر فيها كالبحر. (مسألة 5): لو غرق شيء في البحر وأعرض عنه مالكه فأخرجه الغوّاص ملكه، والأحوط إجراء حكم الغوص عليه([683]) إن كان من الجواهر، وأمّا غيرها فالأقوى عدمه. (مسألة 6): لو أخرج العنبر بالغوص جرى عليه حكمه، وإن اُخذ على وجه الماء أو الساحل، فمن أرباح المكاسب إذا أخذه المشتغل بذلك، ومع العثور الاتّفاقي دخل في مطلق الفائدة. (مسألة 7): إنّما يجب الخمس في الغوص والمعدن والكنز، بعد إخراج ما يغرمه على الحفر والسبك والغوص والآلات ونحو ذلك، بل الأقوى اعتبار النصاب بعد الإخراج([684]). الخامس: ما يفضل عن مؤونة السنة له ولعياله من الصناعات والزراعات وأرباح التجارات، بل وسائر التكسّبات، ولو بحيازة مباحات، أو استنماءات، أو استنتاجات، أو ارتفاع قيم، أو غير ذلك ممّا يدخل في مسمّى التكسّب، ولا ينبغي ترك الاحتياط بإخراج خمس كلّ فائدة وإن لم يدخل في مسمّى التكسّب، كالهبات والهدايا والجوائز والميراث الذي لا يحتسب، وكذا فيما يملك بالصدقة المندوبة، وإن كان عدم التعلّق بغير أرباح ما يدخل في مسمّى التكسّب، لا يخلو من قوّة، كما أنّ الأقوى عدم تعلّقه بمطلق الإرث والمهر وعوض الخلع، والاحتياط حسن. ولا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة وإن زاد عن مؤونة السنة. نعم يجب الخمس في نمائهما إذا قصد بإبقائهما الاسترباح والاستنماء لا مطلقاً ([685]). (مسألة 8): لو كان عنده من الأعيان التي لم يتعلّق بها الخمس، أو أدّى خمسها وارتفعت قيمتها السوقيّة، لم يجب عليه خمس تلك الزيادة([686]) إن لم تكن الأعيان من مال التجارة ورأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها وإبقائها اقتناءها والانتفاع بمنافعها ونمائها، وأمّا إذا كان المقصود الاتّجار بها، فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها ـ بعد تمام السنة ـ إن أمكن بيعها([687]) وأخذ قيمتها، وإن لم يمكن إلاّ في السنة التالية تكون الزيادة من أرباح تلك السنة ـ لا الماضية ـ على الأظهر. (مسألة 9): لو كان بعض الأموال التي يتّجر بها وارتفعت قيمتها، موجوداً عنده في آخر السنة، وبعضها ديناً على الناس، فإن باع الموجود أو أمكن بيعه وأخذ قيمته، يجب عليه خمس ربحه وزيادة قيمته، وأمّا الذي على الناس فإن كان يطمئنّ باستحصاله متى أراد ـ بحيث يكون كالموجود عنده ـ يخمّس المقدار الزائد على رأس ماله، وما لا يطمئنّ باستحصاله يصبر إلى زمان تحصيله، فمتى حصّله تكون الزيادة من أرباح سنة التحصيل. (مسألة 10): الخمس في هذا القسم، بعد إخراج الغرامات والمصارف التي تُصرف في تحصيل النماء والربح، وإنّما يتعلّق بالفاضل من مؤونة السنة، التي أوّلها حال الشروع في التكسّب فيمن عمله التكسّب واستفادة الفوائد تدريجاً يوماً فيوماً مثلاً، وفي غيره من حين حصول الربح والفائدة، فالزارع مبدأ سنته حين حصول فائدة الزرع ووصولها بيده، وهو عند تصفية الغلّة، ومن كان عنده الأشجار المثمرة مبدأ سنته وقت اقتطاف الثمرة واجتذاذها. نعم لو باع الزرع أو الثمار قبل ذلك، يكون مبدأ سنته وقت أخذ ثمن المبيع، أو كونه كالموجود بأن يستحصل بالمطالبة. (مسألة 11): المراد بالمؤونة ما ينفقه على نفسه وعياله الواجبي النفقة وغيرهم، ومنها ما يصرفه في زياراته وصدقاته وجوائزه وهداياه وضيافاته ومصانعاته، والحقوق