|
كتاب الصلاة / فصل في أحكام صلاة المسافر
مضافاً إلى ما مرّ في طيّ المسائل السابقة، قد عرفت: أنّه يسقط بعد تحقّق الشرائط المذكورة من الرباعيّات ركعتان، كما أنّه تسقط النوافل النهاريّة ; أي نافلة الظهرين، بل ونافلة العشاء[2903]، وهي الوتيرة[2904] أيضاً على الأقوى، وكذا يسقط الصوم الواجب عزيمة، بل المستحبّ أيضاً، إلاّ في بعض المواضع المستثناة فيجب عليه القصر في الرباعيّات فيما عدا الأماكن الأربعة، ولا يجوز له الإتيان بالنوافل النهاريّة بل ولا الوتيرة إلاّ بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبيّة ; لمكان الخلاف في سقوطها وعدمه، ولا تسقط نافلة الصبح والمغرب ولا صلاة الليل، كما لا إشكال في أنّه يجوز الإتيان بغير الرواتب من الصلوات المستحبّة.
(مسألة 1): إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر، ثمّ سافر قبل الإتيان بالظهرين، يجوز[2905] له الإتيان[2906] بنافلتهما[2907] سفراً[2908] وإن كان يصلّيهما قصراً، وإن تركها في الوقت يجوز له قضاؤها. (مسألة 2): لا يبعد[2909] جواز[2910] الإتيان بنافلة الظهر في حال السفر[2911] ; إذا دخل عليه الوقت وهو مسافر، وترك الإتيان بالظهر حتّى يدخل المنزل من الوطن أو محلّ الإقامة. وكذا إذا صلّى الظهر في السفر ركعتين وترك العصر إلى أن يدخل المنزل، لا يبعد جواز الإتيان بنافلتها في حال السفر، وكذا لا يبعد جواز الإتيان بالوتيرة في حال السفر إذا صلّى العشاء أربعاً في الحضر ثمّ سافر، فإنّه إذا تمّت الفريضة صلحت نافلتها[2912]. (مسألة 3): لو صلّى المسافر بعد تحقّق شرائط القصر تماماً ; فإمّا أن يكون عالماً بالحكم والموضوع أو جاهلاً بهما أو بأحدهما أو ناسياً، فإن كان عالماً بالحكم والموضوع عامداً في غير الأماكن الأربعة بطلت صلاته، ووجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه، وإن كان جاهلاً بأصل الحكم وأنّ حكم المسافر التقصير لم يجب عليه الإعادة فضلاً عن القضاء[2913]، وأمّا إن كان عالماً بأصل الحكم وجاهلاً ببعض الخصوصيّات مثل أنّ السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر أو أنّ المسافة ثمانية، أو أنّ كثير السفر إذا أقام في بلده أو غيره عشرة أيّام يقصّر في السفر الأوّل[2914]، أو أنّ العاصي بسفره إذا رجع إلى الطاعة يقصّر ونحو ذلك وأتمّ، وجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه[2915]، وكذا[2916] إذا كان عالماً بالحكم جاهلاً بالموضوع، كما إذا تخيّل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة، فإنّه لو أتّم وجب عليه الإعادة أو القضاء[2917]، وأمّا إذا كان ناسياً لسفره، أو أنّ حكم السفر[2918] القصر فأتمّ، فإن تذكّر في الوقت وجب عليه الإعادة، وإن لم يعد وجب عليه القضاء في خارج الوقت، وإن تذكّر بعد خروج الوقت لا يجب عليه القضاء[2919]، وأمّا إذا لم يكن ناسياً للسفر ولا لحكمه ومع ذلك أتمّ صلاته ناسياً[2920]، وجب عليه الإعادة والقضاء. (مسألة 4): حكم الصوم فيما ذكر[2921] حكم الصلاة، فيبطل مع العلم والعمد، ويصحّ مع الجهل بأصل الحكم، دون الجهل بالخصوصيّات ودون الجهل بالموضوع[2922]. (مسألة 