|
كتاب البيع
كتاب البيع
(مسألة 1): عقد البيع يحتاج إلى إيجاب وقبول، وقد يستغني بالإيجاب عن القبول، كما إذا وكّل المشتري أو البائع صاحبه في البيع والشراء، أو وكّلا ثالثاً، فيقول: «بعت هذا بهذا»، فإنّ الأقوى عدم الاحتياج حينئذ إلى القبول. والأقوى عدم اعتبار العربيّة، بل يقع بكلّ لغة ولو مع إمكان العربي. كما أنّه لا يعتبر فيه الصراحة، بل يقع بكلّ لفظ دالّ على المقصود عند أهل المحاورة، كـ «بعت» و«ملّكت» ونحوهما في الإيجاب، و«قبلت» و«اشتريت» و«ابتعت» ونحو ذلك في القبول. والظاهر عدم اعتبار الماضويّة ـ فيجوز بالمضارع ـ وإن كان أحوط. ولا يعتبر فيه عدم اللحن من حيث المادّة والهيئة والإعراب، إذا كان دالاًّ على المقصود عند أبناء المحاورة، وعُدّ ملحوناً منه، لا كلاماً آخر ذكر في هذا المقام، كما إذا قال: «بعت» بفتح الباء أو بكسر العين وسكون التاء، وأولى بذلك اللغات المحرّفة، كالمتداولة بين أهل السواد ومن ضاهاهم. (مسألة 2): الظاهر جواز تقديم القبول على الإيجاب إذا كان بمثل «اشتريتُ» و«ابتَعتُ»، إذا اُريد به إنشاء الشراء، لا المعنى المطاوعي، ولا يجوز بمثل «قبلت» و«رضيت». وأمّا إذا كان بنحو الأمر والاستيجاب، كما إذا قال من يريد الشراء: بعني الشيء الفلاني بكذا، فقال البائع: بعتكه بكذا، فالظاهر الصحّة وإن كان الأحوط إعادة المشتري القبول. (مسألة 3): يعتبر الموالاة بين الإيجاب والقبول، بمعنى عدم الفصل الطويل بينهما بما يخرجهما عن عنوان العقد والمعاقدة، ولا يضرّ القليل، بحيث يصدق معه أنّ هذا قبول لذلك الإيجاب. (مسألة 4): يعتبر في العقد التطابق بين الإيجاب والقبول، فلو اختلفا ـ بأن أوجب البائع على وجه خاصّ، من حيث المشتري أو المبيع أو الثمن أو توابع العقد من الشروط، وقبل المشتري على وجه آخر ـ لم ينعقد. فلو قال البائع: بعت هذا من موكّلك بكذا، فقال الوكيل: اشتريته لنفسي، لم ينعقد. نعم لو قال: بعت هذا من موكّلك، فقال الموكّل الحاضر غير المخاطب: قبلت، لا يبعد الصحّة. ولو قال: بعتك هذا بكذا، فقال: قبلت لموكّلي، فإن كان الموجب قاصداً لوقوع البيع للمخاطب نفسه لم ينعقد، وإن كان قاصداً له أعمّ من كونه أصيلاً أو وكيلاً صحّ. ولو قال: بعتك هذا بألف، فقال: اشتريت نصفه بألف أو بخمسمائة، لم ينعقد، بل لو قال: اشتريت كلّ نصف منه بخمسمائة، لا يخلو من إشكال. نعم لا يبعد الصحّة لو أراد كلّ نصف مشاعاً. ولو قال لشخصين: بعتكما هذا بألف، فقال أحدهما: اشتريت نصفه بخمسمائة، لم ينعقد، ولو قال كلّ منهما ذلك لا يبعد الصحّة وإن لا يخلو من إشكال([926]). ولو قال: بعت هذا بهذا على أن يكون لي الخيار ثلاثة أيّام مثلاً فقال: اشتريتُ بلا شرط، لم ينعقد، ولو انعكس، بأن أوجب البائع بلا شرط وقبل المشتري معه، فلا ينعقد مشروطاً، وهل ينعقد مطلقاً وبلا شرط ؟ فيه إشكال. (مسألة 5): لو تعذّر التلفّظ ـ لخرس ونحوه ـ تقوم الإشارة المفهمة([927]) مقامه، حتّى مع التمكّن من التوكيل على الأقوى، ولو عجز عن الإشارة([928]) أيضاً فالأحوط التوكيل أو المعاطاة، ومع تعذّرهما إنشاؤه بالكتابة. (مسألة 6): الأقوى وقوع البيع بالمعاطاة في الحقير والخطير. وهي: عبارة عن تسليم العين بقصد صيرورتها ملكاً للغير بالعوض وتسلّم العوض بعنوان العوضيّة، والظاهر تحقّقها بمجرّد تسليم المبيع بقصد التمليك بالعوض مع قصد المشتري في أخذه التملّك بالعوض، فيجوز جعل الثمن كلّيّاً في ذمّة المشتري، وفي تحقّقها بتسلّم العوض فقط من المشتري بقصد المعاوضة إشكال وإن كان التحقّق به لا يخلو من قوّة. (مسألة 7): يعتبر في المعاطاة جميع ما يعتبر في البيع بالصيغة ـ من الشروط الآتية ـ ما عدا اللفظ، فلا تصحّ مع فقد واحد منها، سواء كان ممّا اعتُبر في المتبايعين أو في العوضين، كما أنّ الأقوى ثبوت الخيارات الآتية فيها. (مسألة 8): البيع بالصيغة لازم من الطرفين إلاّ مع وجود الخيار. نعم يجوز الإقالة، وهي الفسخ من الطرفين. والأقوى أنّ المعاطاة ـ أيضاً ـ لازمة من الطرفين إلاّ مع الخيار، وتجري فيها الإقالة. (مسألة 9): البيع المعاطاتي ليس قابلاً للشرط على الأحوط، فلو اُريد ثبوت خيار بالشرط أو سقوطه به أو شرط آخر، حتّى جعل مدّة وأجل لأحد العوضين، يتوسّل بإجراء البيع بالصيغة وإدراجه فيه، وإن كان قبوله لذلك بالمقاولة قُبيله والتعاطي مبنيّاً عليها، لا يخلو من وجه وقوّة. (مسألة 10): هل تجري المعاطاة في سائر المعاملات مطلقاً، أو لا كذلك، أو في بعضها دون بعض ؟ سيظهر الأمر في الأبواب الآتية إن شاء الله تعالى. (مسألة 11): كما يقع البيع والشراء بمباشرة المالك، يقع بالتوكيل أو الولاية من طرف واحد أو الطرفين، ويجوز لشخص واحد تولّي طرفي العقد، أصالة من طرف ووكالة أو ولاية من آخر، أو وكالة من الطرفين، أو ولاية منهما، أو وكالة من طرف وولاية من آخر. (مسألة 12): لا يجوز على الأحوط تعليق البيع على شيء غير حاصل حين العقد، سواء علم حصوله فيما بعد أم لا، ولا على شيء مجهول الحصول حينه. وأمّا تعليقه على معلوم الحصول حينه ـ كأن يقول: بعتُك إن كان اليومُ يومَ السبت، مع العلم به ـ فالأقوى جوازه. (مسألة 13): لو قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه، وكان مضموناً عليه([929])، بمعنى أنّه يجب عليه أن يردّه إلى مالكه، ولو تلف ـ ولو بآفة سماويّة ـ يجب عليه ردّ عوضه من المثل أو القيمة. نعم لو كان كلٌّ من البائع والمشتري راضياً بتصرّف الآخر مطلقاً فيما قبضه ـ ولو على تقدير الفساد ـ يُباح لكلّ منهما التصرّف والانتفاع بما قبضه ولو بإتلافه، ولا ضمان عليه. القول في شروط البيع وهي: إمّا في المتعاقدين، وإمّا في العوضين القول في شرائط المتعاقدين وهي اُمور: الأوّل: البلوغ، فلا يصحّ بيع الصغير ـ ولو كان مميّزاً، وكان بإذن الوليّ ـ إذا كان مستقلاّ في إيقاعه، على الأقوى في الأشياء الخطيرة، وعلى الأحوط في غيرها، وإن كان الصحّة في اليسيرة إذا كان مميّزاً ـ ممّا جرت عليها السيرة ـ لا تخلو من وجه وقوّة، كما أنّه لو كان بمنزلة الآلة ـ بحيث تكون حقيقة المعاملة بين البالغين ـ ممّا لا بأس به مطلقاً. وكما لا تصحّ معاملة الصبيّ في الأشياء الخطيرة لنفسه، كذلك لا تصحّ لغيره ـ أيضاً ـ إذا كان وكيلاً، حتّى مع إذن الوليّ في الوكالة. وأمّا لو كان وكيلاً لمجرّد إجراء الصيغة، وكان أصل المعاملة بين البالغين، فصحّته لا تخلو من قرب، فليس هو مسلوب العبارة، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط. الثاني: العقل، فلا يصحّ بيع المجنون. الثالث: القصد، فلا يصحّ بيع غير القاصد كالهازل والغالط والساهي. الرابع: الاختيار، فلا يقع البيع من المكره، والمراد به الخائف على ترك البيع من جهة توعيد الغير عليه بإيقاع ضرر أو حرج عليه. ولا يضرّ بصحّته الاضطرار الموجب للإلجاء، وإن كان حاصلاً من إلزام الغير بشيء، كما لو ألزمه ظالم على دفع مال، فالتجأ إلى بيع ماله لدفعه إليه. ولا فرق في الضرر المتوعّد بين أن يكون متعلّقاً بنفس المُكره ـ نفساً أو عرضاً أو مالاً ـ أو بمن يكون متعلّقاً به كعياله وولده، ممّن يكون إيقاع المحذور عليه بمنزلة إيقاعه عليه، ولو رضي المكره بعد زوال الإكراه صحّ ولزم. (مسألة 1): الظاهر أنّه لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصّي بالتورية، فلو اُلزم بالبيع واُوعد على تركه، فباع قاصداً للمعنى مع إمكان أن لا يقصد، أو يقصد معنى آخر غير البيع، يكون مكرهاً إذا كان التفصّي مشكلاً ومحتملاً لوقوعه في المحذور، كما هو كذلك نوعاً في مثل المقام. وأمّا مع التفاته إلى التورية وسهولتها له بلامحذور فمحلّ إشكال، بل اعتبار عدم سهولتها كذلك لايخلومن وجه. (مسألة 2): لو أكرهه على أحد الأمرين: إمّا بيع داره، أو عمل آخر، فباع داره، فإن كان في العمل الآخر محذور دينيّ أو دنيويّ يتحرّز منه، وقع البيع مكرهاً عليه، وإلاّ وقع مختاراً. (مسألة 3): لو أكرهه على بيع أحد الشيئين على التخيير، فكلّ ما وقع منه لدفع ضرره يقع مكرهاً عليه، ولو أوقعهما معاً فإن كان تدريجاً فالظاهر وقوع الأوّل مكرهاً عليه، دون الثاني إلاّ إذا قصد إطاعة المكره بالثاني فيقع الأوّل صحيحاً، فهل الثاني يقع صحيحاً أو لا ؟ وجهان أوجههما الأوّل. ولو أوقعهما دفعة ففي صحّته بالنسبة إلى كليهما، أو فساده كذلك، أو صحّة أحدهما والتعيين بالقرعة، وجوه لا يخلو أوّلهما([930]) من رجحان، ولو أكرهه على بيع معيّن فضمّ إليه غيره وباعهما دفعة، فالظاهر البطلان فيما اُكره عليه والصحّة في غيره. الخامس: كونهما مالكين للتصرّف، فلا يقع المعاملة من غير المالك إذا لم يكن وكيلاً عنه، أو وليّاً عليه، كالأب والجدّ للأب والوصيّ عنهما والحاكم، ولا من المحجور عليه لسفه أو فلس أو غير ذلك من أسباب الحجر. (مسألة 4): معنى عدم الوقوع من غير المالك للتصرّف عدم النفوذ والتأثير، لا كونه لغواً، فلو أجاز المالك عقد غيره، أو الوليّ عقد السفيه، أو الغرماء عقد المفلّس، صحّ ولزم. (مسألة 5): لا فرق في صحّة البيع الصادر من غير المالك مع إجازته، بين ما إذا قصد وقوعه للمالك أو لنفسه، كما في بيع الغاصب، ومن اعتقد أنّه مالك، كما لا فرق بين ما إذا سبقه منع المالك عنه وغيره، على إشكال فيه. نعم يعتبر في تأثير الإجازة عدم مسبوقيّتها بردّ المالك بعد العقد، فلو باع فضولاً وردّه المالك ثمّ أجازه، لغت الإجازة على الأقرب وإن لا يخلو من إشكال، ولو ردّه بعد الإجـازة لغا الردّ. (مسألة 6): الإجازة كما تقع باللفظ الدالّ على الرضا بالبيع بحسب متفاهم العرف ولو بالكناية، كقوله: «أمضيت» و«أجزت» و«أنفذت» و«رضيت» وشبه ذلك، وكقوله للمشتري: «بارك الله لك فيه» وشبه ذلك من الكنايات، كذلك تقع بالفعل الكاشف عرفاً عنه، كما إذا تصرّف في الثمن مع الالتفات، ومن ذلك ما إذا أجاز البيع الواقع عليه معه ; لأنّها مستلزمة لإجازة البيع الواقع على المثمن، وكما إذا مكّنت الزوجة من نفسها بعنوانها إذا زوّجت فضولاً. (مسألة 7): هل الإجازة كاشفة عن صحّة العقد الصادر من الفضولي من حين وقوعه، فتكشف عن أنّ المبيع كان ملكاً للمشتري والثمن ملكاً للبائع من زمان وقوع العقد، أو ناقلة بمعنى كونها شرطاً لتأثير العقد من حين وقوعها ؟ وتظهر الثمرة في النماء المتخلّل بين العقد والإجازة، فعلى الأوّل نماء المبيع للمشتري ونماء الثمن للبائع، وعلى الثاني بالعكس. والمسألة مشكلة، لا يترك الاحتياط بالتخلّص بالصلح بالنسبة إلى النماءات. (مسألة 8): لو كان المالك راضياً بالبيع باطناً، لكن لم يصدر منه إذن وتوكيل للغير في البيع والشراء، لا يبعد خروجه عن الفضولي، سيّما مع التفاته بالعقد والرضا به. نعم لو كان بحيث لو التفت إليه صار راضياً فهو فضوليّ وخارج عن موضوع المسألة. وأمّا إذا كان راضياً لكن لم يلتفت تفصيلاً إليه، فهو ـ أيضاً ـ كاف في الخروج عن الفضولي بوجه لا يخلو عن قوّة. (مسألة 9): لا يشترط في الفضولي قصد الفضوليّة، فلو تخيّل كونه وليّاً أو وكيلاً فتبيّن خلافه يكون من الفضولي، ويصحّ بالإجازة. وأمّا العكس ـ بأن تخيّل كونه غير جائز التصرّف فتبيّن كونه وكيلاً أو وليّاً ـ فالظاهر صحّته وعدم احتياجه إلى الإجازة على إشكال في الثاني. ومثله ما إذا تخيّل كونه غير مالك فتبيّن كونه مالكاً، لكن عدم الصحّة والاحتياج إلى الإجازة فيه لا يخلو من قوّة. (مسألة 10): لو باع شيئاً فضوليّاً ثمّ ملكه ـ إمّا باختياره كالشراء، أو بغيره كالإرث ـ فالبطلان بحيث لا تجدي الإجازة لا يخلو من قوّة. (مسألة 11): لا يعتبر في المجيز أن يكون مالكاً حين العقد، فيجوز أن يكون المالك حين العقد غيره حين الإجازة، كما إذا مات المالك حين العقد قبل الإجازة فيصحّ بإجازة الوارث، وأولى به ما إذا كان المالك حين العقد غير جائز التصرّف لمانع ـ من صغر أو سفه ونحوهما ـ ثمّ ارتفع المانع، فإنّه يصحّ بإجازته. (مسألة 12): لو وقع بيوع متعدّدة على مال الغير، فإمّا أن تقع على نفسه أو على عوضه. وعلى الأوّل: فإمّا أن تقع من فضوليّ واحد، كما إذا باع دار زيد مكرّراً على أشخاص متعدّدين، أو تقع من أشخاص متعدّدين، كما إذا باعها من شخص بفرس، ثمّ باعها المشتري من شخص آخر بحمار، ثمّ باعها المشتري الثاني بكتاب وهكذا. وعلى الثاني: فإمّا أن تقع من شخص واحد على الأعواض والأثمان بالترامي، كما إذا باع دار زيد بثوب، ثمّ باع الثوب ببقر، ثمّ باع البقر بفراش وهكذا، وإمّا أن تقع على ثمن شخصيّ مراراً، كما إذا باع الثوب في المثال المذكور مراراً من أشخاص متعدّدين، فهذه صور أربع، ثمّ إنّ للمالك في جميع هذه الصور أن يجيز أيّما شاء منها، ويصحّ بإجازته ذلك العقد المجاز، وأمّا غيره فيحتاج إلى تفصيل وشرح لا يناسب هذا المختصر. (مسألة 13): الردّ الذي يكون مانعاً عن تأثير الإجازة ـ على إشكال قد مرّ ـ قد يكون مانعاً عن لحوقها مطلقاً، ولو من غير المالك حين العقد، كقوله: «فسخت» و«رددت» وشبه ذلك ممّا هو ظاهر فيه، كما أنّ التصرّف فيه بما يوجب فوات محلّ الإجازة ـ عقلاً كالإتلاف، أو شرعاً كالعتق ـ كذلك أيضاً. وقد يكون مانعاً عن لحوقها بالنسبة إلى خصوص المالك حين العقد ـ لا مطلقاً ـ كالتصرّف الناقل للعين مثل البيع والهبة ونحوهما، حيث إنّ بذلك لا يفوت محلّ الإجازة إلاّ بالنسبة إلى المنتقل عنه، فللمنتقل إليه أن يجيز، بناءً على عدم اعتبار كون المجيز مالكاً حين العقد كما مرّ. وأمّا الإجارة فلا تكون مانعة عن الإجازة مطلقاً ـ حتّى بالنسبة إلى المالك المؤجر ـ لعدم التنافي بينهما، غاية الأمر أنّه تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة. (مسألة 14): حيثما لم تتحقّق الإجازة من المالك ـ سواء تحقّق منه الردّ أم لا كالمتردّد ـ له انتزاع عين ماله ـ مع بقائه ـ ممّن وجده في يده، بل وله الرجوع إليه بمنافعه المستوفاة وغير المستوفاة ـ على الأقوى ـ في هذه المدّة، وله مطالبة البائع الفضولي بردّ العين ومنافعها إذا كانت في يده وقد سلّمها إلى المشتري، وكذا له مطالبة المشتري بردّ العين ومنافعها التي استوفاها أو تلفت تحت يده، ولو كانت مؤونة لردّها له مطالبتها أيضاً. هذا مع بقاء العين. وأمّا مع تلفها فيرجع ببدلها إلى البائع لو تلفت عنده. ولو تعاقبت أيادي متعدّدة عليها، بأن كانت مثلاً بيد البائع الفضولي وسلّمها إلى المشتري، وهو إلى آخر وهكذا، وتلفت، يتخيّر المالك في الرجوع بالبدل إلى أيٍّ منهم، وله الرجوع إلى الكلّ موزّعاً عليهم بالتساوي أو بالتفاوت، فإن أخذ البدل والخسارة من واحد ليس له الرجوع إلى الباقين. هذا حكم المالك مع البائع والمشتري وكلّ من وقع المال تحت يده. وأمّا حكم المشتري مع البائع الفضولي، فمع علمه بكونه غاصباً ليس له الرجوع إليه بشيء ممّا رجع المالك إليه، وما وردت من الخسارات عليه. نعم لو دفع الثمن إلى البائع فله استرداده مع بقائه، والرجوع إلى بدله لو تلف أو أتلف، ومع جهله بالحال فله أن يرجع إليه بكلّ ما اغترم للمالك، وبكلّ خسارة وردت عليه في ذلك، من المنافع والنماءات وإنفاق الدابّة وما صرفه في العين وما تلف منه وضاع، من الغرس أو الزرع أو الحفر وغيرها، فإنّ البائع الفضولي ضامن لدرك ذلك كلّه، وللمشتري الجاهل أن يرجع بها إليه. (مسألة 15): لو أحدث المشتري لمال الغير فيما اشتراه بناءً أو غرساً أو زرعاً، فللمالك إلزامه بإزالة ما أحدثه وتسوية الأرض، ومطالبته بالأرش لو نقص من دون أن يضمن ما يرد عليه من الخسران. كما أنّ للمشتري إزالة ذلك مع ضمانه أرش النقص الوارد على الأرض، وليس للمالك إلزامه بالإبقاء ولو مجّاناً. كما أنّه ليس للمشتري حقّ الإبقاء ولو بالاُجرة. ولو حفر بئراً أو كرى نهراً مثلاً وجب عليه طمّها وردّها إلى الحالة الاُولى لو أراد المالك وأمكن، وضمن أرش النقص لو كان، وليس له مطالبة المالك اُجرة عمله، أو ما صرفه فيه من ماله وإن زاد به القيمة، كما أنّه ليس له ردّها إلى الحالة الاُولى بالطمّ ونحوه لو لم يرض به المالك. نعم يرجع إلى البائع الغاصب ـ مع جهله بالحال ـ باُجرة عمله وكلّ ما صرف من ماله وكلّ خسارة وردت عليه. وكذلك الحال فيما إذا أحدث المشتري فيما اشتراه صفة ـ من دون أن يكون له عين في العين المشتراة ـ كما إذا طحن الحنطة أو غزل ونسج القطن أو صاغ الفضّة. وهنا فروع كثيرة نتعرّض لها في كتاب الغصب إن شاء الله تعالى. (مسألة 16): لو جمع البائع بين ملكه وملك غيره، أو باع ما كان مشتركاً بينه وبين غيره، نفذ البيع في ملكه بما قابله من الثمن. وصحّته في ملك الغير موقوفة على إجازته، فإن أجازه وإلاّ فللمشتري خيار فسخ البيع من جهة التبعيض إن كان جاهلاً. هذا إذا لم يلزم من التبعيض مع عدم الإجازة محذور، كلزوم الربا ونحوه، وإلاّ بطل من أصله. (مسألة 17): طريق معرفة حصّة كلّ منهما من الثمن: أن يقوّم كلّ منهما بقيمته الواقعيّة، ثمّ تلاحظ نسبة قيمة أحدهما مع قيمة الآخر، فيجعل نصيب كلّ منهما من الثمن بتلك النسبة، فإذا باعهما معاً بستّة، وكانت قيمة أحدهما ستّة وقيمة الآخر ثلاثة، تكون حصّة ما كانت قيمته ثلاثة من الثمن ـ أي الستة ـ نصفَ حصّة الآخر، فلأحدهما اثنان وللآخر أربعة. لكن هذا يصحّ في نوع البيوع المتعارفة، التي لا يختلف فيها المبتاعان حال الانفراد والانضمام. وأمّا مع اختلافهما فيهما ـ زيادة أو نقيصة أو بالاختلاف ـ فلا. والظاهر أنّ الضابط: هو تقويم كلّ منهما منفرداً بلحاظ حال الانضمام، ثمّ يؤخذ من الثمن جزء نسبته إليه كنسبة قيمته إلى مجموع القيمتين. (مسألة 18): يجوز للأب([931]) والجدّ للأب([932]) ـ وإن علا ـ أن يتصرّفا في مال الصغير بالبيع والشراء والإجارة وغيرها، وكلّ منهما مستقلّ في الولاية. والأقوى عدم اعتبار العدالة فيهما، ولا يشترط في نفوذ تصرّفهما المصلحة([933])، بل يكفي عدم المفسدة، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بمراعاتها. وكما لهما([934]) الولاية في ماله بأنواع التصرّفات، لهما الولاية في نفسه بالإجارة والتزويج([935]) وغيرهما إلاّ الطلاق، فلا يملكانه بل يُنتظر بلوغه. وهل يُلحق به فسخ عقد النكاح عند موجبه وهبة المدّة في المتعة ؟ وجهان، بل قولان، أقواهما العدم، وليس لغيرهما من الأقارب الولاية عليه حتّى الاُمّ والأخ والجدّ للاُمّ، فإنّهم كالأجانب. (مسألة 19): كما للأب والجدّ([936]) الولاية على الصغير في زمان حياتهما، كذلك لهما نصب القيّم عليه لبعد وفاتهما، فينفذ منه ما كان ينفذ منهما، على إشكال في التزويج. والظاهر اعتبار المصلحة في تصرّفه، ولا يكفي عدم المفسدة. كما أنّ الأحوط فيه اعتبار العدالة، وإن كانت كفاية الأمانة والوثاقة ليست ببعيدة. (مسألة 20): إذا فقد الأب والجدّ والوصيّ عنهما، يكون للحاكم الشرعي ـ وهو المجتهد العادل ـ ولاية التصرّف في أموال الصغار مشروطاً بالغبطة والصلاح، بل الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضرر والفساد. ومع فقدان الحاكم يرجع الأمر إلى المؤمنين بشرط العدالة على الأحوط، فلهم ولاية التصرّف في أموال الصغير بما يكون في فعله صلاح وغِبطة، بل وفي تركه مفسدة على الأحوط. القول في شروط العوضين وهي اُمور: الأوّل: يشترط في المبيع أن يكون عيناً على الأحوط، متموّلاً، سواء كان موجوداً في الخارج أو كلّيّاً في ذمّة البائع أو في ذمّة غيره، فلا يجوز ـ على الأحوط ـ أن يكون منفعة كمنفعة الدار أو الدابّة، أو عملاً كخياطة الثوب أو حقّاً، وإن كان الجواز ـ خصوصاً في الحقوق ـ لا يخلو من قوّة. وأمّا الثمن فيجوز أن يكون منفعة أو عملاً متموّلاً، بل يجوز أن يكون حقّاً قابلاً للنقل والانتقال، كحقّي التحجير والاختصاص، وفي جواز كونه حقّاً قابلاً للإسقاط غير قابل للنقل ـ كحقّي الخيار والشفعة ـ إشكال([937]). الثاني: تعيين مقدار ما كان مقدّراً بالكيل أو الوزن أو العدّ بأحدها في العوضين، فلا تكفي المشاهدة، ولا تقديره بغير ما يكون به تقديره، فلا يكفي تقدير الموزون بالكيل أو العدّ، والمعدود بغير العدّ. نعم لا بأس بأن يكال جملة ممّا يعدّ أو ممّا يوزن، ثمّ يعدّ أو يوزن ما في أحد المكاييل، ثمّ يحسب الباقي بحسابه لو أمن من الاختلاف والجهالة. وهذا ليس من تقديرهما بالكيل. (مسألة 1): يجوز الاعتماد على إخبار البائع بمقدار المبيع، فيشتريه مبنيّاً على ما أخبر به، ولو تبيّن النقص فله الخيار، فإن فسخ يردّ تمام الثمن، وإن أمضاه ينقص من الثمن بحسابه. (مسألة 2): تكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه حملاً، كالتبن والعشب والرطبة وكبعض أنواع الحطب. نعم لو تعارف في بعض البلدان بيعه مطلقاً حملاً تكفي فيه، ومثل ذلك كثير من المائعات والأدوية المحرزة في الظروف والقناني ممّا تعارف بيعها كذلك، فلا بأس ببيعها كذلك مادام فيها، ويكفي في بيعها المشاهدة، بل الظاهر أنّ المذبوح من الغنم قبل أن يسلخ تكفي فيه المشاهدة، وبعده يحتاج إلى الوزن. وبالجملة: قد يختلف حال الشيء باختلاف الأحوال والمحالّ، فيكون من الموزون في محلّ دون محلّ وفي حال دون حال، وكذلك الحال في المعدود أيضاً. (مسألة 3): الظاهر عدم كفاية المشاهدة في بيع الأراضي التي تقدّر ماليّتها بحسب المتر والذراع، بل لابدّ من الاطّلاع على مساحتها، وكذلك كثير من الأثواب قبل أن يخاط أو يفصل. نعم إذا تعارف عدد خاصّ في أذرع الطاقات من بعض الأثواب، جاز بيعها وشراؤها اعتماداً على ذلك التعارف ومبنيّاً عليه، نظير الاعتماد على إخبار البائع. (مسألة 4): لو اختلف البلدان في شيء، بأن كان موزوناً في بلد مثلاً ومعدوداً في آخر، فالظاهر أنّ المدار بلد المعاملة. الثالث: معرفة جنس العوضين وأوصافهما التي تتفاوت بها القيمة وتختلف لها الرغبات، وذلك إمّا بالمشاهدة أو بالتوصيف الرافع للجهالة. ويجوز الاكتفاء بالرؤية السابقة فيما جرت العادة على عدم تغيّره إذا لم يعلم تغيّره، وفي غير ذلك([938]) إشكال، بل عدم الجواز قريب. الرابع: كون العوضين ملكاً طلقاً، فلا يجوز بيع الماء والعشب والكلأ قبل حيازتها، والسُّمُوك والوحوش قبل اصطيادها، والموات من الأراضي قبل إحيائها. نعم إذا استنبط بئراً في أرض مباحة، أو حفر نهراً وأجرى فيه الماء المباح كالشطّ ونحوه، ملك ماءهما، فله حينئذ بيعه. وكذا لا يجوز بيع الرهن إلاّ بإذن المرتهن أو إجازته، ولو باع الراهن ثمّ افتكّ فالظاهر الصحّة من غير حاجة إلى الإجازة، وكذا لا يجوز بيع الوقف إلاّ في بعض الموارد. (مسألة 5): يجوز بيع الوقف في مواضع: منها: إذا خرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع بعينه مع بقائه، كالجذع البالي، والحصير الخلق، والدار الخَرِبة التي لا يمكن الانتفاع حتّى بعرصتها. ويلحق به ما إذا خرج عن الانتفاع أصلاً، من جهة أخرى غير الخراب، وكذا ما إذا خرج عن الانتفاع المعتدّ به بسبب الخراب أو غيره، بحيث يقال في العرف: لا منفعة له، كما إذا انهدمت الدار، وصارت عرصة يمكن إجارتها بمبلغ جزئيّ، وكانت بحيث لو بيعت وبدّلت بمال آخر يكون نفعه مثل الأوّل أو قريباً منه. هذا كلّه إذا لم يرج العود، وإلاّ فالأقوى عدم الجواز. كما أنّه إذا قلّت منفعته، لكن لا إلى حدّ يُلحق بالمعدوم، فالظاهر عدم جواز بيعه ولو أمكن أن يُشترى بثمنه ما له نفع كثير. هذا كلّه إذا خرب أو خرج عن الانتفاع فعلاً. وأمّا إذا كان يؤدّي بقاؤه إلى خرابه ففي الجواز إشكال، سيّما إذا كان أداؤه إليه مظنوناً، بل عدم الجواز فيه([939]) لا يخلو من قوّة. كما لا يجوز بلا إشكال لو فرض إمكان الانتفاع به بعد الخراب، كالانتفاع السابق بوجه آخر. ومنها: إذا شَرَط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلّة المنفعة، أو كثرة الخراج، أو وقوع الخلاف بين الموقوف عليهم، أو حصول ضرورة وحاجة شديدة لهم، فإنّه لا مانع حينئذ من بيعه وتبديله على إشكال. (مسألة 6): لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة ـ وهي المأخوذة من يد الكفّار قهراً ـ المعمورة وقت الفتح، فإنّها ملك للمسلمين كافّة، فتبقى على حالها بيد من يعمرها، ويؤخذ خراجها ويصرف في مصالح المسلمين. وأمّا ما كانت مواتاً حال الفتح ثمّ عرضت لها الإحياء فهي ملك لمحييها، وبذلك يسهل الخطب في الدور والعقار وبعض الأقطاع من تلك الأراضي، التي يعامل معها معاملة الأملاك، حيث إنّه من المحتمل أنّ المتصرّف فيها ملكها بوجه صحيح، فيحكم بملكيّة ما في يده ما لم يعلم خلافها. الخامس: القدرة على التسليم، فلا يجوز بيع الطير المملوك إذا طار في الهواء، ولا السمك المملوك إذا أرسل في الماء، ولا الدابّة الشاردة، وإذا لم يقدر البائع على التسليم، وكان المشتري قادراً على تسلّمه، فالظاهر الصحّة. القول في الخيارات وهي أقسام: الأوّل: خيار المجلس إذا وقع البيع فللمتبايعين الخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا ولو بخطوة وتحقّق بها الافتراق عرفاً، سقط الخيار من الطرفين ولزم البيع، ولو فارقا من مجلس البيع مصطحبين بقي الخيار. الثاني: خيار الحيوان من اشترى حيواناً، ثبت له الخيار إلى ثلاثة أيّام من حين العقد. وفي ثبوته للبائع ـ أيضاً ـ إذا كان الثمن حيواناً إشكال، بل عدمه لا يخلو من قوّة([940]). (مسألة 1): لو تصرّف المشتري في الحيوان تصرّفاً يدلّ على الرضا دلالة نوعيّة، ويكشف عنه كشفاً غالبيّاً، سقط خياره، مثل نعل الدابّة وأخذ حافرها وقرض شعرها وصبغها بل وصبغ شعرها إلى غير ذلك، وليس مطلق التصرّف منه، ولا إحداث الحدث كركوبها ركوباً غير معتدّ به وتعليفها وسقيها. (مسألة 2): لو تلف الحيوان في مدّة الخيار فهو من مال البائع، فيبطل البيع ويرجع إليه المشتري بالثمن إذا دفعه إليه. (مسألة 3): العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري لا يمنع عن الفسخ والردّ. الثالث: خيار الشرط أي الثابت بالاشتراط في ضمن العقد، ويجوز جعله لهما أو لأحدهما أو لثالث، ولا يتقدّر بمدّة، بل هي بحسب ما اشترطاه قلّت أو كثرت، ولابدّ من كونها مضبوطة من حيث المقدار ومن حيث الاتّصال والانفصال. نعم إذا ذكرت مدّة معيّنة ـ كشهر مثلاً ـ واُطلقت فالظاهر اتّصالها بالعقد. (مسألة 1): يجوز أن يشترط لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستئمار والاستشارة ـ بأن يشاور مع ثالث في أمر العقد ـ فكلّ ما رأى من الصلاح إبقاءً له أو فسخاً يكون متّبعاً. ويعتبر في هذا الشرط ـ أيضاً ـ تعيين المدّة، وليس للمشروط له الفسخ قبل أمر ذلك الثالث، ولا يجب عليه لو أمره، بل جاز له، فإذا اشترط البائع على المشتري مثلاً بأنّ له المهلة إلى ثلاثة أيّام حتّى يستشير صديقه أو الدلاّل، فإن رأى الصلاح يلتزم به، وإلاّ فلا يكون مرجعه إلى جعل الخيار له على تقدير أن لا يرى صديقه ـ أو الدلاّل ـ الصلاح، لا مطلقاً، فليس له الخيار إلاّ على ذلك التقدير. (مسألة 2): لا إشكال في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع، بل يجري في كثير من العقود اللازمة، ولا إشكال في عدم جريانه في الإيقاعات، كالطلاق والعتق والإبراء ونحوها. (مسألة 3): يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا ردّ الثمن بعينه ـ أو ما يعمّ مثله ـ إلى مدّة معيّنة، فإن مضت ولم يأت بالثمن كاملاً لزم البيع، وهو المسمّى ببيع الخيار في العرف. والظاهر صحّة اشتراط أن يكون للبائع فسخ الكلّ، بردّ بعض الثمن أو فسخ البعض بردّ بعضه. ويكفي في ردّ الثمن فعل البائع ما له دخل في القبض من طرفه، وإن أبى المشتري من قبضه، فلو أحضر الثمن وعرضه عليه ومكّنه من قبضه، فأبى وامتنع، فله الفسخ. (مسألة 4): نماء المبيع ومنافعه في هذه المدّة للمشتري، كما أنّ تلفه عليه، والخيار باق مع التلف إن كان المشروط الخيار والسلطنة على فسخ العقد، فيرجع بعده إلى المثل أو القيمة، وساقط إن كان المشروط ارتجاع العين بالفسخ، وليس للمشتري ـ قبل انقضاء المدّة ـ التصرّف الناقل وإتلاف العين إن كان المشروط ارتجاعها، ولا يبعد جوازهما إن كان السلطنة على فسخ العقد. (مسألة 5): الثمن المشروط ردّه إن كان كلّيّاً في ذمّة البائع، كما إذا كان في ذمّته ألف درهم لزيد، فباع داره بما في ذمّته، وجعل له الخيار مشروطاً بردّ الثمن، يكون ردّه بأداء ما كان في ذمّته وإن برئت ذمّته عمّا كان عليه بجعله ثمناً. (مسألة 6): إن لم يقبض البائع الثمن أصلاً ـ سواء كان كلّيّاً في ذمّة المشتري، أو عيناً موجوداً عنده ـ فهل له الخيار والفسخ قبل انقضاء المدّة المضروبة أم لا ؟ وجهان، لا يخلو أوّلهما من رجحان. ولو قبضه، فإن كان الثمن كلّيّاً، فالظاهر أنّه لا يتعيّن عليه ردّ عين ذلك الفرد المقبوض، بل يكفي ردّ فرد آخر ينطبق الكلّي عليه، إلاّ إذا صرّح باشتراط ردّ عينه. وإن كان عيناً شخصيّاً لم يتحقّق الردّ إلاّ بردّ عينه، فلو لم يمكن ردّه لتلف ونحوه سقط الخيار، إلاّ إذا شرط صريحاً بردّ ما يعمّ بدله مع عدم التمكّن من العين. نعم إذا كان الثمن ممّا انحصر انتفاعه المتعارف بصرفه ـ لاببقائه ـ كالنقود، يمكن أن يقال([941]): إنّ المنساق من الإطلاق في مثله ما يعمّ بدله ما لم يصرّح بالخلاف. (مسألة 7): كما يتحقّق الردّ بإيصاله إلى المشتري يتحقّق بإيصاله إلى وكيله المطلق، أو في خصوص ذلك، أو وليّه كالحاكم لو صار مجنوناً أو غائباً، بل وعدول المؤمنين في مورد ولايتهم. هذا إذا كان الخيار مشروطاً بردّ الثمن أو ردّه إلى المشتري وأطلق. وأمّا لو اشترط ردّه إليه بنفسه وإيصاله بيده لايتعدّى منه إلى غيره. (مسألة 8): لو اشترى الوليّ شيئاً للمولّى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره قبل انقضاء المدّة وردّ الثمن، فالظاهر تحقّقه بإيصاله إلى المولّى عليه، فيملك البائع الفسخ بذلك، ولا يكفي الردّ إلى الوليّ بعد سلب ولايته. ولو اشترى أحد الوليّين كالأب، فهل يصحّ الفسخ مع ردّ الثمن إلى الوليّ الآخر كالجدّ ؟ لا يبعد ذلك، خصوصاً فيما إذا لم يتمكّن من الردّ إلى الأب في المثال. وأمّا لو اشترى الحاكم ـ ولاية ـ فالأقوى عدم كفاية الردّ إلى حاكم آخر مع إمكان الردّ إليه، ومع عدم إمكانه يردّ إلى حاكم آخر. وهذا أيضاً ـ كما مرّ في المسألة السابقة ـ فيما إذا لم يصرّح بردّه إلى خصوص المشتري بنفسه، وإلاّ فلا يتعدّى منه إلى غيره. (مسألة 9): لو مات البائع ينتقل هذا الخيار ـ كسائر الخيارات ـ إلى ورّاثه، فيردّون الثمن ويفسخون، فيرجع إليهم المبيع على قواعد الإرث، كما أنّ الثمن المردود ـ أيضاً ـ يوزّع عليهم بالحصص. ولو مات المشتري فالظاهر جواز الفسخ بردّ الثمن إلى ورثته. نعم لو جعل الشرط ردّه إلى المشتري بخصوصه وبنفسه وبمباشرته، فالظاهر عدم قيام ورثته مقامه، فيسقط الخيار بموته. (مسألة 10): كما يجوز للبائع اشتراط الخيار له بردّ الثمن، كذا يجوز للمشتري اشتراطه له بردّ المثمن، والظاهر المنصرف إليه الإطلاق فيه ردّ العين، فلا يتحقّق بردّ بدله ولو مع التلف، إلاّ أن يصرّح بردّ ما يعمّ البدل، ويجوز اشتراط الخيار لكلّ منهما بردّ ما انتقل إليه. الرابع: خيار الغبن وهو فيما إذا باع بدون ثمن المثل أو اشترى بأكثر منه مع الجهل بالقيمة، فللمغبون خيار الفسخ، وتعتبر الزيادة والنقيصة مع ملاحظة ما انضمّ إليه من الشرط، فلو باع ما يسوى مائة دينار بأقلّ منه بكثير مع اشتراط الخيار للبائع فلا غبن ; لأنّ المبيع ببيع الخيار ينقص ثمنه عن المبيع بالبيع اللازم. وهكذا غيره من الشروط. ويشترط فيه أن يكون التفاوت بما لا يتسامح فيه في مثل هذه المعاملة، وتشخيص ذلك موكول إلى العرف، وتختلف المعاملات في ذلك، فربما يكون التفاوت بنصف العشر ـ بل بالعشر ـ ممّا يتسامح فيه، ولا يعدّ غبناً، وربما يكون بعشر العشر غبناً ولا يتسامح فيه، ولا ضابط لذلك، بل هو موكول إلى العرف. (مسألة 1): ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة، بل له الخيار بين أن يفسخ البيع أو يرضى به بالثمن المسمّى، كما أنّه لا يسقط خياره ببذل الطرف التفاوت. نعم مع تراضيهما لا بأس به. (مسألة 2): الخيار ثابت للمغبون من حين العقد، وليس بحادث عند علمه بالغبن، فلو فسخ قبل ذلك وصادف الغبن انفسخ. (مسألة 3): لو اطّلع على الغبن ولم يبادر بالفسخ، فإن كان لأجل جهله بحكم الخيار فلا إشكال في بقائه، وإن كان عالماً به فإن كان بانياً على الفسخ غير راض بالبيع بهذا الثمن، لكن أخّر الفسخ لغرض، فالظاهر بقاؤه. نعم ليس له التواني فيه بحيث يؤدّي إلى ضرر وتعطيل أمر على الغابن، بل بقاؤه مع عدم البناء على الفسخ ـ وإنّما بدا له بعد ذلك ـ لا يخلو من قوّة. (مسألة 4): المدار في الغبن هو القيمة حال العقد، فلو زادت بعده لم يسقط ولو قبل علم المغبون بالنقصان حينه، ولو نقصت بعده لم يثبت. (مسألة 5): يسقط هذا الخيار باُمور: الأوّل: اشتراط سقوطه في ضمن العقد، ويقتصر فيه على مرتبة من الغبن كانت مقصودة عند الاشتراط وشملته العبارة، فلو كان المشروط سقوط مرتبة من الغبن كالعشر، فتبيّن كونه الخمس، لم يسقط، بل لو اشترط سقوطه وإن كان فاحشاً أو أفحش، لا يسقط إلاّ ما كان كذلك بالنسبة إلى ما يحتمل في مثل هذه المعاملة لا أزيد، فلو فرض أنّ ما اشتراه بمائة لا يحتمل فيه أن يسوى عشرة أو عشرين، وأنّ المحتمل فيه من الفاحش إلى خمسين والأفحش إلى ثلاثين، لم يسقط مع الشرط المذكور إذا كان يسوى عشرة أو عشرين. هذا كلّه إذا اشترط سقوط الخيار الآتي من قبل العشر مثلاً بنحو التقييد، ويأتي الكلام في غيره في الأمر الثاني. الثاني: إسقاطه بعد العقد ولو قبل ظهور الغبن، إذا أسقطه على تقدير ثبوته. وهذا ـ أيضاً ـ كسابقه يقتصر فيه على مرتبة من الغبن كانت مشمولة للعبارة، فلو أسقط مرتبة خاصّة منه كالعشر، فتبيّن كونه أزيد، لم يسقط إذا كان الإسقاط بنحو التقييد بأن يسقط الخيار الآتي من قبل العشر مثلاً بنحو العنوان الكلّي المنطبق على الخارج بحسب وعائه المناسب له، وأمّا إذا أسقط الخيار المتحقّق في العقد بتوهم أنّه مسبّب من العشر، فالظاهر سقوطه، سواء وصفه بالوصف المتوهّم أم لا، فلو قال: أسقطت الخيار المتحقّق في العقد الذي هو آت من قبل العشر، فتخلّف الوصف سقط خياره على الأقوى، وأولى بذلك ما لو أسقطه بتوهّم أنّه آت منه. وكذا الحال في اشتراط سقوطه بمرتبة أو وإن كان فاحشاً بل أفحش. وكذا يأتي ما ذكر فيما صالح على خياره فبطل إن كان بنحو التقييد، فتبيّن الزيادة، دون النحوين الآخرين. وكما يجوز إسقاطه بعد العقد مجّاناً يجوز المصالحة عليه بالعِوَض، فمع العلم بمرتبة الغبن لا إشكال، ومع الجهل بها صحّ المصالحة مع التصريح بعموم المراتب، بأن يصالح على خيار الغبن المتحقّق في هذه المعاملة بأيّ مرتبة كانت. الثالث: تصرّف المغبون ـ بعد العلم بالغبن([942]) ـ فيما انتقل إليه بما يكشف كشفاً عقلائيّاً عن الالتزام بالعقد وإسقاط الخيار، كالتصرّف بالإتلاف، أو بما يمنع الردّ، أو بإخراجه عن ملكه كالبيع اللازم، بل وغير اللازم، ونحو التصرّفات التي مرّ ذكرها في خيار الحيوان. وأمّا التصرّفات الجزئيّة نحو الركوب غير المعتدّ به والتعليف ونحو ذلك ـ ممّا لا يدلّ على الرضا ـ فلا. كما أنّ التصرّف قبل ظهور الغبن([943]) لا يسقط، كتصرّف الغابن فيما انتقل إليه مطلقاً. (مسألة 6): لو فسخ البائع المغبون البيع، فإن كان المبيع موجوداً عند المشتري باقياً على حاله استردّه، وإن كان تالفاً أو متلفاً رجع إليه بالمثل أو القيمة، وإن حدث به عيب عنده ـ سواء كان بفعله أو بغيره، من آفة سماوية