|
في آداب السفر ومستحبّاته
في آداب السفر ومستحبّاته
لمن أراد السفر إلى الحجّ والعمرة، أو لغيرهما، وهي أمور: أوّلها: الاستخارة بمعنى طلب الخير من ربّه، ولا سيّما عند الحيرة والاختلاف في المشورة. وفي الرواية عن الباقر والصادق(عليهما السلام): «كنّا نتعلّم الاستخارة، كما نتعلّم السورة من القرآن»[1]. وفي بعض الروايات: «ما استخار اللّه راضياً بما صنع اللّه له خار اللّه له حتماً»[2]، وليكن ذلك بعنوان المشورة من ربّه، وطلب الخير من عنده، وبناء منه أنّ خيره فيما يختاره اللّه له من أمره. والمأثور من أدعيّته كثيرة، والأحسن تقديم تحميد وتمجيد وثناء وصلوات وتوسّل و ما يحسن من الدعاء عليها، وأفضلها بعد صلاة ركعتين للاستخارة، أوبعد صلوات فريضة، أوفي ركعات الزوال في آخر سجدة من صلاة الفجر، أوفي آخر سجدة من صلاة الليل، أو في سجدة بعد المكتوبة، والكلّ مرويّ. فنذكر بعضها، ومن أراد الاطّـلاع على تمام الروايات فليراجع إلى وسائل الشيعة 11: 63، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الاستخارة، الباب 1. عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «من استخار اللّه راضياً بما صنع اللّه له خار اللّه له حتماً»[3]. عن عمرو بن حريث، قال: قال أبو عبداللّه(عليه السلام): «صلّ ركعتين واستخر اللّه، فواللّه ما استخار اللّه مسلم إلاّ خار له البتّة»[4]. عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «كان عليّ بن الحسين(عليه السلام) إذا همّ بأمر حجّ، أو عمرة، أو بيع، أو شراء، أو عتق تطهّر، ثمّ صلّى ركعتي الاستخارة، فقرأ فيهما بسورة الحشر، وسورة الرحمن، ثمّ يقرأ المعوّذتين و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) إذا فرغ وهو جالس في دبر الركعتين، ثمّ يقول: اللّهم إن كان كذا وكذا خيراً لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فصلّ على محمّد وآله، ويسّره لي على أحسن الوجوه وأجملها، اللّهم وإن كان كذا وكذا شرّاً لي في ديني أودنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله فصلّ على محمّد وآله، واصرفه عنّي، ربّ صلّ على محمّد وآله، واعزم لي على رشدي وإن كرهتُ ذلك أو أبته نفسي»[5]. عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: قلت له: ربّما أردت الأمر يفرق منّي فريقان: أحدهما يأمرني، والآخر ينهاني؟ قال: فقال: إذا كنت كذلك فصلّ ركعتين واستخر اللّه مائة مرّة ومرّة، ثمّ أنظر أحزم الأمرين لك فافعله فإنّ الخيرة فيه إن شاء اللّه، ولتكن استخارتك من عافية، فإنّه ربّما خير للرجل في قطع يده وموت ولده وذهاب ماله»[6]. ثانيها: التصدّق بشيء عند افتتاح سفره، ويستحبّ كونها عند وضع الرجل في الركاب خصوصاً إذا صادف النحوسة، أو المتّطير بها من الأيّام والأحوال. وهذا يستفاد من الروايات. عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: قال أبو عبداللّه(عليه السلام): «تصدّق واخرج أيّ يوم شئت»[7]. عن حمّاد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبداللّه(عليه السلام): أيكره السفر في شيء من الأيّام المكروهة مثل الأربعاء وغيره؟ فقال: «افتتح سفرك بالصدقة، واخرج إذا بدا لك، واقرأ آية الكرسيّ، واحتجم إذا بدا لك»[8]. عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «كان عليّ بن الحسين(عليه السلام) إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من اللّه عزّوجلّ بما تيسّر له، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، وإذا سلمه اللّه فانصرف حمد اللّه عزّوجلّ وشكره وتصدّق بما تيسّر له»[9]. عن السكوني، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)، قال: «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): مااستخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر، يقول: اللّهم إنّي أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريّتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي، إلاّ أعطاه اللّه عزّوجلّ ما سأل»[10]. عن بريد بن معاوية العجلي، قال: كان أبو جعفر(عليه السلام) إذا أراد سفراً جمع عياله في بيت ثمّ قال: «اللّهم إنّي أستودعك