5): إذا قصّر من وظيفته التمام، بطلت صلاته[2923] في جميع الموارد إلاّ في المقيم[2924] المقصّر ; للجهل بأنّ حكمه التمام[2925]. (مسألة 6): إذا كان جاهلاً بأصل الحكم ولكن لم يصلّ في الوقت وجب عليه القصر في القضاء بعد العلم به وإن كان لو أتمّ في الوقت كان صحيحاً، فصحّة[2926] التمام منه ليس لأجل أنّه تكليفه، بل من باب الاغتفار، فلا ينافي ما ذكرنا قوله: «اقض مافات كما فات»، ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر لا التمام، وكذا الكلام في الناسي للسفر أو لحكمه، فإنّه لو لم يصلّ أصلاً عصياناً أو لعذر وجب عليه القضاء قصراً. (مسألة 7): إذا تذكّر الناسي للسفر أو لحكمه في أثناء الصلاة، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمّ الصلاة قصراً واجتزأ بها، ولا يضرّ كونه ناوياً من الأوّل للتمام ; لأنّه من باب الداعي والاشتباه في المصداق لا التقييد، فيكفي قصد الصلاة والقربة بها، وإن تذكّر بعد ذلك بطلت[2927] ووجب عليه الإعادة مع سعة الوقت[2928] ولو بإدراك ركعة من الوقت، بل وكذا لو تذكّر بعد الصلاة تماماً وقد بقي من الوقت مقدار ركعة ; فإنّه يجب عليه إعادتها قصراً، وكذا الحال في الجاهل بأنّ مقصده مسافة إذا شرع في الصلاة بنيّة التمام ثمّ علم بذلك، أو الجاهل بخصوصيّات الحكم إذا نوى التمام ثمّ علم في الأثناء أنّ حكمه القصر، بل الظاهر أنّ حكم من كان وظيفته التمام إذا شرع في الصلاة بنيّة القصر جهلاً، ثمّ تذكّر في الأثناء العدول إلى التمام. ولا يضرّه أنّه نوى من الأوّل ركعتين مع أنّ الواجب عليه أربع ركعات ; لما ذكر من كفاية قصد الصلاة متقرّباً وإن تخيّل أنّ الواجب هو القصر ; لأنّه من باب الاشتباه في التطبيق والمصداق لا التقييد، فالمقيم الجاهل بأنّ وظيفته التمام إذا قصد القصر ثمّ علم في الأثناء يعدل إلى التمام ويجتزئ به، لكن الأحوط الإتمام والإعادة، بل الأحوط في الفرض الأوّل أيضاً الإعادة قصراً بعد الإتمام قصراً. (مسألة 8): لو قصّر المسافر اتّفاقاً لا عن قصد، فالظاهر صحّة صلاته، وإن كان الأحوط الإعادة، بل وكذا لوكان جاهلاً بأنّ وظيفته القصر فنوى التمام لكنّه قصّر سهواً، والاحتياط بالإعادة في هذه الصورة آكد وأشدّ. (مسألة 9): إذا دخل عليه الوقت وهو حاضر متمكّن من الصلاة ولم يصلّ ثمّ سافر، وجب عليه القصر[2929]، ولو دخل عليه الوقت وهو مسافر فلم يصلّ حتّى دخل المنزل، من الوطن أو محلّ الإقامة أو حد الترخّص منهما[2930] أتمّ، فالمدار على حال الأداء لا حال الوجوب والتعلّق، لكن الأحوط في المقامين الجمع. (مسألة 10): إذا فاتت منه الصلاة وكان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخره مسافراً أو بالعكس، فالأقوى[2931] أنّه مخيّر بين القضاء قصراً أو تماماً ; لأنّه فاتت منه الصلاة في مجموع الوقت، والمفروض أنّه كان مكلّفاً في بعضه بالقصر وفي بعضه بالتمام، ولكن الأحوط[2932] مراعاة حال الفوت[2933] وهو آخر الوقت، وأحوط منه الجمع بين القصر والتمام. (مسألة 11): الأقوى كون المسافر مخيّراً بين القصر والتمام في الأماكن الأربعة: وهي مسجد الحرام