اللازمة عليه بنذر أو كفّارة ونحو ذلك، وما يحتاج إليه من دابّة أو جارية أو عبد أو دار أو فرش أو أثاث أو كتب، بل ما يحتاج إليه لتزويج أولاده واختتانهم ولموت عياله وغير ذلك ممّا يعدّ من احتياجاته العرفيّة. نعم يعتبر فيما ذكر الاقتصار على اللائق بحاله دون ما يعدّ سفهاً وسرفاً، فلو زاد على ذلك لا يُحسب منها، بل الأحوط مراعاة الوسط من المؤونة المناسب لمثله، لا صرف غير اللائق بحاله وغير المتعارف من مثله، بل لا يخلو لزومها من قوّة. نعم التوسعة المتعارفة من مثله من المؤونة. والمراد من المؤونة ما يصرفه فعلاً لا مقدارها، فلو قتّر على نفسه أو تبرّع بها متبرّع لم يُحسب مقداره منها([688])، بل لو وجب عليه في أثناء السنة صرف المال في شيء ـ كالحج أو أداء دين أو كفارة ونحوها ـ ولم يصرف فيه عصياناً أو نسياناً ونحوه، لم يحسب مقداره منها على الأقوى([689]). (مسألة 12): لو كان له أنواع من الاستفادات ـ من التجارة والزرع وعمل اليد وغير ذلك ـ يلاحظ آخر السنة مجموع ما استفادة من الجميع، فيخمّس الفاضل عن مؤونة سنته، ولا يلزم أن يلاحظ لكلّ فائدة سنة على حدة. (مسألة 13): الأحوط ـ بل الأقوى ـ عدم احتساب رأس المال مع الحاجة إليه من المؤونة، فيجب عليه خمسه إذا كان من أرباح المكاسب، إلاّ إذا احتاج إلى مجموعه في حفظ وجاهته أو إعاشته ممّا يليق بحاله، كما لو فرض أنّه مع إخراج خمسه، يتنزّل إلى كسب لا يليق بحاله أو لا يفي بمؤونته، فإذا لم يكن عنده مال، فاستفاد بإجارة أو غيرها مقداراً، وأراد أن يجعله رأس ماله للتجارة ويتّجر به، يجب عليه إخراج خمسه، وكذلك الحال في الملك الذي يشتريه من الأرباح ليستفيد من عائداته. (مسألة 14): لو كان عنده أعيان من بستان أو حيوان مثلاً ولم يتعلّق بها الخمس، كما إذا انتقل إليه بالإرث، أو تعلّق بها لكن أدّاه، فتارة يُبقيها للتكسّب بعينها، كالأشجار غير المثمرة التي لا ينتفع إلاّ بخشبها وأغصانها، فأبقاها للتكسّب بهما، وكالغنم الذكر الذي يُبقيه ليكبر ويسمن فيكتسب بلحمه. واُخرى للتكسّب بنمائها المنفصل، كالأشجار المثمرة التي يكون المقصود الانتفاع بثمرها، وكالأغنام الاُنثى التي ينتفع بنتاجها ولبنها وصوفها. وثالثة للتعيّش بنمائها وثمرها، بأن كان لأكل عياله وأضيافه. أمّا في الصورة الاُولى: فيتعلّق الخمس بنمائها المتّصل، فضلاً عن المنفصل. كالصوف والشعر والوبر. وفي الثانية: لا يتعلّق بنمائها المتّصل([690])، وإنّما يتعلّق بالمنفصل منه. كما أنّ في الثالثة: يتعلّق بما زاد على ما صرفه في معيشته. (مسألة 15): لو اتّجر برأس ماله في السنة في نوع واحد من التجارة، فباع واشترى مراراً، فخسر في بعضها وربح في بعض آخر، يجبر الخسران بالربح، فإذا تساويا فلا ربح، وإذا زاد الربح فقد ربح في تلك الزيادة. وكذا لو اتّجر في أنواع مختلفة من الأجناس في مركز واحد ـ ممّا تعارف الاتّجار بها فيه ـ من غير استقلال كلّ برأسه، كما هو المتعارف في كثير من البلاد والتجارات، بل وكذا لو اتّجر بالأنواع المختلفة في شعب كثيرة يجمعها مركز واحد، كما لو كان لتجارة واحدة ـ بحسب الدفتر والجمع والخرج ـ شعب كثيرة مختلفة، كلّ شعبة تختصّ بنوع تجمعها شعبة مركزيّة، أو مركز واحد بحسب المحاسبات والدخل والخرج، كلّ ذلك يجبر خسران بعض بربح بعض. نعم لو كان أنواع مختلفة