ونحوها ـ أخذه مع الأرش، ولو أخرجه عن ملكه بوقف أو معاملة لازمة، فالظاهر أنّه بحكم الإتلاف فيرجع إليه بالمثل أو القيمة، وإن كان بنقل غير لازم ـ كالبيع بخيار والهبة ـ ففي جواز إلزامه بالفسخ وإرجاع العين إشكال، ولو رجعت العين إلى المشتري بإقالة أو عقد جديد أو فسخ، قبل رجوع البائع إليه بالبدل، لا يبعد أن يكون له إلزامه بردّ العين ولو كان الانتقال السابق لازماً. ولو نقل منفعتها إلى الغير بعقد لازم كالإجارة لم يمنع ذلك عن الفسخ، كما أنّه بعد الفسخ تبقى الإجارة على حالها، وترجع العين إلى الفاسخ مسلوب المنفعة، وله سائر المنافع غير ما ملكه المستأجر لو كانت، وفي جواز رجوعه إلى المشتري باُجرة المثل بالنسبة إلى بقيّة المدّة وجه قويّ، كما يحتمل أن يرجع إليه بالنقص الطارئ على العين، من جهة كونها مسلوبة المنفعة في تلك المدّة، فتقوّم بوصف كونها ذات منفعة في تلك المدّة مرّة، ومسلوبة المنفعة فيها اُخرى، فيأخذ مع العين التفاوت بين القيمتين، والظاهر أنّه لا تفاوت غالباً بين الوجهين. (مسألة 7): بعد فسخ البائع المغبون لو كان المبيع موجوداً عند المشتري، لكن تصرّف فيه تصرفاً مغيِّراً له إمّا بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج، فلو كان بالنقيصة أخذه ورجع إليه بالأرش كما مرّ، ولو كان بالزيادة، فإمّا أن تكون صفة محضة كطحن الحنطة وقصارة الثوب وصياغة الفضّة، أو صفة مشوبة بالعين كالصبغ إذا كان له عين عرفاً، أو عيناً محضاً كالغرس والزرع والبناء. أمّا الأوّل فإن لم يكن للزيادة دخل في زيادة القيمة يرجع إلى العين، ولا شيء عليه، كما أنّه لا شيء على المشتري، وإن كان لها دخل في زيادتها يرجع إلى العين، وفي كون زيادة القيمة للمشتري ـ لأجل الصفة ـ فيأخذ البائع العين ويدفع زيادة القيمة، أو كونه شريكاً معه في القيمة، فيباع ويقسّم الثمن بينهما بالنسبة، أو شريكاً معه في العين بنسبة تلك الزيادة، أو كون العين للبائع، وللمشتري اُجرة عمله، أو ليس له شيء أصلاً. وجوه، أقواها الثاني([944])، ولا يكون البائع ملزماً بالبيع، بل له أخذ المبيع وتأدية ما للمشتري بالنسبة. أمّا الثاني فيأتي الوجوه المذكورة فيه أيضاً. وأمّا الثالث فيرجع البائع إلى المبيع، ويكون الغرس ونحوه للمشتري، وليس للبائع إلزامه بالقلع والهدم ولا بالأرش، ولا إلزامه بالإبقاء ولو مجّاناً، كما أنّه ليس للمشتري حقّ الإبقاء مجّاناً وبلا اُجرة، فعلى المشتري إمّا إبقاؤها بالاُجرة، وإمّا قلعها مع طمّ الحفر وتدارك النقص الوارد على الأرض، وللبائع إلزامه بأحد الأمرين. نعم لو أمكن غرس المقلوع ـ بحيث لم يحدث فيه شيء إلاّ تبدّل المكان ـ فللبائع أن يلزمه به، والظاهر أنّه لا فرق في ذلك بين الزرع وغيره. وأمّا إن كان بالامتزاج، فإن كان بغير جنسه بحيث لا يتميّز فكالمعدوم يرجع بالمثل أو القيمة، من غير فرق بين ما كان مستهلكاً وعدّ تالفاً، كما إذا خلط ماء الورد بالزيت أو انقلبا إلى حقيقة اُخرى عرفاً، ولا يترك الاحتياط بالتصالح والتراضي في غير الصورتين، وإن كان جريان حكم التالف في الخلط الذي يرفع به الامتياز، لا يخلو من قوّة. وإن كان الامتزاج بالجنس فالظاهر ثبوت الشركة بحسب الكمّيّة، وإن كان بالأردأ أو الأجود، مع أخذ الأرش في الأوّل، وإعطاء زيادة القيمة في الثاني، لكن الأحوط التصالح، خصوصاً في الثاني. (مسألة 8): لو باع أو اشترى شيئين صفقة واحدة، وكان مغبوناً في أحدهما دون الآخر، ليس له التبعيض في الفسخ، بل عليه إمّا فسخ البيع بالنسبة إلى الجميع، أو الرضا به كذلك. الخامس: خيار التأخير وهو فيما باع شيئاً ولم يقبض تمام الثمن، ولم يسلّم المبيع إلى المشتري، ولم يشترط تأخير تسليم أحد العوضين، فحينئذ يلزم البيع ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحقّ بالسلعة، وإلاّ فللبائع فسخ المعاملة([945]). ولو تلف السلعة كان من مال البائع، وقبضُ بعض الثمن كلا قبض. (مسألة 1): الظاهر أنّ هذا الخيار ليس على الفور، فلو أخّر الفسخ عن الثلاثة لم يسقط إلاّ بأحد المسقطات. (مسألة 2): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد، وبإسقاطه بعد الثلاثة، وفي سقوطه بالإسقاط قبلها إشكال([946])، والأقوى عدمه. كما أنّ الأقوى عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعدها قبل فسخ البائع، ويسقط لو أخذه بعدها بعنوان الاستيفاء لابعنوان آخر، وفي سقوطه بمطالبة الثمن وجهان، الظاهر عدمه. (مسألة 3): المراد بثلاثة أيّام: هوبياض اليوم، ولايشمل الليالي، عدا اللّيلتين المتوسّطتين، فلو أوقع البيع في أوّل النهار يكون آخر الثلاثة غروب النهار الثالث. نعم لو وقع في الليل تدخل الليلة الاُولى أو بعضها أيضاً في المدّة. والظاهر كفاية التلفيق، فلو وقع في أوّل الزوال يكون مبدأ الخيار بعد زوال اليوم الرابع، وهكذا. (مسألة 4): لا يجري هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات. (مسألة 5): لوتلف المبيع كان من مال البائع في الثلاثة وبعدها على الأقوى. (مسألة 6): لو باع ما يتسارع إليه الفساد، بحيث يفسد لو صار بائتاً، كالبقول وبعض الفواكه واللحم في بعض الأوقات ونحوها، وبقي عنده وتأخّر المشتري، فللبائع الخيار قبل أن يطرأ عليه الفساد، فيفسخ البيع ويتصرّف في المبيع كيف شاء. السادس: خيار الرؤية وهو فيما إذا اشترى شيئاً موصوفاً غير مشاهد، ثمّ وجده على خلاف ذلك الوصف، بمعنى كونه ناقصاً عنه، وكذا إذا وجده على خلاف ما رآه سابقاً، فيكون له خيار الفسخ. وفيما إذا باع شيئاً بوصف غيره، ثمّ وجده زائداً على ما وصف، أو وجده زائداً على ما يراه سابقاً، أو وجد الثمن على خلاف ما وصف، أي ناقصاً عنه، فله خيار الفسخ في هذه الموارد. (مسألة 1): الخيار هنا بين الردّ والإمساك مجّاناً، وليس لذي الخيار الإمساك بالأرش. كما لا يسقط خياره ببذله، ولابإبدال العين بالاُخرى. نعم لو كان للوصف المفقود دخل في الصحّة توجّه أخذ الأرش للعيب، لا لتخلّف الوصف. (مسألة 2): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصيّة الغائبة حين المبايعة. ويشترط في صحّته: إمّا الرُّؤية السابقة مع حصول الاطمئنان ببقاء تلك الصفات، وإلاّ ففيه إشكال، وإمّا توصيفه بما يرفع به الجهالة عرفاً، بأن حصل له الوثوق من توصيفه الموجب لرفع الغَرَر، بذكر جنسها ونوعها وصفاتها التي تختلف باختلافها الأثمان ورغبات الناس. (مسألة 3): هذا الخيار فوريّ عند الرؤية على المشهور([947])، وفيه إشكال. (مسألة 4): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد إذا لم يرفع به الوثوق الرافع للجهالة، وإلاّ فيفسد ويفسد العقد، وبإسقاطه بعد الرُّؤية، وبالتصرّف في العين بعدها تصرّفاً كاشفاً عن الرضا بالبيع، وبعدم المبادرة إلى الفسخ بناء على فوريّته. السابع: خيار العيب وهو فيما إذا وجد المشتري في المبيع عيباً، فيخيّر بين الفسخ والإمساك بالأرش، ما لم يسقط الردّ قولاً أو بفعل دالّ عليه، ولم يتصرّف فيه تصرّفاً مغيّراً للعين، ولم يحدث فيه عيب عنده بعد خيار المشتري مضمون على البائع، كخيار الحيوان، وكخيار المجلس والشرط إذا كانا له خاصّة. والظاهر أنّ الميزان في سقوطه: عدم كون المبيع قائماً بعينه بتلف أو ما بحكمه أو عيب أو نقص وإن لم يكن عيباً. نعم الظاهر أنّ التغيير بالزيادة لا يسقطه إذا لم يستلزم نقصاً، ولو بمثل حصول الشركة. وكيف كان مع وجود شيء ممّا ذكر ليس له الردّ، بل يثبت له الأرش خاصّة. وكما يثبت هذا الخيار للمشتري إذا وجد العيب في المبيع، كذلك يثبت للبائع إذا وجده في الثمن المعيّن. والمراد بالعيب: كلّ ما زاد أو نقص عن المجرى الطبيعي والخلقة الأصليّة، كالعمى والعرج وغيرهما. (مسألة 1): يثبت هذا الخيار بمجرّد العيب واقعاً عند العقد وإن لم يظهر بعد، فظهوره كاشف عن ثبوته من أوّل الأمر، لا سبب لحدوثه عنده، فلو أسقطه قبل ظهوره سقط، كما يسقط بإسقاطه بعده، وكذلك باشتراط سقوطه في ضمن العقد، وبالتبرّي من العيوب عنده، بأن يقول: بعته بكلّ عيب، وكما يسقط بالتبرّي من العيوب الخيار، يسقط استحقاق مطالبة الأرش أيضاً، كما أنّ سقوطه بالإسقاط في ضمن العقد أو بعده تابع للجعل. (مسألة 2): كما يثبت الخيار بوجود العيب عند العقد، كذلك يثبت بحدوثه بعده قبل القبض، والعيب الحادث بعد العقد، يمنع عن الردّ لو حدث بعد القبض وبعد خيار المشتري المضمون على البائع كما مرّ، ولو حدث قبل القبض فهو سبب للخيار، فلا يمنع عن الردّ والفسخ بسبب العيب السابق بطريق أولى. (مسألة 3): لو كان معيوباً عند العقد وزال العيب قبل ظهوره، فالظاهر سقوط الخيار، بل سقوط الأرش ـ أيضاً ـ لا يخلو من قرب، والأحوط التصالح. (مسألة 4): كيفيّة أخذ الأرش: بأن يقوّم الشيء صحيحاً ثمّ يقوّم معيباً، وتلاحظ النسبة بينهما، ثمّ ينقص من الثمن المسمّى بتلك النسبة، فإذا قوّم صحيحاً بتسعة ومعيباً بستّة وكان الثمن ستّة، ينقص من الستّة اثنان وهكذا. والمرجع في تعيين ذلك أهل الخبرة، والأقوى اعتبار قول الواحد الموثوق به من أهلها، وإن كان الأحوط اعتبار ما يعتبر في الشهادة من التعدّد والعدالة. (مسألة 5): لو تعارض المقوّمون في تقويم الصحيح أو المعيب أو كليهما، فالأحوط التخلّص بالتصالح، ولا تبعد القرعة، خصوصاً في بعض الصور. (مسألة 6): لو باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما، كان للمشتري أخذ الأرش أو ردّ الجميع، وليس له التبعيض بردّ المعيب وحده. وكذا لو اشترك اثنان في شراء شيء وكان معيباً، ليس لأحدهما ردّ حصته خاصّة إن لم يوافقه شريكه على إشكال فيهما، خصوصاً في الثاني. نعم لو رضي البائع يجوز ويصحّ التبعيض في المسألتين بلا إشكال. القول في أحكام الخيار وله أحكام مشتركة بين الجميع، وأحكام مختصّة ببعض لا يناسب هذا المختصر تفصيلها. فمن الأحكام المشتركة: أنّه إذا مات من له الخيار انتقل خياره إلى وارثه، من غير فرق بين أنواعه. وما هو المانع عن إرث الأموال ـ لنقصان في الوارث كالقتل والكفر ـ مانع عن هذا الإرث أيضاً، كما أنّ ما يحجب به حجب حرمان ـ وهو وجود الأقرب إلى الميّت ـ يحجب به هنا أيضاً. ولو كان الخيار متعلِّقاً بمال خاصّ يحرم عنه بعض الورثة، كالأرض بالنسبة إلى الزوجة، والحبوة بالنسبة إلى غير الولد الأكبر([948])، فلا يحرم ذلك الوارث عن الخيار المتعلّق به مطلقاً. (مسألة 1): لا إشكال فيما إذا كان الوارث واحداً، ولو تعدّد فالأقوى أنّ الخيار للمجموع، بحيث لا أثر لفسخ بعضهم بدون ضمّ فسخ الباقين، لا في تمام المبيع، ولا في حصّته. (مسألة 2): لو اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورّثهم، فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري، وإن لم يكن موجوداً اُخرج من مال الميّت. ولو لم يكن له مال، ففي كونه على الميّت واشتغال ذمّته به، فيجب تفريغها بالمبيع المردود إليه، فإن بقي شيء يكون للورثة، وإن لم يف بتفريغ ما عليه يبقى الباقي في ذمّته. أو كونه على الورثة كلّ بقدر حصّته، وجهان، أوجههما أوّلهما([949]). القول فيما يدخل في المبيع عند الإطلاق (مسألة 1): من باع بستاناً دخل فيه الأرض والشجر والنخل، وكذا الأبنية من سوره وما تعدّ من توابعه ومرافقه، كالبئر والناعور إذا جرت العادة بدخوله فيه، والحظيرة ونحوها. بخلاف ما لو باع أرضاً فإنّه لا يدخل فيها النخل والشجر الموجودان فيها إلاّ مع الشرط. وكذا لا يدخل الحمل في ابتياع الاُمّ ما لم يشترط، إلاّ إذا كان تعارف يوجب التقييد كما أنّه كذلك نوعاً. وكذلك الحال في ثمر الشجر. ولو باع نخلاً فإن كان مؤبّراً فالثمرة للبائع، ويجب على المشتري إبقاؤها على الاُصول بما جرت العادة على إبقاء تلك الثمرة، ولو لم يؤبّر كانت للمشتري، والظاهر اختصاص ذلك بالبيع، أمّا في