|
مصباح [10] في حكم ماء الغيث وإن لم يجر من الميزاب
مصباح [10]
[ في حكم ماء الغيث وإن لم يجر من الميزاب ] المشهور بين الأصحاب الحكم بطهارة ماء الغيث، وإن لم يجر من ميزاب [1435] ونحوه*. وبه قال الشيخ في النهاية [1436]، وابن إدريس [1437]، والمحقّق [1438]، والعلاّمة [1439]، والشهيد [1440]، والسيوري [1441]، وابن فهد [1442]، وابن القطّان [1443]. * ـ جاء في حاشية «ش»: «في المعالم [1444] والمدارك [1445]: قول أكثر الأصحاب ومنهم الفاضلان والشهيدان وغيرهم، وفي الذخيرة [1446] وشرح الدروس [1447]: إنّه المشهور بين الأصحاب» منه (قدس سره). والصيمري [1448]، والمحقّق الكركي [1449]، وولده [1450]، والشهيد الثاني [1451]، وسبطه [1452]، والشيخ البهائي [1453]، وغيرهم [1454]. وقال الشيخ في التهذيب: «ماء المطر إذا جرى من الميزاب فحكمه حكم الماء الجاري، لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونه، أو طعمه، أو ريحه» [1455]. وقال في المبسوط، في فصل المياه: «ومياه الميازيب الجارية من المطر حكمها حكم الماء الجاري، سواء» [1456]. وقال في أحكام النجاسات: «وإذا أصاب الثوب ماء المطر وقد خالطه شيء من النجاسة، فإن كان جارياً من الميزاب، فلا ينجس الثوب ولا البدن، ما لم يتغيّر أحد أوصاف الماء، لأنّ حكمه حكم الجاري» [1457]. وظاهر كلامه (رحمه الله) في الكتابين اشتراط الجريان من الميزاب. قال في المعالم: «وتبعه في ذلك صاحب الجامع» [1458]. وحكى فى الروض [1459] التخصيص بالجاري من الميزاب عن الشيخ، وعزى التعميم إلى باقي الأصحاب، ومال فيه إلى التخصيص. وقال ابن حمزة: «وحكم الماء الجاري من المشعب من ماء المطر كذلك» [1460]. أي كالجاري. قال في القاموس: «والمشعب: الطريق، وكمَنْبَر: المثقب» [1461]. وقال: «المثقب ـ كمقعد ـ: الطريق العظيم» [1462]. والظاهر أنّ المراد به هنا مطلق المجرى، من ميزاب ونحوه. وحكى في كشف اللثام، عن ظاهر التهذيب، والمبسوط، والوسيلة، والجامع: اعتبار الجريان من الميزاب. ثمّ قال: والظاهر اعتبار مسمّى الجريان الحاصل بانتقال ماء المطر من مكان إلى مكان، كجريان الماء في أعضاء الطهارة [1463]. واحتمل أن يكون ذلك هو مراد الشيخ ومن وافقه. وفي المدارك: «ولو قيل باعتبار مطلق الجريان لم يكن بعيداً إلاّ أنّ عدم اعتبار ذلك مطلقاً أقرب» [1464]. وفي الكفاية: «ولا يبعد اعتبار الجريان في الجملة، وإن لم يصل إلى حدّ الجريان من الميزاب، وإن كان ذلك أحوط» [1465]. واستجود الفاضل الأردبيلي [1466] قول الشيخ إن حمل الميزاب فيه على التمثيل، وأُريد به الجريان مطلقاً، حقيقةً كان أو حكماً، وادّعى أنّه المستفاد من الأخبار. وقال المحقّق الكركي في تعليقات الإرشاد: «ولا يشترط جريانه من ميزاب، خلافاً للشيخ. نعم لا بدّ أن يكون فيه فضل قوّة، فلا يعتدّ بنحو القطرات اليسيرة» [1467]. وقال الشهيد في الروض: «متى لم نعتبر الميزاب، كما هو مذهب أكثر الأصحاب، فلا بدّ من فضل قوّة للمطر، بحيث يصدق عليه اسمه، فلا يعتدّ بنحو القطرات اليسيرة. وكان بعض من عاصرناه من السادة الفضلاء [1468] يكتفي في تطهير الماء النجس بوقوع قطرة واحدة عليه. وليس ببعيد، وإن كان العمل