|
كتاب الإجارة
كتاب الإجارة
وهي: إمّا متعلّقة بأعيان مملوكة ـ من حيوان أو دار أو عقار أو متاع أو ثياب ونحوها ـ فتفيد تمليك منفعتها بالعوض، أو متعلّقة بالنفس ـ كإجارة الحرّ نفسه لعمل ـ فتفيد غالباً تمليك عمله للغير باُجرة مقرّرة، وقد تفيد تمليك منفعته دون عمله، كإجارة المرضعة نفسها للرضاع، لا الإرضاع. (مسألة 1): عقد الإجارة: هو اللفظ المشتمل على الإيجاب ـ الدالّ بالظهور العرفي على إيقاع إضافة خاصّة، مستتبعة لتمليك المنفعة أو العمل بعوض ـ والقبول الدالّ على الرضا به وتملّكهما بالعوض. والعبارة الصريحة في الإيجاب: «آجرتك أو أكريتك هذه الدار مثلاً بكذا». وتصحّ بمثل «ملّكتك منفعة الدار» مريداً به الإجارة، لكنّه ليس من العبارة الصريحة في إفادتها. ولا يعتبر فيه العربيّة، بل يكفي كلّ لفظ أفاد المعنى المقصود بأيّ لغة كان. ويقوم مقام اللفظ الإشارة المفهمة من الأخرس ونحوه كعقد البيع. والظاهر جريان المعاطاة في القسم الأوّل منها ـ وهو ما تعلّقت بأعيان مملوكة ـ وتتحقّق بتسليط الغير على العين ذات المنفعة قاصداً تحقّق معنى الإجارة ـ أي الإضافة الخاصّة ـ وتسلّم الغير لها بهذا العنوان. ولا يبعد تحقّقها في القسم الثاني ـ أيضاً ـ بجعل نفسه تحت اختيار الطرف بهذا العنوان، أو بالشروع في العمل كذلك. (مسألة 2): يشترط في صحّة الإجارة اُمور: بعضها في المتعاقدين، أعني المؤجر والمستأجر، وبعضها في العين المستأجرة، وبعضها في المنفعة، وبعضها في الاُجرة. أمّا المتعاقدان: فيعتبر فيهما ما اعتبر في المتبايعين([988]): من البلوغ، والعقل، والقصد، والاختيار، وعدم الحجر; لفلس أو سفه ونحوهما. وأمّا العين المستأجرة: فيعتبر فيها اُمور: منها: التعيين، فلو آجر إحدى الدارين أو إحدى الدابّتين لم تصحّ. ومنها: المعلوميّة، فإن كانت عيناً خارجيّة، فإمّا بالمشاهدة، وإمّا بذكر الأوصاف التي تختلف بها الرغبات في إجارتها. وكذا لو كانت غائبة، أو كانت كلّية. ومنها: كونها مقدوراً على تسليمها([989])، فلا تصحّ إجارة الدابّة الشاردة ونحوها. ومنها: كونها ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصحّ إجارة ما لا يمكن الانتفاع بها، كما إذا آجر أرضاً للزراعة مع عدم إمكان إيصال الماء إليها، ولا ينفعها ولا يكفيها ماء المطر ونحوه. وكذا ما لا يمكن الانتفاع بها إلاّ بإذهاب عينها، كالخبز للأكل، والشمع أو الحطب للإشعال. ومنها: كونها مملوكة أو مستأجرة، فلا تصح إجارة مال الغير إلاّ بإذنه أو إجازته. ومنها: جواز الانتفاع بها، فلا تصحّ إجارة الحائض لكنس المسجد مباشرة. وأمّا المنفعة: فيعتبر فيها اُمور: منها: كونها مباحة، فلا تصحّ إجارة الدكّان لإحراز المسكرات أو بيعها، ولا الدابّة والسفينة لحملها، ولا الجارية المغنّية للتغنّي ونحو ذلك. ومنها: كونها متموّلة يبذل بإزائها المال عند العقلاء. ومنها: تعيين نوعها إن كانت للعين منافع متعدّدة، فلو استأجر الدابّة يعيّن أنّها للحمل أو الركوب أو لإدارة الرحى وغيرها. نعم تصحّ إجارتها لجميع منافعها، فيملك المستأجر جميعها. ومنها: معلوميّتها: إمّا بتقديرها بالزمان المعلوم، كسكنى الدار شهراً، أو الخياطة أو التعمير والبناء يوماً، وإمّا بتقدير العمل، كخياطة الثوب المعيّن خياطة كذائية فارسيّة أو روميّة، من غير تعرّض للزمان إن لم يكن دخيلاً في الرغبات، وإلاّ فلابدّ من تعيين منتهاه. وأمّا الاُجرة: فتعتبر معلوميّتها، وتعيين مقدارها بالكيل أو الوزن أو العدّ في المكيل والموزون والمعدود، وبالمشاهدة أو التوصيف في غيرها. ويجوز