|
مصباح [2] في إجزاء المرّة في الاستنجاء من البول
مصباح [2]
[ في إجزاء المرّة في الاستنجاء من البول ] اختلف الأصحاب في إجزاء المرّة في الاستنجاء من البول. ففي الرسالة [2010]، والهداية [2011]، والفقيه [2012]، والذكرى [2013]، والجامع [2014]، وجامع المقاصد [2015]، وتعليقات الإرشاد [2016]: اعتبار التثنية في الغَسل. وعزاه المحقّق الكركي [2017]، والشهيد الثاني [2018] إلى المشهور، وكأنّهما أخذا ذلك من التحديد بمثلَي ما على المخرج في كلام الشيخين [2019] وجماعة [2020]، وليس في ذلك ما يدلّ على التعدّد. وقال أبو الصلاح: «وأقلّ ما يجزي ]منه[ ما أزال عين البول عن رأس فرجه» [2021]. وقال ابن إدريس: «وأقلّ ما يجزي من الماء لغسله ما يكون جارياً، ويسمّى غسلا» [2022]. ونحو ذلك قال العلاّمة في المختلف [2023]، والمنتهى [2024]. وكلامهم كالصريح في الاجتزاء بالغسلة الواحدة. وهو قضيّة قول من يجتزئ بها في الغَسل من البول، أو مطلق الغَسل، وظاهر الانتصار [2025]، والخلاف [2026]، وجمل السيّد [2027]، والشيخ [2028]، والوسيلة [2029]، والغنية [2030]، والإرشاد [2031]، والتبصرة [2032]، واللمعة [2033]، والموجز [2034]، وشرحه [2035]، حيث اقتصروا في بيان غَسل مخرج البول على غَسله بالماء، ولم يعتبروا تقديراً في المقدار ولا في العدد ; بل هو ظاهر المقنعة [2036]، والنهاية [2037]، والمبسوط [2038]، والمراسم [2039]، والمعتبر [2040]، والشرائع [2041]، والنافع [2042]، والتحرير [2043]، والتذكرة [2044]، والقواعد [2045]، والتلخيص [2046] ; فإنّهم وإن قدّروه بمثلي ما على الحشفة، إلاّ أنّ الظاهر منهم وجوب المثلين في غسلة واحدة لا في غسلتين، ولو كان العدد عندهم واجباً لبيّنوه، كما بيّنوا المقدار. وحمل كلامهم على توزيع المثلين على المرّتين في غاية البعد. ومن هنا يعلم: أنّ ظاهر الأصحاب عدا من صرّح بالخلاف ـ وهو قليل منهم ـ هو الاكتفاء في غسل مخرج البول بالمرّة الواحدة. وهو الأصحّ عندي ; لحصول الامتثال بالمرّة، وخروج التكرار عن مدلول الأمر، وخلوّ المعتبرة المستفيضة [2047] عن بيان العدد، مع عموم البلوى وشدّة الحاجة إلى بيان حكم المسألة. ولا ينافي ذلك: الأخبار الواردة بالتثنية في التطهير من البول [2048] ; لورود أكثرها في تطهير الثياب [2049]، وظهور الوارد منها في البدن [2050] في إصابة البول من خارج، ولا يلزم من القول به فيهما القول به في المخرج ; لسهولة انفصال الغسالة عنه، وموافقة التسهيل فيه لمقتضى الحكمة. ولا الإجماع المفهوم من المعتبر [2051] على وجوب المرّتين في البول من غير تفصيل ; فإنّ الظاهر منه ـ مع ما فيه ـ إرادة غير المخرج، كما يستفاد من كلامه في بحث الاستنجاء [2052] وغيره [2053]. ولا الخبر الوارد بالتحديد بمثلَي ما على المخرج [2054] ; فإنّه مع عدم وضوح سنده، ومعارضته بمثله [2055]، إنّما يدلّ على عدم الاجتراء بما دون المثلين، وليس في ذلك ما يقتضي الاعتبار العدد بوجه من الوجوه. وهل يدخل الإزالة في الغسلة أو الغسلتين على تقدير حصولها بهما ؟ ظاهر الأخبار وكلام الأصحاب: الدخول. واعتبر في الدروس [2056] التأخّر عن الزوال، ويحتمله كلامه في البيان [2057]. ولا ريب في أنّه أحوط، وإن كان الأوّل هو الأظهر. وفي البيان بعد الحكم بالاجتزاء بالمثلين مع زوال العين، قال: «والاختلاف هنا بمجرّد العبارة» [2058]. فإن أراد به الخلاف بين من اكتفى بمسمّى الغَسل ومن اعتبر المثلين، فله وجه ; إذ لا يكاد يتحقّق التطهير بالأقلّ منهما. وإن أراد مطلق الخلاف الواقع هنا، فليس كذلك ; فإنّ الخلاف بين من يكتفي بالواحد ومن يعتبر التعدّد خلاف معنوي، وليس بمجرّد العبارة. ولعلّ المراد هو الأوّل، فيصحّ المعنى، ويؤيّد ما قلناه من انطباق أكثر الفتاوى على الاكتفاء بالغسلة الواحدة. _____________________________________________________________ [2010]. لا توجد لدينا، ولم نعثر على حكاية القول عنها. [2011]. الهداية: 77. [2012]. الفقيه 1: 31 / 59، باب أحكام التخلّي، ذيل الحديث 24. [2013]. ذكرى