ومسجد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ومسجد الكوفة والحائر الحسيني، بل التمام هو الأفضل وإن كان الأحوط هو القصر، وما ذكرنا هو القدر المتيقّن، وإلاّ فلا يبعد[2934] كون المدار على البلدان[2935] الأربعة[2936]، وهي مكّة والمدينة والكوفة وكربلاء، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط[2937] خصوصاً في الأخيرتين[2938]، ولا يلحق بها سائر المشاهد، والأحوط في المساجد الثلاثة الاقتصار على الأصلي منها دون الزيادات الحادثة في بعضها، نعم لا فرق فيها بين السطوح والصحن والمواضع المنخفضة منها، كما أنّ الأحوط[2939] في الحائر الاقتصار[2940] على ما حول الضريح[2941] المبارك[2942]. (مسألة 12): إذا كان بعض بدن المصلّي داخلاً في أماكن التخيير وبعضه خارجاً لا يجوز له التمام، نعم لا بأس بالوقوف منتهى أحدها إذا كان يتأخّر حال الركوع والسجود ; بحيث يكون تمام بدنه داخلاً حالهما. (مسألة 13): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور، فلا يصحّ له الصوم فيها، إلاّ إذا نوى الإقامة أو بقي متردّداً ثلاثين يوماً. (مسألة 14): التخيير في هذه الأماكن استمراري، فيجوز له التمام مع شروعه في الصلاة بقصد القصر وبالعكس ما لم يتجاوز محلّ العدول، بل لا بأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين أحد الأمرين من الأوّل، بل لو نوى القصر فأتمّ غفلة أو بالعكس فالظاهر الصحّة. (مسألة 15) يستحبّ أن يقول عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر» وهذا وإن كان يستحبّ من حيث التعقيب عقيب كلّ فريضة حتّى غير المقصورة، إلاّ أنّه يتأكّد عقيب المقصورات، بل الأولى تكرارها مرّتين ; مرّة من باب التعقيب ومرّة من حيث بدليّتها عن الركعتين الساقطتين[2943]. ______________________________________________________ [2903]. الأحوط الإتيان بها رجاء واحتياطاً. (خميني). ـ الأحوط الإتيان بها برجاء المطلوبية. (لنكراني). [2904]. مرّ أنّ الأحوط الإتيان بها رجاءً. (خوئي). [2905]. الأولى الإتيان بها رجاء. (خميني). [2906]. الأحوط الإتيان بها رجاءً. (لنكراني). [2907]. فيه إشكال نعم لا بأس بالإتيان بها رجاءً. (سيستاني). [2908]. فيه إشكال بل منع. (خوئي). [2909]. الظاهر سقوط النافلة في الفرض. (خميني). [2910]. الظاهر هو السقوط في جميع صور المسألة. (لنكراني). [2911]. بل هو وما ذكر بعده بعيد والتعليل عليل، نعم لا بأس بالإتيان بها رجاءً. (خوئي). [2912]. التعليل ضعيف والأظهر سقوط النوافل في جميع الصور المذكورة ولكن لا بأس بالإتيان بها رجاءً. (سيستاني). [2913]. بل وكذا فيما إذا كان عالماً بأصل الحكم وجاهلاً ببعض الخصوصيات، أو كان عالماً بالحكم جاهلاً بالموضوع ; قضاءً لحديث الرفع والسعة. (صانعي). [2914]. مرّ انه لا يبعد البقاء فيه على التمام. (سيستاني). [2915]. لا يبعد عدم وجوب القضاء إذا علم بالحال في خارج الوقت. (خوئي). ـ على الأحوط فيهما والأظهر عدم وجوب القضاء فيه وفي الجاهل بالموضوع إذا كان الانكشاف بعد مضي الوقت. (سيستاني). [2916]. على الأحوط، وكذا في الجهل بالموضوع، وفي الفرع الأخير في المتن. (خميني). [2917]. عدم