أن تكون عيناً خارجيّة، أو كلّيّاً في الذمّة، أو عملاً، أو منفعة، أو حقّاً قابلاً للنقل، مثل الثمن في البيع. (مسألة 3): لو استأجر دابّة للحمل لابدّ من تعيين جنس ما يحمل عليها، لاختلاف الأغراض باختلافه، وكذا مقداره ولو بالمشاهدة والتخمين، ولو استأجرها للسفر لابدّ من تعيين الطريق وزمان السير، من ليل أو نهار ونحو ذلك، بل لابدّ من مشاهدة الراكب أو توصيفه بما يرفع به الجهالة والغرر. (مسألة 4): ما كانت معلوميّة المنفعة بحسب الزمان، لابدّ من تعيينه يوماً أو شهراً أو سنة أو نحو ذلك، فلا تصحّ تقديره بأمر مجهول. (مسألة 5): لو قال: كلّما سكنت هذه الدار فكلّ شهر بدينار مثلاً بطل إن كان المقصود الإجارة، وصحّ ظاهراً لو كان المقصود الإباحة بالعوض. والفرق أنّ المستأجر مالك للمنفعة في الإجارة، دون المباح له، فإنّه غير مالك لها، ويملك المالك عليه العوض على تقدير الاستيفاء، ولو قال: إن خطت هذا الثوب فارسيّاً فلك درهم، وإن خطته روميّاً فلك درهمان، بطل إجارة([990]) وصحّ جعالة. (مسألة 6): لو استأجر دابّة من شخص لتحمله ـ أو تحمل متاعه ـ إلى مكان في وقت معيّن، كأن استأجر دابّة لإيصاله إلى كربلاء يوم عرفة، ولم توصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقت، أو عدم إمكان الإيصال من جهة اُخرى، فالإجارة باطلة، ولو كان الزمان واسعاً ولم توصله لم يستحقّ من الاُجرة شيئاً، سواء كان بتقصير منه أم لا، كما لو ضلّ الطريق. ولو استأجرها على أن توصله إلى مكان معيّن، لكن شرط عليه أن توصله في وقت كذا فتعذّر أو تخلّف، فالإجارة صحيحة بالاُجرة المعيّنة، لكن للمستأجر خيار الفسخ من جهة تخلّف الشرط، فإن فسخ ترجع الاُجرة المسمّاة إلى المستأجر ويستحقّ المؤجر اُجرة المثل. (مسألة 7): لوكان وقت زيارة عرفة، واستأجر دابّة للزيارة فلم يصل وفاتت منه صحّت الإجارة، ويستحقّ المؤجر تمام الاُجرة بلا خيار، ما لم يشترط عليه في عقد الإجارة إيصاله يوم عرفة، ولم يكن انصراف موجب للتقييد. (مسألة 8): لا يشترط اتّصال مدّة الإجارة بالعقد،، فلو آجر داره في شهر مستقبل معيّن صحّ، سواء كانت مستأجرة في سابقه أم لا، ولو أطلق تنصرف إلى الاتّصال بالعقد لو لم تكن مستأجرة، فلو قال: «آجرتك داري شهراً» اقتضى الإطلاق اتّصاله بزمان العقد. ولو آجرها شهراً وفهم الإطلاق ـ أعني الكلّي الصادق على المتّصل والمنفصل ـ فالأقوى البطلان. (مسألة 9): عقد الإجارة لازم من الطرفين، لا ينفسخ إلاّ بالتقايل، أو بالفسخ مع الخيار. والظاهر أنّه يجري فيه جميع الخيارات، إلاّ خيار المجلس وخيار الحيوان وخيار التأخير، فيجري فيها خيار الشرط وتخلّف الشرط والعيب والغبن والرؤية وغيرها. والإجارة المعاطاتيّة كالبيع المعاطاتي لازمة على الأقوى، وينبغي فيها الاحتياط المذكور هناك. (مسألة 10): لا تبطل الإجارة بالبيع، فتنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة في مدّتها. نعم للمشتري مع جهله بها خيار الفسخ، بل له الخيار لو علم بها وتخيّل أنّ مدّتها قصيرة فتبيّن أنّها طويلة، ولو فسخ المستأجر الإجارة أو انفسخت، رجعت المنفعة في بقيّة المدّة إلى المؤجر لا المشتري، وكما لا تبطل الإجارة ببيع العين المستأجرة على غير المستأجر، لا تبطل ببيعها عليه، فلو استأجر داراً ثمّ اشتراها بقيت الإجارة على حالها، ويكون ملكه للمنفعة في بقيّة المدّة بسبب الإجارة لا تبعيّة العين، فلو انفسخت الإجارة رجعت المنفعة في بقيّة المدّة إلى البائع، ولو فسخ البيع بأحد أسبابه بقي ملك المشتري المستأجر للمنفعة على