|
القرض
الإقراض من الأعمال المستحبة التي حثَّ عليها القرآن والروايات كثيراً. فقد روى عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) : «من أقرض مؤمناً قرضاً ـ ينظر به ميسوره ـ كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤدّيه» وروى عنه أيضاً: «إنْ رفق به في طلبه تعدّى به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب، ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرَّم الله عزَّ وجلَّ عليه الجنة يوم يجزي المحسنين»(24).
مسألة 503 ـ إذا اشتُرط في القرض أجلا لتسديد الدين لا يلزم المقرض القبول قبل حلول الأجل، ولكن إذا كان تحديد الأجل مماشاة للمدين فحسب، وجب على المقرض القبول وإنْ سدَّده قبل الوقت. مسألة 504 ـ إذا لم يكن للمدين أموال غير منزله الذي يسكن فيه وأثاثه ووسائله التي يحتاج إليها فلا يمكن للدائن مطالبته بالدين بشرط أن لايكون المدين قد حصل على منزله وأثاثه من أموال الدائن أو أن أموال الدائن لم يكن لها تأثير معتدٍّ به في تحصيل المنزل والأثاث، وفقر المدين لم يكن ناشئاً عن الإفراط والتفريط في التجارة، وعلى الدائن الصبر حتى يتمكن المدين دفع ديون إليه. مسألة 505 ـ المدين لعدَّة غرماء يطالبون بطلبهم ولديه القليل من المال، له أنْ يعطي هذا المال لأيٍّ منهم، ولكنه إذا قسَّمه بينهم كان ذلك أفضل. وهكذا المفلس قبل أنْ يحجر عليه حاكم الشرع، فإنّه يستطيع إعطاء ذلك المبلغ لأيٍّ من الغرماء، إلاّ أنّه في كلا الحالتين يجب ألاّ يكون ذلك إضراراً ببقية الغرماء، وإلاّ فإنّ ولايته على المال تحكمها قاعدة لا ضرر. مسألة 506 ـ من كان له دين عند شخص أفلس، وكانت عين ماله لدى المدين، جاز له شرعاً استردادها أو الإسهام مع بقية الغرماء بنسبة طلبه، ولو فرضنا أنّه استطاع استرداد ماله بشكل من الأشكال، فإنّه لن يكون مديناً لبقية الغرماء. س 507 ـ إذا أفلس شخص نتيجة إعطائه أرباح مال المضاربة، وكان الغرماء هم أنفسهم الذين كانوا يأخذون منه الأرباح حتى أخذ أكثرهم من الأرباح ما يعادل المبلغ الذي أعطوه إليه للمضاربة به أو أكثر (ومن دون أنْ يتّجر العامل بالمال)، فكيف يكون دين هذا الشخص المفلس مع هؤلاء؟ ج ـ الدين باق على حاله، والأموال التي أعطاها لا تعتبر أداءً له، لأنَّ ما دفعه كان برضاه وما يعطى مجاناً لاضمان فيه. 23 محرم 1416 س 508 ـ إذا استقرض شخص مالا، وعندما أراد تسديده كانت قيمة المال قد انخفضت نتيجة التضخم بحيث يؤدي الأمر إلى ضرر صاحب المال، فهل يحق للدائن مطالبة المدين بمقدار انخفاض المال؟ وإذا جاز له ذلك فهل يمكن جعل المعيار قيمة الذهب حين القرض؟ وإنْ لم يجز، فلو أنّ المدين كان قد تماهل في أداء الدين ولم يؤدّه في الوقت المحدد فما هو الحكم؟ هل يضمن قيمة المال في هذه الحالة أو لا؟ ج ـ يمكن حين القرض تحديد قيمة المال بالذهب أو بشيء آخر وإقراض القيمة، كأن يقول: «أقرضك قيمة هذا المبلغ والتي هي نصف مثقال من الذهب على شرط أنْ تعيد لي هذه القيمة بالنقد المتداول». ولكن إذا أقرضه النقد نفسه وأعاد المدين المال في الوقت المحدد، فلا حق له في زيادة، إلاّ أنَّه إذا أخّر تسديد الدين أمكنه أخذ خسارته إذا اشترط عليه ذلك، كما لو قال: «إذا لم تسدد في الوقت المحدد فأنت ضامن للخسارة»، وإذا ماطل المدين في أداء الدين مع قدرته ولو من دون اشتراط الخسارة عليه فإنَّه لايبعد إمكان أخذ الخسارة والضرر. 