من التجارة، ومراكز متعدّدة غير مربوطة بعضها ببعض بحسب الخرج والدخل والدفتر والحساب، فالظاهر عدم جبر نقص بعض بالآخر، بل يمكن أن يقال: إنّ المعيار استقلال التجارات لا اختلاف أنواعها. (مسألة 16): لو اشترى لمؤونة سنته من أرباحه بعض الأشياء، كالحنطة والشعير والدهن والفحم وغير ذلك، وزاد منها مقدار في آخر السنة، يجب إخراج خمسه قليلاً كان أو كثيراً، وأمّا لو اشترى فرشاً أو ظرفاً أو فرساً ونحوها ممّا ينتفع بها مع بقاء عينها، فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، إلاّ إذا خرجت عن مورد الحاجة([691])، فيجب الخمس فيها على الأحوط. (مسألة 17): إذا احتاج إلى دار لسكناه مثلاً ولا يمكنه شراؤها إلاّ من أرباحه في سنين عديدة، فالأقوى أنّه من المؤونة إن اشترى في كلّ سنة بعض ما يحتاج إليه الدار، فاشترى في سنة أرضها مثلاً، وفي اُخرى أحجارها، وفي ثالثة أخشابها وهكذا، أو اشترى مثلاً أرضها وأدّى من سنين عديدة قيمتها إذا لم يمكنه إلاّ كذلك. وأمّا إبقاء الثمن في سنين للاشتراء فلا يُعدّ من المؤونة([692])، فيجب إخراج خمسه. كما أنّ جمع صوف غنمه من سنين عديدة ـ لفراشه اللازم أو لباسه ـ إذا لم يمكنه بغير ذلك، يُعدّ من المؤونة على الأقوى. وكذلك اشتراء الجهيزيّة لصبيّته من أرباح السنين المتعدّدة في كلّ سنة مقدارها، يعدّ من المؤونة لا إبقاء الأثمان([693]) للاشتراء. (مسألة 18): لو مات في أثناء حول الربح، سقط اعتبار إخراج مؤونة بقيّة السنة على فرض حياته، ويخرج خمس ما فضل عن مؤونته إلى زمان الموت. (مسألة 19): لو كان عنده مال آخر لا يجب فيه الخمس، فالأقوى جواز إخراج المؤونة من الربح خاصّة وإن كان الأحوط التوزيع، فلو قام بمؤونته غيره ـ لوجوب أو تبرّع ـ لم تُحسب المؤونة، ووجب الخمس من جميع الربح. (مسألة 20): لو استقرض في ابتداء سنته لمؤونته، أو اشترى بعض ما يحتاج إليه في الذمّة، أو صرف بعض رأس المال فيها([694]) قبل حصول الربح، يجوز له وضع مقداره من الربح. (مسألة 21): الدين الحاصل قهراً ـ مثل قيم المتلفات واُروش الجنايات، ويُلحق بها النذور والكفّارات ـ يكون أداؤه في كلّ سنة من مؤونة تلك السنة، فيوضع من فوائدها وأرباحها كسائر المؤن، وكذا الحاصل بالاستقراض والنسيئة وغير ذلك، إن كان لأجل مؤونة السنوات السابقة إذا أدّاه في سنة الربح، فإنّه من المؤونة على الأقوى، خصوصاً إذا كانت تلك السنة وقت أدائه. وأمّا الدين الحاصل من الاستقراض عن وليّ الأمر من مال الخمس ـ المعبّر عنه بـ «دستگردان» ـ فلا يُعدّ من المؤونة حتّى لو أدّاه في سنة الربح، أو كان زمان أدائه في تلك السنة وأدّاه، بل يجب تخميس الجميع ثمّ أداؤه من المخمّس، أو أداؤه واحتسابه حين أداء الخمس وردّ خمسه. (مسألة 22): لو استطاع في عام الربح، فإن مشى إلى الحجّ في تلك السنة يكون مصارفه من المؤونة، وإذا أخّر لعذر أو عصياناً يجب إخراج خمسه([695])، ولو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعدّدة، وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة. وأمّا المقدار المتمّم لها في تلك السنة فلا خمس فيه لو صرفه في المشي إلى الحج. وقد مرّ جواز صرف ربح السنة في المؤونة، ولا يجب التوزيع بينه وبين غيره ممّا لا يجب فيه الخمس، فيجوز صرف جميع ربح سنته في مصارف الحجّ، وإبقاء