|
1 ـ كلمات الأصحاب في تبيين مفهوم «الضلال»
يقول السيد محمد جواد العاملي في «مفتاح الكرامة»: «... المدار على اختلاف الأغراض والمقاصد وترتب المصالح والمفاسد، فما وضع أو حفظ للاستدلال على تقوية الضلال الإسلامي أو الإيمان أو الضلال المخالف للحكم الشرعي الثابت بالدليل القطعي، يجب اتلافه من غير ضمان»، ثم ميّز بين الكتب التي تكتفي بذكر الأحكام دون استدلال ـ مثل كتب الفقه والحديث عند غير الشيعة ـ وتلك التي تكون من النوع المتقدم أعلاه، فالحكم يختلف فيهما، من هنا; يحكم بإتلاف المجموعة الأولى أعلاه وجوباً، فيما يكون حكم المجموعة الثانية هو حرمة حفظها واستنساخها([12]).
ويكتب المغفور له النراقي في بيان المراد من الكتب الضالة فيقول: «المراد بالضلال ما خالف الحق، كما يخالف الضروري أو بحسب علم المكلف خاصّة، وأما ما خالفه بحسب ظنّه فلا»([13]). ويكتب الشيخ الأنصاري في «المكاسب» ـ بعد الإشارة إلى ضرورة تنقيح عنوان البحث ـ فيقول: «فلابدّ من تنقيح هذا العنوان وأن المراد بالضلال ما يكون باطلا في نفسه; فالمراد الكتب المشتملة على المطالب الباطلة، أو أن المراد به مقابل الهداية; فيحتمل أن يراد بكتبه ما وضع لحصول الضلال، وأن يراد ما أوجب الضلال وإن كان مطالبها حقة، كبعض كتب العرفاء والحكماء»([14]). أما صاحب الجواهر، فوضع عنوان «الرشاد» مقابل عنوان الضلال، وبهذا أدخل في عنوان كتب الضلال تمام الكتب غير المفيدة([15]). وكما لاحظنا، فإن نظرية السيد جواد العاملي والشيخ محمد حسن النجفي فيما ينسبه إلى أستاذه كاشف الغطاء، من أنها التي «وضعت للاستدلال على تقوية الضلال»([16])... تستدعي إقحام دوافع الفرد نفسه من وراء تأليف الكتاب أو حفظه; لأن الدافع له تأثير خاص على بلورة مفهوم كتب الضلال; أما على أساس نظرية الشيخ الأنصاري والتركيز على تأثيرات الكتاب على المجتمع، فلا أهمية أساسية لدوافع الفرد; إنما المهم تلك الآثار الخارجية للفعل، وأما على أساس نظرية صاحب الجواهر فالمهم هو طبيعة الشيء المكتوب: هل هو مفيد أم غير مفيد؟ بصرف النظر عن الدوافع والتأثيرات. من هنا، فالذي يبدو ـ قبل أيّ حكم أو تقييم مسبقين ـ أنه من الضروري دراسة الأدلّة والمستندات بدقة، حتى نتمكن ـ عبرها ـ من تحديد الشروط والقيود اللاحقة للحكم هنا أو دائرته ونطاقه، فتكون واضحةً أمامنا. ___________________________________________ [12] . مفتاح الكرامة 4: 63. [13] . مستند الشيعة 14: 157. [14] . المكاسب المحرمة: 30. [15] . جواهر الكلام 22: 58. [16] . مفتاح الكرامة 4: 63; وجواهر الكلام 22: 58.
|