حاله. (مسألة 11): الظاهر أنّه لا تبطل إجارة الأعيان بموت المؤجر ولابموت المستأجر، إلاّ إذا كانت ملكيّة المؤجر للمنفعة محدودة بزمان حياته فتبطل بموته، كما إذا كانت منفعة دار موصى بها لشخص مدّة حياته، فآجرها سنتين ومات بعد سنة. نعم لو كانت المنفعة في بقيّة المدّة لورثة الموصي أو غيرهم، فلهم أن يجيزوها في بقيّة المدّة، ومن ذلك ما إذا آجر العين الموقوفة البطن السابق ومات قبل انقضاء المدّة، فتبطل إلاّ أن يجيز البطن اللاحق. نعم لو آجرها المتولّي للوقف ـ لمصلحة الوقف والبطون اللاحقة ـ مدّة تزيد على مدّة بقاء بعض البطون، تكون نافذة على البطون اللاحقة، ولا تبطل بموت المؤجر ولابموت البطن الموجود حال الإجارة. هذا كلّه في إجارة الأعيان. وأمّا إجارة النفس لبعض الأعمال فتبطل بموت الأجير. نعم لو تقبّل عملاً وجعله في ذمّته لم تبطل بموته، بل يكون ديناً عليه يستوفى من تركته. (مسألة 12): لو آجر الوليّ الصبيّ المولّى عليه أو ملّكه مدّة مع مراعاة المصلحة والغبطة، فبلغ الرشد قبل انقضائها، فله نقض الإجارة وفسخها بالنسبة إلى ما بقي من المدّة، إلاّ أن تقتضي المصلحة اللازمة المراعاة فيما قبل الرشد، الإجارة مدّة زائدة على زمان تحقّقه، بحيث تكون بأقلّ منها خلاف مصلحته، فحينئذ ليس له فسخها بعد البلوغ والرشد. (مسألة 13): لو وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيباً سابقاً، كان له فسخ الإجارة إن كان ذلك العيب موجباً لنقص المنفعة، كالعرج في الدابّة، أو الاُجرة، كما إذا كانت مقطوعة الاُذن والذنب. هذا إذا كان متعلَّق الإجارة عيناً شخصيّة. ولو كان كلّيّاً وكان الفرد المقبوض معيباً فليس له فسخ العقد، بل له مطالبة البدل إلاّ إذا تعذّر، فله الفسخ. هذا في العين المستأجرة. وأمّا الاُجرة فإن كانت عيناً شخصيّة ووجد المؤجر بها عيباً، كان له الفسخ، فهل له مطالبة الأرش ؟ فيه إشكال. ولو كانت كليّة فله مطالبة البدل، وليس له فسخ العقد إلاّ إذا تعذّر البدل. (مسألة 14): لو ظهر الغبن للمؤجر أو المستأجر فله خيار الغبن إلاّ إذا شرط سقوطه. (مسألة 15): يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، والعمل في إجارة النفس على الأعمال، وكذا المؤجر والأجير الاُجرة بمجرّد العقد، لكن ليس لكلّ منهما مطالبة ما ملكه إلاّ بتسليم ما ملّكه، فعلى كلّ منهما وإن وجب التسليم، لكن لكلّ منهما الامتناع عنه إذا رأى من الآخر الامتناع عنه. (مسألة 16): لو تعلّقت الإجارة بالعين فتسليم منفعتها بتسليم العين. وأمّا تسليم العمل ـ فيما إذا تعلّقت بالنفس ـ فبإتمامه إذا كان مثل الصلاة والصوم والحجّ وحفر بئر في دار المستأجر، وأمثال ذلك ممّا لم يكن متعلّقاً بماله الذي بيد المؤجر، فقبل إتمام العمل لا يستحقّ الأجير مطالبة الاُجرة، وبعده لا يجوز للمستأجر المماطلة. نعم لو كان شرط منهما على تأدية الاُجرة كلاّ أو بعضاً قبل العمل صريحاً أو ضمنيّاً ـ كما إذا كانت عادة تقتضي التزام المستأجر بذلك ـ كان هو المتّبع، وأمّا إذا كان متعلّقاً بمال من المستأجر بيد المؤجر ـ كالثوب يخيطه والخاتم يصوغه وأمثال ذلك ـ ففي كون تسليمه بإتمام العمل كالأوّل، أو بتسليم مورد العمل كالثوب والخاتم، وجهان بل قولان، أقواهما الأوّل([991]). فعلى هذا لو تلف الثوب مثلاً بعد تمام العمل على نحو لا ضمان عليه، لا شيء عليه، ويستحقّ مطالبة الاُجرة. نعم لو تلف مضموناً عليه ضمنه بوصف المخيطيّة ـ لا بقيمته قبلها ـ على أيّ حال حتّى على الوجه الثاني; لكون الوصف مملوكاً له تبعاً للعين، وبعد