أرباح السنوات السابقة المخمّسة لنفسه. (مسألة 23): الخمس متعلّق بالعين، وتخيير المالك بين دفعه منها أو من مال آخر لا يخلو من إشكال، وإن لا يخلو من قرب إلاّ في الحلال المختلط بالحرام، فلا يترك الاحتياط فيه بإخراج خمس العين، وليس له أن ينقل الخمس إلى ذمّته ثمّ التصرّف في المال المتعلَّق للخمس. نعم يجوز للحاكم الشرعي ووكيله المأذون أن يصالح معه ونقل الخمس إلى ذمّته، فيجوز حينئذ التصرّف فيه. كما أنّ للحاكم المصالحة في المال المختلط بالحرام أيضاً. (مسألة 24): لا يعتبر الحول في وجوب الخمس في الأرباح وغيرها، وإن جاز التأخير إلى آخره في الأرباح احتياطاً للمكتسب، ولو أراد التعجيل جاز له، وليس له الرجوع على الآخذ لو بان عدم الخمس، مع تلف المأخوذ وعدم علمه بأنّه من باب التعجيل. السادس: الأرض التي اشتراها الذمّي من مسلم، فإنّه يجب على الذمّي خمسها، ويؤخذ منه قهراً إن لم يدفعه بالاختيار، ولا فرق بين كونها أرض مزرع أو بستان أو دار أو حمّام أو دكّان أو خان أو غيرها مع تعلّق البيع والشراء بأرضها مستقلاّ، ولو تعلّق بها تبعاً، بأن كان المبيع الدار والحمّام مثلاً فالأقوى عدم التعلّق بأرضه. وهل يختصّ وجوب الخمس بما إذا انتقلت إليه بالشراء أو يعمّ سائر المعاوضات ؟ فيه تردّد([696])، والأحوط اشتراط أداء مقدار خمس الأرض عليه في عقد المعاوضة ; لنفوذه في مورد عدم ثبوته، ولا يصحّ اشتراط سقوطه في مورد ثبوته، فلو اشترط الذمّي ـ في ضمن عقد المعاوضة ـ مع المسلم عدم الخمس أو كونه على البائع بطل. نعم لو اشترط عليه أن يعطي مقداره عنه صحّ. ولو باعها من ذمّيّ آخر أو مسلم لم يسقط عنه الخمس بذلك، كما لا يسقط لو أسلم بعد الشراء، ومصرف هذا الخمس كغيره على الأصحّ. نعم لا نِصاب له، ولا نيّة حتّى على الحاكم، لا حين الأخذ ولا حين الدفع على الأصحّ. (مسألة 25): إنّما يتعلّق الخمس برقبة الأرض، والكلام في تخييره كالكلام فيه على ما مرّ قريباً، ولو كانت مشغولة بالغرس أو البناء مثلاً ليس لوليّ الخمس قلعه، وعليه اُجرة حصّة الخمس لو بقيت متعلّقة له، ولو أراد دفع القيمة في الأرض المشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء، تقوّم مع وصف كونها مشغولة بها بالاُجرة، فيؤخذ خمسها. (مسألة 26): لو اشترى الذمّي الأرض المفتوحة عنوة، فإن بيعت بنفسها في مورد صحّ بيعها كذلك ـ كما لو باعها وليّ المسلمين في مصالحهم ـ فلا إشكال في وجوب الخمس عليه. وأمّا إذا بيعت تبعاً للآثار فيما كانت فيها آثار من غرس أو بناء، وكذا فيما إذا انتقلت إليه الأرض الزراعيّة بالشراء من المسلم المتقبّل من الحكومة ـ الذي مرجعه إلى تملّك حقّ الاختصاص الذي كان للمتقبّل ـ فالأقوى عدم الخمس وإن كان الأحوط اشتراط دفع مقدار الخمس إلى أهله عليه. (مسألة 27): إذا اشترى الذمّي من وليّ الخمس الخمس الذي وجب عليه بالشراء، وجب عليه خمس ذلك الذي اشتراه وهكذا على الأحوط، وإن كان الأقوى عدمه فيما إذا قوّمت الأرض التي تعلّق بها الخمس وأدّى قيمتها. نعم لو ردّ الأرض إلى صاحب الخمس أو وليّه ثمّ بدا له اشتراؤها، فالظاهر تعلّقه بها. السابع: الحلال المختلط بالحرام مع عدم تميّز صاحبه أصلاً ولو في عدد محصور، وعدم العلم بقدره كذلك، فإنّه يخرج منه الخمس حينئذ. أمّا لو علم قدر المال فإن علم