الغداة نفسي ومالي وأهلي وولدي، الشاهد منّا والغائب، اللّهم احفظنا واحفظ علينا، اللّهم اجعلنا في جوارك، اللّهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغيّر ما بنا من عافيتك وفضلك[11]. ثالثها: الوصيّة عند الخروج، لا سيّما بالحقوق الواجبة. عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «من ركب راحلة فليوص»[12]. رابعها: اختيار الأزمنة المختارة له من الأسبوع والشهر، فمن الأسبوع يختار السبت، وبعده الثلاثا والخميس. والكلّ مرويّ عن أبي أيّوب الخزّاز، وعبداللّه بن سنان جميعاً، أنّهما سألا أبا عبداللّه (عليه السلام) عن قول اللّه عزّوجلّ: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الاَْرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللهِ)[13]؟ فقال(عليه السلام): «الصلاة يوم الجمعة، والانتشار يوم السبت»[14]. عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «لاتخرج يوم الجمعة في حاجة، فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك»[15]. وقال (عليه السلام): «السبت لنا، والأحد لبني أُميّة»[16]. عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يسافر يوم الخميس»[17]. خامسها: العمل بالمأثورات من قراءة السور والآيات والأدعية عند باب داره وحين خروجه من منزله، أو يركب دابّته، وذكر اللّه والتسمية والتحميد وشكره عند الركوب، والإستواء على الظهر، والإشراف والنزول، وكلّ انتقال وتبدّل حال. والمجموع يستفاد من الروايات. عن أبي الحسن(عليه السلام)، قال: «لو كان الرجل منكم إذا أراد سفراً قام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجّه له فقرأ الحمد أمامه وعن يمينه وعن شماله، والمعوّذتين أمامه وعن يمينه وعن شماله، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) أمامه وعن يمينه وعن شماله، وآية الكرسيّ أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثمّ قال: اللّهم احفظني واحفظ ما معي، وسلّمني و سلّم ما معي، وبلّغني وبلّغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل، لحفظ اللّه وحفظ ما معه وبلّغه وبلّغ ما معه، وسلّمه وسلّم ما معه، أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه، ويسلم ولا يسلم ما معه، ويبلغ ولا يبلغ ما معه»[18]. عن بريد بن معاوية العجلي، قال: كان أبو جعفر(عليه السلام) إذا أراد سفراً جمع عياله في بيت ثمّ قال: اللّهم إنّي أستودعك الغداة نفسي ومالي وأهلي وولدي الشاهد منّا والغائب، اللّهم احفظنا واحفظ علينا، اللّهم اجعلنا في جوارك، اللّهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغيّر ما بنا من عافيتك وفضلك[19]. عن أبي حمزة، عن أبي عبداللّه(عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: «إنّ الإنسان إذا خرج من منزله قال حين يريد أن يخرج: اللّه أكبر اللّه أكبر، ثلاثاً «باللّه أخرج، وباللّه أدخل، وعلى اللّه أتوكّل ـ ثلاث مرات ـ ، اللّهم افتح لي في وجهي هذا بخير، واختم لي بخير، وقني شرّ كلّ دابّة أنت آخذ بناصيتها، إنّ ربّي على صراط مستقيم»، لم يزل في ضمان اللّه عزّوجلّ حتّى يرّده إلى المكان الذي كان فيه»[20]. عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «إذا خرجت من منزلك فقل: بسم اللّه، توكّلت على اللّه، لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه، اللّهم إنّي أسألك خير ما خرجت له، وأعوذ بك من شرّ ما خرجت له، اللّهم أوسع عليّ من فضلك، وأتمم عليّ نعمتك، واستعملني في طاعتك، واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفّني على ملّتك وملّة رسولك(صلى الله عليه وآله)»[21]. عن معاوية بن عمّار، عن عبداللّه(عليه السلام)، قال: «كان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في سفره إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر»[22]. قال الصدوق: وكان الصادق(عليه السلام) إذا وضع رجله في الركاب يقول:«(سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)، ويسبّح اللّه سبعاً، ويحمد اللّه سبعاً، ويهلّل اللّه سبعاً»[23]. عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «إذا