الخروج عن عهدة الموصوف مع وصفه، تكون له المطالبة بالاُجرة المسمّاة لتسليم العمل ببدله. (مسألة 17): لو بذل المستأجر الاُجرة، أو كان له حقّ أن يؤخّرها بموجب الشرط، وامتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة، يجبر عليه، وإن لم يمكن إجباره فللمستأجر فسخ الإجارة والرجوع إلى الاُجرة، وله إبقاء الإجارة ومطالبة عوض المنفعة الفائتة من المؤجر. وكذا إن أخذها منه بعد التسليم بلا فصل أو في أثناء المدّة، لكن في الثاني لو فسخها تنفسخ بالنسبة إلى ما بقي من المدّة فيرجع إلى ما يقابله من الاُجرة. (مسألة 18): لو آجر دابّة من زيد فشردت بطلت الإجارة، سواء كان قبل التسليم أو بعده في أثناء المدّة، إن لم يكن بتقصير من المستأجر في حفظها. (مسألة 19): لو تسلّم المستأجر العين المستأجرة، ولم يستوف المنفعة حتّى انقضت مدّة الإجارة ـ كما إذا استأجر داراً مدّة وتسلّمها ولم يسكنها حتّى مضت المدّة ـ فإن كان ذلك باختيار منه استقرّت عليه الاُجرة. وفي حكمه ما لو بذل المؤجر العين المستأجرة، فامتنع المستأجر عن تسلّمها واستيفاء المنفعة منها حتّى انقضت. وهكذا الحال في الإجارة على الأعمال، فإنّه إذا سلّم الأجير نفسه وبذلها للعمل، وامتنع المستأجر عن تسلّمه ـ كما إذا استأجر شخصاً يخيط له ثوباً معيّناً في وقت معيّن، وامتنع من دفعه إليه حتّى مضى الوقت ـ فقد استحقّ عليه الاُجرة، سواء اشتغل الأجير ـ في ذلك الوقت مع امتناعه ـ بشغل آخر لنفسه أو غيره أو بقي فارغاً، وإن كان ذلك لعذر بطلت الإجارة، ولم يستحقّ المؤجر شيئاً من الاُجرة، إن كان ذلك عذراً عامّاً لم تكن العين معه قابلة لأن تُستوفى منها المنفعة، كما إذا استأجر دابّة للركوب إلى مكان، فنزل ثلج مانع عن الاستطراق، أو انسدّ الطريق بسبب آخر، أو داراً للسكنى فصارت غير مسكونة; لصيرورتها معركة أو مسبعة ونحو ذلك. ولو عرض مثل هذه العوارض في أثناء المدّة ـ بعد استيفاء المستأجر مقداراً من المنفعة ـ بطلت الإجارة بالنسبة، وإن كان عذراً يختصّ به المستأجر ـ كما إذا مرض ولم يتمكّن من ركوب الدابّة المستأجرة ـ ففي كونه موجباً للبطلان وعدمه وجهان، لا يخلو ثانيهما من رجحان([992]). هذا إذا اشترط المباشرة، بحيث لم يمكن له استيفاء المنفعة ولو بالإجارة، وإلاّ لم تبطل قطعاً. (مسألة 20): إذا غصب العين المستأجرة غاصب، ومنع المستأجر عن استيفاء المنفعة، فإن كان قبل القبض تخيّر بين الفسخ والرجوع بالاُجرة المسمّاة على المؤجر لو أدّاها وبين الرجوع إلى الغاصب باُجرة المثل، وإن كان بعد القبض تعيّن الثاني. (مسألة 21): لو تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة، وكذا بعده بلا فصل معتدّ به، أو قبل مجيء زمان الإجارة، ولو تلفت في أثناء المدّة بطلت بالنسبة إلى بقيّتها، ويرجع من الاُجرة بما قابلها، إن نصفاً فنصف، أو ثلثاً فثلث وهكذا. هذا إن تساوت اُجرة العين بحسب الزمان. وأمّا إذا تفاوتت تلاحظ النسبة، مثلاً: لو كانت اُجرة الدار في الشتاء ضعف اُجرتها في باقي الفصول، وبقي من المدّة ثلاثة أشهر الشتاء يرجع بثلثي الاُجرة المسمّاة، ويقع في مقابل ما مضى من المدّة ثلثها، وهكذا الحال في كلّ مورد حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء المدّة بسبب من الأسباب. هذا إذا تلفت العين المستأجرة بتمامها. ولو تلف بعضها تبطل بنسبته ـ من أوّل الأمر، أو في الأثناء ـ بنحو ما مرّ. (مسألة 22): لو آجر داراً فانهدمت بطلت الإجارة إن خرجت عن الانتفاع الذي هو مورد الإجارة بالمرّة، فإن كان قبل القبض، أو