صاحبه دفعه إليه ولا خمس، بل لو علمه في عدد محصور فالأحوط التخلّص منهم، فإن لم يمكن فالأقوى الرجوع إلى القرعة، ولو جهل صاحبه، أو كان في عدد غير محصور، تصدّق بإذن الحاكم ـ على الأحوط([697]) ـ على من شاء ما لم يظنّه بالخصوص، وإلاّ فلا يترك الاحتياط بالتصدّق به عليه إن كان محلاّ له. نعم لا يجدي ظنّه بالخصوص في المحصور. ولو علم المالك وجهل بالمقدار تخلّص منه بالصّلح. ومصرف هذا الخمس كمصرف غيره على الأصحّ. (مسألة 28): لو علم أنّ مقدار الحرام أزيد من الخمس ولم يعلم مقداره، فالظاهر كفاية إخراج الخمس في تحليل المال وتطهيره، إلاّ أنّ الأحوط ـ مع إخراج الخمس ـ المصالحةُ عن الحرام مع الحاكم الشرعي ـ بما يرتفع به اليقين بالاشتغال ـ وإجراء حكم مجهول المالك عليه، وأحوط منه تسليم المقدار المتيقّن إلى الحاكم والمصالحة معه في المشكوك فيه، ويحتاط الحاكم بتطبيقه على المصرفين. (مسألة 29): لو كان حقّ الغير في ذمّته لا في عين ماله لا محلّ للخمس، بل حينئذ لو علم مقداره ولم يعلم صاحبه ـ حتّى في عدد محصور ـ تصدّق بذلك المقدار عن صاحبه بإذن الحاكم الشرعي، أو دفعه إليه. وإن علم صاحبه في عدد محصور فالأقوى الرجوع إلى القرعة. وإذا لم يعلم مقداره وتردّد بين الأقلّ والأكثر، أخذ بالأقلّ ودفعه إلى مالكه لو كان معلوماً بعينه. وإن كان مردّداً بين محصور فحكمه كما مرّ. ولو كان مجهولاً أو معلوماً في غير محصور تصدّق به كما مرّ، والأحوط حينئذ المصالحة مع الحاكم بمقدار متوسّط بين الأقلّ والأكثر، فيعامل معه معاملة معلوم المقدار. (مسألة 30): لو كان الحرام المختلط بالحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاص أو العامّ، فهو كمعلوم المالك، ولا يجزيه إخراج الخمس. (مسألة 31): لو كان الحلال الذي في المختلط ممّا تعلّق به الخمس، وجب عليه بعد تخميس التحليل خمس آخر للمال الحلال الذي فيه، وله الاكتفاء بإخراج خمس القدر المتيقّن من الحلال، إن كان أقلّ من خمس البقيّة بعد تخميس التحليل، وبخمس البقيّة إن كان بمقداره أو أكثر على الأقوى، والأحوط المصالحة مع الحاكم في موارد الدوران بين الأقلّ والأكثر. (مسألة 32): لو تبيّن المالك بعد إخراج الخمس ضمنه، فعليه غرامته له على الأحوط([698])، ولو علم بعد إخراج الخمس أنّ الحرام أقلّ منه لا يستردّ الزائد، ولو علم أنّه أزيد منه فالأحوط التصدّق بالزائد، وإن كان الأقوى عدم وجوبه لو لم يعلم مقدار الزيادة. (مسألة 33): لو تصرّف في المال المختلط بالحرام بالإتلاف قبل إخراج الخمس، تعلّق الحرام بذمّته، والظاهر سقوط الخمس، فيجري عليه حكم ردّ المظالم، وهو وجوب التصدّق، والأحوط الاستئذان من الحاكم، كما أنّ الأحوط دفع مقدار الخمس إلى الهاشمي بقصد ما في الذمّة بإذن الحاكم. ولو تصرّف فيه بمثل البيع يكون فضوليّاً بالنسبة إلى الحرام المجهول المقدار، فإن أمضاه الحاكم يصير العوض ـ إن كان مقبوضاً ـ متعلَّقاً للخمس ; لصيرورته من المختلط بالحرام الذي لا يعلم مقداره ولم يعرف صاحبه، ويكون المعوّض بتمامه ملكاً للمشتري. وإن لم يمضه يكون العوض المقبوض من المختلط بالحرام الذي جهل مقداره وعلم صاحبه، فيجري عليه حكمه. وأمّا المعوّض فهو باق على حكمه السابق، فيجب تخميسه، ولوليّ الخمس الرجوع إلى البائع، كما أنّ له الرجوع إلى المشتري