خرجت من بيتك تريد الحجّ والعمرة ـ إن شاء اللّه ـ فادع دعاء الفرج وهو: لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم، لا إله إلاّ اللّه العليّ العظيم، سبحان اللّه ربّ السماوات السبع، وربِّ الأرضين السبع، وربِّ العرش العظيم، والحمد اللّه ربِّ العالمين، ثمّ قل: اللّهم كن لي جاراً من كلِّ جبار عنيد، ومن كلِّ شيطان مريد، ثمّ قل: بسم اللّه دخلت، وبسم اللّه خرجت، وفي سبيل اللّه، اللّهم إنّي اُقدّم بين يدي نسياني، وعجلتي بسم اللّه، وما شاء اللّه في سفري، هذا ذكرته أونسيته، اللّهم أنت المستعان على الأُمور كلّها، وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللّهم هوِّن علينا سفرنا، واطو لنا الأرض، وسيّرنا فيها بطاعتك وطاعة رسولك، اللّهم أصلح لنا ظهرنا وبارك فيما رزقتنا، وقنا عذاب النار، اللّهم إنّي أعوذ بك من وعثاء السفر[24]، وكآبة المنقلب[25]، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد، اللّهم أنت عضدي وناصري، بك أحلّ وبك أسير، اللّهم إنّي أسألك في سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عنّي، اللّهم اقطع عنّي بعده ومشقّته، وأصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه، اللّهم إنّي عبدك وهذا حملاتك، والوجه وجهك، والسفر إليك، وقد اطّلعت عن ما لم يطّلع عليه أحدٌ، فاجعل سفري هذا كفّارة لما قبله من ذنوبي، وكن عوناً لي عليه، واكفني وعثه ومشقّته، ولقّني من القول والعمل رضاك، فإنّما أنا عبدك وبك ولك فإذا جعلت رجلك في الرِّكاب فقل: «بسم اللّه الرحمن الرحيم، بسم اللّه واللّه أكبر، فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقل: الحمد للّه الذي هدانا للإسلام، وعلّمنا القرآن، ومنَّ علينا بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله، سبحان اللّه، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، والحمد اللّه ربّ العالمين، اللّهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الأمر، اللّهم بلّغنا بلاغاً يبلغ إلى خير، بلاغاً يبلغ إلى مغفرتك ورضوانك، اللّهم لا طير إلاّ طيرك، ولا خير إلاّ خيرك، ولا حافظ غيرك»[26]. سادسها: توديع العيال بأن يجعلهم وديعة عند ربّه، ويجعله خليفة عليهم، وذلك بعد ركعتين أو أربع، يركعها عند إرادة الخروج. عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: قال عليّ بن الحسين(عليه السلام): «من خلف حاجّاً في أهله وماله كان له كأجره حتّى كأنّه يستلم الأحجار»[27]. عن السكوني، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)، قال: «قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): مااستخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعها إذا أراد الخروج إلى سفر يقول: اللّهم إنّي أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريّتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي، إلاّ أعطاه اللّه عزّوجلّ ما سأل»[28]. سابعها: إعلام إخوانه بسفره. عن السكوني،عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «قال النبيّ(صلى الله عليه وآله): حقّ على المسلم إذا أراد سفراً أن يعلم إخوانه، وحقّ على إخوانه إذا قدم أن يأتوه»[29]. ثامنها: استصحاب عصا من اللوز المُرّ. محمّد بن عليّ بن الحسين، قال: قال أميرالمؤمنين(عليه السلام): «قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): من خرج في سفر ومعه عصا لوز مُرّ وتلى هذه الآية (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ـ إلى قوله: ـ وَاللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[30] آمنه اللّه من كلّ سبع ضار، ومن كلّ لصّ عاد، ومن كلّ ذات حمة حتّى يرجع إلى أهله ومنزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات يستغفرون له حتّى يرجع ويضعها[31]. ودلّ بعض الروايات على حمل العصيّ في السفر والحضر والصغر والكبر. قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): «حمل العُصيّ ينفي الفقر، ولا يجاوره الشيطان»[32]. وقال(عليه السلام): «تعصّوا فإنّها من سنن إخواني النبيّين، وكانت بنو إسرائيل الصغار والكبار يمشون على العصيّ حتّى لايختالوا[33] في مشيهم»[34]. تاسعها: استصحاب شيء من طين قبر الحسين; ليكون له شفاء من كلّ داء، وأماناً من كلّ خوف. عليّ بن موسى بن طاوس في (أمان الأخطار) وفي (مصباح الزائر)، عن الصادق(عليه السلام)أنّه قيل له: تربة قبر الحسين(عليه السلام) شفاء من كلّ داء، فهل هي أمان من كلّ خوف؟ فقال: «نعم، إذا أراد أحدكم أن يكون أمناً من كلّ خوف فليأخذ السبحة من تربته، ويدعو بدعاء المبيت على الفراش ثلاث مرّات، ثمّ يقبلها ويضعها على عينيه ويقول: اللّهم إنّي أسألك بحقّ هذه التربة، وبحقّ صاحبها، وبحقّ جدّه وبحقّ أبيه، وبحقّ أُمّه وأخيه، وبحقّ ولده الطاهرين، اجعلها شفاء من كلّ داء، وأماناً من كلّ خوف، وحفظاً من كلّ سوء، ثمّ يضعها في جيبه فإن فعل ذلك في الغداة فلا يزال في أمان اللّه حتّى العشاء، وإن فعل ذلك في العشاء فلا يزال في أمان اللّه حتّى الغداة»[35]. عاشرها: اتّخاذ الرفقة في السفر. ففي الروايات، الأمر بها، والنهي عن الوحدة، ولو اضطرّ إلى الوحدة فليقل: «ماشاء اللّه لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه، اللّهم آنس وحشتي، وأعنّي على وحدتي، وأدّ غيبتي»[36]. ففي وصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام): «لا تخرج في سفر وحدك، فإنّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد»[37]. الحادي عشر: حسن التخلّق مع صحبه ورفقته. عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): «من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليهم فافعل»[38]. عن معاوية بن عمّار، قال: قال أبو عبداللّه(عليه السلام): «وطن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت، في حسن خلقك، وكفّ لسانك، واكظم غيظك، وأقلّ لغوك، وتغرس عفوك، وتسخو نفسك»[39]. عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «ما يعبأ بمن سلك هذا الطريق إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي اللّه، وحلم يملك به غصبه، وحسن الصحبة لمن صحبه»[40]. عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «كان أبي يقول ما يعبأ بمن يؤمّ هذا البيت إذا لم يكن فيه ثلاث خصال: خلق يخالق به من صحبه، أوحلم يملك به غضبه، أوورع يحجزه عن محارم اللّه»[41]. الثاني عشر: استصحاب السفرة والتنوّق[42] فيها، وتطييب الزاد والتوسعة فيه، لاسيّما في سفر الحجّ. والكلّ مرويّ. قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): «من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر»[43]. قال الصادق(عليه السلام): «إذا سافرتم فاتّخذوا سفرة وتنوّقوا فيها»[44]. كان عليّ بن الحسين(عليهما السلام) إذا سافر إلى مكّة للحجّ أوالعمرة تزوّد من أطيب الزاد من اللوز والسكر والسويق[45] والمحمص[46] والمحلي»[47]. قال الصادق(عليه السلام): «إنّ من المروءة في السفر كثرة الزاد وطيبه، وبذله لمن كان معك»[48]. نعم يكره التنوّق في سفر زيارة الحسين(عليه السلام)[49]، بل يقتصر فيه على الخبز واللبن لمن قرب من مشهده، كأهل العراق والبلدان القريبة، لا مطلقاً. قال الصادق(عليه السلام): «بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين(عليه السلام) حملوا معهم السفرة، فيها الجداء والأخبصة وأشباهه. لو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا»[50]. عن المفضّل بن عمر، قال: قال أبو عبداللّه(عليه السلام): تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا، قال: قلت: قطعت ظهري، قال: تاللّه، إنّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر كلاّ حتّى تأتونه شعثاً غبراً[51]، [52]. الثالث عشر: أن يستصحب هدية لأهله إذا رجع إليهم. عن جعفر بن محمّد(عليه السلام)، قال: «إذا سافر أحدكم فقدم من سفره فليأت أهله بما تيسّر، ولو بحجر... الحديث»[53]. الرابع عشر: حفظ النفقة في السفر . روي عن صفوان الجمّال، قال: قلت لأبي عبداللّه(عليه السلام): إنّ معي أهلي وأنا أريد الحجّ، فأشدّ نفقتي في حقوي، قال: «نعم، فإنّ أبي(عليه السلام) كان يقول: من قوّة المسافر حفظ نفقته»[54]. وروي عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، قال: قلت لأبي عبداللّه(عليه السلام): تكون معي الدراهم فيها تماثيل وأنا محرم، فأجعلها في همياني، وأشدّه في وسطى؟ قال: «لابأس، أو ليس هي نفقتك، وعليها اعتمادك بعد اللّه عزّوجلّ»[55]. الخامس عشر: أن تكون نفقة الحجّ حلالا طيّباً. محمّد بن عليّ بن الحسين، قال: روي عن الأئمّة(عليهم السلام)، أنّهم قالوا: «من حجّ بمال حرام نودي عند التلبية: لا لبَّيك عبدي ولا سعديك»[56]. وروي عن أبي الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) أنّه قال: «إنّا أهل بيت حجّ صرورتنا، ومهور نسائنا، وأكفاننا من طهور أموالنا»[57]. عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «أربع لا يجزن في أربع: الخيانة، والغلول، والسرقة، والربا، لا يجزن في حجّ، ولا عمرة، ولا جهاد، ولا صدقة»[58]. هذه جملة ما على المسافر. وأمّا أهله ورفقته فيستحي لهم تشييع المسافر وتوديعه وإعانته والدعاء له بالسهولة، وقضاء المآرب[59] عند وداعه. ينبغي تشييع المسافر وتوديعه واستحباب الدعاء عند وداعه وتدلّ عليه الروايات: محمّد بن عليّ بن الحسين، قال: لمّا شيّع أمير المؤمنين(عليه السلام) أباذر(رحمه الله)، شيعه الحسن والحسين(عليهما السلام)، وعقيل بن أبي طالب، وعبداللّه بن جعفر، وعمّار بن ياسر، فقال أميرالمؤمنين(عليه السلام): «ودّعوا أخاكم، فإنّه لابدّ للشاخص أن يمضى، وللمشيّع أن يرجع... الحديث»[60]. محمّد بن عليّ بن الحسين، قال: كان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) إذا ودّع المؤمنين قال: «زوّدكم اللّه التقوى، ووجّهكم إلى كلّ خير، وقضى لكم كلّ حاجة، وسلّم لكم دينكم ودنياكم، وردّكم سالمين إلى سالمين»[61]. وفي خبر آخر عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إذا ودّع مسافراًأخذ بيده، ثمّ قال: أحسن اللّه لك الصحابة، وأكمل لك المعونة، وسهّل لك الحزونة، وقرّب لك البعيد، وكفاك المهمّ، وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك، ووجّهك لكلّ خير، عليك بتقوى اللّه، استودع اللّه نفسك، سر على بركة اللّه عزّوجلّ»[62]. قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): «من أعان مؤمناً مسافراً فرج اللّه عنه ثلاثاً وسبعين كربة، وإجاره في الدنيا والآخرة من الغمّ والهمّ، ونفس كربه العظيم يوم يعض الناس بأنفاسهم»[63]. وينبغي أيضاً أن يقرأ في إذنه: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد)[64] إن شاء اللّه، وينبغي رعاية حقّه في أهله وعياله وحسن الخلافة فيهم، لا سيّما مسافر الحجّ. عن الباقر(عليه السلام)، قال: «قال عليّ بن الحسين (عليه السلام): من خلّف حاجّاً بخير كان له كأجره كأنّه يستلم الأحجار».[65] وأن يوقّر القادم من الحجّ. عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «كان عليّ بن الحسين(عليه السلام)يقول: بادروا بالسلام على الحاجّ والمعتمر، ومصافحتهم من قبل أن تخالطهم الذنوب»[66]. عن أبي عبداللّه(عليه السلام)، قال: «كان عليّ بن الحسين(عليهما السلام) يقول: «يامعشر، من لم يحجّ، استبشروا بالحاجّ، وصافحوهم وعظّموهم، فإنّ ذلك يجب عليكم تشاركوهم في الأجر»[67]. قال الصادق(عليه السلام): «إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) كان يقول للقادم من مكّة: قبل اللّه منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك»[68]. -------------------------------------------------------------------------------- [1]. وسائل الشيعة 8: 66، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الاستخارة، الباب 1، الحديث 9. [2]. الكافي 8: 241، وسائل الشيعة 8: 63، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الاستخارة، الباب 1، الحديث 2. [3]. الكافي 8: 241، وسائل الشيعة 8: 63، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الاستخارة، الباب 1، الحديث 2. [4]. الكافي 3: 470، التهذيب 3: 179، وسائل الشيعة8: 63، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الاستخارة، الباب 1، الحديث 1. [5]. الكافي 3: 470، وسائل الشيعة 8: 63، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الاستخارة، الباب 