غيره فالثمرة للناقل بدون الشرط والتعارف، سواء كانت مؤبّرة أو لا، كما أنّ الحكم مختصّ بالنخل، فلا يجري في غيره، بل الثمرة للبائع إلاّ مع الشرط أو التعارف الموجب للتقييد. (مسألة 2): لو باع الاُصول وبقي الثمرة للبائع واحتاجت الثمرة إلى السقي، يجوز لصاحبها أن يسقيها، وليس لصاحب الاُصول منعه، وكذلك العكس. ولو تضرّر أحدهما بالسقي والآخر بتركه، ففي تقديم حقّ البائع([950]) المالك للثمرة أو المشتري المالك للاُصول، وجهان، لا يخلو ثانيهما من رُجحان. والأحوط التصالح والتراضي على تقديم أحدهما ولو بأن يتحمّل ضرر الآخر. (مسألة 3): لو باع بستاناً واستثنى نخلة مثلاً فله الممرّ إليها والمخرج ومدى جرائدها وعروقها من الأرض، وليس للمشتري منع شيء من ذلك. ولو باع داراً دخل فيها الأرض والأبنية ـ الأعلى والأسفل ـ إلاّ أن يكون الأعلى مستقلاّ من حيث المدخل والمخرج والمرافق وغير ذلك، ممّا يكون أمارة على خروجه واستقلاله بحسب العادة. وكذا يدخل السراديب والبئر والأبواب والأخشاب المتداخلة في البناء والأوتاد المثبتة فيه، بل السلّم المثبت على حذو الدرج([951]). ولا يدخل الرحى المنصوبة إلاّ مع الشرط، وكذا لو كان فيها نخل أو شجر إلاّ مع الشرط، ولو بأن قال: وما دار عليها حائطها، أو تعارف موجب للتقييد، كما هو كذلك غالباً، ولا يبعد دخول المفاتيح فيها([952]). (مسألة 4): الأحجار المخلوقة في الأرض والمعادن المتكوّنة فيها تدخل في بيعها، بخلاف الأحجار المدفونة فيها كالكنوز المودعة فيها ونحوها. القول في القبض والتسليم (مسألة 1): يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد لو لم يشترط التأخير، فلا يجوز لكلّ منهما التأخير مع الإمكان إلاّ برضا صاحبه، فإن امتنعا اُجبرا، ولو امتنع أحدهما اُجبر، ولو اشترط البائع أو المشتري تأخير التسليم إلى مدّة معيّنة جاز، وليس لصاحبه الامتناع عن التسليم في زمان تأخير صاحبه بالشرط. نعم لو اتّفق التأخير إلى حلول الأجل، فالظاهر أنّ له ذلك إذا امتنع المشروط له. وكذا يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار، أو ركوب الدابّة، أو زرع الأرض، ونحو ذلك، مدّةً معيّنة. والقبض والتسليم فيما لا ينقل ـ كالدار والعقا ـ هو التخلية برفع يده عنه ورفع المنافيات، والإذن منه لصاحبه في التصرّف بحيث صار تحت استيلائه، وأمّا في المنقول ـ كالطعام والثياب ونحوهما ـ ففي كونه التخلية أيضاً، أو الأخذ باليد مطلقاً، أو التفصيل بين أنواعه، أقوال، لا تبعد كفاية التخلية في مقام وجوب تسليم العوضين على المتبايعين، وإن كان ذلك لا يوجب خروجه عن ضمانه وعدم كون تلفه عليه ـ على احتمال غير بعيد ـ وإن لم يكتف بها في سائر المقامات التي يعتبر فيها القبض، ممّا لا يسع المقام تفصيلها. (مسألة 2): لو تلف المبيع قبل تسليمه إلى المشتري كان من مال البائع، فينفسخ البيع ويعود الثمن إلى المشتري، ولو حصل للمبيع نماء قبل القبض ـ كالنتاج والثمرة ـ كان للمشتري، ولو تعيّب قبل القبض كان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء بكلّ الثمن، وفي استحقاقه لأخذ الأرش تردّد، والأقوى العدم. (مسألة 3): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض، انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف، وعاد إلى المشتري ما يخصّه من الثمن، وله فسخ العقد والرضا بالموجود بحصّته من الثمن. (مسألة 4): يجب على البائع ـ مضافاً إلى تسليم المبيع ـ تفريغه عمّا كان فيه من أمتعة وغيرها، حتّى لو كان مشغولاً بزرع آنَ وقت حصاده وجبت إزالته، ولو كان له عروق تضرّ بالانتقال كالقطن والذرة، أو كان في الأرض حجارة مدفونة، وجبت إزالتها وتسوية الأرض، ولو كان فيها شيء لا يخرج إلاّ بتغيير شيء من الأبنية، وجب إخراجه وإصلاح ما يستهدم، ولو كان فيه زرع لم يأنِ وقت حصاده، ففي حقّ إبقائه إلى أوان حصاده بلا اُجرة إشكال لا يُترك الاحتياط بالتصالح. (مسألة 5): من اشترى شيئاً ولم يقبضه، فإن كان ممّا لا يكال ولا يوزن جاز بيعه قبل قبضه. وكذا إذا كان منهما وباع تولية، أي بما اشتراه. وأمّا لو باع بالمرابحة ففيه إشكال، والأقوى جوازه على كراهية، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط. هذا إذا باعه من غير البائع، وإلاّ فلا إشكال في جوازه مطلقاً. كما أنّه لا إشكال فيه فيما إذا ملك شيئاً بغير الشراء، كالميراث والصداق والخلع وغيرها، بل الظاهر اختصاص المنع حرمة أو كراهة بالبيع، فلا منع في جعله صِداقاً أو اُجرة وغير ذلك. القول في النقد والنسيئة (مسألة 1): من باع شيئاً ولم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقداً وحالاًّ، فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته في أيّ وقت، وليس له الامتناع من أخذه متى أراد المشتري دفعه إليه. ولو اشترط تأجيله يكون نسيئة، لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل وإن طولب، كما أنّه لا يجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله. ولابدّ أن يكون الأجل معيّناً مضبوطاً، لا يتطرّق إليه احتمال الزيادة والنقصان، فلو اشترط التأجيل ولم يعيّن أو عيّن مجهولاً بطل البيع، والأقوى عدم كفاية تعيّنه في نفسه مع عدم معرفة المتعاقدين. (مسألة 2): لو باع شيئاً بثمن حالاًّ وبأزيد منه إلى أجل، بأن قال: بعتك نقداً بعشرة ونسيئة إلى سنة بخمسة عشر وقبل المشتري، ففي البطلان إشكال([953])، ولو قيل بصحّته وأنّ للبائع أقلّ الثمنين ولو عند الأجل فليس ببعيد([954])، لكن لا يترك الاحتياط. نعم لا إشكال في البطلان لو باع بثمن إلى أجل وبأزيد منه إلى آخر. (مسألة 3): لا يجوز تأجيل الثمن الحالّ([955]) ـ بل مطلق الدين ـ بأزيد منه، بأن يزيد في الثمن الذي استحقّه البائع مقداراً ليؤجّله إلى أجل كذا. وكذلك لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجّل ليزيد في الأجل، سواء وقع ذلك على جهة البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها، ويجوز عكس ذلك، وهو تعجيل المؤجّل بنقصان منه على جهة الصلح أو الإبراء. (مسألة 4): لو باع شيئاً نسيئة، يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل وبعده بجنس الثمن أو بغيـره، سواء كان مساوياً للثمن الأوّل أم لا، وسواء كان البيـع الثاني حالاًّ أو مؤجّلاً. وإنّما يجوز ذلك إذا لم يشترط في البيع الأوّل، فلو اشترط البائع في بيعه على المشتري أن يبيعه منه بعد شرائه، أو شرط المشتري على البائع أن يشتريه منه، لم يصحّ على الأحوط([956]). كما أنّه لا يجوز ذلك مطلقاً لو احتال به للتخلّص من الربا([957]). القول في الربا وقد ثبت حرمته بالكتاب والسنّة وإجماع من المسلمين، بل لا يبعدكونها من ضروريّات الدين، وهو من الكبائر العظام، وقد ورد التشديد عليه في الكتاب العزيز والأخبار الكثيرة، حتّى ورد فيه في الخبر الصحيح عن مولانا الصادق(عليه السلام)، قال: «درهم ربا عند الله أشدّ من سبعين زنية كلّها بذات محرم»، وعن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيّته لعليّ(عليه السلام)، قال: «يا عليّ الربا سبعون جزءً، فأيسرها مثل أن ينكح الرجل اُمّه في بيت الله الحرام»، وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم): «ومن أكل الربا ملأ الله بطنه من نار جهنّم بقدر ما أكل، وإن اكتسب منه مالاً لم يقبل الله منه شيئاً من عمله، ولم يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده منه قيراط واحد»، وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه» إلى غير ذلك. وهو قسمان([958]): معاملي وقرضي. أمّا الأوّل: فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينيّة([959])، كبيع منّ من الحِنطة بمنّين أو بمنّ منها ودرهم. أو حكميّة كمنّ منها نقداً بمَنٍّ منها نسيئة. والأقوى عدم اختصاصه بالبيع، بل يجري في سائر المعاملات كالصلح ونحوه. وشرطه أمران: الأوّل ـ اتّحاد الجنس عرفاً، فكلّما صدق عليه الحنطة أو الاُرز أو التمر أو العنب بنظر العرف، وحكموا بالوحدة الجنسيّة، فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل وإن تخالفا في الصفات والخواصّ، فلا يجوز التفاضل بين الحنطة الرديّة الحمراء والجيّدة البيضاء، ولا بين العنبر الجيّد من الاُرز والرديء من الشنبة، ورديء الزاهدي من التمر وجيّد الخستاوي، وغير ذلك ممّا يُعدّ عرفاً جنساً واحداً، بخلاف ما لا يعدّ كذلك كالحنطة والعدس، فلا مانع من التفاضل بينهما. الثاني ـ كون العوضين من المكيل أو الموزون، فلا رِبا فيما يباع بالعدّ أو المشاهدة. (مسألة 1): الشعير والحنطة في باب الرِّبا بحكم جنس واحد، فلا يجوز المعاوضة بينهما بالتفاضل، وإن لم يكونا كذلك عرفاً وفي باب الزكاة ونحوه، فلايكمل نصاب أحدهما بالآخر. وهل العلس من جنس الحنطة والسلت من جنس الشعير ؟ فيه إشكال، والأحوط أن لا يباع أحدهما بالآخر، وكلّ منهما بالحنطة والشعير إلاّ مثلاً بمثل. (مسألة 2): كلّ شيء مع أصله بحكم جنس واحد([960]) وإن اختلفا في الاسم كالسمسم والشيرج، واللبن مع الجبن والمخيض واللباء وغيرها، والتمر والعنب مع خلّهما ودبسهما، وكذا الفرعان من أصل واحد كالجبن مع الاُقط والزبد وغيرهما. (مسألة 3): اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان، فيجوز التفاضل بين لحم الغنم ولحم البقر، وكذا بين لبنهما أو دهنهما. (مسألة 4): لا تجري تبعيّة الفرع للأصل في المكيليّة والموزونيّة، فما كان أصله ممّا يُكال أو يُوزن، فخرج منه شيء لا يكال ولا يوزن، لا بأس بالتفاضل بين الأصل وما خرج منه، وكذا بين ما خرج منه بعضه مع بعض، فلا بأس بالتفاضل بين القطن ومنسوجه، ولا بين منسوجين منه، بأن يباع ثوبان بثوب، وربما يكون شيء مكيلاً أو موزوناً في حال دون حال، كالثمرة على الشجرة وحال الاجتناء، وكالحيوان قبل أن يذبح ويسلخ وبعدهما، فيجوز بيع شاة بشاتين بلا إشكال. نعم الظاهر أنّه لا يجوز بيع لحم حيوان بحيوان حيّ من جنسه كلحم الغنم بالشاة، وحرمة ذلك ليست من جهة الرِّبا، بل لا يبعد تعميم الحكم إلى بيع اللحم بحيوان من غير جنسه، كلحم الغنم بالبقر. (مسألة 5): لو كان لشيء حالة رطوبة وجفاف ـ كالرطب والتمر والعنب والزبيب، وكذا الخبز، بل واللحم يكون نِيّاً ثمّ صار قديداً ـ فلا إشكال في بيع جافّه بجافّه ورطبه برطبه مثلاً بمثل، كما أنّه لا يجوز بالتفاضل. وأمّا جافّه برطبه كبيع التمر بالرطب ففي جوازه إشكال، والأحوط العدم، سواء كان بالتفاضل أو مثلاً بمثل. (مسألة 6): التفاوت بالجودة والرداءة لا يوجب جواز التفاضل في المقدار، فلا يجوز بيع مثقال من ذهب جيّد بمثقالين من رديء وإن تساويا في القيمة. (مسألة 7): ذكروا للتخلّص من الربا([961]) وجوهاً مذكورة في الكتب، وقد جدّدتُ النظر في المسألة، فوجدت أنّ التخلّص من الرِّبا غير جائز بوجه من الوجوه، والجائز هو التخلّص من المماثلة مع التفاضل، كبيع مَنّ من الحنطة المساوي في القيمة لمنَّين من الشعير أو الحنطة الرديّة، فلو اُريد التخلّص من مبايعة المماثلين بالتفاضل، يضمّ إلى الناقص شيء فراراً من الحرام إلى الحلال، وليس هذا تخلّصاً من الرِّبا حقيقة. وأمّا التخلّص منه فغير جائز بوجه من وجوه الحيل. (مسألة 8): لو كان شيء يباع جزافاً في بلد وموزوناً في آخر، فلكلّ بلد حكم نفسه. (مسألة 9): لا ربا بين الوالد وولده([962]) ولا بين الرجل وزوجته ولا بين المسلم والحربي، بمعنى أنّه يجوز أخذ الفضل للمسلم. ويثبت بين المسلم والذمّي. هـذا بعض الكلام في الربا المعاملي، وأمّا الربا القرضي فيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى. القول في بيع الصرف وهو بيع الذهب بالذهب أو بالفضّة، أو الفضّة بالفضّة أو بالذهب، ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره، حتّى في الكلبتون المصنوع من الإبريسم. وأحد النقدين إذا بيع بالآخر وقوبل بين النقدين اللذين فيهما يكون صرفاً، وأمّا إذا قوبل بين الثوبين فالظاهر عدم جريان الصَّرف فيه، وكذا إذا بيع بأحدهما. ويشترط في صحّته التقابض في المجلس، فلو تفرّقا ولم يتقابضا بطل البيع، ولو قبض بعض صحّ فيه خاصّة، وبطل فيما لا يقبض، وكذا إذا بيع أحد النقدين مع غيرهما صفقة واحدة بأحدهما، ولم يقبض الجملة حتّى تفرّقا، بطل في النقد وصحّ في غيره. (مسألة1): لو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع، فإذا تقابضا قبل أن يفترقا صحّ. (مسألة 2): إنّما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع دون غيره، كالصلح والهبة المعوَّضة وغيرهما. (مسألة 3): لو وقعت المعاملة على النوت والمنات والأوراق النقدية المتعارفة في زماننا، من طرف واحد أو الطرفين، فالظاهر عدم جريان أحكام بيع الصرف عليها، ولكن لا يجوز التفاضل لو اُريد التخلّص من الربا([963])، فمن أراد الإقراض بربح فتخلّص منه ببيع الأوراق النقدية متفاضلاً فعل حراماً، وبطل البيع أيضاً، ولو فرض في مورد وقوع المعاملة بين النقدين، وكانت المذكورات كالصكوك التجاريّة يجري فيها الصّرف ويثبت الرِّبا، لكنّه مجرّد فرض في أمثالها في هذا الزمان، وحينئذ لا يكفي في التقابض المعتبر في الصرف قبض المذكورات. (مسألة 4): الظاهر أنّه يكفي في القبض كونه في الذمّة، ولا يحتاج إلى قبض خارجيّ، فلو كان في ذمّة زيد دراهم لعمرو فباعها بالدنانير وقبضها قبل التفرّق صحّ، بل لو وكّل زيداً بأن يقبضها عنه صحّ. (مسألة 5): لو اشترى دراهم ببيع الصرف ثمّ اشترى بها دنانير قبل قبض الدراهم لم يصحّ الثاني، فإذا حصل التقابض بعد ذلك قبل التفرّق صحّ الأوّل، وإن افترقا قبله بطل الأوّل أيضاً. (مسألة 6): لو كان له عليه دراهم، فقال للذي هي عليه: حوّلها دنانير، فرضي وتقبّلها في ذمّته بدل الدراهم، فإن كان ذلك توكيلاً منه في بيع ما في ذمّته بالآخر صحّ، وإلاّ فبمجرّد الرضا بالتحويل والتقبّل المذكور يشكل أن تقع المعاملة. واحتمال أن يكون ذلك عنواناً آخر غير البيع بعيد. (مسألة 7): الدراهم والدنانير المغشوشة إن كانت رائجة بين عامّة الناس ولو علموا بالحال يجوز صرفها وإنفاقها والمعاملة بها، وإلاّ فلا يجوز إلاّ بعد إظهار حالها، والأحوط كسرها وإن لم تعمل للغشّ. (مسألة 8): حيث إنّ الذهب والفضّة من الربوي، فإذا بيع كلُّ منهما بجنسه، يلزم على المتعاملين إيقاعه على نحو لا يقعان في الربا، بأن لا يكون التفاضل، وهذا ممّا ينبغي أن يهتمّ به المتعاملون خصوصاً الصيارفة، وقد نهي عن الصرف معلّلاً: بأنّ الصيرفي لا يسلم من الربا. (مسألة 9): يكفي في الضميمة وجود دخيل في الذهب والفضّة إن كان له ماليّة لو تخلّص منهما، فإذا بيعت فضّة ذات دخيل بمثلها، جاز بالمثل وبالتفاضل إذا لم يكن المقصود الفرار من الرّبا، وإذا بيعت بالخالصة لابدّ أن تكون الخالصة زائدة منها حتّى تقع الزيادة مقابل الدخيل، وإذا لم يعلم مقدار الدخيل والفضّة تباع بغير جنسها، أو بمقدار يعلم إجمالاً زيادته على الفضّة في ذات الدخيل، وكذلك الأشياء المحلاّة بالذهب أو الفِضّة ونحوها. (مسألة 10): لو اشترى فضّة معيّنة بفضّة أو بذهب مثلاً فوجدها من غير جنسها ـ كالنحاس والرصاص ـ بطل البيع، وليس له مطالبة البدل، كما أنّه ليس للبائع إلزامه به، ولو وجد بعضها كذلك بطل فيه وصحّ في الباقي، وله ردّ الكلّ ; لتبعّض الصفقة، وللبائع ـ أيضاً ـ ردّه مع جهله بالحال. ولو اشترى فضّة ـ كلّيّاً في الذمّة ـ بذهب أو فضّة، وبعدما قبضها وجد المدفوع كلاّ أو بعضاً من غير جنسها، فإن كان قبل أن يفترقا فللبائع الإبدال بالجنس، وللمشتري مطالبة البدل، وإن كان بعد التفرّق بطل في الكلّ أو البعض على حذو ما سبق. هذا إذا كان من غير الجنس. وأمّا إذا كان من الجنس، ولكن ظهر بها عيب ـ كخشونة الجوهر، والدخيل الزائد على المتعارف، واضطراب السكّة، ونحوها ـ ففي الأوّل، وهو ما إذا كان المبيع فِضّة معيّنة في الخارج، كان له الخيار بردّ الجميع أو إمساكه، وليس له ردّ المعيب وحده لو كان هو البعض، على إشكال تقدّم في خيار العيب، وليس له مطالبة الأرش لو كان العوضان متجانسين، كالفضّة بالفضّة في مثل خشونة الجوهر واضطراب السكّة على الأحوط لو لم يكن الأقوى ; للزوم الربا. ولو تخالفا ـ كالفضّة بالذهب ـ فله ذلك قبل التفرّق، وأمّا بعده ففيه إشكال([964])، خصوصاً إذا كان الأرش من النقدين، ولكن الأقوى أنّ له ذلك، خصوصاً إذا كان من غيرهما. وأمّا في الثاني وهو ما لو كان المبيع كلّيّاً في الذمّة، وظهر عيب في المدفوع، فلا يبعد أن يكون مخيّراً بين إمساك المعيب بالثمن ومطالبة البدل قبل التفرّق، وأمّا بعده ففيه إشكال. وهل له أخذ الأرش ؟ الأقرب عدم ثبوته حتّى في المتخالفين كالفضّة بالذهب، وحتّى قبل التفرّق. (مسألة 11): لا يجوز أن يشتري من الصائغ خاتماً أو قرطاً مثلاً من فِضّة أو ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة اُجرته، بل إمّا أن يشتريه بغير جنسه أو يشتري منه مقداراً منهما بجنسه مثلاً بمثل، ويعيّن له اُجرة لصياغته. نعم لو كان فصّ الخاتم مثلاً من الصائغ، وكان من غير جنس حلقته، جاز الشراء بجنسه مع الزيادة في غير صورة التخلّص من الربا. (مسألة 12): لو كان على زيد دنانير، وأخذ منه دراهم تدريجاً شيئاً فشيئاً، فإن كان ذلك بعنوان الوفاء والاستيفاء، ينتقص من الدنانير ـ في كلّ دفعة ـ بمقدار ما أخذه من الدراهم بسعر ذلك الوقت، وإن كان أخذها بعنوان الاقتراض اشتغلت ذمّته بالدراهم، وبقيت ذمّة زيد مشغولة بتلك الدنانير، فلكلٍّ منهما مطالبة صاحبه حقّه، وفي احتساب كلّ منهما ما له على الآخر وفاءً عمّا عليه للآخر ـ ولو مع التراضي ـ إشكال، كما أنّ في بيع إحداهما بالاُخرى إشكالاً، فلا محيص إلاّ من إبراء كلّ منهما ما له على الآخر أو مصالحة الدنانير بالدراهم. نعم لو كانت الدراهم المأخوذة تدريجاً ; قد اُخذت بعنوان الأمانة، حتّى إذا اجتمعت عنده بمقدار الدنانير تحاسبا، فلا إشكال في جواز جعلها عند الحساب وفاء، كما أنّه يجوز بيع الدنانير التي في الذمّة بالدراهم الموجودة. وعلى أيّ حال يلاحظ سعر الدنانير والدراهم عند الحساب، ولا ينظر إلى اختلاف الأسعار السابقة. (مسألة 13): لو أقرض زيداً نقداً معيّناً، أو باعه شيئاً بنقد معيّن كالليرة إلى أجل معلوم، وزاد سعر ذلك النقد أو نقص، عند حلول الأجل عن سعره يوم الإقراض أو البيع، لا يستحقّ إلاّ عين ذلك النقد، ولا ينظر إلى زيادة سعره ونقصانه. (مسألة 14): يجوز أن يبيع مثقالاً من فضة خالصة من الصائغ مثلاً بمثقال من فضّة فيها دخيل متموّل، واشترط عليه أن يصوغ له خاتماً مثلاً. وكذا يجوز أن يقول للصائغ: صغ لي خاتماً وأنا أبيعك عشرين مثقالاً من فضّة جيّدة بعشرين مثقالاً من فضّة رديّة، ولم يلزم الربا في الصورتين، بشرط أن لا يكون المقصود التخلّص من الربا. (مسألة 15): لو باع عشر روپيّات مثلاً بليرة واحدة إلاّ روپيّة واحدة، صحّ بشرط أن يعلما نسبة الروپيّة بحسب سعر الوقت إلى الليرة، حتّى يعلما أيّ مقدار استُثني منها، وبشرط أن لا يكون المراد التخلّص من الربا. القول في السلف ويقال: السلم أيضاً، وهو ابتياع كلّيّ مؤجّل بثمن حالّ عكس النسيئة. ويقال للمشتري: المسلم بكسر اللام، وللثمن بفتحها، وللبائع: المسلم إليه، وللمبيع: المسلم فيه. وهو يحتاج إلى إيجاب وقبول، وكلّ واحد من البائع والمشتري صالح لأن يوجب أو يقبل من الآخر، فالإيجاب من البائع بلفظ البيع وأشباهه بأن يقول: «بعتك وزنة من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا». ويقول المشتري: «قبلت» أو «اشتريت». وأمّا الإيجاب من المشتري فهو بلفظي «أسلمت» أو «أسلفت» بأن يقول: «أسلمت إليك أو أسلفت مائة درهم مثلاً في وزنة من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا»، فيقول المسلم إليه وهو البائع: «قبلت». ويجوز إسلاف غير النقدين في غيرهما، بأن يكون كلّ من الثمن والمثمن من غيرهما، مع اختلاف الجنس، أو عدم كونهما ـ أو أحدهما ـ من المكيل والموزون. وكذا إسلاف أحد النقدين في غيرهما وبالعكس. ولا يجوز إسلاف أحد النقدين في أحدهما مطلقاً ([965]). ولا يصحّ أن يباع بالسلف ما لا يمكن ضبط أوصافه، التي تختلف القيمة والرغبات باختلافها، كالجواهر واللآلي والعقار والأرضين وأشباهها، ممّا لا يرتفع الجهالة والغَرَر فيها إلاّ بالمشاهدة. بخلاف ما يمكن ضبطها بما لا يؤدّي إلى عزّة الوجود، كالخضر والفواكه والحبوبات كالحنطة والشعير والاُرز ونحو ذلك، بل البيض والجوز واللوز ونحوها، وكذا أنواع الحيوان والملابس والأشربة والأدوية بسيطها ومركّبها. ويشترط فيه اُمور: الأوّل: ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة. الثاني: قبض الثمن قبل التفرّق([966]) من مجلس العقد، ولو قبض البعض صحّ فيه وبطل في الباقي، ولو كان الثمن دَيناً في ذمّة البائع، فإن كان مؤجّلاً لا يجوز جعله ثمناً ([967]) للمسلم فيه، وإن كان حالاًّ فالظاهر جوازه وإن لم يخلُ من إشكال، فالأحوط تركه، ولو جعل الثمن كلّيّاً في ذمّة المشتري، ثمّ حاسبه به بماله في ذمّة البائع المسلم إليه، سلم عن الإشكال. الثالث: تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العدّ بمقدره. الرابع: تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيّام أو الشهور أو السنين ونحو ذلك، ولو جعل الأجل إلى أوان الحصاد أو الدياس ونحو ذلك بطل. ولا فرق في الأجل ـ بعد كونه مضبوطاً ـ بين أن يكون قليلاً كيوم أو نصف يوم، أو كثيراً كعشرين سنة. الخامس: غلبة الوجود وقت الحلول، وفي البلد الذي شرط أن يسلّم فيه المسلم فيه ـ لو اشترط ذلك ـ بحيث يكون مأمون الانقطاع ومقدور التسليم عادة. (مسألة 1): الأحوط([968]) تعيين بلد التسليم، إلاّ إذا كان انصراف إلى بلد العقد أو بلد آخر. (مسألة 2): لو جعل الأجل شهراً أو شهرين، فإن كان وقوع المعاملة في أوّل الشهر عدّ شهراً هلاليّاً أو شهرين كذلك، ولا ينظر إلى نقصان الشهر وتمامه، وإن أوقعاها في أثنائه فالأقوى التلفيق، بأن يُعدّ من الشهر الآخر ما فات وانقضى من الشهر الأوّل، فلو وقع في العاشر وكان الأجل شهراً حلّ الأجل في عاشر الثاني وهكذا، فربما لا يكون ثلاثين يوماً، وهو ما إذا كان الأوّل ناقصاً، والأحوط التصالح ; لما قيل من أنّ اللازم عدّ ثلاثين يوماً في الفرض. (مسألة 3): لو جعل الأجل إلى جُمادى أو الربيع حمل على أقربهما، وكذا لو جعل إلى الخميس أو الجمعة، فيحلّ بأوّل جزء من الهلال في الأوّل، ومن نهار اليوم في الثاني. (مسألة 4): لو اشترى شيئاً سلفاً لم يجز بيعه قبل حلول الأجل، لا على البائع ولا على غيره، سواء باعه بجنس الثمن الأوّل أو بغيره، وسواء كان مساوياً له أو أكثر أو أقلّ، ويجوز بعده ـ سواء قبضه أم لا ـ على البائع وغيره بجنس الثمن وغيره، بالمساوي له أو بالأقلّ أو الأكثر ما لم يستلزم الربا. (مسألة 5): لو دفع المسلم إليه إلى المشتري ـ بعد الحلول ـ الجنس الذي أسلم فيه، وكان دونه من حيث الصفة أو المقدار، لم يجب قبوله، وإن كان مثله يجب القبول كغيره من الديون. وكذا إذا كان فوقه من حيث الصفة([969])، بأن كان مصداقاً للموصوف مع كمال زائد. وفي غير ذلك فالظاهر عدم وجوبه، كما إذا أسلم في الفرس الشموس وأراد إعطاء المرتاض. وكذا إذا كان أكثر منه بحسب المقدار لم يجب قبول الزيادة. (مسألة 6): إذا حلّ الأجل ولم يتمكّن البائع من أداء المسلم فيه لعارض ـ من آفة، أو عجز له من تحصيله، أو إعوازه في البلد مع عدم إمكان جلبه من غيره، إلى غير ذلك من الأعذار ـ حتّى انقضى الأجل، كان