بعد قبضه. القول في قسمته ومستحقّيه (مسألة 1): يقسّم الخمس([699]) ستّة أسهم: سهم لله تعالى، وسهم للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، وسهم للإمام(عليه السلام)، وهذه الثلاثة الآن لصاحب الأمر ـ أرواحنا له الفداء وعجّل الله تعالى فرجه ـ وثلاثة للأيتام والمساكين وأبناء السبيل ممّن انتسب بالأب إلى عبد المطلب، فلو انتسب إليه بالاُمّ لم يحلّ له الخمس، وحلّت له الصدقة على الأصحّ. (مسألة 2): يعتبر الإيمان ـ أو ما في حكمه ـ في جميع مستحقّي الخمس، ولا يعتبر العدالة على الأصحّ، والأحوط عدم الدفع إلى المتهتّك المتجاهر بالكبائر، بل يقوى عدم الجواز، إن كان في الدفع إعانة على الإثم والعدوان وإغراء بالقبيح، وفي المنع ردع عنه. والأولى ملاحظة المرجّحات في الأفراد. (مسألة 3): الأقوى اعتبار الفقر في اليتامى، أمّا ابن السبيل ـ أي المسافر في غير معصية([700]) ـ فلا يعتبر فيه في بلده. نعم يعتبر الحاجة في بلد التسليم وإن كان غنيّاً في بلده، كما مرّ في الزكاة. (مسألة 4): الأحوط ـ إن لم يكن الأقوى ـ عدم دفع([701]) من عليه الخمس إلى من تجب نفقته عليه، سيّما زوجته إذا كان للنفقة، أمّا دفعه إليه لغير ذلك ممّا يحتاج إليه ولم يكن واجباً عليه فلا بأس، كما لا بأس بدفع خمس غيره إليه ولو للإنفاق حتّى الزوجة المعسر زوجها. (مسألة 5): لا يصدّق مدّعي السيادة بمجرّد دعواه. نعم يكفي في ثبوتها كونه معروفاً ومشتهراً بها في بلده من دون نكير من أحد، ويمكن الاحتيال في الدفع إلى مجهول الحال ـ بعد إحراز عدالته ـ بالدفع إليه بعنوان التوكيل في الإيصال إلى مستحقّه، أيّ شخص كان حتّى الآخذ، ولكن الأولى عدم إعمال هذه الحيلة. (مسألة 6): الأحوط عدم دفع الخمس إلى المستحقّ أزيد من مؤونة سنته ولو دفعة، كما أنّ الأحوط له عدم أخذه. (مسألة 7): النصف من الخمس الذي للأصناف الثلاثة المتقدّمة أمره بيد الحاكم على الأقوى، فلابدّ إمّا من الإيصال إليه أو الصرف بإذنه وأمره، كما أنّ النصف الذي للإمام(عليه السلام) أمره راجع إلى الحاكم، فلابدّ من الإيصال إليه حتّى يصرفه فيما يكون مصرفه بحسب نظره وفتواه، أو الصرف بإذنه فيما عيّن له من المصرف. ويشكل دفعه إلى غير من يقلّده، إلاّ إذا كان المصرف عنده هو المصرف عند مقلّده كمّاً وكيفاً، أو يعمل على طبق نظره. (مسألة 8): الأقوى جواز نقل الخمس إلى بلد آخر، بل ربما يترجّح عند وجود بعض المرجّحات حتّى مع وجود المستحقّ في البلد، وإن ضمن حينئذ لو تلف في الطريق أو البلد المنتقل إليه، بخلاف ما إذا لم يوجد فيه المستحقّ فإنّه لا ضمان عليه. وكذا لو كان النقل بإذن المجتهد وأمره، فإنّه لا ضمان عليه حينئذ حتّى موجود المستحقّ في البلد، وربما وجب النقل لو لم يوجد المستحقّ في البلد ولم يتوقّع وجوده بعدُ، أو أمر المقلَّد بالنقل، وليس من النقل لو كان له دين على من في بلد آخر، فاحتسبه مع إذن الحاكم الشرعي. (مسألة 9): لو كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلد الخمس يتعيّن نقل([702]) حصّة الإمام(عليه السلام) إليه، أو الاستئذان منه في صرفها في بلده، بل الأقوى جواز ذلك لو وجد المجتهد في بلده أيضاً، لكنّه ضامن إلاّ إذا تعيّن عليه النقل، بل الأولى والأحوط النقل إذا كان من في البلد الآخر أفضل، أو كان هنا بعض