|
التلقيح والحمل الصناعي
مسألة 614 ـ يجوز التلقيح الصناعي للمرأة بنطفة زوجها، ولكن لا بدَّ من اجتناب المقدمات المحرَّمة، ككون الملقِّح أجنبياً عن المرأة وما إلى ذلك، وإنْ كانت هذه الأُمور لا تؤدِّي إلى حرمة النطفة والولد لأنّها تتعلَّق بالمقدمات، والمقدمات هي حرام وأمّا الولد فهو للمرأة وصاحب النطفة، وله كلُّ أحكام الولد.
مسألة 615 ـ إذا اُخرجت النطفة المنعقدة من زوجين لتُزرع في رحم امرأة أخرى (رحم مستعار أو مؤجَّر) وكبر الجنين في بطن هذه المرأة وولد منها، فالطفل يعود للمرأة الأولى (صاحبة البويضة التي صارت منها النطفة الأمشاج)، والمرأة الثانية إذا أرضعته بشرائط الرضاع فهي اُمه بالرضاعة، وإنْ لم يكن للّبن فحل وصاحب، أي أنَّ اللبن ليس لزوج صاحبة الرحم المستعار، فإنّ المانع في الرضاع هو «درّ اللبن من غير ولادة» وفي الحالة التي نحن فيها قد درّ عن ولادة وتشمله إطلاقات وعمومات مسألة الرضاع. ولو فرضنا اُخرجت النطفة إلى رحم صناعي ومحيط مختبري وكبرت فيه، ففي هذه الحالة يرجع الطفل إلى المرأة الأولى صاحبة البويضة أيضاً. مسألة 616 ـ إذا زُرعت نطفة رجل ما في رحم امرأة أجنبية وتكوّن طفل من تلك النطفة، فإنْ كان ذلك العمل قد حصل عن شبهة، كما لو ظنوا أنّها زوجته وظنت المرأة أنّه من زوجها، ثم اتضح أنّه ليس من الزوج، فلا إشكال في ذلك والطفل هو من هذين الزوجين شرعاً، وله كلُّ أحكام البنوَّة. مسألة 617 ـ إذا لم يكن للمبيض القدرة على تكوين البويضات ودفعها إلى داخل الرحم، جاز إخراج البويضة بعملية جراحية وتلقيحها بنطفة الزوج خارج الرحم، ثم إعادتها إلى رحم المرأة. مسألة 618 ـ يجوز أخذ نطفة رجل ووضعها في رحم اصطناعي مع بويضة اصطناعية بهدف التوليد، وإذا ولد طفل عن هذا الطريق (طفل مختبري) فهو يرجع إلى صاحب النطفة، ولكنه سيبقى بلا اُم. وبشكل عام يعتبر صاحب النطفة أباً إلاّ في حال النطفة غير المشروعة، كالزنا. مسألة 619 ـ يجوز تقوية نطفة الزوج بنطفة رجل آخر (معروف أو غير معروف) وزرع هذه النطفة المُقواة في رحم المرأة، بحيث تكون النطفة الأخرى كالدواء المقوي ليس لها دور إلاّ التقوية وتستهلك في نطفة الزوج على نحو يكون الطفل من نطفة الزوج نفسه. مسألة 620 ـ مزج نطفة الزوج ببويضة امرأة أخرى خارج الرحم وزرعها في رحم الزوجة أو صاحبة البويضة أو امرأة ثالثة، لا مانع منه ظاهراً، لأنّه ليس زنا وليس إدخالا للمني في رحم امرأة أجنبية. فإذا ولد طفل بهذه الطريقة فهو ملحق بالرجل، كما أنّ الظاهر ثبوت أمومة صاحبة البويضة لهذا الطفل في حال كان اختلاط النطفة والبويضة بطلب منها ولم تكن قد أعرضت عن البويضة (كوضعها في البنوك لينتفع بها من أراد). س 621 ـ تعاني بعض النساء من عدم القدرة على تكوين البويضات أو دفعها للتلقيح بسبب اختلالات في المبيض أو مواده، وبالتالي تعاني هذه النساء من العقم في الوقت الذي لا توجد مشكلة في أرحامهن وبإمكان الجنين أنْ ينمو فيه، فهل يمكن لزوج امرأة كهذه أنْ يتزوج امرأة بالعقد الموقت ويأخذ بويضة منها ليلقحها بنطفته ثم ينقل الجنين إلى رحم زوجته الدائمة حتى إذا ولدت تعهّد هو وزوجته بحضانة الطفل وتربيته؟ ج ـ يجوز ذلك، وصاحبة البويضة تكون اُمه، وصاحبة الرحم تحرم عليه أيضاً باعتبارها زوجة أبيه. س 622 ـ شخّص الطبيب المتخصص أنْ بويضة امرأة ما ضعيفة ولا بدَّ من تقويتها ببويضة امرأة اُخرى لكي يحصل الحمل، فهل يجوز زرع بويضة امرأة أجنبية في امرأة أخرى من أجل التقوية؟ وإذا حصل طفل بعد الزرع فبأيٍّ من هاتين المرأتين يُلحق؟ ج ـ لا يمكن القول بحرمة هذا العمل بحدِّ ذاته، والطفل يعود إلى صاحبة الرحم والبويضة الضعيفة، ولا يمكن إرجاعه إلى صاحبة البويضة المقوية، لأنَّ بويضتها تعتبر كالدواء المقوي عرفاً. س 623 ـ ما حكم التلقيح الصناعي لامرأة مسلمة زوجها عقيم بإدخال نطفة رجل أجنبي مأخوذة من «بنك النطف»، سواء عرفه الزوجان أو لم يعرفاه، إذا رضي الزوج بذلك؟ ج ـ إدخال حيامن الرجل الأجنبي في رحم المرأة حرام في حدّ نفسه، ولأجل حلّ مشكلة العقر يمكن تلقيح بويضة الزوجة بحيامن الأجنبي خارج الرحم (في المختبر) ثم نقل الجنين إلى رحم المرأة، عندئذ تصبح المرأة صاحبة البويضة امَّا للجنين، وصاحب الحيمن يعدُّ أباً كذلك إذا لم يعرض عن حيامنه. وإذا كان قد أعرض (بأن كان قد وضع حيامنه في بنك مؤسس لهذا الغرض) فلا يعدُّ أباً. وإذا كان صاحب الحيامن معروفاً فيلزم الاحتياط في الزواج، بل لايخلو هذا من وجه. وعلى أيّة حال لايعدُّ الزوج أباً; لأنَّ الحيامن ليست له لكن تترتَّب عليه وعلى عائلته جميع آثار الأبوة إلاَّ الإرث، رغم أنه ليس صاحب الحيامن، وذلك للحرج والمشقة التي قد ترد في هذا المجال، ويمكن جبران الإرث بالهبة والوصية بالثلث ليجعل بمثابة الإرث. مضافاً إلى هذا فإنَّ الوليد محرم على الزوج بحكم كونه ربيبة بشرط حصول جماع بين الزوج والزوجة، فإنَّ المناط في المحرمية هنا هو صدق عنوان الربيبة. وعليه، الطريق الصحيح هنا هو التلقيح خارج الرحم ثمّ إدخال البويضة الملقحة في الرحم، ولا يخفى أنَّ هذا الطريق أو الطرق المشابهة إذا أدَّت إلى الحرج فلا مانع من ادخال حيامن الأجنبي في رحم الزوجة من باب «لاحرج» فإنَّ الحرج يرفع بعض المحرمات، منها هذا المورد. س 624 ـ ما حكم إدخال النطفة الملقحة من زوجين مجهولي الهوية في رحم امرأة مسلمة برضى زوجها؟ ج ـ لا يمكن القول بحرمته في حال عدم إمكان الإنجاب ووجود حرج ومشقة بالنسبة إلى عقم الزوجين. إلاّ أنّ الزوج ليس أباً، كما أنّ اُمومة المرأة موضع كلام وتأمُّل، بل منع. والحقيقة هي أنّ الولد لا يكون غير شرعي ولا تترتّب عليه آثار ابن الزنا، كما لا تترتّب عليه آثار البنوّة من قبيل الإرث والقرابة وغيرها، ولكن إذا أرضعته المرأة بعد وضعه فسيكون ولدها بالرضاعة. وقد مرّ حكم محرميّة الولد في المسألة (620). 23 جمادى الأولى 1422 منع الحمل مسألة 625 ـ يجوز منع الحمل واستعمال الوسائل التي تؤدّي إلى منعه بشكل عام. مسألة 626 ـ يجوز إغلاق أنابيب الرحم لمنع الحمل إذا كان للفرد عدّة أطفال ولم يكن في ذلك إضرار بالنفس، لأنَّ ذلك لا يعتبر عقماً كاملا. س 627 ـ اجتناباً للحمل غير المرغوب وإسقاط الجنين الذي يصاحبه خطر الموت، تعمد النساء عادة برضا الزوج إلى استخدام مواد ووسائل كالحبوب، أي ـ يو ـ دي، والحجاب الواقي، الكريم، المرهم الجيلاتيني، والإبر حيث يؤول عملهن هذا آخر الأمر دون انعقاد النطفة. كما يستخدم الرجال برضا زوجاتهم الكيس الواقي البلاستيكي وطريقة العزل بالقذف خارج الرحم. نرجو بيان الحكم الشرعي للحالات المذكورة. ج ـ لمَّا كانت الحالات المذكورة تتمُّ برضا الطرفين فهي جائزة، لأنَّها وقائية وأشبه بحالة العزل، وليست إسقاطاً للجنين وإتلافاً للنطفة التي يتكوّن منها الإنسان في الرحم. س 628 ـ هل من إشكال في عملية «قطع القناة الدافقة» التي تؤدِّي إلى عقم الرجال ولا يمكن التراجع عنها تقريباً إذا تمَّت برضاهم؟ وهل يشترط فيها رضى الزوجة؟ ج ـ لا مانع منها بحدِّ ذاتها إذا كان للفرد عدَّة أطفال أو كان أثرها مؤقتاً، ولا يشترط رضى الزوجة من الناحية الشرعية، إلاَّ أنَّه يلزم ملاحظتها من حيث العلاقة الزوجية المشتركة. الإجهاض مسألة 629 ـ إذا كان وجود الجنين يؤدّي إلى موت الأُم، كأنْ يكون مريضاً بمرض يسري إليها ويودي بقتلها، فإنْ لم يكن من سبيل سوى إجهاض الجنين، جاز للأُم ذلك حتى بعد نفخ الروح فيه، إنقاذاً لنفسها. ولا بدَّ من العلم هنا أنَّ الإجهاض العمدي للجنين يجب أنْ يكون آخر الحلول الممكنة، وأنْ يكون الإجهاض ـ قدر الإمكان ـ على أثر تناول الأُم للأدوية وإلى جانب معالجتها. مسألة 630 ـ يجوز الإجهاض قبل ولوج الروح (قبل أربعة أشهر) إذا كان بقاء الجنين في الرحم يشكِّل مشقَّة وحرجاً لا يطاقان بالنسبة إلى الأُم، وأمَّا بعد نفخ الروح فلا يجوز. مسألة 631 ـ إذا توقَّفت حياة الأُم على إخراج الطفل وموته، جاز إخراجه قبل بلوغه أربعة أشهر، وأمّا بعدها فلا يجوز. نعم، إذا كانت الأُم مصابة بمرض ينتهي بها إلى الموت في حال عدم العلاج، أمكنها أنْ تعالج نفسها وإنْ أدَّى ذلك إلى موت الجنين، سواء قبل ولوج الروح أو بعده. مسألة 632 ـ إذا كان بقاء الجنين في الرحم يؤدّي إلى موت الأُم والجنين معاً، جاز إسقاطه إذا كان ذلك ينقذ حياة الأُم، ولا فرق في هذه الحالة بين أنْ يكون ذلك قبل ولوج الروح (أربعة أشهر) أو بعده. مسألة 633 ـ إذا تمَّ تشخيص عاهة في الجنين تظهر بعد ولادته ونموّه، الأمر الذي سيوقع الوالدين في حرج وعناء روحي شديد، وكان ذلك قبل ولوج الروح (قدرها المسلم قبل أربعة أشهر)، فلا يمكن القول بحرمة إجهاض من هذا القبيل، ولكن على من يتولاَّه أنْ يدفع الدية. وأما بعد ولوج الروح حيث يصل الأمر إلى الدم وقتل النفس، فلا يجوز الإجهاض بشكل من الأشكال. س 634 ـ هل يجوز الإجهاض قبل ولوج الروح في الجنين؟ ج ـ يحرم الإجهاض مطلقاً، بل لا يجوز مع الشك أيضاً، أي مع احتمال انعقاد النطفة أو توقف الحيض ولا يجوز تناول الأدوية وغيرها لهذا الغرض. وهذا الحكم وإنْ كان خلافاً للقواعد إلاَّ أنَّه منصوص وتدل عليه صحيحة رفاعة. ولكنه إذا كان إزالة للخطر عن الأُم مع ملاحظة رأي الأخصائيين والحرج الذي لا يطاق، فلا يمكن القول بحرمته قبل أنْ تلج الروح، وقاعدة نفي الحرج تزيل الحرمة. 1 محرم 1417 س 635 ـ إذا كان في الجنين نقص وما شابه بحيث يسبب للأُم مشاكل تنفسيه قد تؤدي إلى موتها، كما يرى الأطباء أنّ علاج الأُم وإزالة الخطر عنها أو احتمال ذلك يتوقَّف على إسقاط الجنين، فعلى فرض أنّ إسقاطه لا يؤدي به إلى الموت بل يحفظ في جهاز باعتباره بلغ ستة أشهر ويحتمل بقاؤه حياً، فهل يجوز مثل هذا العلاج؟ ج ـ في حالة السؤال، حيث يراد إخراج الطفل حيَّاً، وأنّ إخراجه لا يؤدي إلى موته حتماً من الناحية العلمية، وأنّ إنقاذ حياة الأُم وإزالة خطر الموت عنها يتوقّف على إخراج الطفل، فالظاهر جواز معالجتها بهذه الطريقة التي ينصح بها الأطباء ولا مانع منها، ولا يلزم على الأُم أنْ تفتدي نفسها ببقائه في بطنها، بل سيحفظ خارجها ولا يكتب عليه الموت حتماً. س 636 ـ في قضية تحديد حالات الاضطرار، هل يكفي تحذير الأطباء الأخصائيين في الأمراض النسائية والولادة بالنسبة إلى حمل امرأة ما (كالأخطار الجسمية والصحية والمشاكل المحتملة في الجنين)؟ ج ـ لما كان تحذيرهم يفضي إلى احتمال ظهور أخطار من هذا القبيل، فهو يكفي فضلا عن الوثوق به. تغيير الجنس س 637 ـ المرأة والرجل والخنثى التي يمكنها تغيير جنسها بعملية جراحية للالتحاق بأحد الجنسين، وكذلك النساء والرجال ممَّن يمتلك علامات الرجولة والأنوثة بوضوح، إلاّ أنّه يرغب في تغيير جنسه، وبتعبير أوضح: لديهم حالة تنقيص الجنس (لما يجدونه في أنفسهم من بعض علامات الجنس الآخر من الحركات والسلوك)، فهل يجوز لهم تغيير الجنس؟ وهل يجوز تنقيص الجنس؟ نرجو بيان ذلك بالتفصيل؟ ج ـ لا يمكن القول بحرمة تغيير الجنس بحدِّ ذاته بقطع النظر عن المفاسد التي تترتَّب عليه، وهو كغيره من التطورات العلمية الحاصلة، وإذا حصل التغيير، ترتَّبت كلُّ الأحكام والتبعات والتكاليف والحقوق على الحالة اللاحقة. بمعنى أنّه لو كان في السابق رجلا وأصبح بعد التغيير امرأة حقيقة، تترتَّب عليه آثار النسوة، ولكن يجب النظر إلى المسألة قبل العملية من جميع الجهات (الأخلاقية والشخصية والحقوقية، سواء حقوق الفرد ذاته أو حقوق الآخرين وغيرها ). وعادةً ـ إنْ لم نقل دائماً ـ يحرم تغييرالجنس لأسباب حقوقية ومفاسد تترتَّب عليه حيث ينتهي إلى مشكلات ومضاعفات من عدَّة جهات. وعلى أي حال، ينبغي النظر إلى حكم المسألة بحدّ ذاتها وإلى حيثياتها الأُخرى، إذ هي بحسب دواعيها وأدلّتها الأولية جائزة، لأنّها تصرّف في المخلوق لا في الخلقة، إلاّ أنّ تبعاتها ومفاسدها الكبيرة لا تدعو إلى القول بجوازها. وأما بالنسبة إلى التغيير الإثباتي، بمعنى أنّ للفرد صفات الرجل لكن الأطباء يرون أنّه امرأة في الحقيقة أو بالعكس، فلا مانع منه وجائز، بل يجب حفاظاً على الحقوق والأحكام والآثار، حيث لا يعدُّ هذا العمل في الحقيقة تغييراً بل إثباتاً لواقع وحقيقة. ويُذكر هنا أيضاً أنَّ تغيير الجنس بهذا الشكل بالنسبة الى الخنثى بحيث ينتهي إلى تحديد جنسها لا يمكن القول بحرمته، إذ لا تترتَّب عليه مفسدة. 16 صفر 1415 الاستنساخ س 638 ـ متى يجوز الاستنساخ؟ وإذا استطعنا إيجاد جنين في امرأة من مواد تؤخذ من جلدها بحيث يكون شبيهاً لها من جميع النواحي (كما جرَّبوا ذلك للمرَّة الأولى على الحيوانات في إنكلترا)، فهل يجوز هذا العمل؟ ج ـ لا يمكن القول بحرمة كلّ ما تتوصَّل إليه العلوم الحديثة وما بلغه التطوُّر العلمي في توليد إنسان مماثل (الاستنساخ) يعود إلى الزوجين أو إلى المرأة وحدها في حالات الضرورة. إلاّ أنَّ استخدامه بشكل واسع معتاد وإضفاء صفة رسمية عليه لا ينسجم بالتأكيد مع مذاق الشريعة والفقه الإسلامي ويعدُّ حراماً. أضف إلى ذلك أنَّ المفاسد الحقوقية والاجتماعية والأخلاقية والطبيعية وغيرها التي تترتب عليه هي مفاسد عظيمة، ولأجل هذه المفاسد يجب الحيلولة دونه.
|