المشتري بالخيار بين أن يفسخ ويرجع بثمنه ورأس ماله، ويصبر إلى أن يتمكّن البائع من الأداء، وليس له إلزامه بقيمته وقت حلول الأجل على الأقوى([970]). القول في المرابحة والمواضعة والتولية ما يقع من المتعاملين في مقام البيع والشراء على نحوين: أحدهما: أن لا يقع منهما إلاّ المقاولة وتعيين الثمن والمثمن، من دون ملاحظة رأس المال وأنّ في هذه المعاملة نفعاً للبائع أو خسراناً، فيوقعان البيع على شيء معلوم بثمن معلوم، ويسمّى ذلك البيع بالمساومة، وهو أفضل أنواعه. وثانيهما: أن يكون الملحوظ كونها رابحة أو خاسرة أو لا رابحة ولا خاسرة. ومن هذه الجهة ينقسم البيع إلى المرابحة والمواضعة والتولية، فالأوّل البيع برأس المال مع الزيادة، والثاني البيع مع النقيصة، والثالث البيع بلا زيادة أو نقيصة. ولابدّ في تحقّق هذه العناوين من إيقاع عقده بما يفيد أحدها، ويعتبر في الاُولى تعيين مقدار الربح، وفي الثانية مقدار النقصان: فيقال في الاُولى: بعتك بما اشتريت مع ربح كذا، فيقبل المشتري. وفي الثانية: بعتك بما اشتريت مع نقصان كذا. وفي الثالثة: بعتك بما اشتريت. (مسألة 1): لو قال البائع في المرابحة: بعتك هذا بمائة وربح درهم في كلّ عشرة، وفي المواضعة: بوضيعة درهم في كلّ عشرة، فإن تبيّن عنده مبلغ الثمن ومقداره صحّ البيع على الأقوى على كراهية، بل الصحّة لا تخلو من قوّة إن لم يتبيّن له ذلك، بعد ضمّ الربح وتنقيص الوضيعة عند البيع. (مسألة 2): لو تعدّدت النقود واختلف سعرها وصرفها، لابدّ من ذكر النقد والصرف، وأنّه اشتراه بأيّ نقد وأيّ مقدار كان صرفه. وكذا لابدّ من ذكر الشروط والأجل ونحو ذلك ممّا يتفاوت لأجلها الثمن. (مسألة 3): لو اشترى متاعاً بثمن معيّن، ولم يحدث فيه ما يوجب زيادة قيمته، فرأس ماله ذلك الثمن، فلا يجوز الإخبار بغيره. وإن أحدث فيه ذلك، فإن كان بعمل نفسه لم يجز أن يضمّ اُجرة عمله إلى الثمن المسمّى، ويخبر: بأنّ رأس ماله كذا، أو اشتريته بكذا، بل عبارته الصادقة أن يقول: اشتريته بكذا ـ وأخبر بالثمن المسمّى ـ وعملت فيه كذا. وإن كان باستئجار غيره جاز أن يضمّ الاُجرة إلى الثمن، ويخبر: بأنّه تقوّم عليّ بكذا، وإن لم يجز أن يقول: اشتريته بكذا، أو رأس ماله كذا. ولو اشترى معيباً ورجع بالأرش إلى البائع له أن يخبر بالواقعة، وله أن يسقط مقدار الأرش من الثمن، ويجعل رأس ماله ما بقي، وأخبر به، وليس له أن يخبر بالثمن المسمّى من دون إسقاط قدر الأرش. ولو حطّ البائع بعض الثمن ـ بعد البيع تفضّلاً ـ جاز أن يُخبر بالأصل من دون إسقاط الحطيطة. (مسألة 4): يجوز أن يبيع متاعاً، ثمّ يشتريه بزيادة أو نقيصة، إن لم يشترط على المشتري بيعه منه وإن كان من قصدهما ذلك. وبذلك ربما يحتال من أراد أن يجعل رأس ماله أزيد ممّا اشترى، بأن يبيعه من ابنه مثلاً بثمن أزيد ثمّ يشتريه بذلك الثمن للإخبار به في المرابحة. وهذا وإن لم يكذب في رأس ماله ـ إن كان البيع والشراء من ابنه جدّاً ـ وصحّ بيعه على أيّ حال، لكنّه خيانة وغشّ، فلا يجوز ارتكابه. نعم لو لم يكن ذلك عن مواطأة وبقصد الاحتيال جاز ولا محذور فيه. (مسألة 5): لو ظهر كذب البائع في إخباره برأس المال صحّ البيع، وتخيّر المشتري بين فسخه وإمضائه بتمام الثمن. ولا فرق بين تعمّد الكذب وصدوره غلطاً أو اشتباهاً من هذه الجهة، وهل يسقط هذا الخيار بالتلف ؟ فيه إشكال، ولا يبعد عدم السقوط. (مسألة 6): لو سلّم التاجر متاعاً إلى الدلاّل ليبيعه له، فقوّمه عليه بثمن معيّن، وجعل ما زاد عليه له، بأن قال له: «بعه عشرة رأس ماله، فما زاد عليه فهو لك»، لم يجز له أن يبيعه مرابحة، بأن يجعل رأس المال ما قوّم عليه التاجر، ويزيد عليه مقداراً بعنوان الربح، بل اللازم إمّا بيعه مساومة، أو يبيّن ما هو الواقع، من أنّ ما قوّم عليّ التاجر كذا وأنا اُريد النفع كذا، فإن باعه بزيادة كانت الزيادة له، وإن باعه بما قوّم عليه صحّ البيع، والثمن للتاجر، وهو لم يستحقّ شيئاً وإن كان الأحوط إرضاؤه، وإن باعه بالأقلّ يكون فضوليّاً يتوقّف على إجازة التاجر. (مسألة 7): لو اشترى شخص متاعاً أو داراً أو غيرهما، جاز أن يشرك فيه غيره بما اشتراه، بأن يشركه فيه بالمناصفة بنصف الثمن، أو بالمثالثة بثلثه وهكذا، ويجوز إيقاعه بلفظ التشريك، بأن يقول: شرّكتك في هذا المتاع نصفه بنصف الثمن، أو ثلثه بثلثه مثلاً، فقال: «قبلت»، ولو أطلق لا يبعد انصرافه إلى المناصفة، وهل هو بيع، أو عنوان مستقلّ ؟ كلٌّ محتمل، وعلى الأوّل فهو بيع التولية. القول في بيع الثمار على النخيل والأشجار المسمّى في العرف الحاضر بالضمان. ويلحق بها الزرع والخضراوات. (مسألة 1): لا يجوز بيع الثمار على النخيل والأشجار قبل بروزها وظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة، ويجوز بيعها عامين فما زاد أو مع الضميمة. وأمّا بعد ظهورها، فإن بدا صلاحها، أو كان في عامين، أو مع الضميمة، جاز بيعها بلا إشكال، ومع انتفاء الثلاثة فيه قولان، أقواهما الجواز مع الكراهة، ولا يبعد أن تكون للكراهة مراتب إلى بلوغ الثمرة وترتفع به. (مسألة 2): بدوّ الصلاح في التمر احمراره أو اصفراره، وفي غيره انعقاد حبّه بعد تناثر ورده وصيرورته مأموناً من الآفة. (مسألة 3): يعتبر في الضميمة ـ في مورد الاحتياج إليها ـ كونها ممّا يجوز بيعها منفردة، وكونها مملوكة للمالك، ومنها الاُصول لو بيعت مع الثمرة. وهل يعتبر كون الثمرة تابعة أو لا ؟ الأقوى عدمه. (مسألة 4): لو ظهر بعض ثمرة البستان جاز بيع ثمرته أجمع: الموجودة والمتجدّدة في تلك السنة، سواء اتّحدت الشجرة أو تكثّرت، وسواء اختلف الجنس أو اتّحد. وكذلك لو أدركت ثمرة بستان، جاز بيعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرك. (مسألة 5): لو كانت الشجرة تثمر في سنة واحدة مرّتين فالظاهر أنّ ذلك بمنزلة عامين، فيجوز بيع المرّتين قبل الظهور. (مسألة 6): لو باع الثمرة سنة أو أزيد، ثمّ باع الاُصول من شخص آخر، لم يبطل بيع الثمرة، فتنتقل الاُصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة. ولو كان جاهلاً كان له الخيار في الفسخ. وكذا لا يبطل بيع الثمار بموت بائعها ولا بموت مشتريها، بل تنتقل الاُصول في الأوّل إلى ورثة البائع مسلوبـة المنفعـة، والثمرة في الثاني إلى ورثة المشتري. (مسألة 7): لو باع الثمرة بعد ظهورها أو بدوّ صلاحها، فاُصيبت بآفة سماوية أو أرضيّة قبل قبضها ـ وهو التخلية على وجه مرّ في باب القبض ـ كان من مال بائعها. والظاهر إلحاق النهب والسرقة ونحوهما بالآفة. نعم لو كان المتلف شخصاً معيّناً كان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء ومطالبة المتلف بالبدل. ولو كان التلف بعد القبض كان من مال المشتري، ولم يرجع إلى البائع. (مسألة 8): يجوز أن يستثني البائع لنفسه حصّة مشاعة من الثمر كالثلث والربع، أو مقداراً معيّناً كمنّ أو منّين، كما أنّ له أن يستثني ثمرة نخيل أو شجر معيّن، فإن خاست الثمرة سقط من الثنيا بحسابه في الأوّل، والأحوط التصالح في الثاني([971]). (مسألة 9): يجوز بيع الثمرة ـ على النخل والشجر ـ بكلّ شيء يصحّ أن يجعل ثمناً في أنواع البيوع، من النقود والأمتعة وغيرهما، بل المنافع والأعمال ونحوهما. نعم لا يجوز بيع التمر على النخيل بالتمر، سواء كان من تمرها، أو تمر آخر على النخيل، أو موضوعاً على الأرض، وهذا يسمّى بالمزابنة. والأحوط إلحاق ثمرة ما عدا النخيل من الأشجار بها، فلا تباع بجنسها، وإن كان الأقوى عدم الإلحاق. نعم لا يجوز بيعها بمقدار منها على الأقوى. (مسألة 10): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمرة بزيادة عمّا ابتاعـه أو بنقصان قبل قبضه وبعده. (مسألة 11): لا يجوز بيع الزرع بذراً قبل ظهوره، وفي جواز الصلح عليه وجه، وبيعه تبعاً للأرض لو باعها وأدخله في المبيع بالشرط محلّ إشكال([972]). وأمّا بعد ظهوره وطلوع خُضرته فيجوز بيعه قصيلاً، بأن يبيعه بعنوانه وأن يقطعه المشتري قبل أن يسنبل، سواء بلغ أوان قصله، أو لم يبلغ وعيّن مدّة لإبقائه، وإن أطلق فله إبقاؤه إلى أوان قصله. ويجب على المشتري قطعه إذا بلغ أوانه إلاّ إذا رضي البائع، ولو لم يرض به ولم يقطعه المشتري فللبائع قطعه، والأحوط أن يكون بعد الاستئذان من الحاكم مع الإمكان. وله تركه والمطالبة باُجرة أرضه مدّة بقائه وأرش نقصها على فرضه. ولو أبقاه إلى أن طلعت سنبلته فهل تكون ملكاً للمشتري، أو للبائع، أو هما شريكان ؟ وجوه، والأحوط التصالح([973]). وكما يجوز بيع الزرع قصيلاً يجوز بيعه من أصله، لا بعنوان كونه قصيلاً وبشرط أن يقطعه، فهو ملك للمشتري إن شاء قصله وإن شاء تركه إلى أن يسنبل. (مسألة 12): لا يجوز بيع السنبل قبل ظهوره وانعقاد حبّه، ويجوز بعد انعقاده، سواء كان حبّه بارزاً كالشعير أو مستوراً كالحنطة، منفرداً أو مع اُصوله، قائماً أو حصيداً. ولا يجوز بيعه بحبٍّ من جنسه، بأن يباع سنابل الحنطة بالحنطة وسنابل الشعير بالشعير على الأحوط، وهذا يسمّى بالمحاقلة. وفي شمولها لبيع سنبل الحنطة بالشعير وسنبل الشعير بالحنطة إشكال، لكن لا يترك الاحتياط، خصوصاً في سنبل الشعير بالحنطة. والأقوى عدم جريان هذا الحكم في غيرهما ـ كالاُرز والذرة وغيرهما ـ وإن كان جريانه أحوط. نعم الأقوى عدم جواز بيع كلّ منهما بمقدار حصل منه. (مسألة 13): لا يجوز بيع الخضر ـ كالخيار والباذنجان والبطّيخ ونحوها ـ قبل ظهورها، ويجوز بعد انعقادها وظهورها لقطة واحدة أو لقطات معلومة. والمرجع في اللقطـة إلى عرف الزرّاع وعادتهم، والظاهر أنّ ما يلتقط منها ـ من الباكورة ـ لا تُعدّ لقطة. (مسألة 14): إنّما يجوز بيع الخضر ـ كالخيار والبطّيخ ـ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته في خلال الأوراق، ولا يضرّ عدم مشاهدة بعضها المستور، كما لا يضرّ عدم بلوغ رشدها كلاّ أو بعضاً، وكذا لا يضرّ انعدام ما عدا الاُولى من اللّقطات بعد ضمّها إليها. (مسألة 15): إذا كانت الخضر ممّا كان المقصود منها مستوراً في الأرض ـ كالجزر والشلجم ـ يشكل جواز بيعها([974]) قبل قلعها. نعم في مثل البصل ممّا كان الظاهر منه أيضاً مقصوداً يجوز بيعه منفرداً ومع اُصوله. (مسألة 16): يجوز بيع نحو الرطبة والكرّاث والنعناع بعد الظهور جزّة وجزّات معيّنة. وكذا ورق التوت والحنّاء خرطة وخرطات. والمرجع في الجزّة والخرطة هو العرف والعادة. ولا يضرّ انعدام بعض الأوراق، بعد وجود مقدار يكفي للخرط وإن لم يبلغ أوان خرطه، فيضمّ الموجود إلى المعدوم. (مسألة 17): لو كان نخل أو شجر أو زرع بين اثنين مثلاً بالمناصفة، يجوز أن يتقبّل أحد الشريكين حصّة صاحبه بخرص معلوم، بأن يخرص المجموع بمقدار فيتقبّل أن يكون المجموع له، ويدفع لصاحبه من الثمرة نصف المجموع بحسب خرصه زاد أو نقص، ويرضى به صاحبه. والظاهر أنّه معاملة خاصّة برأسها، كما أنّ الظاهر أنّه ليس له صيغة خاصّة، فيكفي كلّ لفظ يكون ظاهراً في المقصود بحسب متفاهم العرف. (مسألة 18): من مرّ بثمرة نخل أو شجر مجتازاً ـ لا قاصداً لأجل الأكل ـ جاز له أن يأكل منها بمقدار شبعه وحاجته، من دون أن يحمل منها شيئاً، ومن دون إفساد للأغصان أو إتلاف للثمار. والظاهر عدم الفرق بين ما كان على الشجر أو متساقطاً عنه، والأحوط الاقتصار على ما إذا لم يعلم كراهة المالك. القول في بيع الحيوان (مسألة 1): كلّ حيوان مملوك ـ كما يجوز بيع جميعه ـ يجوز بيع بعضه المشاع كالنصف والربع. وأمّا جزؤه المعيّن ـ كرأسه وجلده، أو يده ورجله، أو نصفه الذي فيه رأسه مثلاً ـ فإن كان ممّا لا يؤكل لحمه، أو لم يكن المقصود منه اللحم ـ بل الركوب والحمل وإدارة الرحى ونحو ذلك ـ لم يجز بيعه. نعم لو كان ما لا يؤكل قابلاً للتذكية يجوز بيع جلده. وكذا ما لم يكن المقصود منه اللحم ـ كالفرس والحمار ـ إذا اُريد ذبحه لإهابة، يجوز بيعه. وأمّا إذا كان المقصود منه اللحم والذبح ـ مثل ما يشتريه القصّابون ويباع منهم ـ فالظاهر صحّة بيعه، فإن ذبحه فللمشتري ما اشتراه، وإن باعه يكون شريكاً في الثمن بنسبة ماله، بأن ينسب قيمة الرأس والجلد مثلاً على تقدير الذبح إلى قيمة البقيّة، فله من الثمن بتلك النسبة. وكذا الحال فيما لو باع حيواناً قصد به اللحم واستثنى الرأس والجلد، أو اشترك اثنان أو جماعة، وشرط أحدهم لنفسه الرأس والجلد أو الرأس والقوائم مثلاً، أو اشترى شخص حيواناً ثمّ شرّك غيره معه في الرأس والجلد مثلاً، فيصحّ في الجميع فيما يراد ذبحه، فإذا ذبح يستحقّ العين، وإلاّ كان شريكاً بالنسبة كما مرّ. (مسألة 2): لو قال شخص لآخر: اشتر حيواناً مثلاً بشركتي، كان ذلك منه توكيلاً في الشراء، فلو اشتراه بحسب أمره كان المبيع بينهما نصفين، إلاّ إذا صرّح بكون الشركة على نحو آخر. ولو دفع المأمور عن الآمر ما عليه من الثمن، ليس له الرجوع إليه، ما لم تكن قرينة تقتضي أنّ المقصود الشراء له ودفع ما عليه عنه ـ كالشراء مثلاً من مكان بعيد لا يدفع المبيع حتّى يدفع الثمن ـ فحينئذ يرجع إليه. القول في الإقالة وحقيقتها: فسخ العقد من الطرفين. وهي جارية في جميع العقود سوى النكاح. والأقرب عدم قيام وارثهما مقامهما. وتقع بكلّ لفظ أفاد المعنى المقصود عند أهل المحاورة، كأن يقولا: «تقايلنا»، أو «تفاسخنا»، أو يقول أحدهما: «أقلتك» فقبل الآخر، بل الظاهر كفاية التماس أحدهما مع إقالة الآخر. ولا يعتبر فيها العربيّة. والظاهر وقوعها بالمعاطاة، بأن يردّ كلّ منهما ما انتقل إليه إلى صاحبه بعنوان الفسخ. (مسألة 1): لا تجوز الإقالة بزيادة على الثمن المسمّى ولا نقصان منه، فلو أقال المشتري بزيادة أو البائع بوضيعة، بطلت وبقي العوضان على ملك صاحبهما. (مسألة 2): لا يجري في الإقالة الفسخ والإقالة. (مسألة 3): تصحّ الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد وفي بعضه، ويقسّط الثمن حينئذ على النسبة، بل إذا تعدّد البائع أو المشتري، تصحّ إقالة أحدهما مع الطرف الآخر بالنسبة إلى حصّته وإن لم يوافقه صاحبه. (مسألة 4): التلف غير مانع عن صحّة الإقالة، فلو تقايلا رجع كلّ عوض إلى مالكه، فإن كان موجوداً أخذه، وإن كان تالفاً يرجع إلى المثل في المثليّ، والقيمة في القيميّ. __________________________________________ [926] ـ مذبوب غير وارد. [927] ـ وكذا الكتابة. [928] ـ والكتابة. [929] ـ على المشهور والمعروف بين الأصحاب، بل لا أجد فيه خلافاً، لكن عدم الضمان فيه مطلقاً حتّى الضمان بالإتلاف، وإن كانا جاهلين، فضلا عمّا كانا عالمين ـ وفاقاً للأصل ـ لا يخلو من قوّة،ويأتي تفصيل البحث عنه في المسألة الرابعة عشر من كتاب الغصب. [930] ـ بل آخرها. [931] ـ وكذا الاُمّ مع عدم الأب على ما حقّقناه في رسالة مستقلّة. [932] ـ ولاية الجدّ منوطة بعدم الأب والاُمّ، كما أنّ ولاية جدّ الجدّ منوطة بعدم الجدّ وهكذا ; قضاءً لآية: (وَأُولُوا الاَْرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْض)(أ)، وبذلك يظهر عدم تمامية كون كلٍّ منهما أي الجدّ والأب مستقلاًّ في التصرّف، فإنّه مع وجود الأب لا تصل النوبة إلى الجدّ، ولا مع وجود الجدّ إلى جدّ الجدّ وهكذا. أ ـ الأنفال (8): 75. [933] ـ بل الظاهر اشتراط رعاية المصلحة والقرب بالتي هي أحسن في نفوذ التصرّف في مال الصغير. [934] ـ وللاُمّ. [935] ـ لا ولاية للاُمّ فيه، فإنّ الولاية على التزويج ولاية خاصّة، ولذلك لا ولاية فيه حتّى للحاكم ولا للفقيه على القول بولايته وحاكميته، ويأتي من الماتن (رحمه الله) في النكاح. [936] ـ بل والاُمّ فإنّها مثلهما، كما مرّ في الولاية في غير التزويج، وبذلك يظهر حكم المسألة والمسألة التالية. [937] ـ وإن كان الجواز لا يخلو من وجه. [938] ـ أي فيما ليس فيه عادة على التغيير ولا على عدمه، أو كانت العادة مجهولة، وإلاّ ففي ما كانت العادة على التغيّر فلا ينبغي الإشكال في البطلان، بل لا إشكال فيه. [939] ـ بل الجواز لا يخلو من قوّة ; رعاية للوقف وغرض الواقف. [940] ـ بل ثبوته فإنّ الخيار لصاحب الحيوان الفعلي بائعاً كان أو مشترياً. [941] ـ بل هو الظاهر. [942] ـ والخيار. [943] ـ أو قبل العلم بالخيار. [944] ـ بل أقواها وأوجهها رابعها. [945] ـ بل بطل البيع من رأس كما هو المحكي من فهم «المبسوط» من الأخبار وظاهر الإسكافي وقوّاه صاحب «الكفاية» وجزم به «الحدائق»، فإنّ أخبار المسألة دلّت على نفي البيع. [946] ـ غير موجّه والأقوائية ممنوعة بل السقوط به لا يخلو من قوّة ; لكون العقد سبباً للخيار، فيكفي وجوده في إسقاطه مضافاً إلى فحوى جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد. [947] ـ المنصور [948] ـ التمثيل بهما على المعروف في الإرث، وإلاّ فعلى المختار فيهما من إرث الزوجة مطلقاً، واختصاص الولد الأكبر بالحبوة من الإرث مع احتساب قيمتها من سهم إرثه، التمثيل غير تامّ، كما هو ظاهر. [949] ـ بل ثانيهما. [950] ـ أو تقديم من كان ضرره أكثر والقرعة مع التساوي وجوه، لا يخلو الأخير من وجه. [951] ـ وبالجملة كلّ ما يكون تابعاً للمبيع عرفاً وعادةً. [952] ـ دخول المفاتيح عرفاً في زماننا لا كلام ولا إشكال فيه، فما في المتن من نفي البعد غير مناسب، وبالجملة المعيار في الاُمور المذكورة في المسألة وغيرها قضاء العرف والعادة التي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ومع الشكّ فالأصل عدم الانتقال. [953] ـ من ناحية الغرر المنفي والجهل الممنوع، لكنّه مذبوب بأنّه لما يكون الاختيار إلى المشتري قضاءً للعقد كذلك، ولما يكون الثمن على كلّ من التقديرين معلوماً، فلا غرر ولا جهالة ممنوعة. [954] ـ بل بعيد جدّاً ; لأنّ القول بذلك مخالف للأدلّة العقلية والنقلية، الدالّة على أنّ العقود تابعة للقصود، وصحّتها دائرة مدار الرضا (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراض)(أ)، والاستناد في ذلك القول إلى صحيحة محمّد بن قيس(ب) وموثقة السكوني(ج)، فيه ما لا يخفى ; لعدم قابلية مثل الخبرين على أعمال التعبّد والتخصيص لتلك الأدلّة بأن يحكم الشارع على المتبايعين رغماً لأنفهما ورضايتهما وقصدهما بأقلّ الثمنين وأبعد الأجلين. والعجب من سيّدنا الاُستاذ (رحمه الله) كيف نفى البعد عن هذا القول مع ما يعلمنا ويفيدنا كثيراً بأنّ أعمال تعبّد الشارع على خلاف الأبنية العقلائية التي تكون المورد منها محتاجة إلى الإعلان والإعلام كثيراً مثل ما عمل به في القياس، هذا ما ذكرناه في كتاب القصاص من الشكّ في بناء العقلاء على العمل بمثل أ ـ النساء (4): 29. ب ـ وسائل الشيعة 18: 37، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود، الباب 2، الحديث 1. ج ـ وسائل الشيعة 18: 37، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود، الباب 2، الحديث 2. هذين الخبرين في تخصيص تلك الاُصول والقواعد المعتبرة إن لم نقل بعدم بنائهم عليه. ومن المعلوم أنّ محض الشكّ في البناء كاف لعدم الحجّية كما لا يخفى. [955] ـ عدم الجواز في الفرعين من باب الربا، وعليه فيأتي فيهما التفصيل المختار، من الفرق بين الاستهلاكي منه والاستثماري. [956] ـ وإن كانت الصحّة غير بعيدة. [957] ـ المحرّم، وهو الاستهلاكي منه، نعم رعاية الاحتياط بالتخلّص به في الاستثماري الجائز منه حسنة. [958] ـ على المعروف في الربا المعاملي من كونه شرعيّاً تعبّدياً، دون القرض فإنّه عرفي، وأمّا على ما هو الحقّ عندي من عدم الربا التعبّدي، كما يأتي بيانه، فحقيقتها ترجع إلى واحدة، وهي الربا العرفي، كما لا يخفى. [959] ـ بناءً على المعروف، بل عليه الإجماع في كثير من عبارات الأصحاب، من كون الزيادة في معاملة المثلين رباً مطلقاً، حتّى مع عدم التساوي في المالية وعدم الزيادة عليها أصلاً، كما هو مفروض المسألة والمسائل الآتية التالية لها، لكنّ الحق اختصاص ربا المعاملي، كالربا القرضي، بما كانت الزيادة موجبة للزيادة المالية، وما لم يكن كذلك فلا دليل على حرمته، كما أنّ الربا غير صادق عليه أيضاً، وكل مايأتي في المسائل الآتية مبني على ذلك المبنى المعروف، فتأمّل جيّداً وكن على بصيرة. وعليه، فما علّقناه على مسائل الباب على المبنى المعروف، كما لا يخفى. ولا يخفى أيضاً اختصاص حرمة الربا مطلقاً قرضياً كان أو معاملياً بالاستهلاكي منه المنكر والباطل عند العقلاء لا الاستثماري الذي يعدّونه العقلاء معروفاً وتجارة عن حقّ وموجباً للتجارة والفعّالية الاقتصادية، ولقد حقّقنا التفصيل فيه وبحثناه بحضور عدّة من الأفاضل في الربيع الأوّل والثاني من سنة 1420 في بلدة قمّ صانها الله عن الحدثان ونسأل الله تعالى التوفيق لتكميله وتهذيبه في رسالة مستقلّة إن شاء الله تعالى. [960] ـ كلّيته محلّ إشكال بل منع، والأظهر التفصيل بين تغيير صورة شيء بشيء، كتغيير الحنطة بالدقيق والسويق، وبين استخراج شيء من شيء كاستخراج الزبد من اللبن، أو تركيب شيء من أشياء بحيث يصير شيئاً واحداً، كالهريسة بالنسبة إلى الحنطة، بجريان الربا في الأوّل دونهما. والأخبار المستدلّ بها على الكلّية لا يستفاد منها أزيد من ذلك، لأنّها مختصّة بمثل الحنطة والدقيق والسويق والعنب والزبيب، والتعليل في أخبار الحنطة والشعير بأنّهما من أصل واحد، مع ما فيه من الإجمال لا يمكن الالتزام به، إذ مقتضاه إجراء حكم الاتّحاد، مع استحالة شيء إلى شيء آخر لا ربط له به، كاستحالة التمر ملحاً، والصفر ذهباً أو فضّةً والزئبق كذلك، ونحو ذلك مثل استخراج الملح وغيره من بعض الأشياء ببعض الأنحاء، ومثل استخراج السكر من الشوندر وأمثال ذلك، ومن المعلوم عدم امكان الالتزام بإجراء حكم الاتّحاد في تلك الموارد. [961] ـ المحرّم على ما مرّ بيانه. [962] ـ نفي الربا فيه وفي تالييه محلّ تأمّل وإشكال، بل عدم الاستثناء مطلقاً لا يخلو من قوّة، فإنّ لسان أدلّة حرمة الربا المتضمّن لشدّة الحرمة بما لا مزيد عليها في جلّ المعاصي إن لم نقل كلّها آب عن التخصيص، هذا مع ما في أخبار الاستثناء وأدلّتها من الضعف في السند، بل وفي الدلالة أيضاً. [963] ـ الاستهلاكي منه، الذي يكون محرّماً على المختار، وأمّا الاستثماري منه يكون التفاضل فيه جائزاً، ففي التخلّص رعاية للاحتياط والاحتياط حسن على كلّ حال. [964] ـ وإن لم يبعد التخيير فيه أيضاً. [965] ـ بل الجواز فيهما وفي غيرهما ممّا كانا مكيلاً أو موزوناً لا يخلو من قوّة، لعدم ثبوت الربا الشرعي المانع من الصحّة فيما ذكره وفيما لم يذكره من الموارد، وأنّ الربا المحرّم مختصّ بمورده العرفي، على ما حقّقناه في محلّه. [966] ـ على الأحوط. [967] ـ بل يجوز قضاءً لإطلاق أدلّة صحّة بيع السلم من الأدلّة العامّة والخاصّة وعدم الدليل على البطلان، والاستدلال على الشرطية بخبر طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا يباع الدين بالدين»(أ). ففيه مضافاً إلى الضعف في السند والدلالة لمكان الجملة الخبرية، لا يكون شاملاً لما ليس بدين قبل العقد ; لأنّ الظاهر عن الدين، الدين الفعلي لظهور العناوين في الفعلي منها. أ ـ وسائل الشيعة 18: 298، كتاب التجارة، أبواب السلف، الباب 8، الحديث 2. [968] ـ الذي لا يخلو من قوّة. [969] ـ ولم يكن في الردّ غرض عقلائي، وإلاّ فله الردّ كما فيما دونه. [970] ـ الأقوائية ممنوعة، بل جواز الإلزام لا يخلو من وجه، بل من قوّة. [971] ـ وإن كان السقوط بحسابه كالأوّل لا يخلو من قوّة. [972] ـ وإن كان الجواز لا يخلو من وجه. [973] ـ في غير ما اشترى الزرع مع أصله، وإلاّ فالظاهر أنّه للمشتري. [974] ـ وإن كان الجواز فيما إذا علم وجودها في الأرض في الجملة لا يخلو من وجه.
|