المرجّحات، ولو كان المجتهد الذي في البلد الآخر مقلَّده يتعيّن النقل إليه، إلاّ إذا أذن في صرفه في البلد، أو كان المصرف في نظر مجتهد بلده موافقاً مع نظر مقلَّده، أو كان يعمل على طبق نظره. (مسألة 10): يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر([703]) وإن كان عروضاً، ولكن الأحوط أن يكون ذلك بإذن المجتهد حتّى في سهم السادات. (مسألة 11): إذا كان في ذمّة المستحقّ دَين، جاز له احتسابه خُمساً مع إذن الحاكم على الأحوط لو لم يكن الأقوى، كما أنّ احتساب حقّ الإمام(عليه السلام)موكول إلى نظر الحاكم. (مسألة 12): لا يجوز للمستحقّ أن يأخذ من باب الخمس ويردّه على المالك، إلاّ في بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كثير ولم يقدر على أدائه، بأن صار معسراً لا يرجى زواله وأراد تفريغ ذمّته، فلا مانع حينئذ منه لذلك([704]). (مسألة 13): لو انتقل إلى شخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه ـ كالكفّار والمخالفين ـ لا يجب عليه إخراجه كما مرّ، سواء كان من ربح تجارة أو معدن أو غير ذلك، وسواء كان من المناكح والمساكن والمتاجر أو غيرها، فإنّ أئمّة المسلمين(عليهم السلام) قد أباحوا ذلك لشيعتهم، كما أباحوا لهم في أزمنة عدم بسط أيديهم تقبّل الأراضي الخراجيّة من يد الجائر والمقاسمة معه، وعطاياه في الجملة، وأخذ الخراج منه، وغير ذلك ممّا يصل إليهم منه ومن أتباعه. وبالجملة: نزّلوا الجائر منزلتهم، وأمضوا أفعاله بالنسبة إلى ما يكون محلّ الابتلاء للشيعة ; صوناً لهم عن الوقوع في الحرام والعسر والحرج. القول في الأنفال وهي ما يستحقّه الإمام(عليه السلام) على جهة الخصوص لمنصب إمامته، كما كان للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)لرئاسته الإلهيّة. وهي اُمور: منها: كلّ ما لم يوجف عليها بخيل وركاب، أرضاً كانت أو غيرها، انجلى عنها أهلها أو سلّموها للمسلمين طوعاً. ومنها: الأرض الموات التي لا يُنتفع بها إلاّ بتعميرها وإصلاحها، لاستيجامها، أو لانقطاع الماء عنها، أو لاستيلائه عليها، أو لغير ذلك، سواء لم يجرِ عليها ملك لأحد كالمفاوز، أو جرى ولكن قد باد ولم يُعرف الآن. ويلحق بها القُرى التي قد جلى أهلها فخربت، كبابل والكوفة ونحوهما، فهي من الأنفال بأرضها وآثارها كالأحجار ونحوها. والموات الواقعة في الأرض المفتوحة عنوة كغيرها على الأقوى. نعم ما علم أنّها كانت معمورة حال الفتح، فعرض لها الموتان بعد ذلك، ففي كونها من الأنفال، أو باقية على ملك المسلمين كالمعمورة فعلاً، تردّد وإشكال، لا يخلو ثانيهما من رجحان. ومنها: أسياف البحار وشطوط الأنهار، بل كلّ أرض لا ربّ لها ـ على إشكال في إطلاقه، وإن لا يخلو من قُرب ـ وإن لم تكن مواتاً، بل كانت قابلة للانتفاع بها من غير كلفة، كالجزائر التي تخرج في دجلة والفرات ونحوهما. ومنها: رؤوس الجبال وما يكون بها من النبات والأشجار والأحجار ونحوها، وبطون الأودية، والآجام ـ وهي الأراضي الملتفّة بالقصب والأشجا ـ من غير فرق في هذه الثلاثة بين ما كان في أرض الإمام(عليه السلام)، أو المفتوحة عنوة، أو غيرهما. نعم ما كان ملكاً لشخص ثمّ صار أجمة مثلاً فهو باق على ما كان. ومنها: ما كان للملوك من قطائع وصفايا. ومنها: صفو الغنيمة كفرس جواد، وثوب مرتفع، وسيف قاطع ودرع