بعده بلا فصل قبل أن يسكن فيها، رجعت الاُجرة بتمامها، وإلاّ فبالنسبة كما مرّ. وإن أمكن الانتفاع بها من سنخ مورد الإجارة بوجه يعتدّ به عرفاً، كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء والفسخ، ولو فسخ كان حكم الاُجرة على حذو ما سبق. وإن انهدم بعض بيوتها، فإن بادر المؤجر إلى تعميرها ـ بحيث لم يفت الانتفاع أصلاً ـ ليس فسخ ولا انفساخ على الأقوى، وإلاّ بطلت الإجارة بالنسبة إلى ما انهدمت، وبقيت بالنسبة إلى البقية بما يقابلها من الاُجرة، وكان للمستأجر خيار تبعّض الصفقة. (مسألة 23): كلّ موضع كانت الإجارة فاسدة، تثبت للمؤجر اُجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة، أو تلفت تحت يده أو في ضمانه. وكذلك في إجارة النفس للعمل، فإنّ العامل يستحقّ اُجرة مثل عمله. والظاهر عدم الفرق في ذلك بين جهل المؤجر والمستأجر ببطلان الإجارة وعلمهما به. نعم لو كان البطلان من ناحية الإجارة بلا اُجرة أو بما لا يتموّل عرفاً لا يستحقّ شيئاً، من غير فرق بين العلم ببطلانها وعدمه. ولو اعتقد تموّل ما لا يتموّل عرفاً فالظاهر استحقاقه اُجرة المثل. (مسألة 24): تجوز إجارة المشاع، سواء كان للمؤجر الجزء المشاع من عين فآجره، أو كان مالكاً للكلّ وآجر جزءً مشاعاً منه كنصفه أو ثلثه، لكن في الصورة الاُولى لا يجوز للمؤجر تسليم العين للمستأجر إلاّ بإذن شريكه. وكذا يجوز أن يستأجر اثنان مثلاً داراً على نحو الاشتراك، ويسكناها معاً بالتراضي، أو يقتسماها بحسب المساكن بالتعديل والقرعة، كتقسيم الشريكين الدار المشتركة، أو يقتسما منفعتها بالمهاياة، بأن يسكنها أحدهما ستة أشهر مثلاً ثمّ الآخر، كما إذا استأجرا معاً دابّة للركوب على التناوب، فإنّ تقسيم منفعتها الركوبيّة لا يكون إلاّ بالمهاياة، بأن يركبها أحدهما يوماً والآخر يوماً مثلاً، أو يركبها أحدهما فرسخاً والآخر فرسخاً. (مسألة 25): لو استأجر عيناً ولم يشترط عليه استيفاء منفعتها بالمباشرة، يجوز أن يؤجرها بأقلّ ممّا استأجر وبالمساوي وبالأكثر. هذا في غير البيت والدار والدكّان والأجير، وأمّا فيها فلا تجوز إجارتها بأكثر منه([993]) إلاّ إذا أحدث فيها حدثاً من تعمير أو تبييض أو نحو ذلك، ولا يبعد([994]) جوازها ـ أيضاً ـ إن كانت الاُجرة من غير جنس الاُجرة السابقة. والأحوط إلحاق الخان والرحى والسفينة بها، وإن كان عدمه لا يخلو من قوّة. ولو استأجر داراً مثلاً بعشرة دراهم، فسكن في نصفها وآجر الباقي بعشرة دراهم ـ من دون إحداث حدث ـ جاز، وليس من الإجارة بأكثر ممّا استأجر([995]). وكذا لو سكنها في نصف المدّة وآجرها في باقيها بعشرة. نعم لو آجرها في باقي المدّة أو آجر نصفها بأكثر من عشرة لا يجوز. (مسألة 26): لو تقبّل عملاً من غير اشتراط المباشرة، ولا مع الانصراف إليها، يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الاُجرة وبالأكثر. وأمّا بالأقلّ فلا يجوز([996]) إلاّ إذا أحدث حدثاً، أو أتى ببعض العمل ولو قليلاً، كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهم ففصّله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً، فلا بأس باستئجار غيره على خياطته بالأقلّ ولو بعشر درهم أو ثمنه، لكن في جواز دفع متعلّق العمل ـ وكذا العين المستأجرة ـ إليه بدون الإذن إشكال، وإن لا يخلو من وجه([997]). (مسألة 27): الأجير إذا آجر نفسه ـ على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدّة معينة ـ لا يجوز له في تلك المدّة العمل لنفسه أو لغيره، لا تبرّعاً، ولا بالجُعالة أو