|
الوجه الثاني: الآية السادسة من سورة النساء
قال تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ).
إنَّ هذه الآية تدلّ على أنَّ دفع أموال الصغار اليتامى إليهم ورفع الحَجْر عنهم مشروط بأمرين هما: 1 ـ بلوغ النكاح، 2 ـ والرشد، ومقتضى إطلاق شرطية البلوغ وغائية النكاح، أنَّ دفع الأموال إليهم غير جائز ما لم يثبت بلوغ النكاح أو تُثبته أمارة معتبرة، ومن المعلوم أنّ سنّ البلوغ ليس نكاحاً، وإنما هو أمارة على الاستعداد له والقابلية، والقدر المتيقّن من هذه الأمارية في البنات على مستوى الفتاوى ـ وهي تسع سنوات وعشرة سنوات وثلاث عشرة سنة ـ وكذا على مستوى الروايات ـ وهي ما دلّ على التسع والثلاث عشرة ـ هو الثلاث عشرة سنة، بحيث إذا تحققت وكان هناك رشد أمكن دفع أموالهم إليهم، أما إذا كان السنّ أقلّ من ذلك فلا يمكن إعطاؤهم الأموال.وعليه: فالآية ـ واستناداً إلى مفهوم الشرط والغاية ـ تدلّ على عدم اعتبار سنّ التسع أو العشرة وما بعدها إلى الثلاث عشرة سنة. لا يقال: إنَّ الروايات التي استدلّ بها على البلوغ في سنّ التسع تمثل بنفسها دليلاً على أمارية التسع لبلوغ النكاح، فإنه يقال: إنَّ هذا البحث بقطع النظر عن تلك الأدلّة، ذلك أننا فرضنا أنَّ دلالة تلك الروايات وحجيتها في هذا المدّعى غير محرز، بل مناقش فيه.
|