|
مصباح [11] في عدم نجاسة المستعلى من السائل عن نبع وغيره
مصباح [11]
[ في عدم نجاسة المستعلى من السائل عن نبع وغيره ] لا ينجس المستعلى، من السائل عن نبع وغيره. والمراد به [1510] ما فوق الملاقي للنجاسة، أو المتنجّس بغير هذه الملاقاة ; لما تقدّم من عدم الفرق في الملاقي بين الوارد والمورود عليه [1511]، كما هو المشهور. والحكم بطهارة المستعلى بهذا المعنى مُجمع عليه. وقد حكى جماعة من الأصحاب، منهم الشهيد في الروض [1512]، وسبطه في المدارك [1513]، الإجماع على عدم تعدّي النجاسة من الأسفل إلى الأعلى. والمراد نفي السراية في السائل خاصّةً، فلو استقرّ نَجِسَ الأعلى، إلاّ على القول بالفرق بين الورودين، فالمستعلى على هذا القول طاهر مطلقاً، سواء في ذلك الملاقي للنجاسة وغيره. ولا فرق في طهارة المستعلى من السائل بين النابع وغيره، وإن كان الحكم في الأوّل أظهر ; لثبوت العصمة فيه باعتبار الجريان والاستعلاء معاً، بخلاف الثاني ; فإنّ المانع من انفعاله هو الثاني خاصّة [1514]. وعلى قول العلاّمة باشتراط الكرّية في الجاري [1515]، فالمانع من انفعاله [1516] هو الاستعلاء مطلقاً. وقد صرّح غير واحد من الأصحاب [1517] في مسألة تغيّر الجاري والكثير، باختصاص المتغيّر بالتنجّس إذا اختلفت سطوح الماء وكان المتغيّر هو الأسفل، وهذا يقتضي طهارة المستعلى عن نبع وغيره. قال [1518] العلاّمة في المنتهى: «لا فرق بين الأنهار الكبار والصغار، نعم الأقرب اشتراط الكرّية ; لانفعال الناقص عنها مطلقاً، ولو كان القليل يجري على أرض منحدرة كان ما فوق النجاسة طاهراً» [1519]. وقال في النهاية: «ولو قلّ الجاري عن الكرّ نجس، سواء ورد على النجاسة أو وردت عليه، ولو كان القليل يجري على أرض منحدرة، كان ما فوق النجاسة طاهراً» [1520]. وقال في التذكرة: «لو كان الجاري أقلّ من الكرّ، نجس بالملاقاة الملاقي وما تحته» [1521]. وقال الشهيد في الدروس: «ولو كان الجاري لا عن مادة، ولاقته النجاسة، لم ينجس ما فوقها مطلقاً» [1522]. وقال في البيان: «ولو كان الجاري بلا مادّة نجس بالملاقاة إذا نقص عن الكرّ، ولا ينجس ما فوق النجاسة» [1523]. وقال ابن فهد في الموجز: «ولو كان لا عن مادّة كثيراً لم ينجس بالملاقاة مطلقاً، وقليلا ينفعل السافل خاصّة» [1524]. وقال المحقّق الكركي في حواشي الإرشاد: «إنّ الجاري هو النابع من الأرض، دون ما أُجري، فإنّه واقف، وإن لم ينجس العالي منه بنجاسة السافل إذا اختلفت السطوح» [1525]. وهذه العبارات صريحة في طهارة المستعلى عن السافل[1526] من حيث هو كذلك، جارياً كان أو راكداً، سواء قلنا بنجاسة الماء الوارد على النجاسة أو لم نقل. وربّما سبق إلى بعض الأوهام أنّ طهارة المستعلى مبنيّة على الفرق بين الورودين، أو مخصوصة بما إذا كان المستعلى جارياً، وأنّ حكم العلاّمة بطهارة ما فوق النجاسة من الجاري القليل مناقض لاشتراطه الكريّة في الجاري. وهو توهّم فاسد ; فإنّ للمستعلى من السائل حكماً مفارقاً لغيره، وهو مستثنى من عموم انفعال القليل بالملاقاة. [ عدم الفرق بين الماء وغيره من المايعات: ] وكما أنّ المستعلى من الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة لما تحته، فكذا غيره من المايعات، وقولهم النجاسة لا تسري من الأسفل إلى الأعلى يتناول الماء وغيره. فلو صبّ من قارورة ماء الورد ـ مثلا ـ على يد كافر، اختصّ ما في يده بالتنجيس، وكان ما في الإناء والخارج الغير الملاقي طاهراً، إجماعاً. _____________________________________________________ [1510]. أي: بالمستعلى. [1511]. راجع: المصباح 8، الصفحة 260 وما بعدها. [1512]. روض الجنان: 367، قال فيه: «فالإجماع منعقد على أنّ النجاسة لا تسري إلى الأعلى مطلقاً». [1513]. مدارك الأحكام 1: 45. وكلامه نصّ عبارة جدّه في الروض. [1514]. أي: الإستعلاء، دون الجريان. [1515]. راجع: قواعد الأحكام 1: 182، وشرحه جامع المقاصد 1: 111. [1516]. في «د»: الانفعال. [1517]. سيذكر أقوالهم بعد سطور. [1518]. في «د» و«ل»: وقال. [1519]. منتهى المطلب 1: 28 ـ 29. [1520]. نهاية الإحكام 1: 229. [1521]. تذكرة الفقهاء 1: 17، وفيه: «أقلّ من كرّ». [1522]. الدروس الشرعيّة 1: 119. [1523]. البيان: 98. [1524]. الموجز (المطبوع ضمن الرسائل العشر) : 36. [1525]. حاشية إرشاد الأذهان (المطبوع ضمن المحقّق الكركي حياته وآثاره 9) : 45. [1526]. في «ن»: المستعلى من السائل.
|