|
الإرث
مسألة 767 ـ ترث بالنسب ثلاث طبقات: الأولى: أبوا الميت وأولاده، فإنْ لم يكن الأولاد فأولاد الأولاد وإنْ نزلوا، يرث منهم من كان أقرب إلى الميت، وما دام هناك أحد من هذه الطبقة فلا يرث أحد من الطبقة التالية. الثانية: جدّ الميت وجدّته من الأب أو الأُم وإنْ علوا، وإخوته وأخواته، ومع عدم وجود الإخوة والأخوات يرثه أولادهم، من كان أقرب منهم إلى الميت، وما دام يوجد أحد من هذه الطبقة لا يرث أحد من الطبقة التالية. الثالثة: عم الميت وعمته وخاله وخالته وإنْ علوا وأولادهم وإنْ نزلوا، وما دام يوجد أحد من أعمامه وعماته وأخواله وخالاته فلا يرث أحد من أولادهم، ولكن إذا خلف الميت عماً من أبيه وابن عم من اُمه وأبيه ولم يكن له وارث سواهما، ورثة ابن العم من الأبوين دون العم من الأب. س 768 ـ لو فرضنا إمكان ولادة طفل بتلقيح البويضة بنطفة الزوج خارج الرحم، وتمَّ هذا التلقيح، ولكن مات الزوج قبل انعقاد النطفة، أو مات الزوج بعد الجماع مباشرة ثم انعقدت النطفة، أ فليس من العدل في معايير الفقه ألاَّ يرث هذا الطفل إذا ولد وأنْ يرث ابن عمه الذي هو في الطبقة التالية؟ ج ـ إذا تمَّ التلقيح خارج الرحم بإذن وإرادة الزوج طلباً منه للولد، فإنَّ المولود هو ابنه، وتترتَّب عليه كلُّ أحكام الأُبوة والبنوَّة من الإرث وغيرها. وحكم الحالة الثانية يتَّضح من الجواب أعلاه. س 769 ـ باع شخص ملكاً له قبل موته، وبعد أنْ مات جاء الورثة يريدون فسخ البيع، فهل يحقُّ لهم ذلك بالإرث؟ ج ـ إذا كان للميت حقُّ الخيار، فهذا الحقُّ ينتقل إلى الورثة كالمال، فإنَّ ما تركه الميت من حقٍّ أو مال فلوارثه، وإنْ لم يكن له ذلك فالعقد اللازم لا يستطيع فسخه المتوفى نفسه، فضلا عن ورثته. وفي الحالات التي يكون له فيها خيار، لا فرق بين الخيار بالفعل أو بالقوَّة، بمعنى أنَّه إذا كان هناك غبن أو عيب (وإنْ لم ينتبه إليه المتوفى) جاز للورثة فسخ المعاملة بذلك العيب أو الغبن. 14 صفر 1416 إرث الزوجين مسألة 770 ـ إذا ماتت امرأة ولم تخلف أولاداً، ورث الزوج نصف مالها، وتقاسم الباقي سائر الورثة، وإذا كان لها أولاد من ذلك الزوج أو من غيره، ورث الزوج ربع مالها وكان الباقي لسائر الورثة. مسألة 771 ـ إذا مات رجل ولم يخلف أولاداً، ورثت زوجته ربع ماله، واُعطي الباقي إلى سائر الورثة، وإذا كان له أولاد من تلك الزوجة أو من غيرها ورثت زوجته ثمن المال، والباقي لسائر الورثة. والزوجة ترث من كلِّ الأموال المنقولة، إلاّ أنّها لا ترث من عين الأرض والأموال غير المنقولة، وترث من قيمة ما يرتفع في الجو كالأبنية والأشجار. كما لا يستبعد إرثها من قيمة الأرض مطلقاً كما هو الحال في غير المنقول الذي يرتفع في الجو، بل لا يخلو ذلك من وجه وقوَّة، وإنْ كان يستحسن الاحتياط بالمصالحة في الأرض ولا سيَّما أرض الدار وخصوصاً بالنسبة إلى الزوجة التي ليس لها ولد من الزوج الذي ترث منه، فإنّ ذلك أقرب للعمل بالفتوى المعروفة لدى فقهاء الشيعة. مسألة 772 ـ المطلقة الرجعية ـ كما مرَّ في أحكام