|
2 ـ اشتمال كتب الضلال على البدعة
ذهب الشهيد في «الدروس»([71])، والمحقق الأردبيلي في «مجمع الفائدة»([72])، والمغفور له السيد جواد العاملي في «مفتاح الكرامة»([73])، بذكرهم العنوان أعلاه في بحث كتب الضلال، إلى أن هذه الكتب يجب دفعها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر; فضمن تعداده للأدلّة المحرّمة في هذا البحث، ذكر المحقق الأردبيلي «اشتمال كتب الضلال على البدعة» أحد هذه الأدلّة، فقال: «ولعلّ دليل التحريم... وأنها مشتملة على البدعة، ويجب رفعها من باب النهي عن المنكر».
الجواب أوّلا: جاء في تعريف البدعة أنها إحداث معتقد أو عادة أو ديانة في مجال الدين، لم يرد به شيء في القرآن وسنة النبي والأئمة([74])، ويطلق السيد المرتضى عنوان: البدعة، على إنقاص أو زيادة أمر في الدين من طقوس أو...([75]). ومع الأخذ بعين الاعتبار هذا التعريف يكون التمسك بدليل البدعة ووجوب رفعها تمسّكاً بالدليل الأخصّ من المدعى، لأن الكثير جداً من كتب الضلال ليس بدعةً، وكاتبها لا يكتبها بوصفه معارضاً للدين، اللهم إلا أن يُخصّ هذا الدليل بكتب البدعة، لا سيما وأن الشهيد الأوّل في «الدروس» وضع كتب البدعة إلى جانب كتب الضلال، حيث قال: «يحرم نسخ الكتب المنسوخة، وتعلّمها، وكتب أهل الضلال والبدع، إلا لحاجة من نقض أو حجة أو تقية»، وإذا كان العطف هنا تفسيرياً أي كان تفسيراً لكتب الضلال، فإن دليله هنا سيواجه مشكلةً، أما لو كان من باب ذكر الخاص بعد العام وكان دليل التحريم ناظراً للبدعة لا للضلال، فإن المشكلة سترتفع تلقائياً. أما فيما يخصّ كلمات المحقق الأردبيلي حيث قال: «... وأنها مشتملة على البدعة، ويجب رفعها من باب النهي عن المنكر» فينقاش بأنه في حال اشتمال هذه الكتب على البدعة يجب أن نبحث في أنه إذا اشتمل كتاب على فكرة حرام هل حفظ هذا الكتاب بأكمله يكون حراماً أم أن المحرّم هو حفظ ذاك القسم الخاص بالبدعة؟ ثانياً: الذي نراه أن هناك فرقاً بين النهي عن المنكر من جهة ورفع المنكر وإنكاره من جهة أخرى، فالنهي هو الحيلولة ـ فقط ـ عن صدور المنكر من خلال الكلام واللسان، ولا يجوز التصرّف في أموال الآخرين وأنفسهم بحجة هذا العنوان إطلاقاً([76]). وفي خاتمة المطاف نقول: كل ما قلناه في التعليق على قضية رفع المنكر سابقاً يجري هنا أيضاً. ___________________________________ [71] . الدروس الشرعية: 326. [72] . مجمع الفائدة والبرهان 8: 75. [73] . مفتاح الكرامة 4: 62. [74] . دائرة المعارف تشيّع 3: 145. [75] . المصدر نفسه، نقلا عن الحدود والحقائق. [76] . لمزيد من الاطلاع، انظر: الفقه والحياة، بحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
|