على خلافه» [1469]. وحكى ولده في المعالم [1470] هذا القول وغلط القائل به، وذبّ عنه في الذخيرة [1471]، وشرح الدروس [1472]. [ الأقوال في المسألة: ] وقد علم ممّـا حكيناه أنّ في المسألة ستّة أقوال: الأوّل: طهارة الماء النازل من السماء مطلقاً، ولو كان قطرة واحدة، وهو اللازم ممّـا حكاه في الروض [1473] ونفى عنه البعد. وهذا أوسع الأقوال، وأضعفها. الثاني: اشتراط القوّة المصحّحة لإطلاق اسم الغيث والمطر عرفاً، سواء قلّ أو كثر، جرى أو لم يجر. وهو المشهور. الثالث: اعتبار الكثرة والجريان، ولو بالقوّة. وهو اختيار الفاضل الأردبيليّ [1474]. الرابع: اعتبار مسمّى الجريان بالفعل، وإن لم يجر من ميزاب ونحوه، وهو خيرة كشف اللثام، والمنفي عنه البعد في المدارك، والكفاية [1475]. الخامس: اشتراط الجريان من المشعب، ميزاباً كان أو مثله. وهو ظاهر قول ابن حمزة [1476]. السادس: اشتراط الجريان من الميزاب. وهو ظاهر قول الشيخ [1477]، وهذا أضيق الأقوال في المسألة، ما لم يصرف عن ظاهره. وجملة القول فيه: أنّ ذكر الميزاب إمّا للتعيين، أو التمثيل. وعلى الثاني: فالتمثيل إمّا لبيان المقدار، أو في أصل الجريان. وعلى التقادير فالمراد بالجريان: إمّا خصوص الجريان حقيقةً، أو ما يعمّ ذلك والجريان حكماً، بأن يبلغ ماء المطر من الكثرة حدّ الجريان من الميزاب ونحوه، وإن لم يجر منهما، أو حدّ الجريان مطلقاً، وإن لم يجر أصلا. وعلى كلّ تقدير، فالحكم إمّا مخصوص بنفس الجاري حقيقةً، أو حكماً، أو المراد ثبوته لماء المطر مطلقاً حال جريانه في بعض المواضع تحقيقاً، أو تقديراً. ثمّ التقدير: إمّا أن يعتبر في الماء خاصّة، أو فيه وفي الأرض أيضاً، بأن يعتبر وسطاً في الصلابة والرخوة، فلا يكون صخراً ينحدر عنه الماء سريعاً، ولا رملا يغور فيه ولا يجري عليه. وعبارة الوسيلة يحتمل ما يحتمله كلام الشيخ، غير أنّ الظاهر فيها الاكتفاء بمطلق الجري، بخلاف ما قاله الشيخ ; فإنّ ظاهره اعتبار الميزاب. وعلى بعض الوجوه يرتفع الخلاف بينهما، بل الخلاف بينهما أيضاً وبين القول الثالث والرابع، فيعود إلى اعتبار الكثرة أو الجريان في الجملة. وربما رجع القول الرابع إلى الثالث، فيبقى النزاع فيه وفي طهارة القطرة والقطرات، وتعود الأقوال في المسألة إلى ثلاثة. [ القول المختار والاستدلال عليه: ] وكيف كان، فالمعتمد: عدم اشتراط الكثرة والجريان. لنا: الأصل، والعمومات، وظاهر الكتاب [1478]، وفتوى الأصحاب [1479]، وعدم ثبوت المخالف الناصّ، وعسر الاحتراز عن ماء المطر وطينه، وظاهر السيرة القاضية بعدم التوقّي عنهما، والنصوص المستفيضة الدالّة على طهارتهما مطلقاً، كقول الصادق (عليه السلام): «كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر» [1480]. وقوله (عليه السلام): «طين المطر لا ينجس» [1481]. وقول الكاظم (عليه السلام) في طين المطر: «أنّه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيّام إلاّ أن يُعلم أنّه قد نَجَّسه شيءٌ بعد المطر» [1482]. وقوله (عليه السلام) في الصحيح، عن الرجل يمرّ في ماء المطر، وقد صُبَّ فيه خمر، فأصاب ثوبه، هل يصلّي فيه قبل أن يغسله ؟ قال: «لا يغسل ثوبه ولا رجله، ويصلّي فيه، فلا بأس ]به[» [1483]. وقول الصادق (عليه السلام) في الصحيح، عن السطح يبال عليه، فتصيبه السماء، فيكف فيصيب الثوب ؟ فقال: «لا بأس به، ما أصابه من الماء أكثر منه» [1484]. وفي الخبر، وقد سئل عن الكنيف يكون خارجاً، فتمطر السماء، فتقطر عليّ القطرة ؟ قال: «ليس به بأس» [1485]. ولا يقدح: ضعف الإسناد في بعضها [1486] ; لانجباره بالشهرة وغيرها. ولا اختصاص البعض بالوارد على النجس ; لعدم الفرق بين الورودين عندنا. ولا تناولها لما بعد النزول ; لأنّ العامّ المخصَّص حجّة في الباقي. [ مناقشة الأقوال الأُخر: ] ويلزم القائل بالجريان: نجاسة المياه الكثيرة المجتمعة من الأمطار الغزيرة في الأرض المستوية، وهو معلوم البطلان. والقائل باشتراط الميزاب: نجاستها، وإن جرت في الأراضي المنحدرة، بل وإن صارت كالأنهار العظيمة ; وفساده أوضح من سابقه. وقد يستدلّ على ذلك [1487] أيضاً بأنّ عدم انفعال ماء الغيث لو توقّف على الكثرة أو الجريان، كان المجتمع منه في المحلّ النجس على التدريج قبل حصول أحد الأمرين نجساً، وطهره إذا أكثر أو جرى إمّا بنفس الكثرة والجريان، أو بالقطرات الأخيرة التي بها يحصل أحدهما، أو كلاهما، بعيد جدّاً [1488]، بل فاسد قطعاً، فتعيّن القول بالطهارة مطلقاً، وهو المطلوب. ويضعّف بورود نظيره على المشهور في القطرات اليسيرة قبل حصول القوّة المصحّحة ; لإطلاق الإسم. والجواب عنهما واحد، وهو أنّ بلوغ النازل على التدريج إلى الحدّ المعتبر كاشف عن طهارته من أوّل الأمر، والمحذور إنّما يلزم لو قيل بنجاسته بالملاقاة وطهارته إذا بلغ الحدّ المذكور، ولم يقل بذلك أحد. [ حجّة القول بالجريان وجوابه: ] احتجّ من قال بالجريان بما رواه الشيخ والكليني (قدس سرهما)، عن هشام بن الحكم، في الحسن، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في ميزابين سالا، أحدهما بول والآخر ماء المطر، فاختلطا فأصاب ثوب رجل: «لم يضرّه ذلك» [1489]. وعن محمّد بن مروان، وفي الكافي عنه، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: «لو أنّ ميزابين سالا، أحدهما ميزاب بول والآخر ميزاب ماء، فاختلطا، ثمّ أصابك، ما كان به بأس» [1490]. ومارواه الشيخ والصدوق، في الصحيح، عن عليّ بن جعفر، أنّه سأل أباالحسن (عليه السلام) عن البيت يبال على ظهره، ويغتسل فيه من الجنابة، ثمّ يصيبه المطر [1491]، أيؤخذ من مائه فيتوضّأ به للصّلاة ؟ فقال: «إذا جرى فلا بأس به» [1492]. وما رواه عليّ بن جعفر في كتابه، عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة، فيصيب الثوب، أيصلّي فيه قبل أن يغسل؟ قال: «إذا جرى به المطر فلا بأس» [1493]. وما رواه أيضاً في كتابه، والحميري بإسناده عنه، عن أخيه (عليه السلام)، قال: سألته عن الكنيف يكون فوق البيت، فيصيبه المطر، فيَكفُ فيصيب الثياب، أيصلّى فيها قبل أن تُغسل؟ قال: «إذا جرى من ماء المطر فلا بأس ]يصلّي فيها[» [1494]. والجواب عن حديثي الميزابين ـ بعد ردّ الثاني إلى الأوّل، أو البناء على كونه نقلا بالمعنى، وتخصيصها بحالة الاتّصال ـ: أنّ أقصى ما دلاّ عليه طهارة المطر الجاري من الميزاب، دون اشتراط الجريان، والخلاف في الثاني دون الأوّل، والحكم بالطهارة فيهما مبنيّ على عدم العلم بالمصيب، أو العلم بكونه الماء دون البول، أو استهلاك البول في الماء وصيرورته به ماءً مطلقاً وإلاّ فالبول لا يقبل التطهير مع بقاء عينه. وأمّا صحيحة عليّ بن جعفر [1495] ـ وهي العمدة في اعتبار هذا الشرط ـ فالجواب عنها من وجوه: الأوّل: أنّ الشرط فيها وارد مورد الواقع، كما في قوله تعالى: (إنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) [1496] ; فإنّ ظاهر السؤال بلوغ المطر حدّ الجريان، وفائدة الشرط التنصيص على مورد السؤال. الثاني: أنّ الأخذ ممّـا أصاب السطح من المطر إنّما يتأتّى غالباً على تقدير جريانه من ميزاب أو غيره، وبدونه لا يتحقّق الأخذ إلاّ على فرض بعيد. وعلى هذا فيكون اعتبار الجريان للتمكّن من الأخذ، لا لنجاسة الماء إذا انتفى الجريان. الثالث: أنّ المراد بالجريان تدافق المطر وتكاثره، والمقصود الاحتراز عن القطرات اليسيرة التي لا يعتدّ بها. الرابع: أنّ اعتبار الجريان لأنّه بدونه مظنّة التغيير بنجاسة السطح ; فإنّ قوله: «يبال عليه» يدلّ على تكرّر وقوع ذلك فيه، بل كونه كالمعدّ له ; ولا ريب أنّ للبول مع ذلك أثراً باقيا محسوساً، فإذا كان المطر قليلا لا يبلغ حدّ الجريان، لزمه التغيير به، فينجس بالتغيير، دون الملاقاة. الخامس: أنّ المراد نفي البأس به حال جريانه ونزوله، والغرض المنع من أخذه بعد الانقطاع، بناءً على عدم طهارة السطح بمجرّد وصول ماء المطر إليه ; فإنّه إذا لم يطهر به وبقي فيه شيء بعد الانقطاع فإنّه ينجس بمحلّه النجس، فلم يجز استعماله في الطهارة. السادس: أنّ المنع من الوضوء منه لا ينحصر وجهه في النجاسة ; إذ ربما كانت جهة المنع كونه بعد الانقطاع غسالةٌ غير رافعة للحدث. السابع: أنّ أقصى ما تدلّ عليه الرواية ثبوت البأس في أخذ ذلك الماء للوضوء مع عدم الجريان، وهو أعمّ من النجاسة، فلعلّ وجهه توقّف النظافة عليه. قاله في المدارك [1497]. الثامن: أنّ مقتضى الحديث إناطة بعض الأحكام بالجريان، وهو لا ينافي ثبوت غيره بدونه. قاله في المعالم [1498]. التاسع: حمل الجريان على النزول من السماء، كما قاله العلاّمة (رحمه الله) [1499]، وردّ بأنّه اشتراط لا طائل تحته، وأُجيب بأنّه تعليل لا شرط، والمعنى: «لا بأس به، لأنّه جرى»، أي: نزل من السماء، وهو كما ترى. العاشر: أنّ الرواية لا تدلّ على الاشتراط ; فإنّه لو لم يكن طاهراً لم يطهّره الجريان. قاله المحقّق ـ طاب ثراه ـ في المعتبر [1500]، واستشكله صاحب المدارك [1501] وغيره [1502]. والذي يلوح منه أنّه حمل اشتراط الجريان في قول الشيخ ومن وافقه على توقّف الطهارة على حصول الجريان، بمعنى أنّه إذا جرى، ثمّ لاقى نجاسةً لم ينفعل بها، لا أنّه إذا لاقى النجاسة، ثمّ جرى كان طاهراً، لأنّه على هذا التقدير ينجس بالملاقاة، فلا يطهر بالجريان، لأنّ الماء المحكوم بنجاسته حال استقراره باق على نجاسته، وإن جرى، إجماعاً. وفيه: ما عرفت من أنّ مذهب القائل [1503] بالجريان طهارة ماء المطر الملاقي للنجاسة من حين نزوله، لكن بشرط بقاء التقاطر إلى حدّ الجريان، والطهر [1504] بالجريان إنّما يلزم لو قال بنجاسته بالملاقاة وطهارته إذا جرى، وليس كذلك. وأمّا