|
كتاب الطهارة / فصل في المياه
الماء: إمّا مطلق، أو مضاف، كالمعتصر من الأجسام، أو الممتزج بغيره ممّا يخرجه عن صدق اسم الماء. والمطلق أقسام: الجاري، والنابع غير الجاري، والبئر، والمطر، والكرّ، والقليل، وكلّ واحد منها[197] مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر مطهّر من الحدث والخبث.
( مسألة 1 ): الماء المضاف مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر، لكنّه غير مطهّر لا من الحدث ولا من الخبث، ولو في حال الاضطرار، وإن لاقى نجساً تنجّس وإن كان كثيراً، بل وإن كان مقدار ألف كرّ[198]، فإنّه ينجس بمجرّد ملاقاة النجاسة، ولو بمقدار رأس إبرة في أحد أطرافه فينجس كلّه. نعم إذا كان جارياً[199] من العالي[200] إلى السافل[201]، ولاقى سافله النجاسة لا ينجس العالي منه، كما إذا صبّ الجلاّب من إبريق على يد كافر، فلا ينجس ما في الإبريق[202] وإن كان متّصلاً بما في يده. ( مسألة 2 ): الماء المطلق لا يخرج بالتصعيد عن إطلاقه. نعم لو مزج1 معه غيره وصعّد كماء الورد يصير مضافاً2. ( مسألة 3 ): المضاف المصعّد مضاف3. ( مسألة 4 ): المطلق أو المضاف النجس يطهر4 بالتصعيد5 لاستحالته بخاراً، ثمّ ماء. ( مسألة 5 ): إذا شكّ في مائع أنّه مضاف أو مطلق فإن علم حالته السابقة أخذ بها6، 1. الاستدراك غير واضح فإنّ الاضافة تحصل قبل التصعيد فيدخل في المسألة الثالثة. ( سيستاني ). 2. إذا أخرجه الممزوج عن إطلاقه. ( خميني ). ـ في إطلاقه منع ظاهر، والمدار على الصدق العرفي، ومنه تظهر حال المسألة الآتية. ( خوئي ). ـ إذا كان الممزوج به كثيراً بحيث يوجب عدم صدق الماء بلا إضافة عليه. ( صانعي ). ـ في إطلاقه نظر، والمدار على الصدق عند العرف كسائر الموارد، وهكذا حال المسألة الآتية. ( لنكراني ). 3. الميزان حال الاجتماع بعد التصعيد، فقد يكون المصعّد هو الأجزاء المائية فيكون مطلقاً بعد الاجتماع، وقد يكون مضافاً. ( خميني ). ـ لا يخفى عليك أنّ ما في هذه المسألة والمسألة السابقة ليس بياناً للحكم الشرعيّ بل بيان للموضوع، وعليه فمع فرض كون التصعيد موجباً لتغيير الموضوع، ولصدق المضاف على المطلق المصعّد أو العكس، فتبعيّة الحكم للموضوع واضح. ( صانعي ). ـ لا كليّة له فإنّه ربما يصير مطلقاً بالتصعيد كالممتزج بالتراب. ( سيستاني ). 4. لا يخلو من إشكال. ( خميني ). 5. بل الحكم كذلك في الأعيان النجسة فيما إذا لم يكن المصعّد بنفسه من أفرادها كما في المسكرات. ( خوئي ). ـ محلّ إشكال. ( لنكراني ). ـ فيه إشكال بل منع. ( سيستاني ). 