الشيعة 1: 169. [2014]. الجامع للشرائع: 27. [2015]. جامع المقاصد 1: 93. [2016]. حاشية إرشاد الأذهان (المطبوع ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره 9) : 14. [2017]. المصدر السابق، وجامع المقاصد 1: 93. [2018]. مسالك الأفهام 1: 29. [2019]. المقنعة: 42، المبسوط 1: 17، النهاية: 11. [2020]. منهم: سلاّر في المراسم: 33، والقاضي في المهذّب 1: 41، والمحقّق في المعتبر 1: 126، والعلاّمة في تذكرة الفقهاء 1: 125، وقواعد الأحكام 1: 180. [2021]. الكافي في الفقه: 127، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر. [2022]. السرائر 1: 97. [2023]. مختلف الشيعة 1: 106، المسألة 64. [2024]. منتهى المطلب 1: 264. [2025]. الانتصار: 97. [2026]. الخلاف 1: 103، المسألة 49. [2027]. جمل العلم والعمل (المطبوع ضمن رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة) : 23. [2028]. الجمل والعقود (المطبوع ضمن الرسائل العشر) : 157. [2029]. الوسيلة: 47. [2030]. غنية النزوع: 36. [2031]. إرشاد الأذهان 1: 221. [2032]. تبصرة المتعلّمين: 26. [2033]. اللمعة الدمشقيّة: 17. [2034]. الموجز (المطبوع ضمن الرسائل العشر، لابن فهد) : 39. [2035]. كشف الالتباس 1: 129. [2036]. المقنعة: 42. [2037]. النهاية: 11. [2038]. المبسوط 1: 17. [2039]. المراسم: 31. [2040]. المعتبر 1: 124. [2041]. شرائع الإسلام 1: 10. [2042]. المختصر النافع: 5. [2043]. تحرير الأحكام 1: 64. [2044]. تذكرة الفقهاء 1: 124. [2045]. قواعد الأحكام 1: 180. [2046]. تلخيص المرام: 6. [2047]. وهي ما رواها زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال في حديث: «وأمّا البول فإنّه لا بّد من غسله». التهذيب 1: 52 / 141، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 80، الاستبصار 1: 55 / 160، باب وجوب الاستنجاء من الغائط والبول، الحديث 15، وسائل الشيعة 1: 315، كتاب الطهارة، أبواب أحكام الخلوة، الباب 9، الحديث 1. [2048]. راجع: وسائل الشيعة 3: 395، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 1. [2049]. منها: ما رواه الشيخ، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن البول يصيب الثوب ؟ فقال: «اغسله مرّتين». التهذيب 1: 266 / 721، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، الحديث 8، وسائل الشيعة 3: 395، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 1، الحديث 1. ومنها: ما رواه الشيخ، عن ابن أبي يعفور، قال: سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن البول يصيب الثوب ؟ قال: «اغسله مرّتين». التهذيب 1: 267 / 722، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، الحديث 9، وسائل الشيعة 3: 395، كتاب الطهارة، أبواب النجاسات، الباب 1، الحديث 2. [2050]. وهو ما رواه الكليني، عن الحسين بن أبي العلاء، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن البول يصيب الجسد ؟ قال: «صب عليه الماء مرّتين». الكافي 3: 20، باب الاستبراء من البول و... الحديث 7، وسائل الشيعة 1: 343، كتاب الطهارة، أبواب أحكام الخلوة، الباب 26، الحديث 1. [2051]. المعتبر 1: 435، قال فيه: «يغسل الثياب والبدن من البول مرّتين... وهذا مذهب علمائنا». [2052]. المعتبر 1: 126، حيث قال: «وأقلّ ما يجزي مثلا ما على الحشفة». [2053]. في بحث غسل الإناء من النجاسات، لاحظ: المعتبر 1: 461 ـ 462. [2054]. وهو ما رواه الشيخ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، سألته كم يجزئ من الماء في الاستنجاء من البول ؟ فقال: «بمثلي ما على الحشفة من البلل». التهذيب 1: 37 / 93، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، الحديث 93، وسائل الشيعة 1: 345، كتاب الطهارة، أبواب أحكام الخلوة، الباب 26، الحديث 5. [2055]. وهو المعتبرة الصحيحة المتقدّمة في الهامش 12 من الصفحة 393. [2056]. الدروس الشرعيّة 1: 89. [2057]. البيان: 41. [2058]. نفس المصدر.
|