|
مصباح [15] في حكم الماء الخارج من الأرض رشحاً
مصباح [15]
[ في حكم الماء الخارج من الأرض رشحاً ] لا ينجس الماء الخارج من الأرض رشحاً [1856] بالملاقاة، لأنّه كالمنفجر من العين ; لوجود المادّة وإن اختلف فيهما [1857] قوّةً وضعفاً ; إذ العبرة في العلّة المنصوصة والمنقّحة بالثبوت في غير مورد النصّ مطلقاً، ولا يشترط الأولويّة ولا المساواة، مع حصولهما في بعض الموارد، كما إذا قوي الرشح وضعف النبع من العين، فيعمّ الحكم ; لعدم القول بالفصل. وقد يتعدّى الخارج رشحاً عن محلّه، لكثرته أو وقوعه في جبل أو أرض منحدرة، فيصدق عليه اسم الجاري عرفاً، ومن لوازمه المادّة، فتثبت بالرشح، على أنّ التعليل بالمادّة قد ورد في البئر [1858]، والخروج على سبيل الرشح فيها كثير، فإثبات المادّة لها على الإطلاق، وتعليل الطهارة بها يقتضي تحقّقها به [1859]، واطّرادَ الحكم في كلّ خارج رشحاً، كالنَزّ، بالفتح والكسر [1860]، وهو ـ كما في الصحاح [1861]، والقاموس [1862]، وغيرهما [1863] ـ: «الماء المتحلّب من الأرض». وفي النهاية [1864]، والطراز [1865]: «ما يتحلّب من الماء القليل». وفي المصباح: «الندى السائل» [1866]. وهو في الأصل مصدر، كالنزيز، يقال: نزّت الأرض وأنزت نزّاً ونزيزاً، إذا صارت ذات نزٍّ، أو تحلب منها النزّ. وقيل [1867]: إنّه بالفتح مصدر، وبالكسر اسم. والثَمَْد[1868]، بفتحتين وبإسكان العين، ويقال له: الثماد، وهو على ما حكاه الزمخشري في الأساس [1869] عن الأصمعي، ودلّ عليه الاستعمال الشائع في العرف: ما اجتمع من ماء المطر تحت الرمل، فإذا كُشف عنه أدّته الأرض. وفيه وفي النهاية إنّه: «الماء القليل» [1870]. وعليه الحديث في من لم يأخذ علمه عنه (عليه السلام): «يَمُصُّون الثماد ويدعون النهر العظيم» [1871]. وفيه: «لو كنتم ماءً لكنتم ثمداً» [1872]، أي: قليلا، و«افجر لهم الثمد» [1873]: صيّر القليل لهم كثيراً. وفي الصحاح، والقاموس، والمجمع: «هو الماء القليل الذي لا مادّة له» [1874]. والمراد به [1875] الأوّل [1876]، فيعمّ القليل والكثير، ويختصّ بذي المادّة، ويجتمع مع الثاني[1877]دون الثالث [1878] ; لاختصاصه بما لا مادّة له. وتصادقهما [1879] في القليل الخارج رشحاً موقوف على عدم تحقّق المادّة بالرشح، وهو موقوف على التصادق. وقولهم: «المادّة هي الزيادة المتّصلة» [1880] يعنون به أصل الاتّصال، لا اتّصال الخروج، وإلاّ لاختصّت المادّة بالجاري، مع ثبوتها في البئر بالنصّ الصحيح [1881]، والخروج فيها غير متّصل قطعاً. وفي الخارج رشحاً قولان آخران: أحدهما: ثبوت حكم الراكد له ; لدخوله فيه لا في الجاري، فإنّه السائل عن نبع لا مطلق النابع. وفيه: مع منع اشتراط السيلان في الجاري عرفاً، عدم امتناع ثبوت حكمه له وإن خرج عنه، كالبئر والعين ; لوجود المادّة، وإطلاق الحسن المتقدّم [1882]، وللأصل والعمومات، مع الشكّ في نجاسة مثله. وعلى القول بنجاسته يلزم بقاؤه على النجاسة مع الملاقاة حال القلّة، وإن كثر بعد ذلك وجرى حتّى صار كالأنهار ; فإنّ السائل عن غير نبع راكد بالاتّفاق، والقليل لا يطهر ببلوغه كرّاً على المختار. وثانيهما: أنّه في حكم البئر مطلقاً، أو مع القلّة. وهو ظاهر الشيخ (رحمه الله) في الغدير ذي المادّة [1883] ; فإنّ العين لا تسمّى غديراً. وفي المهذّب البارع: «الثماد حكمه حكم البئر، ويحتمل حكم الكثير، وهو أقوى، فلا ينجس ما لم يتغيّر ; للقطع باتّصاله، فهو كالجاري» [1884]. ______________________________________________________________ [1856]. الرشحُ: نَدَى العَرَق على الجسد... الرشح: العرق، لأنّه يخرج من البدن شيئاً فشيئاً كما يرشح الإناء المتخلخلُ الأجزاء. لسان العرب 5: 218، «رشح». [1857]. أي: وإن اختلف في وجود المادّة في الخارج رشحاً والمنفجر من العين. [1858]. في ما رواه الشيخ، عن محمّد بن اسماعيل، عن الرضا (عليه السلام)، قال: «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أنّ يتغيّر ريحه أو طعمه، فينزح حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه، لأنّ له مادّة». الاستبصار 1: 33 / 87، باب البئر يقع فيها...، الحديث 8، وسائل الشيعة 1: 172، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 6. وأيضاً ما رواه الشيخ عن محمّد بن اسماعيل بن بزيع، مكاتبةً، عن الرضا (عليه السلام)، مثل ذلك. التهذيب 1: 284 / 676، باب تطهير من النجاسات، الحديث 7، وسائل الشيعة 1: 172، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 7. [1859]. أي: إنّ تعليل طهارة البئر في الحديث بأنّ لها المادّة، يقتضي تحقّق الطهارة بالرشح أيضاً. [1860]. في «ن» و«د»: يكسر. [1861]. الصحاح 3: 899، «نزز»، وفيه: «النَزُّ والنِزُّ: مايتحلّب من الأرض من الماء». [1862]. القاموس المحيط 2: 194، «نزّ». [1863]. كما في المُغرب: 247، «نزز»، وفيه: «ما تحلَّب من الأرض من الماء»، ولسان العرب 14: 105، «نزز»، ومجمع البحرين 4: 38، «نزز». [1864]. النهاية (لابن الأثير) 5: 41، «نزز». [1865]. الطراز في اللغة (مخطوط). [1866]. المصباح المنير: 600، «نزز». [1867]. لم نقف على قائله. [1868]. عطف على قوله: «النزّ» قبل سطور، أي: كالثمدِ. [1869]. أساس البلاغة: 47، «ثمد». [1870]. أساس البلاغة: 47، النهاية (لابن الأثير) 1: 221، «ثمد». [1871]. الكافي 1: 222، باب أنّ الأئمّة ورثة العلم، الحديث 6، بحار الأنوار 17: 131، كتاب تاريخ نبيّنا، الباب 17، الحديث 6. [1872]. لم نقف على هذه العبارة في كتب المتون واللغة. نعم، الموجود في لسان العرب 12: 90، «كسر»: لو كنتم ماءً لكنتم وَشلاً. [1873]. وهو حديث طهفة، ذكره ابن الأثير في النهاية 1: 221، «ثمد». [1874]. الصحاح 2: 451، القاموس المحيط 1: 280، مجمع البحرين 3: 20، «ثمد». [1875]. أي: بالثمد. [1876]. أي: المعنى الأوّل للثمد، وهو: ما اجتمع من ماء المطر تحت الرمل. [1877]. أي: المعنى الثاني للثمد، وهو ما ذكره في النهاية من أنّه الماء القليل. [1878]. أي: المعنى الثالث للثمد، وهو ما في الصحاح والقاموس والمجمع. [1879]. أي: النزّ والثمد. [1880]. كما في لسان العرب 13: 50، «مدد». [1881]. وهو ما رواه الشيخ عن الرضا (عليه السلام) أنّه قال: «ماء البئر واسع لا ينجّسه شيء إلاّ أن يتغيّر ريحه أو طعمه، فينزح حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه لأنّ له مادّة». الاستبصار 1: 33 / 87، باب البئر يقع فيها ما يغيّر أحد أوصاف الماء...، الحديث 8، وسائل الشيعة 1: 172، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 14، الحديث 6. [1882]. الظاهر أنّ مراده ما رواه الراوندي في نوادره: «الماء الجاري لاينجّسه شيء». راجع: نوادر الراوندي: 39، مستدرك الوسائل 1: 188، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 1. وقد تقدّم في الصفحة 316. [1883]. التهذيب 1: 248 / 677، باب تطهير المياه من النجاسات، ذيل الحديث 8. [1884]. المهذّب البارع 1: 111.
|