6. هذا إذا كان الشكّ لأمر خارجي كما لعلّه المراد في المسألة وأمّا إذا كانت الشبهة مفهومية فلا يجري الاستصحاب. ( خوئي ). ـ مع كون الشبهة موضوعيّة، وفي الشبهة المفهوميّة لا يجري الاستصحاب مطلقاً، ولا يحكم عليه بالإطلاق ولا بالإضافة والحكم حينئذ كما في المتن. ( لنكراني ). ـ في الشبهة المصداقية. ( سيستاني ). وإلاّ فلا يحكم عليه بالإطلاق ولا بالإضافة، لكن لا يرفع الحدث والخبث، وينجس بملاقاة النجاسة إن كان قليلاً، وإن كان بقدرالكرّ لا ينجس[203] لاحتمال[204] كونه مطلقاً، والأصل الطهارة. ( مسألة6 ): المضاف النجس يطهر[205] بالتصعيد كمامرّ[206]، وبالاستهلاك في الكرّ أو الجاري. ( مسألة 7 ): إذا ألقى المضاف النجس في الكرّ، فخرج عن الإطلاق إلى الإضافة، تنجّس إن صار مضافاً قبل[207] الاستهلاك، وإن حصل الاستهلاك والإضافة دفعة لا يخلو الحكم بعدم تنجّسه عن وجه[208]، لكنّه مشكل[209]. ( مسألة 8 ): إذا انحصر الماء في مضاف[210] مخلوط بالطين ففي سعة الوقت يجب عليه أن يصبر حتّى يصفو ويصير الطين إلى الأسفل، ثمّ يتوضّأ على الأحوط[211]، وفي ضيق الوقت يتيمّم[212] لصدق الوجدان مع السعة دون الضيق. ( مسألة 9 ): الماء المطلق بأقسامه حتّى الجاري منه ينجس إذا تغيّر بالنجاسة في أحد أوصافه الثلاثة، من الطعم والرائحة واللون بشرط أن يكون بملاقاة النجاسة، فلا يتنجّس إذا كان بالمجاورة[213]، كما إذا وقعت ميتة قريباً من الماء فصار جائفاً، وأن يكون التغيّر بأوصاف النجاسة دون أوصاف المتنجّس فلو وقع فيه دبس نجس فصار أحمر أو أصفر لا ينجس إلاّ إذا صيّره مضافاً. نعم لا يعتبر أن يكون بوقوع عين النجس فيه، بل لو وقع فيه متنجّس حامل لأوصاف النجس فغيّره بوصف النجس تنجّس[214] أيضاً [215]، وأن يكون التغيّر حسّياً، فالتقديري لا يضرّ، فلو كان لون الماء أحمر أو أصفر[216] فوقع فيه مقدار من الدم كان يغيّره لو لم يكن كذلك لم ينجس1. وكذا إذا صبّ فيه بول كثير لا لون له بحيث لو كان له لون غيّره، وكذا لو كان جائفاً فوقعت فيه ميتة كانت تغيّره لو لم يكن جائفاً وهكذا، ففي هذه الصور ما لم يخرج عن صدق الإطلاق محكوم بالطهارة على الأقوى. ( مسألة 10 ): لو تغيّر الماء بما عدا الأوصاف المذكورة من أوصاف النجاسة مثل الحرارة والبرودة والرقّة والغلظة والخفّة والثقل لم ينجس ما لم يصر مضافاً. ( مسألة 11 ): لا يعتبر في تنجّسه أن يكون التغيّر بوصف النجس بعينه، فلو حدث فيه لون أو طعم أو ريح غير ما بالنجس، كما لو اصفرّ الماء مثلاً بوقوع الدم تنجّس، وكذا لو حدثت فيه بوقوع البول أو العذرة رائحة اُخرى غير رائحتهما، فالمناط تغيّر أحد الأوصاف المذكورة بسبب النجاسة، وإن كان من غير سنخ وصف النجس. ( مسألة 12 ): لا فرق بين زوال الوصف الأصلي للماء أو العارضي، فلو كان الماء أحمر أو أسود لعارض، فوقع فيه البول حتّى صار أبيض تنجّس، وكذا إذا زال طعمه العرضي أو ريحه العرضي. ( مسألة 13 ): لو تغيّر طرف من الحوض مثلاً تنجّس، فإن كان الباقي أقلّ من الكرّ تنجّس الجميع، وإن كان بقدر الكرّ بقي على الطهارة، وإذا زال تغيّر ذلك البعض طهر 1. الأحوط في هذه الصورة والصورة الثالثة الاجتناب، بل لا يخلو وجوبه من قوّة. ( خميني ). ـ الحكم بالنجاسة فيه وفي الفرض الثالث لو لم يكن أقوى فلا ريب أنّه