|
كتاب الطهارة / فصل في التشييع
يستحبّ لأولياء الميّت إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليحضروا جنازته والصلاة عليه، والاستغفار له، ويستحبّ للمؤمنين المبادرة إلى ذلك، وفي الخبر: « أنّه لو دعي إلى وليمة وإلى حضور جنازة قدّم حضورها ; لأنّه مذكّر للآخرة، كما أنّ الوليمة مذكّرة للدنيا »، وليس للتشييع حدّ معيّن، والأولى أن يكون إلى الدفن، ودونه إلى الصلاة عليه، والأخبار في فضله كثيرة، ففي بعضها: « أوّل تحفة للمؤمن في قبره غفرانه وغفران من شيّعه ». وفي بعضها: « من شيّع مؤمناً لكلّ قدم يكتب له مائة ألف حسنة، ويمحى عنه مائة ألف سيّئة ويرفع له مائة ألف درجة، وإن صلّى عليه يشيّعه حين موته مائة ألف ملك يستغفرون له، إلى أن يبعث »، وفي آخر:« من مشى مع جنازة حتّى صلّى عليها له قيراط من الأجر، وإن صبر إلى دفنه له قيراطان، والقيراط مقدار جبل أحد »، وفي بعض الأخبار: « يؤجر بمقدار ما مشى معها ».
وأمّا آدابه فهي اُمور: أحدها: أن يقول إذا نظر إلى الجنازة: « إنّا لله وإنّا إليه راجعون، الله أكبر، هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، اللّهمّ زدنا إيماناً وتسليماً، الحمد لله الذي تعزّز بالقدرة وقهر العباد بالموت ». وهذا لا يختص بالمشيّع، بل يستحبّ لكلّ من نظر إلى الجنازة، كما أنّه يستحبّ له مطلقاً أن يقول: « الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم ». الثاني: أن يقول حين حمل الجنازة « بسم الله وبالله وصلّى الله على محمّد وآل محمّد، اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات ». الثالث: أن يمشي، بل يكره الركوب إلاّ لعذر. نعم لا يكره في الرجوع. الرابع: أن يحملوها على أكتافهم لا على الحيوان إلاّ لعذر كبعد المسافة. الخامس: أن يكون المشيّع خاشعاً متفكّراً متصوّراً أنّه هو المحمول ويسأل الرجوع إلى الدنيا فاُجيب. السادس: أن يمشي خلف الجنازة أو طرفيها، ولا يمشي قدّامها، والأوّل أفضل من الثاني، والظاهر كراهة الثالث خصوصاً في جنازة غير المؤمن. السابع: أن يلقى عليها ثوب غير مزيّن. الثامن: أن يكون حاملوها أربعة. التاسع: تربيع الشخص الواحد، بمعنى حمله جوانبها الأربعة، والأولى الابتداء بيمين الميّت يضعه على عاتقه الأيمن، ثمّ مؤخّرها الأيمن على عاتقه الأيمن ثمّ مؤخّرها الأيسر على عاتقه الأيسر، ثمّ ينتقل إلى المقدّم الأيسرواضعاً له على العاتق الأيسر يدورعليها. العاشر: أن يكون صاحب المصيبة حافياً واضعاً رداءه أو يغيّر زيّه على وجه آخر، بحيث يعلم أنّه صاحب المصيبة. ويكره اُمور: أحدها: الضحك واللعب واللهو. الثاني: وضع الرداء من غير صاحب المصيبة. الثالث: الكلام بغير الذكر والدعاء والاستغفار، حتّى ورد المنع عن السلام على المشيّع. الرابع: تشييع النساء الجنازة وإن كانت للنساء. الخامس: الإسراع في المشي على وجه ينافي الرفق بالميّت، سيّما إذا كان بالعدو، بل ينبغي الوسط في المشي. السادس: ضرب اليد على الفخذ أو على الاُخرى. السابع: أن يقول المصاب أو غيره: ارفقوا به، أو: استغفروا له، أو: ترحّموا عليه، وكذا قول: قفوا به. الثامن: إتباعها بالنار ولو مجمرة، إلاّ في الليل، فلا يكره المصباح. التاسع: القيام عند مرورها إن كان جالساً، إلاّ إذا كان الميّت كافراً ; لئلاّ يعلو على المسلم. العاشر: قيل: ينبغي أن يمنع الكافر والمنافق والفاسق من التشييع.
|