الطلاق ـ إذا ماتت في العدَّة ورثها الزوج، وكذا إذا مات زوجها وهي في العدَّة ورثت منه، إلاّ أنّه بعد انقضاء العدَّة الرجعية أو في حالات الطلاق البائن، إذا مات أحد الزوجين لم يرث منه الآخر. مسألة 773 ـ الملابس التي اشتراها الزوج لزوجته تعتبر من أموال الزوج بعد وفاته وإنْ لبستها الزوجة، إلاّ أنْ يكون قد وهبها لها. س 774 ـ إذا مات شخص ولم يكن له وارث سوى زوجته، فكم يصيب الزوجة من الإرث؟ ج ـ إذا لم يكن للزوج وارث سوى زوجته، فكل ما تركه يكون للزوجة، وهذا ما يطابق العمل بالاحتياط، بل لا يخلو من قوَّة. 18 ذوالحجة 1417 س 775 ـ عقد شخص على امرأة وهو في مرض الموت، إلاّ أنّه مات قبل أنْ يدخل بها، فهل ترث هذه الزوجة منه شيئاً؟ ج ـ لا يشترط الدخول بها بحدِّ ذاته في نظرنا، وإنّما يشترط في نكاح المريض عدم قصد الإضرار بالورثة، وهذا الشرط لا يخصُّ عقد النكاح ـ فضلا عن عقد نكاح المريض ـ لأنَّ كلَّ عقد يراد به الإضرار يحكم عليه بالبطلان في ضوء قاعدة «لا ضرر»، وما يذكر من الدخول في الروايات هو لبيان أمارة على قصد الزواج وعدم قصد الإضرار. ولذلك إذا قامت أمارة اُخرى على قصد الزواج اعتبر الزواج صحيحاً وورثت الزوجة وإنْ لم يدخل بها. كما أنَّه لو لم يكشف الدخول عن قصد الزواج حقيقة وكان مجرَّد حيلة فلا أثر له، وبطل العقد بسبب قصد الإضرار. ويُذكر هنا أنّ ما ورد في الروايات، بل وفي فتاوى الفقهاء ليس على خلاف القواعد. 30 ربيع الأول 1421 مسائل متفرقة في الإرث مسألة 776 ـ قرآن الميت وخاتمه وسيفه وثيابه التي لبسها أو التي خاطها أو اشتراها ليلبسها وإنْ لم يلبسها (وهي ما تُسمَّى بالحَبْوَة) تكون للولد الأكبر خاصَّة، حيث تُحسب من سهمه من الإرث، لا بالإضافة إلى سهمه، وإنْ كان المعروف بين الفقهاء هو الرأي الثاني. ولو كان للميت أكثر من واحد من هذه الأشياء كما لو كان له نسختان من القرآن أو خاتمان، فإنْ كان يستعملها أو أعدَّها للاستعمال فهي من مختصَّات الولد الأكبر كما ذكر وتُحسب من سهمه في الإرث. س 777 ـ عملت زوجة منذ بداية زواجها مع زوجها ليجمعا المال، والآن مات زوجها من دون وصية، فهل يكون للمرأة مجرَّد سهمها من الإرث أو أنّ لها حقَّاً آخر في أموال الزوج، علماً أنّها ساعدته في تكوين المال بالخياطة وحياكة السجَّاد؟ ج ـ إذا عُلم أنَّها وهبت مساعدتها للزوج وقامت بالعمل معه تبرّعاً، فلا يلحقها شيء ممَّا تركه الزوج سوى سهمها من الإرث، وإلاّ استحقت اُجرة مثل الإعمال التي قامت بها وتطلب الزوج شيئاً أقرضته له وساعدته به. ويُذكر هنا أنّه لا يستبعد أنّ عرف المعيشة هو الغفلة عن العمل بالمجان والتبرَّع بمساعدة الزوج من دون عوض، وعن أخذ الأجرة والعوض، إلاّ أنّ الغفلة لا تسقط الأُجرة، لأنّ الأصل المتَّبع على أي حال هو احترام عمل الزوجة ولزوم براءة ذمة الزوج من عوض الأموال والمساعدات حتى يثبت خلافه، كسائر الأعمال التي يقوم بها الناس لبعضهم، لأنّ الأصل هو حرمة العمل. 8 محرم 1418 س 778 ـ إذا مات مسلم وكان بعض ورثته من الكفار، فهل يرث الكفار من المسلم؟ ج ـ الكافر (وهو من ينكر اُصول العقيدة مع العلم بها) لا يرث من المسلم، إنْ لم نقل: إنّه لا يرث حتى من غير المسلم الذي لا ينكرها، لأنّه كما قال الشيخ الصدوق (قدس سره)في كتاب (من لا يحضره الفقيه) من أنّ عدم إرث الكافر هو عقوبة لكفره، ولا فرق ـ من هذه الناحية ـ بين أنْ يكون المورث مسلماً أو غير مسلم من دون جحود. وعلى أيّ حال، لا شكَّ ولا شبهة في عدم إرث الكافر (الذي ينكر ويعاند عن علم بأُصول العقيدة) من المسلم، وقد دلّت عليه الروايات المتضافرة المستفيضة، وهو القدر المتيقن من الإجماع في المسألة. وبالجملة، فإنّ الكفر من موانع الإرث كالقتل كما عليه الأصحاب. وأمّا غير المسلم، أي عامة غير المسلمين القاصرين الغافلين فلا يمكن تكليفهم ومؤاخذتهم، لأنّ تكليف الغافل ليس تكليفاً بالمحال فحسب، بل التكليف نفسه محال، أو مع فرض أنّ التكليف القانوني بالنسبة إليهم ليس محالا، وأنّ الاستحالة هي في خصوص التكليف الشخصي والتفصيلي، إلاّ أنّهم معذورون بالتأكيد. وكما عليه سيدنا الأستاذ الإمام الخميني ـ سلام الله عليه ـ فإنّ منعهم من إرث المسلم بسبب عدم إسلامهم مخالف لإطلاقات وعمومات الإرث، فمن نحو ثلاثين رواية رواها الشيخ في (التهذيب) وهو الأشمل من بين كتب الفقه الروائية الأربعة، لعل هناك روايتين يمكن شمولهما بشكل ما لغير مسلمين من هذا القبيل، وإلاّ فبقية الأخبار تتعلق بالكفار بالمعنى الذي مرّ أو أنّها بصدد بيان الأحكام الفرعية لمنع الكفر وعدم الإسلام عن الإرث، لا أنّها بصدد بيان أصل المنع، والحس الحديثي يحول دون الاستدلال بتلك الروايتين أو الثلاث في قبال كل تلك الروايات وفي قبال العلَّة التي ذكرها المحدِّث المتعبِّد الشيخ الصدوق(قدس سره) في كتاب (من لا يحضره الفقيه)، وإذا لم نقل: إنّ هذه أيضاً تختصّ بغير المسلم الكافر وغير المسلم الذي يستحقُّ عقوبة اُخروية، فلا أقل من أنّ الاعتماد عليها في الفتوى مشكل، بل ممنوع. وعلى أي حال، على فرض دلالتها، بل ودلالة بقية الروايات على منع مطلق عدم الإسلام عن الإرث، فلا يمكن اعتبارها حجَّة يعتمد عليها، لأنّ التمييز والظلم في هكذا قانون، أي عدم إرث غير المسلم من المسلم دون العكس وهو إرث المسلم من غير المسلم، يخالف القرآن فهو زخرف يجب أنْ يضرب عرض الجدار بنظرنا. وكيف لا يكون خلافاً للقرآن والحال أنّ كثيراً من آيات القرآن تنهى عن الظلم، وكيف لا يكون كذلك والقرآن يقول: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً)(30)، ويقول تعالى في آية أخرى: (وَمَا رَبُّكَ بظَلاَّم لِلْعَبيدِ)(31)، وقد جاء في سورة يونس، الآية :44 (إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(32)، وهذه المسألة وإنْ استلزمت المزيد من البحث، ولكننا نكتفي بهذا القدر، فالأقوى هو أنّ الكفر عن جحود هو المانع، لا مجرد عدم الإسلام. __________________________________________________________________ (30) الأنعام 6: 115 . (31) فصلت 41: 46. (32) يونس 10: 44.
|