أحوط. ( خوئي ). ـ إلاّ فيما كان لون الماء عرضيّاً لا بحسب طبيعته الأصليّة، مثل ما إذا صبّ طاهر أحمر في الماء فوقع فيه دم كثير فينجس على الأحوط، بل لا يخلو عن قوّة، حيث إنّ المستفاد عن غير واحد من الأخبار كون المناط في الطهارة والنجاسة غلبة الماء والنجاسة، ففي صحيحة حريز: « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب ». (أ) وفي موثّقة سماعة: « إذا كان النتن الغالب على الماء فلا يتوضأ ولا يشرب ». (ب) والظاهر من تلك الأخبار الغلبة للماء أو عليه بحسب طبعه الأصلي، وبنفسه لا بالواسطة، والنجاسة في المفروض غالبة. ( صانعي ). ــــــــــــــــــــــــــــــــ (أ) وسائل الشيعة 1: 137، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 1. (ب) وسائل الشيعة 1: 139، أبواب الماء المطلق، الباب 3، الحديث 6. الجميع ولو لم يحصل1 الامتزاج2 على الأقوى. ( مسألة 14 ): إذا وقع النجس في الماء، فلم يتغيّر ثمّ تغيّر بعد مدّة، فإن علم استناده إلى ذلك النجس تنجّس، وإلاّ فلا. ( مسألة 15 ): إذا وقعت الميتة خارج الماء ووقع جزء منها في الماء وتغيّر بسبب المجموع من الداخل والخارج تنجّس3، بخلاف ما إذا كان تمامها خارج الماء4. ( مسألة 16 ): إذا شكّ في التغيّر وعدمه5، أو في كونه للمجاورة أو بالملاقاة6، أو كونه بالنجاسة أو بطاهر، لم يحكم بالنجاسة. ( مسألة 17 ): إذا وقع في الماء دم وشيء طاهر أحمر فاحمرّ بالمجموع، لم يحكم بنجاسته7. ( مسألة 18 ): الماء المتغيّر إذا زال تغيّره بنفسه من غير اتّصاله بالكرّ أو الجاري لم يطهر8. نعم الجاري والنابع إذا زال تغيّره بنفسه طهر9; لاتّصاله بالمادّة، وكذا البعض من الحوض إذا كان الباقي بقدر الكرّ كما مرّ10. 1. الأقوى اعتبار الامتزاج في تطهير المياه مطلقاً. ( خميني ). 2. الأحوط اعتبار الامتزاج. ( لنكراني ). ـ الأحوط اعتبار الامتزاج في المقام وهو الأقوى في غيره. ( سيستاني ). 3. على الأحوط في بعض صوره. ( سيستاني ). 4. قد مرّ وجوب الاحتياط فيه. ( سيستاني ). 5. من ناحية الشكّ في قصور النجاسة لا من ناحية الشكّ في قاهرية الماء وكثرته، وإلاّ فالأحوط الاجتناب عنه. ( سيستاني ). 6. قد ظهر ممّا مرّ لزوم الاحتياط فيه. ( سيستاني ). 7. فيما إذا وقع الدم أولاً ولم يحصل التغير بسببه وإن اوجد استعداداً في الماء للتغيير بالشيء الطاهر، وكذا إذا وقعا دفعه واحدة وكان الدم جزء المقتضي للتأثير. ( سيستاني ). 8. على الأحوط وجوباً ومثله النابع غير الجاري. ( سيستاني ). 9. مع الامتزاج كما مرّ. ( خميني ). ـ وكذا الكرّ ; قضاءً لأصالة الطهارة وعدم جريان الاستصحاب، للإختلاف في الموضوع وعدم بقائه عرفاً كما لا يخفى. ( صانعي ). 