4 جمادى الثانية 1416 القرض الربوي مسألة 509 ـ الربا حرام، وقد جاء في الحديث الصحيح أنَّ درهم ربا أشدُّ من سبعين زنية بذات محرم عند بيت الله، كما أنَّ القرآن يعلن صراحة أنَّ المرابي في حرب مع الله ورسوله. مسألة 510 ـ إذا أراد شخص أنْ يقترض ليعطي رباً محرَّماً أو يقرض ليأخذ ربا، فلا سبيل له للتخلص من ذلك بالطرق التي تذكرها بعض رسائل الأحكام الشرعية، فإنَّ استخدام الحيلة في الربا المحرم لا تكون مسوغاً له بشكل من الأشكال، وكما ذكر الإمام الراحل ـ سلام الله عليه ـ من أنَّ جواز الحيلة في الربا العرفي المحرَّم لا يتلاءم وحرمته، ويؤدّي إلى تأكيد حرمة الربا، وليس من عاقل يجوّز بالحيل قانوناً بهذه الشدة، فكيف بالحكيم تعالى. س 511 ـ في بعض البلدان الإسلامية يقسِّمون القرض إلى نوعين: استهلاكي واستثماري، والأخير يعني أنَّ المقترض لا يقترض لرغيف عيشه أو لإفلاسه وحاجته، بل يقترض للاستثمار، كأنْ يتاجر أو يبني داراً وأمثالها لأجل استثمارها، أو لطلب الربح والزيادة في رأس المال، فهل يمكن القول بأنّ الأدلَّة الشرعية للربا ناظرة تماماً إلى القرض الاستهلاكي ولا تشمل القرض الاستثماري؟ ما رأيكم أنتم في هذا المجال؟ ج ـ عدم حرمة القرض الربوي الاستثماري (الذي لا يحول دون المعروف والاتّجار والعمل فحسب، بل ويساعد في ازدهار السوق والاقتصاد السليم) لا يخلو من قوة، وإنْ كان يحسن الاحتياط في استخدام الطرق الشرعية للتخلص من هذا النوع من الربا أيضاً. وأدلَّة حرمة الربا لا تشمل زيادات استثمارية من هذا القبيل كما هو الحال في غيرها من الزيادات. فالربا في اللغة والعرف والرواية بمعنى مطلق الزيادة، ومن المؤكد أنَّ هذا المعنى ليس هو المراد في أدلة التحريم، بل المراد زيادة خاصة و هذه تخصصها قرائن وشواهد وعلل وحُكم تحريم الربا الذي ورد في القرآن والروايات يختصُّ بالربا الاستهلاكي وهو الذي كان يدعو المدين أحياناً إلى دفع اُمه واُخته وبنته إلى أعمال مشينة من أجل أداء دينه، و يبدو أنَّ الحديث الصحيح المعروف: «درهم ربا أشدُّ من سبعين زنية كلها بذات محرم»(25) هو في هذا الصدد. وخلاصة القول : هو أنَّ الزيادة المشترطة في القرض التي هي ربا محرَّم تقع في الربا الذي يمنع من التحرك الاقتصادي الذي عُلِّلت به حرمة الربا في الروايات، والعلّة تخصِّص كما أنَّها تعمِّم، وأمَّا القرض مع الزيادة الذي يكون مدعاة للمقترض إلى العمل والتحرك الاقتصادي له وللمجتمع فلا تشمله هذه العلة، وذلك خلافاً للقرض الربوي الذي يكون للعوز والحاجة، حيث يجمع به المرابي الثروات ويزداد به المدين فقراً إلى فقره، بينما كان يجب أنْ تدفع إليه الصدقات كي لا يبتلى بالربا. هذا النوع من الربا والقرض بشرط الزيادة هو المحرَّم والذي يُعدُّ حرباً على الله ورسوله. س 512 ـ يودع بعضهم مبالغ لدى بعض المؤسسات بعنوان قرض حسن، من أجل أخذ سلفة للسكن. فهل يشمله عموم «كلُّ قرض يجر المنفعة فهو ربا» ويؤدي إلى حرمته، مع أنَّ قصد الطرفين هو ذلك؟ ج ـ إنَّ ذلك ليس حراماً، والعموم المذكور هو رواية نبوية عن أهل العامة، وحرمة الزيادة في القرض تختصّ بالزيادة العينيّة من نفس العين أو المنفعة، وليس هناك ما يدلُّ على حرمة كلِّ أنواع الربا. 10 محرم 1418 س 513 ـ هل يجوز إعطاء القرض مع اشتراط القرض من الطرف المقابل؟ ج ـ القرض بشرط الإقراض هو قرض جائز ولا تشمله أدلّة القرض بشرط الزيادة. 4 ذوالقعدة 1417 س 514 ـ هل يجوز أخذ الربا من الأقارب؟ وماحكمه بين الأب والولد؟ ج ـ يحرم الربا الاستهلاكي، ولا فرق فيه بين الأب والولد، والأقوام وغيرهم. ___________________________________________________________ (24) وسائل الشيعة 18: 330، أبواب الدين والقرض، الباب 6، الحديث 3 و 5. (25) وسائل الشيعة 18: 117، الباب 1 من أبواب الربا، الحديث 1.
|