1، الحديث 3. [6]. الكافي 3: 472، التهذيب 3: 181، وسائل الشيعة 8: 65، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الاستخارة، الباب 1، الحديث 6. [7]. الكافي 4: 283، الفقيه 2: 175،التهذيب 5: 49، وسائل الشيعة 11: 375، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 15، الحديث 1. [8]. الكافي 4: 283، الفقيه 2: 175،التهذيب 5: 49، وسائل الشيعة 11: 375، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 15، الحديث 2. [9]. الفقيه 2: 176،وسائل الشيعة 11: 376، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 15، الحديث 5. [10]. الكافي 4: 283، الفقيه 2: 177،التهذيب 5: 49، وسائل الشيعة 11: 379، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 18، الحديث 1. [11]. الكافي 4: 283، المحاسن: 350، وسائل الشيعة 11: 380، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 18، الحديث 2. [12]. الكافي 4: 542، الفقيه 2: 309، التهذيب 5: 441، وسائل الشيعة 11: 369، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 13، الحديث 1. [13]. الجمعة (62): 9. [14]. الفقيه 2: 174، الخصال: 393، وسائل الشيعة 11: 348، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 3، الحديث 1. [15]. الفقيه 2: 174، وسائل الشيعة 11: 349، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 3، الحديث 4. [16]. الفقيه 2: 174، وسائل الشيعة 11: 350، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 3، الحديث 5. [17]. الفقيه 2: 173، وسائل الشيعة 11: 358، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 7، الحديث 1. [18]. الكافي 4: 283، الفقيه 2: 177، التهذيب 5: 49، وسائل الشيعة 11: 381، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 19، الحديث 1. [19]. الكافي 4: 283، المحاسن: 350، وسائل الشيعة 11: 380، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 18، الحديث 2. [20]. الكافي 2: 392، وسائل الشيعة 11: 382، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 19، الحديث 2. [21]. الكافي 2: 394، وسائل الشيعة 11: 383، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 19، الحديث 4. [22]. الكافي 4: 287، الفقيه 2: 179، وسائل الشيعة 11: 391، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 21، الحديث 1. [23]. الفقيه 2: 178، وسائل الشيعة 11: 389، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 20، الحديث 5. [24]. في الدعاء: «أعوذ بك من وعثاء السفر» أي مشقته، أخذاً من الوَعْث وهو المكان السهل الكثير الرمل الذي يتعب فيه الماشي ويشّق عليه. (المجمع 2: 269 مادّة وعث). [25]. كآبة المنقلب: الرجوع من السفر بالغم والحزن بالانكسار. (غريب الحديث 2: 731). [26]. الكافي 4: 284، التهذيب 5: 50، وسائل الشيعة 11: 383، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 19، الحديث 5. [27]. المحاسن: 70، وسائل الشيعة 11: 430، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 47، الحديث 1. [28]. الكافي 4: 283، الفقيه 2: 177، التهذيب 5: 49، وسائل الشيعة 11: 381، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 18، الحديث 1. [29]. الكافي 2: 140، وسائل الشيعة 11: 448، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 56، الحديث 1. [30]. القصص (28): 22 ـ 28 . [31]. الفقيه 2: 176، وسائل الشيعة 11: 377، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 16، الحديث 1. [32]. الفقيه 2: 176، وسائل الشيعة 11: 379، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 17، الحديث 1. [33]. الختل: تخادع عن غفلة، وقد ختل ختلاً . (العين 4: 238). [34]. الفقيه 2: 176، وسائل الشيعة 11: 379، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 17، الحديث 2. [35]. وسائل الشيعة 11: 427، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 44، الحديث 1. [36]. الكافي 4: 288، الفقيه 2: 181، وسائل الشيعة 11: 397، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 