الإجارة. نعم لا بأس ببعض الأعمال التي انصرفت عنها الإجارة ولم تشملها، ولم تكن منافية لما شملته. كما أنّه لو كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار، فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره، إلاّ إذا أدّى إلى ما ينافي الاشتغال بالنهار ولو قليلاً، فإذا عمل في تلك المدّة عملاً ممّا ليس خارجاً عن مورد الإجارة، فإن كان العمل لنفسه، تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الاُجرة إذا لم يعمل له شيئاً، أو بعضها إذا عمل شيئاً، وبين أن يُبقيها ويطالبه اُجرة مثل العمل الذي عمله لنفسه، وكذا لو عمل للغير تبرّعاً، ولو عمل للغير بعنوان الجُعالة أو الإجارة فله ـ مضافاً إلى ذلك ـ إمضاء الجُعالة أو الإجارة وأخذ الاُجرة المسمّاة. (مسألة 28): لو آجر نفسه لعمل مخصوص بالمباشرة في وقت معيّن، لا مانع من أن يعمل لنفسه أو غيره في ذلك الوقت ما لا ينافيه، كما إذا آجر نفسه يوماً للخياطة أو الكتابة، ثمّ آجر نفسه في ذلك اليوم للصوم عن الغير، إذا لم يؤدِّ إلى ضعفه في العمل، وليس له أن يعمل في ذلك الوقت ـ من نوع ذلك العمل ومن غيره ـ ممّا ينافيه لنفسه ولا لغيره، فلو فعل فإن كان من نوع ذلك العمل ـ كما إذا آجر نفسه للخياطة في يوم، فاشتغل فيه بالخياطة لنفسه أو لغيره تبرّعاً أو بالإجارة ـ كان حكمه حكم الصورة السابقة من تخيير المستأجر بين أمرين لو عمل لنفسه أو لغيره تبرّعاً، وبين اُمور ثلاثة لو عمل بالجعالة أو الإجارة، وإن كان من غير نوع ذلك العمل ـ كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة ـ فللمستأجر التخيير بين أمرين مطلقاً، من فسخ الإجارة واسترجاع الاُجرة، ومن مطالبة عوض المنفعة الفائتة. (مسألة 29): لو آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة ـ ولو في وقت معيّن، أومن غير تعيين الوقت ـ ولو مع اعتبار المباشرة، جاز له أن يؤجر نفسه للغير على نوع ذلك العمل أو ما يضادّه، قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه. (مسألة 30): لو استأجر دابّة للحمل إلى بلد في وقت معيّن، فركبها في ذلك الوقت إليه عمداً أو اشتباهاً، لزمته الاُجرة المسمّاة، حيث إنّه قد استقرّت عليه بتسليم الدابّة وإن لم يستوف المنفعة. وهل تلزمه اُجرة مثل المنفعة التي استوفاها أيضاً، فتكون عليه اُجرتان، أو لم يلزمه إلاّ التفاوت بين اُجرة المنفعة التي استوفاها واُجرة المنفعة المستأجر عليها ـ لو كان ـ فإذا استأجرها للحمل بخمسة فركبها، وكان اُجرة الركوب عشرة، لزمته العشرة، ولو لم يكن تفاوت بينهما لم تلزم عليه إلاّ الاُجرة المسمّاة ؟ وجهان، لا يخلو ثانيهما من رجحان، والأحوط التصالح. (مسألة 31): لو آجر نفسه لعمل، فعمل للمستأجر غير ذلك العمل بغير أمر منه ـ كما إذا استؤجر للخياطة فكتب له ـ لم يستحقّ شيئاً، سواء كان متعمّداً أم لا. وكذا لو آجر دابّته لحمل متاع زيد إلى مكان، فحمل متاع عمرو لم يستحقّ الاُجرة على واحد منهما. (مسألة 32): يجوز استئجار المرأة للإرضاع، بل للرضاع أيضاً، بأن يرتضع الطفل منها مدّة معيّنة وإن لم يكن منها فعل. ولا يعتبر في صحّة إجارتها لذلك إذن الزوج ورضاه، بل ليس له المنع عنها إن لم يكن مانعاً عن حقّ استمتاعه منها. ومع كونه مانعاً يعتبر إذنه أو إجازته في صحّتها. وكذا يجوز استئجار الشاة الحلوب للانتفاع بلبنها، والبئر للاستقاء منها، بل لا تبعد صحّة إجارة الأشجار للانتفاع بثمرها. (مسألة 33): لو استؤجر لعمل ـ من بناء وخياطة ثوب معيّن أو غير ذلك ـ لابقيد المباشرة، فعمله