رواية عليّ بن جعفر الثانية [1505]: فيمكن الجواب عنها: أوّلا: بالطعن في السند، وما قيل من صحّة كتاب عليّ بن جعفر، فهو مبنيّ على تواتر نسبته إليه، وهو ممنوع، والظاهر أنّه يتبع حال السند المذكور في أوّله، وهو مشتمل على عدّة مجاهيل*. * ـ جاء في حاشية «د» و«ش»: «ففي البحار [1506] رواية كتاب المسائل: عن أحمد بن موسى بن جعفر بن أبي العباس، عن أبي جعفر بن يزيد بن النضر الخراساني، عن علي بن الحسن العلوي، عن علي بن جعفر». منه (قدس سره). وثانياً: بأنّ الجريان إنّما اعتبر فيها تبعاً للسؤال ; فإنّه قد أُخذ فيه ذلك صريحاً. وثالثاً: بأنّ الظاهر من قوله (عليه السلام): «إذا جرى به المطر فلا بأس»، اشتراط جريان المطر بما في المكان من العذرة، وليس ذلك شرطاً في الطهارة إجماعاً ; إذ غاية الأمر اشتراط الجريان في المكان، وأمّا الجريان بما فيه فلا. وأمّا روايته الثالثة [1507]: فلا دلالة فيها على الاشتراط بوجه ; فإنّ المراد من قوله: «إذا جرى من ماء المطر فلا بأس»، نفي البأس عمّـا يصيب الثوب من ماء المطر، والغرض الاحتراز عن إصابة ما في الكنيف، فهي في الحقيقة من دلائل المشهور. [ حجّة القول باعتبار الكثرة، الجواب عنها: ] احتجّ من قال باعتبار الكثرة: بما رواه الصدوق في الفقيه، عن هشام بن سالم، أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن السطح يبال عليه، فتصيبه السماء، فيكفُ، فيصيب الثوب، فقال: «لا بأس به، ما أصابه من الماء أكثر منه» [1508]. فإنّ قوله (عليه السلام): «ما أصابه من الماء أكثر منه» بمنزلة التعليل لنفي البأس، فيفهم منه ثبوته إذا لم يكن كذلك. والجواب عنه: أمّا أوّلا: فبأنّ المراد بالأكثريّة هنا القهر والغلبة، دون الكثرة المقداريّة، فإنّ البول الجافّ لا مقدار له. وأمّا ثانياً: فبأنّ أكثريّة الماء بالقياس إلى البول لا يقتضي تحقّق الجريان فيه ; إذ ربما لم يجر، وهو أكثر منه. وأمّا ثالثاً: فباحتمال رجوع الضمير في قوله: «ما أصابه» إلى الثوب، والمعنى: إنّ القطرة الواصلة إلى الثوب أكثر من البول الذي أصابه. وأمّا رابعاً: فبأنّ انتفاء العلّة المنصوصة لا يقتضي انتفاء المعلول، وإن كان اطّرادها يقتضي اطّراده، بناءً على حجّية منصوص العلّة. [ حجّة القول بطهارة القطرة والقطرات: ] احتجّ القائل بطهارة القطرة والقطرات بعموم قوله (عليه السلام): «كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر» [1509]، والتطهير يستلزم الطهارة. والجواب: المنع من التسمية ; فإنّ المفهوم عرفاً من ماء المطر ما هو أكثر من ذلك. لا يقال: لو نجست القطرة بالملاقاة لنجس الأكثر منها ; فإنّ المطر ليس إلاّ القطرات النازلة، فمتى لم تعصم القطرة نفسها عن الانفعال، لم تعصم بغيرها، فإنّه قطرة مثلها. لأنّا نمنع الملازمة، ومن الجائز تقوّي القطرة باتّصال التقاطر، كتقوّي الجرية باتّصال الجاري، وهو واضح. _______________________________________________________ [1435]. في «ل»: الميزاب. [1436]. اعلم أنّ الشيخ (رحمه الله) في النهاية أطلق الحكم بطهارة ماء المطر مالم يغلب النجاسة عليه. راجع: النهاية: 54. [1437]. السرائر 1: 184. [1438]. شرائع الإسلام 1: 