25، الحديث 1. [37]. الفقيه 2: 181، وسائل الشيعة 11: 410، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 30، الحديث 5. [38]. الكافي 2: 465، الفقيه 2: 180، وسائل الشيعة 12: 9، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 2، الحديث 1. [39]. الكافي 4: 286، الفقيه 2: 179، المحاسن: 357، وسائل الشيعة 12: 10، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 2، الحديث 2. [40]. الكافي4: 286، الخصال: 148، وسائل الشيعة 12: 10، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 2 ، الحديث 4. [41]. الكافي 4: 285، الفقيه 2: 179، التهذيب 5: 445، وسائل الشيعة 12: 11، كتاب الحجّ، أبواب احكام العشرة، الباب 2، الحديث 5. [42]. تنوق فلان في مطعمه وملبسه وأموره إذا تجود وبالغ. (لسان العرب 10: 364)، تنوق في الأمر: تأنق وتجود وبالغ فيه. (مجمع البحرين 5: 242). [43]. الكافي 8: 303، الفقيه 2: 184، المحاسن: 360، وسائل الشيعة 11: 423، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 42، الحديث 1. [44]. الفقيه 2: 184، المحاسن: 360، وسائل الشيعة 11: 421، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 40، الحديث 2. [45]. السويق: دقيق مقلوّ يُعمل من الحنطة أو الشعير. (مجمع البحرين 5: 189). [46]. الحمصّ: بالكسر والتشديد. حبّ معروف يُطبخ ويؤكل، الواحدة حمصّة وعن تعلب الاختيار فتح الميم (مجمع البحرين 4: 166). [47]. الكافي 8: 303، الفقيه 2: 184، وسائل الشيعة 11: 423، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 42، الحديث 2. [48]. الفقيه 2: 192، وسائل الشيعة 11: 424، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 42، الحديث 3. [49]. وسائل الشيعة 11: 422، كتاب الحجّ، أبواب السفر، الباب 41. [50]. الفقيه 2: 184، وسائل الشيعة 11: 422، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 41، الحديث 1. [51]. وسائل الشيعة 11: 422، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 41، الحديث 2. [52]. شعث: شلث، شعثاً وشعوثة، فهو شعث وأشعاث، وتشعث. تلبد شعره واغبر، والشعث: المغبر الرأس، المنتف الشعر، الحاف الذي لم يدهن. (لسان العرب 2: 160). [53]. تفسير العيّاشي 1: 277، وسائل الشيعة 11: 459، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 67، الحديث 1. [54]. الفقيه 2: 183، وسائل الشيعة 11: 419، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 28، الحديث 1. [55]. الفقيه 2: 183، المحاسن 358، وسائل الشيعة 12: 492، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام، الباب 47، الحديث 3. [56]. الفقيه 2: 206، وسائل الشيعة 11: 144، كتاب الحجّ، أبواب وجوبه وشرائطه، الباب 52، الحديث 1. [57]. الفقيه 1: 120، وسائل الشيعة 11: 144، كتاب الحجّ، أبواب وجوبه وشرائطه، الباب 52، الحديث2. [58]. الفقيه 3: 98، الخصال: 216، وسائل الشيعة 11: 145، كتاب الحجّ، أبواب وجوبه وشرائطه، الباب 52، الحديث 4. [59]. المآرب جاء على معنى الحاجة. راجع لسان العرب 4: 13. [60]. الفقيه 2: 180، المحاسن: 353، وسائل الشيعة 11: 405، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 28، الحديث 1. [61]. الفقيه 2: 180، المحاسن: 354، وسائل الشيعة 11: 406، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 29، الحديث 1. [62]. الفقيه 2: 180، المحاسن: 354، وسائل الشيعة 11: 406، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 29، الحديث 2. [63]. الفقيه 2: 192. [64]. القصص (28): 85. [65]. الفقيه 2: 108، المحاسن: 254، وسائل الشيعة 11: 406، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 47، الحديث 1. [66]. المحاسن: 70، وسائل الشيعة 11: 430، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 55، الحديث1. [67]. الكافي 4: 264، الفقيه 2: 147، وسائل الشيعة 11: 445، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 55، الحديث 2. [68]. الفقيه 2: 196، وسائل الشيعة 11: 446، كتاب الحجّ، أبواب آداب السفر، الباب 55، الحديث 4.
|