شخص آخر تبرّعاً عنه، كان ذلك بمنزلة عمله، فاستحقّ الاُجرة المسمّاة، وإن عمله تبرّعاً عن المالك لم يستحقّ المستأجر شيئاً، بل تبطل الإجارة لفوات محلّها، ولا يستحقّ العامل على المالك اُجرة. (مسألة 34): لا يجوز للإنسان أن يؤجر نفسه للإتيان بما وجب عليه عيناً كالصلوات اليوميّة، ولا ما وجب عليه كفائيّاً ـ على الأحوط ـ إذا كان وجوبه كذلك بعنوانه الخاصّ، كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. وأمّا ما وجب من جهة حفظ النظام وحاجة الأنام ـ كالصناعات المحتاج إليها والطبابة ونحوها ـ فلا بأس بالإجارة وأخذ الاُجرة عليها، كما أنّ إجارة النفس للنيابة عن الغير حيّاً وميّتاً ـ فيما وجب عليه وشرّعت فيه النيابة ـ لا بأس به. (مسألة 35): يجوز الإجارة لحفظ المتاع عن الضياع وحراسة الدور والبساتين عن السرقة مدّة معيّنة، ويجوز اشتراط الضمان عليه لو حصل الضياع أو السرقة، ولو من غير تقصير منه، بأن يلتزم في ضمن عقد الإجارة: بأنّه لو ضاع المتاع أو سُرق من البستان أو الدار شيء خسره، فتضمين الناطور ـ إذا ضاع ـ أمر مشروع لو التزم به على نحو مشروع. (مسألة 36): لو طلب من شخص أن يعمل له عملاً فعمل، استحقّ عليه اُجرة مثل عمله إن كان ممّا له اُجرة، ولم يقصد العامل التبرّع بعمله، وإن قصد التبرّع لم يستحقّ اُجرة، وإن كان من قصد الآمر إعطاء الاُجرة. (مسألة 37): لو استأجر أحداً في مدّة معيّنة لحيازة المباحات ـ كما إذا استأجره شهراً للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاستقاء ـ وقصد باستئجاره له ملكيّة ما يحوزه، فكلّ ما يحوز المستأجر في تلك المدّة يصير ملكاً للمستأجر، إذا قصد الأجير العمل([998]) له والوفاء بعقد الإجارة، وأمّا لو قصد ملكيّتها لنفسه تصير ملكاً له ولم يستحقّ الاُجرة، ولو لم يقصد شيئاً فالظاهر بقاؤها على إباحتها على إشكال. ولو استأجره للحيازة لا بقصد التملّك ـ كما إذا كان له غرض عقلائيّ لجمع الحطب والحشيش فاستأجره لذلك ـ لم يملك ما يحوزه ويجمعه الأجير مع قصد الوفاء بالإجارة، فلا مانع من تملّك الغير له. (مسألة 38): لا تجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة والشعير ـ بل ولا لما يحصل منها مطلقاً ـ بمقدار معيّن من حاصلها، بل وكذا بمقدار منها في الذمّة مع اشتراط أدائه ممّا يحصل منها. وأمّا إجارتها بالحنطة أو الشعير أو غيرهما، من غير تقييد ولا اشتراط بكونها منها، فالأقرب جوازها. (مسألة 39): العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر في مدّة الإجارة، فلا يضمن تلفها ولا تعيّبها إلاّ بالتعدّي والتفريط، وكذا العين التي للمستأجر بيد من آجر نفسه لعمل فيها، كالثوب للخياطة والذهب للصياغة، فإنّه لا يضمن تلفها ونقصها بدون التعدّي والتفريط. نعم لو أفسدها بالصبغ أو القصارة أو الخياطة حتّى بتفصيل الثوب ونحو ذلك، ضمن وإن كان بغير قصده، بل وإن كان اُستاذاً ماهراً وقد أعمل كمال النظر والدقّة والاحتياط في شغله. وكذا كلّ من آجر نفسه لعمل في مال المستأجر إذا أفسده ضمنه، ومن ذلك ما لو استُؤجر القصّاب لذبح الحيوان، فذبحه على غير الوجه الشرعي بحيث صار حراماً، فإنّه ضامن لقيمته، بل الظاهر كذلك لو ذبحه تبرّعاً. (مسألة 40): الختّان ضامن لو تجاوز الحدّ وإن كان حاذقاً، وفي ضمانه إذا لم يتجاوزه ـ كما إذا أضرّ الختان بالولد فمات ـ إشكال، أظهره العدم([999]). (مسألة 41): الطبيب ضامن([1000]) إذا باشر بنفسه العلاج، بل لا يبعد الضمان في التطبيب على النحو المتعارف وإن لم يباشر. نعم إذا وصف الدواء الفلاني، وقال: إنّه نافع للمرض الفلاني، أو قال: إنّ دواءك كذا، من دون أن يأمره بشربه فالأقوى عدم الضمان. (مسألة 42): لو عثر الحمّال فانكسر ما كان على ظهره أو رأسه مثلاً ضمن، بخلاف الدابّة المستأجرة للحمل إذا عثرت، فتلف أو تعيّب ما حملته، فإنّه لا ضمان على صاحبها إلاّ إذا كان هو السبب، من جهة ضربها أو سوقها في مزلق ونحو ذلك. (مسألة 43): لو استأجر دابّة للحمل لم يجز أن يحمّلها أزيد ممّا اشترط، أو المقدار المتعارف لو أطلق، فلو حمّلها أزيد منه ضمن تلفها وعوارها. وكذلك إذا سار بها أزيد ممّا اشترط. (مسألة 44): لو استُؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلاّ مع التقصير أو اشتراط الضمان. (مسألة 45): صاحب الحمّام لا يضمن الثياب وغيرها إن سرقت، إلاّ إذا اُودعت عنده وفرّط أو تعدّى. (مسألة 46): لو استأجر أرضاً للزراعة فحصلت آفة أفسدت الحاصل لم تبطل الإجارة، ولا يوجب ذلك نقصاً في الاُجرة. نعم لو شرط على المؤجر إبراءه من الاُجرة بمقدار ما نقص أو نصفاً أو ثلثاً منه مثلاً، صحّ ولزم الوفاء به. (مسألة 47): تجوز إجارةُ الأرض ـ للانتفاع بها بالزرع وغيره ـ مدّة معلومة، وجعل الاُجرة تعميرها، من كري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار، وتسوية الأرض، وإزالة الأحجار، ونحو ذلك، بشرط أن يعيّن تلك الأعمال على نحو يرتفع الغرر والجهالة، أو كان تعارف مغن عن التعيين. __________________________________________ [988] ـ على ما مرّ في المتن في المسألة الرابعة من شرائط المتعاقدين. [989] ـ بل يكفي على الظاهر كفاية مقدورية التسلّم، كما في البيع. [990] ـ بل صحّ إجارة ولا جهالة لا في العمل ولا في الاُجرة، وإنّما الجهالة في استحقاق العمل، وهي قابلة للرفع بجعل الاختيار بيد العامل. [991] ـ بل الثاني; لأنّ الإجارة وإن كانت متعلّقة بالخياطة، لكن مالية مثل الخياطة تكون بتسليمه، وهو كون الثوب مخيط. ولابدّ للأجير من تسليم ما يكون مالا ليأخذ ما يقابله من الاُجرة، فتسليم العمل والمنفعة يكون بتسليم مورده. [992] ـ بل الأوّل. [993] ـ على الأحوط. [994] ـ عدم البعد غير ثابت، والأحوط ترك الإجارة كذلك أيضاً. [995] ـ أي حكماً وكذلك في الفرع التالي. [996] ـ على الأحوط. [997] ـ لكنّه غير موجّه، والأحوط عدم الدفع. [998] ـ بل وفيما إذا قصد لنفسه أو لم يقصد أصلاً أيضاً، وذلك للغوية القصد كذلك، والقصد غير مؤثّر في سلب ملكية المستأجر منفعة الأجير وعمله. [999] ـ فيما لم يكن التلف مستنداً إلى فعله، بأن كان لجهة خاصّة في المختون بحيث كانت الختنة بما هي هي غير موجبة لتلفه، نعم مع احتمال الختان ذلك، لا يجوز له الختان، ويكون ضامناً، وبالجملة الضمان فيه موقوف على الاستناد إليه أو عدم احتياطه وعدم مبالاته بحيث يكون الختان عليه غير جائز. [1000] ـ عدم الضمان في الموارد التي ترجع إلى عدم القدرة والعجز من جهة جهل البشر وعدم وصول العلم إليه لا يخلو من قوّة بل هو الأقوى، لأنّ السبب هو الجهل، والتلف منتسب إليه، ونسبته إلى المباشر ضعيف بجهله، فالسبب أقوى من المباشر، وضمان الطبيب بما هو لادليل عليه إلاّ ما في موثّقة السكوني من قوله(عليه السلام): «من تطبّب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه وإلاّ فهو له ضامن»(أ)، ومن الظاهر أن المتطبّب من باب التفعّل، وهو المنتمي نفسه إلى الطبابة، وذلك بخلاف الطبيب، كما لا يخفى. أ ـ وسائل الشيعة 29: 260، كتاب الديات، أبواب موجبات الضمان، الباب 24، الحديث 1.
|