10. مرّ أنّ الأحوط اعتبار الامتزاج في المقام. ( سيستاني ). _______________________________________________________ [197]. الكليّة لا تخلو عن شوب إشكال كما يظهر من التعاليق الآتية. (سيستاني). [198]. على الأحوط، وإن كان عدم الانفعال في أمثاله من الكثرة لا يخلو من وجه. (صانعي). ـ فيه تأمّل. (سيستاني). [199]. بل يكفي مجرّد الدفع عن قوّة، وإن كان من السافل إلى العالي كالفوارة وشبهها ; لأنّه يمنع عن تحقّق السراية وإن كان لا يوجب التعدّد. (لنكراني). [200]. وكذا من السافل إذا كان بدفع وقوّة كالفوّارة، فإنّه لاينجس بملاقاة العالي. (خميني). ـ المناط في عدم التنجّس أن يكون الجريان عن دفع وقوّة من دون فرق بين العالي وغيره. (خوئي). ـ كما أنّ الجريان مانع من دون فرق بين التسنيمي منه والتسريحي، فكذلك الدفع مع القوّة، فلا ينجس السافل بنجاسة العالي إذا كان الدفع بقوّة كالفوّارة. (صانعي). [201]. الميزان في عدم السراية هو الدفع. (سيستاني). [202]. وكذا العمود. (سيستاني). [203]. لا يترك الاحتياط فيه. (سيستاني). [204]. الظاهر أنّه ينجس، ولا أثر للاحتمال المزبور. (خوئي). [205]. مرّ الإشكال فيه، وإطلاق التطهّر على المستهلك لا يخلو من مسامحة. (خميني). ـ مرّ الإشكال فيه. (لنكراني). [206]. مرّ الكلام فيه. (سيستاني). [207]. الظاهر امتناع الفرض كالفرض الثاني، كما أنّه على تقدير الإمكان يكون الحكم في الثاني هو التنجّس. (لنكراني). [208]. غير وجيه، والأقوى تنجّسه أيضاً كسابقه على فرض وقوعه، لكنّه بكلا قسميه ممتنع الوقوع، حيث إنّ الاستهلاك لا يتحقّق إلاّ مع ذهاب المضاف وصيروته شيئاً آخر، فكيف يجتمع مع الإضافة أو قبلها ؟ ! (صانعي). [209]. لكن الفرضين ممتنع الوقوع. (خميني). ـ الظاهر أنّ يحكم بنجاسته على تقدير إمكان الفرض، لكن الأظهر استحالته، كما يستحيل الفرض الأوّل. (خوئي). [210]. يعني ما كانت إضافته بسبب خلطه بالطين بحيث يصير مطلقاً بعد الصفو وصيرورة الطين إلى الأسفل. (صانعي). [211]. بل على الأظهر. (خوئي). ـ بل الأقوى، ولا يخفى عليك تعلّق قوله: « على الأحوط » بقوله: « يجب »، وإلاّ فالوضوء بعد التصفية واجب بالضرورة، فعلى هذا كان الأولى أن يقول: « ففي سعة الوقت يجب عليه على الأحوط أن يصبر... إلى آخره » والأمر سهل بعد وضوح الأمر. (صانعي). ـ بل على الأظهر، ولو مع عدم تحقّق الانقلاب بنفسه، بل كان محتاجاً إلى عمل كالأخذ من النهر مثلاً والإبقاء مدّة. (لنكراني). ـ بل الأقوى. (سيستاني). [212]. مع عدم التمكّن من تصفيته بنحو لا عسر فيه. (سيستاني). [213]. لا يترك الاحتياط فيه. (سيستاني). [214]. محلّ إشكال، إلاّ إذا حمل المتنجّس أجزاء النجاسة، بحيث يستندالتغيّر إليها في الجملة. (خميني). [215]. في خصوص ما إذا كان مع المتنجّس شيء من أجزاء النجس. (لنكراني). [216]. مع عدّه لوناً طبيعياً له، وأمّا إذا صبغ بأحداللونين فيجب الاجتناب عنه على الأحوط لعدم كون الماء بلحاظ كثرته بما له من الاوصاف التي تعد طبيعية له قاهراً على النجس وإن لم يكن مقهوراً له (المعبّر عنه بالتغير)، ومن ذلك يظهر حكم الصورة الثالثة. (سيستاني).
|