فاخر، ونحو ذلك. ومنها: الغنائم التي ليست بإذن الإمام(عليه السلام). ومنها: إرث من لا وارث له. ومنها: المعادن التي لم تكن لمالك خاصّ تبعاً للأرض أو بالإحياء. (مسألة): الظاهر إباحة جميع الأنفال للشيعة في زمن الغيبة، على وجه يجري عليها حكم الملك، من غير فرق بين الغنيّ منهم والفقير، إلاّ في إرث من لا وارث له، فإنّ الأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ اعتبار الفقر فيه، بل الأحوط تقسيمه على فقراء بلده، والأقوى إيصاله إلى الحاكم الشرعي. كما أنّ الأقوى حصول الملك لغير الشيعي أيضاً، بحيازة ما في الأنفال من العشب والحشيش والحطب وغيرها، بل وحصول الملك لهم ـ أيضاً ـ للموات بسبب الإحياء كالشيعي. __________________________________________ [674] ـ والأحوط كون الإخراج من حيث الغنيمة لا من حيث الفائدة. [675] ـ الأقوى. [676] ـ بل قبل إخراجها على الظاهر لكن الخمس فيما يبقى بعد الإخراج فإنّ الخمس بعد المؤونة كالزكاة. [677] ـ بل يلاحظ قيمة الدينار إذا كان أقلّ، بل وإذا كان أكثر أيضاً على الأحوط. [678] ـ بل على الأقوى لصدق بلوغ النصاب في المخرج ولا مأخذ لاعتبار عدم الإعراض والإهمال لاسيّما مع إطلاق ما في النصوص من كون الخمس في المعادن. [679] ـ وإن كان الأحوط الضمّ وكفاية بلوغ المجموع. [680] ـ إذ عدّ عرفاً من توابعها وملكاً لصاحبها، لا في مثل المعادن العظيمة المستكشفة اليوم، كمعدن النفط. [681] ـ أقواه عدم التملّك إذا لم يكن بإذن والي المسلمين، وإلاّ فمع إذنه ورعاية مصلحة المسلمين في استخراجه لا ينافي ملكية المعدن، مع كون الأرض للمسلمين، حيث إنّ الملكية ملكية المنافع والمصالح في مقابل ملكية العين. [682] ـ بل على الأقوى فيه، وكذا في تاليه من الفرعين الآتيين. [683] ـ وإن كان الأقوى عدمه. [684] ـ بل قبله على نحو ما مرّ في المعدن. [685] ـ بل مطلقاً. [686] ـ إلاّ إذا باعها فلم يبعد وجوب خمسها ; لصدق التكسّب والفائدة. [687] ـ بل إذا باعها. [688] ـ في التبرّع دون التقتير، فإنّ من قتّر على نفسه حوسب له. [689] ـ إن كان بانياً على عدم الصرف. [690] ـ بل يتعلّق. [691] ـ ولم تجرِ العادة بإبقائها للسنين الآتية. [692] ـ لكنّ الظاهر أنّ إبقاء الثمن لاشتراء المؤونة كالدار وغيره في حكم المؤونة. [693] ـ بل تعدّ هي أيضاً من المؤونة كما يعدّ مثلها في الصبيّ أيضاً إن كان متعارفاً. [694] ـ أو ما لم يكن متعلّقاً للخمس أو ما أدّى خمسه. [695] ـ إن لم يكن محتاجاً إلى تلك المصارف في السنة المستقبلة وإلاّ فعدم الخمس فيها وكونها في حكم المؤونة لا يخلو عن قوّة. [696] ـ لكنّ القول بوجوبه في مطلق المعاوضات لا يخلو عن قوّة. [697] ـ وإن كان عدم لزوم إذنه لا يخلو عن وجه. [698] ـ وإن كان الأظهر عدم الضمان. [699] ـ على المعروف المشهور. [700] ـ الظاهر عدم الفرق بين أن يكون السفر في طاعة أو معصية. [701] ـ وإن كان الدفع إلى غير الزوجة على نحو التمليك بإذن من له الإذن هو الأقوى، ولو كان للإنفاقات التي تجب عليه لولا دفعه إليهم ; لأنّه الدافع حينئذ، لا المؤدّي للخمس. [702] ـ جاز نقل حصّة الإمام(عليه السلام). [703] ـ نقداً لا جنساً. [704] ـ ولم يكن المأخوذ زائداً على نفقة سنته، وتمكّن المؤدّي من قصد القربة في الأداء، مثل ما كان جاهلاً بردّه.
|