وجوب القضاء فيما إذا ارتفع جهله خارج الوقت غير بعيد. (خوئي). [2918]. في نسيان الحكم إشكال، أحوطه وجوب القضاء عليه أيضاً. (خميني). [2919]. الأحوط وجوب القضاء في الناسي للحكم. (لنكراني). [2920]. الظاهر أنّ مراده من النسيان السهو. (خوئي). ـ أي ساهياً. (لنكراني). ـ أي ساهياً، ووجوب القضاء فيه ـ لو لم يتنبه حتّى خرج الوقت ـ مبني على الاحتياط. (سيستاني). [2921]. في الجهل لا في النسيان، فإنّ الناسي يجب عليه القضاء. (خميني). [2922]. الأقوى عدم وجوب القضاء مع الجهل مطلقاً. (خوئي). ـ الأظهر عدم وجوب القضاء مع الجهل مطلقاً والأحوط وجوب القضاء مع النسيان كذلك.(سيستاني). [2923]. بل الأقوى حكمه حكم المسافر الذي أتمّ صلاته، فلا تجب عليه الإعادة والقضاء، فيما حكمنا في المسألة الثالثة بعدم وجوبها فيه. (صانعي). [2924]. حتّى فيه أيضاً. (خميني). ـ في الاستثناء نظر، بل منع. (لنكراني). [2925]. هذا الاستثناء محلّ نظر. (سيستاني). [2926]. التعليل عليل، ولكن أصل الحكم صحيح. (لنكراني). [2927]. وان لم تلزم زيادة ركعة على الأحوط وجوباً. (سيستاني). [2928]. واما مع الضيق فيقضيها قصراً. (سيستاني). [2929]. على الأحوط وجوباً ويحتمل التخيير وكذا الحال في التمام في الصورة الثانية. (سيستاني). [2930]. لا اعتبار بحدّ الترخّص في محلّ الإقامة كما مرّ. (خوئي). ـ مرّ عدم اعتبار حدّ الترخص في الاياب مطلقاً. (سيستاني). [2931]. بل الأقوى كون المدار على حال الفوت وهو آخر الوقت، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع. (خميني). [2932]. بل الأقوى، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع. (لنكراني). ـ لا يترك بل لا يخلو عن قوّة كما مرّ. (سيستاني). [2933]. بل هو الأظهر. (خوئي). [2934]. فيه إشكال، لا يترك الاحتياط. (خميني). [2935]. بل هو بعيد بالإضافة إلى كربلاء، ولا يترك الاحتياط بالنسبة إلى الكوفة. (خوئي). [2936]. بل خصوص مكّة المعظّمة والمدينة المنوّرة، كما هو الأظهر. (صانعي). [2937]. لا يترك الاحتياط في الأخيرتين. (لنكراني). [2938]. بل لا يترك في الأخيرة. (سيستاني). [2939]. وإن كان لا يبعد الشمول لتمام الروضة الشريفة الجامع للرواق والمسجد أيضاً. (لنكراني). [2940]. والأظهر التخيير في جميع الحرم الشريف. (خوئي). [2941]. وإن كان الأقوى دخول تمام الروضة الشريفة في الحائر، فيمتدّ من طرف الرأس إلى الشبّاك المتّصلة بالرواق، ومن طرف الرجل إلى الباب والشبّاك المتّصلين بالرواق، ومن الخلف إلى حدّ المسجد ; وإن كان دخول المسجد والرواق فيه ـ أيضاً ـ لا يخلو من قوّة، لكن الاحتياط بالقصر لا ينبغي تركه. (خميني). ـ و ان كان الأقوى دخول تمام الروضة الشريفة في الحائر، بل لايبعد دخول الصحن فيه أيضاً. (صانعى). [2942]. وان كان الظاهر ثبوت التخيير فيه فيما يحيط بالقبر الشريف بمقدار خسمة وعشرين ذراعاً أي ما يقارب 2111 متراً من كل جانب فتدخل بعض الأروقة في الحدّ المذكور ويخرج عنه بعض المسجد الخلفي. (سيستاني). تمّ تهذيب التعليقة إلى هنا في القريب من غروب يوم السابع عشر من رجب المرجّب لسنة 1426. (صانعي).
|