47. [1439]. كما في نهاية الإحكام 1: 229، ومنتهى المطلب 1: 29. [1440]. كما في البيان 98، وذكرى الشيعة 1: 79. [1441]. التنقيح الرائع 1: 39. [1442]. الموجز (المطبوع ضمن الرسائل العشر) : 36. [1443]. معالم الدين في فقه آل يس (مخطوط) : 3. [1444]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 311. [1445]. مدارك الأحكام 2: 375، وصرّح فيه إلى أنّه مذهب أكثر الأصحاب. [1446]. ذخيرة المعاد: 120، السطر 44. [1447]. مشارق الشموس: 211، السطر 8. [1448]. كشف الالتباس 1: 45. [1449]. جامع المقاصد 1: 112. [1450]. لايوجد لدينا كتابه. [1451]. مسالك الأفهام 1: 130. [1452]. هو السيّد العاملي في مدارك الأحكام 2: 377. [1453]. حبل المتين (المطبوع ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين) : 115. [1454]. كالمحدّث البحراني في الحدائق الناضرة 1: 217 ـ 218. [1455]. التهذيب 1: 436، الزيادات في باب المياه، ذيل الحديث 15، وفيه: «أو رائحته». [1456]. المبسوط 1: 6. [1457]. نفس المصدر: 39. [1458]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 311. [1459]. روض الجنان 1: 372. [1460]. الوسيلة: 73. ورد فيه بلفظ «مثعب»، بدل «مشعب»، وهو كما في لسان العرب: 2: 98، «ثعب»: «بالفتح، واحد مثاعب: الحياض». [1461]. القاموس المحيط 1: 88، «شعب». [1462]. نفس المصدر: 41، «ثقب». [1463]. كشف اللثام 1: 258 و259، نقل بالمضمون. [1464]. مدارك الأحكام 2: 377. [1465]. كفاية الأحكام 1: 49. [1466]. مجمع الفائده والبرهان 1: 256، قال فيه: «فينبغي حمل مذهب الشيخ في تطهير النجس بالغيث باشتراط جريه من الميزاب على الجريان، أو الكثرة وكون الجريان حقيقةً أو حكماً، وبالجملة هو جيّد ومستفاد من الأخبار». [1467]. حاشية إرشاد الأذهان (المطبوع ضمن المحقّق الكركي، حياته وآثاره 9) : 46. [1468]. هو السيّد حسن بن السيّد جعفر، المعاصر لشيخنا الشهيد الثاني. [1469]. روض الجنان 1: 372. [1470]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 314. [1471]. ذخيرة المعاد: 121، السطر 27. [1472]. مشارق الشموس: 213، السطر 14. [1473]. قد سبق قبل سطور. [1474]. انظر قوله في الهامش 1 من الصفحة السابقة. [1475]. قد سبقت أقوالهم في الصفحة 290. [1476]. راجع: الصفحة 290، الهامش 2. [1477]. أي، قوله في التهذيب. راجع: الصفحة 289. [1478]. أي: قوله تعالى في سورة الفرقان (25) : 48. [1479]. تقدّم نقل فتاواهم في الصفحة 288 ـ 289. [1480]. الكافي 3: 13، باب اختلاط ماء المطر بالبول...، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 146، كتاب الطهارة، أبواب الماءالمطلق، الباب 6، الحديث 5. [1481]. الفقيه 1: 8 / 5، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 5، وسائل الشيعة 1: 147، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 7. [1482]. الكافي 3: 13، باب اختلاط ماء المطر بالبول...، الحديث 4، الفقيه 1: 70 / 163، باب ما ينجّس الثوب والجسد، الحديث 15، التهذيب 1: 282 / 783، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، الحديث 70، وسائل الشيعة 3: 522، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 75، الحديث 1. [1483]. الفقيه 1: 8 / 7، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 7، التهذيب 1: 443 / 1321، الزيادات في باب المياه، الحديث 40، وسائل الشيعة 1: 145، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 2، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر. [1484]. الفقيه 1: 7 / 4، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 144، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 1. [1485]. التهذيب 1: 449 / 1348، الزيادات في تطهير البدن...، الحديث 21، وسائل الشيعة 1: 147، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 8. [1486]. كرواية الكاهلي الضعيفة بالإرسال، وهي الرواية الأُولى، ومرسلة محمّد بن إسماعيل، وهي الرواية الثالثة، ومرسلة الصدوق، وهي الرواية الثانية. [1487]. أي: على القول المختار في المسألة. [1488]. أي: طُهره هكذا بعيدٌ جداً. [1489]. الكافي 3: 12، باب اختلاط ماء المطر بالبول...، الحديث 1، التهذيب 1: 436 / 1295، الزيادات في باب المياه، الحديث 14، وسائل الشيعة 1: 145، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 4. [1490]. الكافي 3: 12 الحديث 2، وليس في سنده «محمد بن مسلم»، التهذيب 1: 436 / 1296، الزيادات في باب المياه، الحديث 15، وفيه: «ميزاب ببول وميزاب بماء»، وسائل الشيعة 1: 144، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 5، الحديث 6. [1491]. في التهذيب بدل «المطر»: «الماء». [1492]. الفقيه 1: 8، الحديث 6، التهذيب 1: 436 / 1297، الزيادات في باب المياه، الحديث 16، وسائل الشيعة 1: 145، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 2. [1493]. مسائل علي بن جعفر: 130، الحديث 115، وسائل الشيعة 1: 148، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 9. [1494]. مسائل علي بن جعفر: 192، الحديث 398، ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر، قرب الإسناد: 192، الحديث 724، وسائل الشيعة 1: 145، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 3. [1495]. تقدّمت في الصفحة السابقة. [1496]. النور (24) : 33. [1497]. مدارك الأحكام 2: 376. [1498]. معالم الدين (قسم الفقه) 1: 313. [1499]. منتهى المطلب 1: 29. [1500]. المعتبر 1: 43. [1501]. مدارك الأحكام 2: 377. [1502]. كالمحقّق الخوانساري في مشارق الشموس: 212، السطر 5. [1503]. في «ل» و«د»: العامل. [1504]. في «ل»: التطهر. [1505]. تقدّمت في الصفحة 296. [1506]. بحار الأنوار 76: 11، كتاب الطهارة، أبواب المياه وأحكامها، الباب 2، ذيل الحديث 1. [1507]. تقدّمت في الصفحة 296 ـ 297. [1508]. الفقيه 1: 7 / 4، باب المياه وطهرها ونجاستها، الحديث 4، وسائل الشيعة 1: 144، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 1. [1509]. قطعة من مرسلة الكاهلي، المروية في الكافي 3: 13، باب اختلاط ماء المطر بالبول...، الحديث 3، وسائل الشيعة 1: 146، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 6، الحديث 5. وقد تقدّمت أيضاً في الصفحة 293.
|